عرض مشاركة واحدة
قديم 15-05-2011, 02:45 PM   #34
عضو مميز جداً
 
الصورة الرمزية عبدالعزيز العمران
 
تم شكره :  شكر 16,200 فى 3,359 موضوع
عبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضو

 

رد: الحب وأهله في سدير (قصص) ... [ يُمنع المنقول ] .



أحب نوره... وتزوج أمها !



(الجزء الثالث)








ملخص الجزء الثاني :


زارت نورة وأسرتها مزرعة محمد وقد حاولت إظهار مفاتنها أمامه في كل فرصة تسنح لها ومحمد

يتابعها بإعجاب وذهول إلى أن تمكنت من مجامع قلبه مما جعله يبحث عن وسيلة يفرغ بها هذا الزخم

العاطفي الذي سكن أعماقه ولم يجد سوى أهل الهوى والسامري .


***

ولم يمضي ساعة من الزمن إلا وقد اكتمل أهل (السامري) في المكان الذي حدده سعد وهناك صفوا

صفين متقابلين وتوجه سعد إلى محمد بالسؤال : ( هاه يامحمد وش تبي نبدا به ؟) ..

فأخرج محمد من جيبه ورقة كتب بها مجموعة من القصائد التي يرى أنها تعبر عن بعض ما يكنه

من أحاسيس ومشاعر داهمت قلبه ولم يتمكن من مقاومتها وقد كتبت بخط ربما لا يستطيع أحد قراءته

سوى كاتبها محمد :

ألا ياعيوني ما يفيد النظـر والشـوف
تكافـي وكفـي لاتراعيـن ياعيونـي

تكافي كفاك مكايد الجـادل الغطـروف
ابو وجنة فيها اشهر الموت مقرونـي

لحظني بعين كن فيها نمش وسيـوف
طاح مابكفي واختلط وانصفـق لونـي

اخذني جهار اكبر ضحى والعباد وقوف
انادي بصوتي والعرب تقل ماوحونـي

الا واعذابي منك ياضامر السرجـوف
شبكني هواك وبيـح الحـب مكنونـي

الا يازريف الطول انا أبيك بالمعروف
بعد عونة الله منك انا برجـي العونـي



وحينما (شالوها) الربع على خفقات الطبول واخترقت أصواتهم الشجية هدوء المكان وعتمة الليل تجاوبت

معهم الأجواء المحيطة بهم وبدا وكأن كل شيء حولهم يشاركهم الغناء .. سعف النخيل البعيد وصغار

الشجر والحجر والنجوم والقمر .. وكانت كل الظروف مهيأة لأجواء من الطرب الأصيل .. فالحناجر

مدربة والكفوف تهوي على (الطيران) باحترافية لا مثيل لها وقلوب المغنين المرهفة تتراقص بين

المحاني وشهقات هنا وزفرات هناك ودموع تترقرق في عيني محمد الذي يعايش أجواءً لم يعهدها طيلة

حياته .. وكان هو الضيف الأهم في هذه الليلة وهو محل اهتمام الحاضرين والأنظار تتجه إليه كونه

يشاركهم لأول مرة .. ولكنه نسي نفسه ونسي من حوله وأخذ يتمايل مثله مثل المجموع في الصف وزاد

عنهم بدموع لم يستطع حبسها وآهات عشق تكاد تشق صدره وكل ذلك لا غرابة فيه في ظل حالة

الحب والهيام التي غشته بعد أن شاءت إرادة الله أن تعترض طريق حياته عاصمة الجمال نورة .. حالة

محمد أثارت دهشة الحاضرين باستثناء سعد الذي كان يراقب محمد ويعرف أسباب الدموع والحال التي

أصبح عليها الفلاح المعتز بنفسه سابقاً والذي كان يرى الهوى ضرباً من ضروب العبث.. كان سعد سعيداً

جداً وهو يشاهد محمد ويقول عسى وعسى (أحسن ساد خله يعرف).

انتهت (السامرية) الأولى فنهض محمد واقفاً ورمى (شماغه) على الأرض تعبيراً عن تقديره للمجموعة

مما شجع الحاضرين على البدء بـ (شيلة ) مثل الأولى وأحسن .. ومحمد يردد معهم بحماس وتأثر

وبإحساس صادق وكأن قلبه يتدحرج بين الصفوف فيما فكره مع ( مزعلة النساء بجمالها) .. ويخالجه

شعور بأن نوره تسمعه مما يزيد من حماسه و تفاعله فيرتفع صوته ويجهد نفسه بالتمايل مع تموجات

ألحان القصيد (الشيلات) ..

