عرض مشاركة واحدة
قديم 16-05-2011, 07:58 PM   #38
عضو مميز جداً
 
الصورة الرمزية عبدالعزيز العمران
 
تم شكره :  شكر 16,200 فى 3,359 موضوع
عبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضوعبدالعزيز العمران نسبة التقييم للعضو

 

رد: الحب وأهله في سدير (قصص) ... [ يُمنع المنقول ] .




أحب نورة ... وتزوج أمها !


(الجزء الرابع والأخير)



***

ملخص الجزء الثالث



تغيرت حياة محمد وبدأ في السهر ومشاركة أهل السامري في سمراتهم وبدأ رحلة معاناة شديدة

قاسى خلالها الأمرين بسبب تعلقه بنوره خاصة بعد أن سمع بخبر زواجها .




***
ذهب سعد إلى رفيقه محمد في مزرعته ووجده في حال لا تسر .. نفس مكتئبة , ووجه شاحب، ونظرات

تائهة .. كان كل شيء حوله يضج بالحزن .. حتى أشجار النخيل بدت وكأنها تتعاطف مع حالة من غرسها

واعتنى بها حتى نمت باسقة تعانق الأفق .. وكان بمثابة الأب الحاني بجده وحرصه واهتمامه بكل ما من

شأنه أن يجعل نخيل هذا البستان يحوز الإعجاب ويسر الناظر وينتج الخير الوفير طيلة ما مضى من

أعوام.. ولكنهن الآن يترقبن المجهول من تواجد رفيق السوء سعد بين فترة وأخرى في هذه الأفياء كما أنهن

لم يشعرن بالارتياح لتلك الزيارتين المشئومتين لنوره رغم المسحة الجمالية التي أضفتها على أجواء

المزرعة -- إيه .. إيه .. كان الله في العون يا عماتنا النخلات -- نعود إلى محمد الذي حين رأى صديقه

سعد قادماً حاول الوقوف للسلام عليه ولكن سعداً أصر على أن يبقى كما هو جالساً وكان وجه سعد هذه

المرة يشع بالبشاشة والهدوء (!).. ارتاحت نفس محمد قليلاً لهذا الحضور المريح لرفيقه سعد ووجدها

فرصة لمصارحته لأول مرة عن ما يحمله بين جوانحه من عشق لابنة أخته نوره ،فاستمع له سعد

بإنصات واهتمام وأظهر نفسه كمن هو متفاجىء بما يسمع وبعد أن انتهى محمد من بوحه .. أخذ سعد

زمام الحديث وقال بحنو مصطنع وبنبرة هادئة : الحمد لله على كل حال والحب ليس عيباً ولكن العيب إذا

تبع هذا الحب ما يسيء من التصرفات وأنت ولله الحمد لم يشهد أحد عليك بما يسيء لك أو لغيرك .. ولكن

لماذا لم تخبرني في وقت أبكر حتى أحاول أن أجمع بينكم بالحلال (!!)؟ أما الآن فقد (فاتت لولد خالتها

وهي على مودة معه من قبل والحمد لله يوم الله يسر أمرها مع واحد أجودي ومزيون ومغنيه الله ) .. هز

محمد رأسه وتنهد بحسرة وقال : ( ما للمخلوق إلا ما كتب له) .. وأطرق برأسه .. تحرقه أنفاسه

والعبرات تتزاحم في صدره .. تركه محمد وذهب للغرفة المجاورة وولع (الكولة) وهي موقد صغير على (القاز )
و(ركّب البريق) ثم عاد إلى محمد بعد أن أحس أنه بدأ يعود إلى الهدوء وقال له : ( هالحين اللي صار صار

وانت تبي تبتل على ها الحال ؟ ) فأجاب محمد : ( الأمر مهوب في يدي .. وش أسوي ؟) فأجاب سعد

(هذا صحيح ولكن فعل السبب زين ) .. قال محمد ( على يدك).. قال سعد ( هالحين نوره راحت لنصيبها ولا

هيب حاصلة لك إلا إن طلقت أو توفى زوجها لا سمح الله .. وحتى هذي صعبة لأن طلابتها من الشباب

