عرض مشاركة واحدة
قديم 25-12-2019, 10:11 AM   #3
عضو مميز جداً
 
الصورة الرمزية عبدالعزيز العمران
 
تم شكره :  شكر 16,200 فى 3,359 موضوع
عبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضو

 

رد: هيفاء .. (قصة من الواقع)!


" هيفاء "

الجزء الثالث (ما قبل الأخير)

وفي صباح الغد وصلت هيفاء لمقر الشركة وهي في غاية السعادة والتفاؤل .. وانهمكت في أداء
بعض المهام الابتدائية التي كُلفت بها .. وانتبهت على جرس الهاتف المكتبي وكان على الطرف الآخر
الأستاذ عبدالرحمن يرحب بها في الشركة ولم تستطع هيفاء لحظتها الحديث ودخلت في نوبة بكاء
يتخللها كلمات شكر وامتنان متداخلة بعضها غير مفهوم .. أخذ عبدالرحمن زمام الحديث وطلب من
هيفاء الذهاب مع أسرتها بعد نهاية الدوام لمعاينة دور استأجره لهم في مكان قريب من مقر الشركة ..
فإن أعجبهم عليهم أن يدفعوا مبلغ خمسة عشر ألف ريال مقابل الستة أشهر الأولى وذلك من المبلغ
الذي أودع في حساب هيفاء يوم أمس .. شكرته هيفاء ودعت له وأنهى المكالمة على عجل .. ثم أرسل
إلى جوالها موقع الدور المقرر استئجاره .. وأرقام هاتف المكتب العقاري المشرف عليه .. مرت
ساعات العمل بطيئة بعض الشيء على هيفاء كونها في حالة ترقب للاجتماع مع أسرتها وإبلاغهم
بالخبر السعيد ، وبمجرد حلول موعد بصمة الخروج تركت ما في يدها ومشت في ممرات الشركة
تتابعها العيون وترحب بها بصمت تفرضه الآداب والأنظمة .. استقلت سيارة الأجرة وطلبت من السائق
بعد الوصول إلى الشقة المفروشة عدم المغادرة لحاجتها إلى مشوار آخر برفقة أسرتها لمعاينة الدور ..
وتم ذلك بالفعل .. وأعجبهم السكن الجديد وفرحوا به وتواصلوا مع المكتب العقاري لتوقيع العقد ..
ثم بدأوا في شراء بعض الأساسيات من الأثاث والأجهزة الضرورية وخلال خمسة أيام أصبح السكن
جاهزاً .. وهذا إنجاز مهم يمنحهم الراحة والاستقرار .. هيفاء لا تضيع الوقت أبداً وتدرك حجم
المسؤولية الملقاة على عاتقها تجاه أسرتها ولذلك اتجهت فوراً للتسجيل في مدرسة لتعليم القيادة
في الفترة المسائية واستمرت في التردد عليها إلى أن أتقنت القيادة بشكل مطمئن .. وفي هذه
الأثناء استقبل حساب هيفاء بدل التعيين (راتب شهر) وبعده بأسبوعين نزل في حسابها مرتب أول
شهر عمل في الشركة مما شجعها على التوجه إلى وكالة سيارات شهيرة لشراء سيارة مناسبة
للعائلة بسعر معقول تسدده بالأقساط من مرتبها .. انتظمت هيفاء في عملها وكذلك الحال مع
شقيقاتها الأربع في مدارسهن .. ومرت عدة أشهر تحسنت فيها الأحوال المعيشية للأسرة .. وكانت
خلالها هيفاء توزع مرتبها على أقساط السيارة وتسديد دين الأستاذ عبدالرحمن وجزء منه توفره
والباقي تصرفه على احتياجات الأسرة .. سعدت أميرة الجمال هيفاء بالتحول الذي شهدته أسرتها
وانعكس ذلك صحتها النفسية والبدنية فبدت أكثر نظارة وإشراقاً وجاذبية وازداد حوم الفراشات حولها ..
