المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشاعر والوعي البيئي


اتيكا
29-07-2002, 08:43 AM
مما لاشك فيه ان الإنسان ابن بيئته تؤثر فيه ويؤثر فيها وكم كان حزنه شديداً عندما أدرك ان قسوته على بيئته تعدت الحد الأقصى وأن ردود الفعل من بيئته كانت قاسية عليه.. هذا الإحساس انتابه عندما أحس بفراق وفقدان بعض من عناصر بيئته وخاصة الفطرية منها. وأخذ هذا الألم يعتصر لحبه الشديد وعشقه لعناصر بيئته. وأكثر الناس فقداً ولوعة على هذا الفراق الأبدي هم من عايشوا وعشقوا تلك الأحياء.
يقول الشاعر غازي بن عون:

قد كانت أجوال الحباري فيها = ورقط القطا والادم والأروام
تقول ماسارت عليها ظعونهم = ولا قد وطوا فوق أرضها باقدام

لقد عدد شاعرنا عدداً من الأحياء الفطرية التي كان يعايشا وتمثل مصدراً لغذائه ومصدراً لمفردته الشعرية وجمالاً للمكان الذي كان يسير فيه ومن تلك أجوال الحبارى والقطا والأدم والأروام وغيرها ثم تذكر شاعرنا أن قبل ذهاب هذه الأحياء ان هناك احياء فطرية ذهبت قبلها ونقرضت تماماً يقول:

والادم.. هو والريم والبرق والقطا = راحت مراح الوضح والنعام
في وقتها الماضي فياض مخضره = ويمطر عليها كل يوم غمام

ولقد أوصل التفاعل مع الأحياء الفطرية ومحاولة حمايتها بعض الذين ادركوا اهمية الوعي البيئي الى التحدث باسم الاحياء الفطرية وتقديم شكوى للجهات المعنية بشأن تعرضها للصيد الجائر يقول أحد الشعراء في قصيدة يصف فيها حال الضب وهو من الحيوانات المسالمة التي تتعرض حالياً للصيد الجائر ومهددة بخطر الانقراض:

الضب قدم للوزارة شكيه = يقول أنا مظلوم وسط الصحارى
الحيوانات تعيش عيشه هنية = وانا مع الكبسات تحت الكباري
مسكين مالي واسطة خارجية = الواسطة عند الظباء والحباري
اشكي من الازمة ظروفي قويه = خصوص وقت الصيف الجسم عاري
محمية الغزلان دون الحوية = وانا مقطع وسط الرز االبخاري
احتج واقدم للامة قضية = ممنوع صيدي بالسلاح النـــاري
الياطلعت ابا تمشي شوية = اليا الددسن كوم تضرب بواري
الصيد يتمشى جري واهنية = في محمية الغزلان وام القماري
وانا مسلسل طاش يضحك علية = وين التقدم والاسلوب الحضاري
كيف الورل مرتاح وانا خوية = يلعب معي بالليل ياعضم ساري
ان كان مالحقت علي المنية = ان عاش راسي تاكلونة اجباري
ياناس روحو لصيف ابها البهيه = حفر العتش مافيه غير الغبار
وختاما حطو حراسة سرية = من مركز التدريب حق الطواري

قد يكون شاعر القصيدة تفاعل بأسلوب دعابي مع قضية صيد الأحياء الفطرية بالطريقة المؤدية لانقراض ولكن قد تكون وسيلة فعالة ومؤثرة لدى البعض للكف عن الصيد الجائر كما تؤكد تفاعل الإنسان الشاعر مع بيئته وتعطي بعداً لمدى ادراكه للوعي البيئي. ولقد حفظ الشاعر منذ القدم صوراً شعرية عن الأحياء الفطرية وأوصافها وأماكن معيشتها مما جعلها مجالا للبحث والدراسة من قبل الجهات المعنية للاستفادة منها في تحديد مواقع الأحياء الفطرية السابقة والأوصاف المعيشية التي كانت تتمتع بها ونوعية غذائها.