واجد لكن عندي لك حل زين ولا يخالف شرع الله ) .. وهنا أعتدل محمد في جلسته وقال بلهفة : (تكفى يا

أخوي سعد إلحقني به ).. قال سعد (تزوج أمها على شان تحل لك شوفتها على أنك عمها ) .. صُدم محمد

باقتراح سعد ولم يعقب عليه بل شخص بعينين زائغتين إلى الأفق البعيد واستغرق في حالة من التفكير فيما

تركه سعد وذهب (لتخدير الشاهي ) واستغرق وقتاً أطول في هذه المهمة ليعطيه فرصة للتفكيرثم عاد إليه

ومعه الشاي ولم يتحدث معه بشيء بل ( صب له بيالة ومدها له ) ومرت لحظات صمت لا يقطعه سوى

(صوت مكينة البلاكستون والصباب في اللزا وصوت حمامة تلعي في طرف النخل ) الأمر الذي ( هيض)

سعد وشال بصوته العذب هذه السامرية الشهيرة ..

حمـام ياللـي بزينات الطـرب غنـي
من فوق هدب الجرايـد طـوح أصواته

بالله عليك يالقميري انتزح عـنـا
ترك علوم الطـرب خله لحزاتـه

ذكرتنـي نـاقـش الكفـيـن بالحـنـا
سيـد الغنادير خـده كنـه مـراتـه

محمد لم يشارك سعد الغناء ولكنه استمع له وهو يرتشف الشاي باهتمام وتفاعل وكانت ك لكلمة من هذه

القصيدة تلامس جرحاً (عطيبا)ً بداخله وكانت النتيجة الحتمية لهذا التفاعل دموع غالية ذرفها محمد خففت

عنه بعض الشيء ! .. انتهى سعد من الغناء ثم قام وودع محمد وقال له : (فكر في اللي قلت لك ورد لي

خبر ) .. قال محمد (خير إن شاء الله ) .. محمد في الحقيقة ليس لديه حلولاً أمام حالة عشقه لنوره سوى

اتخاذ قرارات تغلب عليها العاطفة والعشوائية ومنها الموافقة على الزواج من أم نوره لعله يتيح له الفرصة

للفوز برؤيتها ولو على فترات متباعدة بحكم بعد المسافة الفاصلة بين الروضة والخبر .. وهذا ما تم بالفعل

حيث أخبر محمد صديقه بموافقته علىالزواج من أم نوره مهما كانت التداعيات.. تلقى سعد خبر الموافقة

بسعادة غامرة .. ولكنه اشترط على محمد مؤخر مهر كبير برره بأن أخته مسكينة وأم أطفال ولا يريدها

أن تعاني كما عانت من فقد زوجها الأول .. ولم يكن أمام محمد سوى الموافقة فقد كان أشبه بغريق يبحث

عن قشة للنجاة ... تم الزواج .. وأبقى محمد أم نوره في منزلها مع أطفالها واخذ يترددعليها وسط استياء

من زوجته الأولى التي لم تتفهم أسباب زواجه بأخرى أقل منها في كل شيء.

بقي على هذه الحال الجسد في الروضة والقلب والفكر مع نوره هناك على ضفاف الخليج في الخبر .. وهذه

حالة من التشتت لا يحتملها بشر .. وكانت أسعد اللحظات حين ( يجي طاري نورة لعل الله ييسر وتجي تزور

أمها ).. ولكن الانتظار طال وطال على المحب .. ومع دخول شهررمضان المبارك لاحت بوادر للقاء

مرتقب ربما يتم أيام العيد حيث ستزور نوره والدتها وإخوانها خلال تلك الفترة ، مما جعل أيام هذا الشهر

الكريم تمر طويلة جدا على المحب المبتلى .. بدأ محمد بالاستعداد النفسي لهذه الزيارة التي ستمكنه من القرب

من أعز الأحباب .. وفي يوم الثامن والعشرين من رمضان كان الموعد المنتظر لوصول ساحرة القلوب