وبدأ جس النبض والتلميح وجمع المعلومات عن هيفاء الإنسانة : من هي؟ ومن أسرتها وما هي أحوالها
وما إلى ذلك من الأسئلة التي لا تنتهي.. التوجه واحد يتمثل في احتواء هذه الفاتنة أما الأهداف
والنوايا فهي متفاوتة .. وتقييم المقاصد ليس عصياً على من هي في ذكاء ونباهة هيفاء .. فكانت
مهذبة صادقة مع من تشعر في قرارة نفسها بجديتهم وصدقهم خاصة من زميلاتها اللائي يبحثن عن
زوجة لأحد أقاربهن في حين أنها ثابتة على مبادئها ولم تعر كائن من كان من غير الجادين أي اهتمام
أو إشارة توحي لهم بالاقتراب منها .. كل هذا وعيون الصقر عبدالرحمن لم تغفل عن المشهد وتراقبه
عن كثب ، كما أنه قد وضع مازن وهو أحد الموظفين الشباب في القسم الذي يرأسه في دائرة
اهتمامه الشخصي ، بعد أن اقتنع بالمواصفات الظاهرية له من حيث السن والمؤهل والهيئة والهندام
وحسن المعشر والوسامة والقبول والوضع الأسري المناسب فاقترب منه أكثر وأخذ يستطرد معه
في الحديث ويتوسع لسبر أغواره أكثر وأكثر إلى أن وصل إلى قناعة تامة بأنه الرجل الذي يستحق
الفاتنة هيفاء .. وذات يوم دخل مازن على الأستاذ عبدالرحمن ليطلعه على جزئية من عمل أنجزه ..
وحين بسط أوراقه أمامه .. أبعدها الأستاذ عبدالرحمن جانباً وأشار إليه بأن يغلق باب المكتب الزجاجي
حتى يبقى صوتهما بعيداً عن مسامع الآخرين وأجلسه أمامه ونظر إلى عينيه مباشرة وسأله : عن
سبب عدم زواجه حتى الآن ؟ .. ولأن مازن يحب الأستاذ عبدالرحمن ويثق به فقد أجاب بتلقائية متناهية
(إنها القسمة والنصيب ولا ينقصني شيء وأنا وأسرتي ولله الحمد ميسوري الحال والبحث لازال جارياً
عن العروس المناسبة ) .. هذه الإجابة أراحت الأستاذ عبدالرحمن كثيراً ولمعت عينيه فرحاً .. وبعد
فترة صمت فاجأ الأستاذ عبدالرحمن مازن بسؤال مباشر : ما رأيك في الزميلة هيفاء ؟ وهنا تغيرت
ملامح مازن وبدت قسمات وجهه المليح أكثر إشراقاً حتى وإن عاثت الفوضى بين جوانحه وأربكته
وتبعثرت كلماته وتشتت تفكيره إلى حد ما .. وقبل أن يتكلم مازن أدرك الأستاذ عبدالرحمن مكنونه وما يود
أن يقوله دون الحاجة لأن يقول كونه (عبدالرحمن ) يدرك تماماً أي أثر وتأثير تتركه الفاتنة هيفاء في عمق
أي إنسان يراها أو حتى يُذكر اسمها أمامه .. وهنا ألمح لمازن أن الاجتماع المقرر عقده اليوم مع الزملاء
في إدارة الأستاذ سعود ربما تحضره معهم هيفاء .. ثم ودعه ودعا له بالتوفيق .. ورفع سماعة الهاتف
متحدثاً الى الأستاذ سعود الذي يثق به كثيراً ويعزه ويقدره وطلب منه بصفة أخوية وشخصية أن يضم
هيفاء إلى ممثلي الإدارة في الاجتماع وبين له الهدف من هذا الإجراء بشفافية ووضوح .. رحب الأستاذ
سعود بهذا الاقتراح وقال ضاحكاً (إيه .. الله يوفق ويتمم على خير .. لعلنا نرتاح من حوم الطيور) .. ثم
تحدث الأستاذ عبدالرحمن هاتفياً مع هيفاء وطلب منها أن تستمع إليه بصفته أخاً أكبر لها وتطرق
