الموضوع: أفكار
عرض مشاركة واحدة
قديم 14-03-2011, 10:50 AM   #70
عضو سوبر
 
الصورة الرمزية نورالشمس
 
تم شكره :  شكر 8,432 فى 1,796 موضوع
نورالشمس نسبة التقييم للعضونورالشمس نسبة التقييم للعضونورالشمس نسبة التقييم للعضونورالشمس نسبة التقييم للعضونورالشمس نسبة التقييم للعضونورالشمس نسبة التقييم للعضونورالشمس نسبة التقييم للعضونورالشمس نسبة التقييم للعضونورالشمس نسبة التقييم للعضونورالشمس نسبة التقييم للعضونورالشمس نسبة التقييم للعضو

 

icon15 رد: أفكار

و جاء عصر القرود

الطبيعة البكر فقدت بكارتها..
و الغابة العذراء فقدت عذريتها..
و الأنهار تلوثت بالمخلفات الكيماوية..
و البحار تلوثت بالمخلفات الذرية..
و الهواء تلوث بالدخان و عادم السيارات و أطنان الغبار السام الذي تنفثه المصانع.


و ازدحمت المدن بالناس، و اختنقت الشوارع بالمارة، و العمارات بسكانها، و أصبحت كعلب فسد هواؤها.
و أصبح التنفس ثقيلا ممضا مرهقا.. و كأن الإنسان ينتزع الهواء انتزاعا من عالم بلا هواء.


لم نعد نعرف تلك النسمات المنعشة الطليقة التي عرفها أجدادنا، في أيام العصور الزراعية المتخلفة.
لقد جاء التقدم و استحدث معه صناعات أفسدت البيئة بما نفثت فيها من أدخنة الكبريت، و أكاسيد الآزوت و الكربون.
ثم تقدمنا أكثر و فجرنا الذرة، و لوثنا الماء و الهواء و البحر و التربة بالغبار الذري.


و تقدمنا أكثر بما اكتشفنا من وسائل لإبادة الحشرات الضارة، و فرحنا لأننا سوف نستأثر بثمرات الأرض دون أن تنافسنا فيها الديدان و الهوام، فكانت نتيجة ذلك الرش المستمر بالمبيدات أن ماتت الحشرات الضارة، و ماتت معها الحشرات النافعة، و مات النحل في خلاياه، و خرج العسل ملوثا، كما مرضت البهائم التي تتغذى على المزروعات و أصبح لبنها ملوثا و لحمها ملوثا، كما مرضت الأسماك في الماء، و الطيور في الجو، و مرض الإنسان بما أكل من لحم هذه الطيور و الحيوانات، و ظهر ال د.د.ت في لبن الأم المرضع، و توزع الموت على الكل، و أصبح كل شيء ملوثا.

و أصبح إنسان اليوم إنسانا شاحبا لاهث الأنفاس، هضيم الوجه، يشكو الكبد و البلغم و الربو و المصران، و يخطو إلى الشيخوخة و هو مازال في الخمسين.

و تحولت المدن إلى جاراج سيارات كبير، له رائحة كريهة هي خليط من رائحة العادم و البنزين و السولار، و هي مخلفات تسرع كلها بالرئتين إلى السرطان.


و حرص الإنسان على تهديم ما تبقى من صحته، فأصبح لا يفارق السيجارة، يرضع منها السم بنهم، و ينفث الدخان اللاسع في وجوه الناس.


ثم استحدث الإنسان تلوثا جديدا هو التلوث الضوضائي، بما اخترع من موتورات و ماكينات و أوناش و جرارات و كلاكسات، و مكروفونات و مكبرات صوت ملأت الأسماع بالضوضاء إلى درجة الصمم.


و انتهت الموسيقى الرومانتيكية الحالمة.. و ظهرت أنواع جديدة من الموسيقى النحاسية الصاخبة، و الطبول المجنونة و الإيقاعات المدوية، و ظهر الجيتار الكهربائي و الأورج الكهربائي و البيانو الإلكتروني، و اختفى الناي الرقيق الخجول، و اختفى العود الذي كان يداعب و يهمس و يوشوش.. و أصبحت موسقى البارات و الحانات و علب الليل شيئا غليظا فاحشا، يخرق طبلة الأذن.