نوره .. أووووه ها قد وصلت وخفقت لمقدمها قلوب هنا وهناك .. قلوب معجبة وأخرى محبة بصمت فيما

تسابق أخوتها لإبلاغ أمهم نبأ وصولها في سيارة زوجها الفارهة في ذلك الوقت .. حرك صوت السيارة

وهي تخترق (الحزم ) الهدوء المعتاد في القرى فيما تلاقت أنظار المتواجدين في الحزم تتابع بفضول هذا

القادم الغريب إلى أن توقفت السيارة قرب السكة الموصلة لدار أم نوره وترجلت منها رائعة الحسن.. كان

محمد يقف في( مفيض السكة ) يراقب الوضع ولم يصدق عينيه حين رآها مقبلة تخطو بخيلاء

سيدات القصور.. تراجع في ارتباك وبجسد يرتعش إلى بيت أم نوره ليكون الاستقبال عن قرب وأكثر

حميمية (!!) .. دخلت نورة البيت.. وسط فرحة أمها وأخوتها وفرحها هي أيضاً بهذا اللقاء ..

يا إلهي !! لقد زاد جمال نوره بشكل يفوق الخيال حيث انعكست حياة المدينة عليها وأصبحت أكثر نعومة ونضارة

وأناقة فجمعت الجمال والترف في تمازج عجيب يسرق الألباب .. أخذت أمها (تسمي وتذكر الله عليها)

خوفاً عليها من الحسد ونوره ترد بضحكات غنج ودلال وتردد : ( يووه .. يا يمه.. يووووه يا يمه....)..

وعلى الجانب الآخر كان محمد في المجلس مع زوج نوره ينتظربفارغ الصبر دوره في السلام على

نوره بصفته عمها .. وبالفعل دخلت نورة عليهم في المجلس وبادرت عمها بالسلام عليه مصافحة فكان

لملامسة كفها الناعمة المكتنزة لكف محمد أثر لا يمكن وصفه مما أنعكس على ملامح محمد الذي كانت

عيونه توشك على الخروج من محاجرها وهو يحملق في وجه نوره الخيالي ثم يعيد النظر هنا وهناك على

هذا الملاك الواقف أمامه فكانت عينيه لا تقع إلا على كل ما هو مبهر وجميل وهو يقول بينه وبين نفسه :

سبحان ربٍ كمله بالجمال
من مفرق الهامة إلى حد ماطاه

ما به من العذروب عنق الغزال
إلا الزمان اللي حداني وعداه

كان لدى نورة تصور لما ستكون عليه حال محمد حين تلتقي به بينما تفاجأ زوجها بالحال التي كان عليها

محمد ودبت الغيرة في نفسه ! .. انتهى السلام والسؤال عن الحال بزيادة مضاعفة لشغف محمد بنوره

الأمر الذي أربكه كثيراً مما أثر على الجوالعام للمنزل الذي كان قد وصله قبل لحظات سعد صديق محمد

وقد تفاجأ بالحال التي كان عليها محمد كونه لم يستطع حفظ توازنه فأصبح يتحرك ويتكلم بلا حساب لسنه

ووضعه كزوج للأم ويدخل للمجلس ويخرج للمصباح (الصالة) بشكل متكرر مبالغ فيه وهنا تدخل سعد

وأشار عليه بالجلوس وقال له بحزم (استرح يا محمد وحنا نكفيك ) كل هذا يحدث أمام زوج نوره الأمر

الذي جعله يتخذ قرارا أيده عليه سعد يتمثل في عدم المجيء إلى الروضة مرة أخرى ثم أتفق مع أحد

أصحاب السيارات على أن يكون جاهزاً لتلبية طلب أم نوره في حال رغبت زيارة ابنتها في أي وقت

ويقوم هو (زوج نوره ) بدفع التكاليف.