سعد أحب أن يزيد من معاناة محمد بقصيدة يعرف من خلال خبرته وفهمه لظروف محمد أنها ستكون

موجعة له فأشار عليهم بهذه القصيدة :

كريم يابارق من رايح زان
حس الرعد فيه كنه رجف طابوره

لعل يسقي بلد حيي وحياني
يسقي غروس النخل من وبل مامورة

يسقي شعيب نحبه بين ضلعان
فيه النخل شارع ما احلاه وسطوره

ذكرتني ياحمام الورق خلاني
وادعيت لي دمعة بالخد منثورة

يوم ان ربي على ما راد مشاني
طاوعت شوراللعين وطف لي شوره

تكفون ياهل النضا ذربين الايمان
ما منكم اللي يسلم على بنورة

والله دين القطع دين القطع ثاني
يا سكر الشام بين شفاك يا نوره

يا الله .. حين سمعها محمد فقد صوابه وانكب على وجهه وراح في نوبة بكاء جعلت أهل (السامري) يشفقون

عليه وكادوا أن يتوقفوا عن الغناء لولا أن سعد أشار لهم بالاستمرار وعينه على محمد وهو يضع (شماغه)

على وجهه ويدخل في نوبة من البكاء هي أقرب إلى النحيب .. لك الله يا محمد .. ما الذي فعل بك

الحب ؟ .. انتهت) السامرية) وقام عبد الرحمن أكبر الحاضرين سناً برفع رأس محمد وتقبيله

واحتضانه بحنان حتى هدأت نفسه قليلاً وانتظمت أنفاسه ثم ناوله الماء ليشرب ويرشه على رأسه ووجهه ..

وبلا شك كان الموقف محرجاً جداً لمحمد الذي لم يألف هذه الأجواء .. كما أنه أثار سؤالاً عريضاً

لدى الحاضرين : لماذا حصل كل هذا ؟ .. ولو حدث هذا الموقف لأي من الحاضرين غير محمد لكان

الأمر عادياً ..ولكن!

وفيما هم يتبادلون نظرات الاستغراب والتساؤل أشار أحدهم بأن يتناولوا العشاء الذي تكفل به محمد ، ثم

سروا قرب أذان الفجر .. وعاد محمد إلى بيته وكانت هذه أول ليلة يسهر فيها حتى هذا الوقت المتأخر مما

فاجأ زوجته التي كانت تنتظر عودته وأثار قلقها عليه مما دفعها لمسائلته عن أسباب تأخره ومعاتبته .. ولكنه

لم يرد عليها حيث كان في حال لا تسمح له بالأخذ والرد ..توضأ ثم صلى الفجر وذهب إلى مزرعته

وهناك ألقى بحسده في مكان لا تصله الشمس باكراً على أمل أخذ قسطٍ من الراحة ولكنه غط في نوم هو

أقرب للكوابيس .. انتصف الضحى ونهض من منامه وكان يحس بألم في حلقه وجرب صوتهفوجده قد بح

من أثر الغناء كونه لم يتعود عليه بعد .. لم يشعر محمد بالذنب كونه سهر ليلة البارحة وغنى بل كان

يستعجل النهار لعل (الربع) يجتمعون مرة أخرى .. حاصرته الهموم وداهمته الهواجس وحاول عبثاً

تناسي الحبيبة نوره ولكن طيفها ظل حاضر لا يغيب بل أنه نسي كل شيء ماعدا هي .. تحرك بتثاقل من

مكانه ولكن ليس للعمل بجد كما كان في السابق بل ليقف على (الأماكن ) التي يذكر أن نوره جلست أو مرت

بها في المزرعة لعله يجد أي أثر تركته أجمل أهل زمانها نورة .. عجيب أمر هذا الحب الذي جعل محمد

ينكب بوجهه على الأرض ليقبل موطئ قدم نوره حين وقع نظره عليه !!

مر الوقت على محمد وهو في حال يرثى لها ..أنفاسه تكاد تحرق صدره .. يتذكر كل شيء ويتخيل نورة

بوجهها الجميل في كل أنحاء المزرعة .. نسي زوجته الطيبة لطيفة وأبناءه الأربعة وأقاربه وجماعته ..