تلوث كل شيء.. حتى الفضاء تلوث بما ألقى الإنسان فيه من آلاف الأقمار الصناعية، و السفن الفضائية و كواكب التلصص و التجسس، و صواريخ الرصد و التصوير.. و أفسدت هذه الأجسام الغريبة الطفيلية التي ألقينا بها في فضاء الكون، أفسدت العلاقات المغنطيسية المحكمة بين الكواكب، و أفسدت جو الأرض المغنطيسي فانقلب الطقس، و أصبح البرد و الحر و الجفاف و المطر و الطوفانات و الأعاصير تأتي بخلاف معدلاتها المحسوبة، و في غير مواسمها.. و انفجرت الزلازل و البراكين حيث لا يتوقع أحد أن تنفجر.. و تغيرت خريطة الأرصاد الجوية.. و قال البعض.. هي مقدمات عصر جليدي.


ثم جاء أخطر أنواع التلوث في هذا العصر و هو التلوث الخلقي، بما استحدث الإنسان من وسائل إعلامية تدخل على الإنسان غرفة نومه، و تزاحم العائلة على مائدة العشاء مثل التليفزيون و الراديو و الترانزستور بحجم الكف الذي يأخذه النائم في حضنه.. و من خلال هذه الوسائل الحميمة أصبح في إمكاننا أن نقدم للناس ما نريد.. و أصبح في الإمكان أن نروج للباطل و ننشر الأكاذيب..

و أصبح في الإمكان أن ندعو للشهوات عيانا بيانا بما نغنيه على أسماع الناس ليل نهار من كلمات عارية، و ما نعرضه على أعينهم من مغازلات، فيتربى الصغار على أن هذا هو الأمر الواقع.. فينتهي الحياء.. و بانتهاء الحياء تبدأ دولة القرود.


و نحن الآن سيداتي و سادتي.. قادمون على عصر القرود.. برغم أن الإنسان مشى على القمر و تحكم في طاقة البخار، و البترول و الكهرباء و الذرة و غزا الفضاء.

لكنه بقدر ما حكم هذه الأشياء، بقدر ما فقد التحكم في نفسه، و بقدر ما فقد السيطرة على شهواته.

و لهذا فنحن أمام إنسان أقل رحمة، و أقل مودة و أقل عطفا و أقل شهامة و أقل مروءة.. و أقل صفاء من إنسان العصر الزراعي المتخلف.
لقد تقدمنا عشر خطوات إلى الأمام، و سرنا مثلهم إلى الخلف.
سألوا نجمة عالمية من نجوم السينما الفاتنات، معروفة بإضرابها عن الزواج عن رأيها في الحب فقالت..
أوه.. لا أومن إلا بالعلاقة المادية المباشرة مع الرجل، و بعد ذلك تأتي المسائل الأخرى.. إن قدر لها أن تأتي.
أو بالعبارة العلمية الموضوعية:
نعاشر بعضنا البعض أولا؛ ثم تأتي بعد ذلك الصداقة أو الحب إن قدر له أن يأتي..


ترى من يكون السيد الحاكم في سلوك هذه السيدة سوى أعضائها التناسلية.
و أبشروا سيداتي و سادتي بمجيء عصر القرود.



المصدر : كتاب (( عصر القرود ))
للدكتور مصطفى محمود
التوقيع
عندما تيأس، وتقرر الاستسلام والتوقف، فاعرف أنك على بعد خطوات من هدفك.
استرح، فكر في شيء آخر، ثم عاود المحاولة من جديد ..
• كثير من حالات الفشل في الحياة كانت لأشخاص لم يدركوا كم كانوا قريبين من النجاح عندما أقدموا على الاستسلام ; فلا تيأس ..
...
د. إبراهيم الفقى - رحمه الله -.
نورالشمس غير متصل   رد مع اقتباس