علم محمد بهذه المستجدات واسودت الدنيا في وجهه الدنيا وقرر هو الآخرعدم الموافقة على سفر أم نوره

لزيارة أبنتها مهما كانت الظروف الأمر الذي خلق مشكلة لم تكن في الحسبان .. مرت أشهر وهم على هذه

الحال فالكل متمسك بموقفه وبعد ما يقارب السنة أرسلت نورة رسالة (خط) لعمها محمد تستعطفه بالسماح

لأمها بزيارتها في الخبر .. قرأ محمد الرسالة فرق قلبه لما فيها من عبارات قريبة من النفس كتبتها حبيبة

عمره فقرر ترك الأم في حالها وتطليقها ولكنه تذكر مؤخر المهرالواجب عليه دفعه ولا يملك منه شيء

حاول التفاهم مع سعد ولكنه اصطدم بتعنت لم يتوقعه مما جعله يعيش في حيرة من أمره ما بين خسارة كل

شيء وخوفه من الله في حال ترك أم نوره معلقة لا هي زوجة ولاهي مطلقة.. كما وأنه يواجه ضغوطاً

اجتماعية من أقاربه نتيجة عدم رضاهم عن تصرفاته الأخيرة ، وأم نوره تطالبه بحقها الشرعي مما لا

تسمح ظروفه النفسية بالإتيان به على الوجه المطلوب مما جعل سعد يضغط هو الآخر على أثر شكاوى

أخته المتعددة وكذلك صحته لم تعد على ما يرام وهي في تدهور مستمر .. كل ذلك جعل محمد يكره العيش في

بلده الروضة فلم يجد مناصاً من تصفية أموره ومغادرة الروضة إلى العاصمة الرياض فقام ببيع

المزرعة وتطليق أم نوره وتسديد مؤخر المهر .. واحتفظ بالقليل المتبقي معه .. وبالتأكيد لم يكن

الأمر سهلاً ولكن هذه هي الحلول التي رآها تناسب ظرفه الحالي رغم الحسرة التي أكلت قلبه وقلوب زوجته وأطفاله ..

وبعد أنهى هذه الإجراءات سافر وعائلته إلى الرياض حيث سكن في بيت صغير جداً أستأجره في حي

السبالة .. وبدأ البحث عن رزقه بمهنة عامل لدى أحد أصحاب مباسط الخضرة (!!) وكان يحصل على

أجرة بالكاد تؤمن وجبة متواضعة لأسرته .. ولم يكن هذا الوضع لائقاً لهذه الأسرة الكريمة فعاش محمد

وأولاده حالة فقر مدقع تسبب في إصابته باكتئاب حاد ثم دبت الأمراض في جسده الذي لم يستطع

مقاومتها وأصبح طريح الفراش أمام زوجته الوفية لطيفة وأبنائه اللذين أصبحت المعاناة رفيقاً لهم بعد حياة

العز التي كان والدهم يوفرها لهم في الروضة .. لم يكن أمام لطيفة سوى طلب العون من جيرانها الطيبين

ولكن الأحوال المادية كانت متشابهة ولذلك فقد كان الدعم المعنوي هو الممكن في هذه الظروف ..

تزايدت معاناة لطيفة وهي ترى زوجها وحبيبها يتهاوى أمامها بشكل مفجع وهي لا حول لها ولا قوة سوى

دموع جرحت وجنتيها الطاهرتين .. وفي صباح أحد الأيام نظرت إلى أعز أحبابها فوجدت عينيه شاخصتين

لا حراك بهما .. وضعت أذنها على صدره فكان القلب ساكناً .. يا الله .. لقد صعدت روحه إلى بارئها

.. خرجت لطيفة من غرفته الصغيرة وهي تصرخ وتحتضن أطفالها اللذين أصابهم الذهول من هول

المفاجأة ووقع المصيبة .. لقد رحل أحد أهم رجالات الروضة عن عمر لم يتجاوز الثانية والأربعين ودفن

في الرياض بمشاركة عدد محدود من جيرانه الذي تعاطفوا مع حالة أسرته ووقفوا إلى جانب الزوجة المفجوعة وأطفالها.

إنا لله وإنا إليه راجعون ..
رحم الله محمد .. وحسبنا الله ونعم الوكيل .
التوقيع
عبدالعزيز العمران غير متصل   رد مع اقتباس