نسي كل شيء .. كل شيء .. وتذكر نوره !! الحمد لله على كل حال وهذا قضاء الله وقدره .. ولكن المؤلم

أن نوره لم تأبه بمحمد ولم يشغل أي حيز من تفكيرها فقد كانت واثقة من أن جمالها الذي اشتهر سيجلب لها

أي شاب تريده ومنهم ثلاثة من أقاربها يتنافسون على كسب ودها وكذلك أشقاء صديقاتها اللاتي يتقربن

منها بإيعاز منهم من أجل (لعل وعسى) .. وهي فقط تستمتع بنظرات الإعجاب التي تلاحقها أين ما

حلت وارتحلت.. والحقيقة أنها كانت من الملاحة والقبول بحيث أن صديقاتها يتعمدن ممازحتها وتصويب

النظر إليها للاستمتاع بهذا الجمال الملفت الساحر .

مرت الأيام على محمد وهو من حال سيء إلى أسوأ سهر في الليل وهم وشقاء في النهار وحرمان من مالكة

قلبه نوره التي أصبح يحلم باليوم الذي تُشَرف فيه مزرعته ولكن هيهات فقد أوصاها سعد بأن تقطع

صلتها بالمزرعة حيث انتهى الدور المرسوم لها ونفذته بإتقان .. .بينما استمر سعد في التردد على محمد

في مزرعته وكان (محمد) يكرمه ويهب له من ناتج المزرعة ويتودد إليه ويرسل العطايا معه لأم نوره ..

ولكن !!

زادت فترة الحرمان على محمد عن حدها وزاد معه شغفه بنوره وضاقت عليه الدنيا بما رحبت وساءت

حاله أكثر وأكثر وأصبح إنساناً مختلفاً .. شاحب الوجه .. شارد الذهن .. سريع الغضب .. جامد العواطف

تجاه زوجته وأولاده .. مما دفع زوجته لطيفة للبحث والتقصي عن الأسباب التي أوصلته لهذه الحالة ..

ولم يأخذ الأمر منها وقتاً طويلاً حتى وصلت للحقيقة كاملة حيث لا شيء يمكن إخفاءه في مجتمع القرية

الصغير فما يخفيه الليل يفضحه النهار .. أسقط في يدها وأصابها الحزن والذهول والاكتئاب فالأمر ليس

بهذه السهولة كونه يمس أعز البشر لديها زوجها وحبيبها ووالد أبنائها ولم يكن أمامها سوى رفع أكفها

إلى السماء تتضرع إلى الواحد الأحد أن يعيد محمد إلى رشده كما كان في وقت مضى ..

صار محمد لا يذهب لمزرعته إلا لماما وفي أوقات متفرقة وأصبح يكثر من المرور بالقرب من دار نوره

على أمل أن يراها ولو لمحة أو يرى من يراها ولكن حظه كان سيئاً بشكل عجيب ... وفي أحد الأيام لمح

سيارة لوري تقف في الحزم (مركز الروضة سابقاً) وتنزل أغراض يقوم بنقلها عبر السكة الضيقة إلى بيت

أم نورة أخوان نوره ومعهم شاب في منتصف العشرينات فارع الطول.. وسيم ..عليه أثار نعمة .. ملفت

للنظر ... وقف محمد وقد انقبض فلبه وأحس بأن في الأمر شيئاً .. اقترب محمد من سائق اللوري وكان

بالطبع يعرفه وسلم عليه وتحدث معه عن مشواره من أين وإلى أين فأجابه السائق : ( أبد هذا فلان معه

أغراض لبيت أم عبدالله (حصة) عسى الله يوفقنا وياه وعزا الله إنه صاد النوري وياحظه بها الصيدة.. آه

يالعنبو الفقر).. ففهم محمد الأمر وكان لحظتها يود لو أن الموت قد أخذه ولم يسمع مثل هذا الكلام

.. اسودت الدنيا في وجهه وكاد أن ينهار أمام الجماعة في الحزم لولا أنه تماسك ولجأ لأقرب سكة فرعية

ليخرج من الديرة كلها ويهرب إلى مزرعته ويرمي بجسده هناك بين الحي والميت .. وهو يردد لا حول ولا

قوة إلا بالله .. حسبي الله ونعم الوكيل .

وكان سعد يتابع تطورات الأمور ويتحين الفرصة لاستكمال مخططه الهادف إلى تلقين محمد مزيداً من

الدروس في الحب والهوى وما يفعله بالإنسان .. وانتقل إلى مرحلة أخرى من هذا المخطط الشيطاني ....



غداً نكمل الجزء الرابع والأخير
التوقيع
عبدالعزيز العمران غير متصل   رد مع اقتباس