لموضوع الزواج وإيجابياته بعد أن استقرت أمورها العملية والمالية والأسرية .. وقبل أن يكمل حديثه
أعطته من الآخر وقالت له (أنا وأهلي يا أستاذي الغالي ممنونين لك بالحيل ، وطيبك ومعروفك علي
أنا وأهلي يعرفه القاصي والداني، وأنا من يدك هذي ليدك هذي واللي تشوفه أكيد راح يصير مناسب) ..
يا الله هذه الكلمات من العذبة هيفاء تهز الجبال الرواسي فما بالك بالقلوب المرهفة وهي بمثابة شيك
على بياض تلوح به للأستاذ عبدالرحمن ولو كان أحداً غيره لفكر في استثماره في الحال .. ولكن أبداً
ليس الأستاذ عبدالرحمن من يفعل مثل هذا بل إنه أوضح لها الصورة في الاجتماع المقبل وألمح لها أن
تركز على الموظف مازن وتراقبه جيداً فلعل الله يكتب ما فيه الخير لهم .. ترقرقت عيناها الجميلتين
بالدموع وشكرت الأستاذ عبدالرحمن ودعت له وودعته إلى حين موعد الاجتماع .. وسرحت بخيالها كأي
فتاة تحلم بفارسها القادر على إسعادها وقد كانت في السابق تقف على شاطئ الأماني أما الآن
فقد سكنت عمقه تتجاذبها أمواج الهواجس وتيارات الأسئلة والأجوبة والأمنيات .. ولا بأس من ذلك كله
فهذه هي الحياة وطقوسها .. مر الوقت سريعاً وانتبهت إلى أن موعد الاجتماع قد حان واتجهت إلى
القاعة المخصصة له وكان قد سبقها أغلب زملائها بمن فيهم مازن وجلست على الكرسي المخصص
لها وكان مقابلاً لمازن وبمجرد أن التقت العين بالعين كان التفاعل الكيميائي على أشده والقلوب تتراقص
بين المحاني ولا ملامة في ذلك أبداً .. فهناك وسامة وأناقة وهيئة ومنطق وهنا أنوثة وجمال ورقة
وعذوبة .. مر وقت الاجتماع سريعاً وعيون هيفاء لا ترى إلا مازن فقط وتتمنى لو أنه هو الوحيد المتحدث
حيث أذهلها بمداخلاته وأفكاره التي يطرحها بأسلوب ممتع جذاب في حين يشعر مازن أنه في امتحان
أمام ملكة جمال هذا الكون كله وتمنى لو أن المجتمعين يسمحون له بكتابة محضر الاجتماع فإنه
حينها سيضع عنوان هذا الاجتماع ً " هيفاء " وموضوعه " جمال هيفاء " وتوصياته ونتائجه : " قلب مازن
هو الآن أحد أملاك هيفاء " ولا تثريب على كليهما فالأمر ليس حكماً عابراً لا أساس له بل أنه جاء بناءً
على رؤية الأستاذ عبدالرحمن ومعلوماته عنهما وهو شخص محبوب وفاهم ومتفهم لمن هم حوله ومحل
ثقة لا حدود لها بينهم وبالتالي لم يبق إلا اقتناع الطرفين أحدهما بالآخر فقط وهذا ما ظهر جلياً خاصة
بعد انتهاء الاجتماع وما أوحت به أحداثه .. كم هو ذكي وطيب الأستاذ عبدالرحمن .
حًسم الأمر وزفت الفاتنة هيفاء إلى مازن في حفل يليق بهما كرمزين للجمال مظهراً وجوهراً .. وابتدأ
واقع جديد يليق بالفاتنة هيفاء حتى وإن كان مدفناً لأحلام الكثيرين ممن كانوا يحلمون بها ولكنها
القسمة والنصيب والظروف والأقدار التي ترسم وتلون حياة الإنسان وأنت تريد وهو يريد والله يفعل
ما يريد .. وقد غنى أحد الحالمين بهيفاء ، (ربما يكون فهد) ، معبراً عن حاله وحال العشرات غيره بعد
أن انتشر خبر زواجها :

ثوبها بعيونهم ، ثوب الزفاف
وثوبها بعيون خفاقي .. كفن

والزغاريد في فرحها والهتاف
التراب على حلمي .. دفن

والزهر والورد في دربها يلاف
كالنصايب على القبر.. اعتلن

دمعتي وصمتي والاحزان اعتراف
عن غرام كان لاحلامي .. وطن

أدمعي يا عين وأغرق ياجفاف
واجزعي يانفس واضحك يازمن

كان هذا الزواج نقطة تحول في حياة هيفاء حيث انتقلت إلى السكن في فيلا فخمة امتلكها مازن
بمساندة من أسرته الثرية ، سكن أهلها في الدور الأرضي منها فيما استقلت مع مازن في الدور
العلوي .. ويقف في فناء الفيلا ثلاث سيارات واحدة لها وأخرى لمازن والثالثة لأهلها مع سائق على
أهبة الاستعداد في أي وقت.
عاشت هيفاء حياة مستقرة بين العمل والمنزل ..وتعرفت على مفردات الحياة في العاصمة بكل
تفاصيلها ودخلت أماكن وأسواق ومطاعم ومقاهي رومانسية لم تخطر على بالها .. ولم يعكر صفوها
سوى نظرات الفضول التي تحاصرها في تلك الأماكن .. ولكن الأمانة تفرض القول بأنه لا ملامة على
من (طالت) عينه على ملامح وجسد هذه القروية الفاتنة.
مرت الأيام تكاد تكون متشابهة في أحداثها إلى أن حضرت ذات يوم إلى مكتبها ووجدت بطاقة دعوة
لحفل زواج .. قرأت البطاقة وكان العريس فهد ! والعروس ابنة عمه العنود التي تعرفها جيداً .. (يا ألله !!)
: قالتها وهي في حالة من الذهول وألقت بجسدها على الكرسي .. وأخذتها الذاكرة والذكريات إلى
سنوات مضت ليست بالبعيدة .. فحن قلبها لجيرانهم وللحوطة ومفرداتها : المنزل ومراتع الطفولة وصوت
إمام المسجد تقربه مكبرات الصوت والبقالة الصغيرة وحديقة الملك سلمان وأسواق بنده وحبها لفهد
ثم جحوده وتنكره لها .. وهذا الجحود بالذات هو ما جعل الذكريات تقف عند حد لم تسمح لنفسها
بتجاوزه خاصة وأن الله قد أكرمها ومن عليها بزوج يندر أن تجد مثله . وهي تعيش الآن معه وبسببه مثل
ملكة متوجة على عرش تحلم به كل الفتيات .. انتبهت على صوت جرس هاتفها المكتبي وعلى الطرف
الآخر أستاذها الطيب الفاضل عبدالرحمن يؤكد عليها ضرورة تلبية الدعوة وبدء صفحة جديدة مع الديرة
وأهلها وأشار عليها بأن تكون زيارتها للحوطة دورية ما بين فترة وأخرى ولو من أجل والديها الذين
بالتأكيد سيشتاقون لبلدهم الغالي ، ولا مشكلة في ذلك طالما أن منزلهم لازال صالحاً للسكن وإن
احتاج لبعض التحسينات والإضافات فهم قادرون على ذلك وأكثر .. شكرته هيفاء وثمنت له اهتمامه
ووعدته أن تكون وجميع أفراد أسرتها أول الحاضرين لهذه المناسبة السعيدة ..
قبل حفلة الزواج بيوم وصلت هيفاء وأهلها إلى الحوطة ومعهم بعض أغراضهم ومنها فساتين الفرح
........ ..

نكمل ....
التوقيع
عبدالعزيز العمران غير متصل   رد مع اقتباس