بعد موافقة التغلبي نهضت ميمما وجهي نحو المطبخ ، وعبرت من أمام النادل دون استئذان(1)وبدأت بعمل القهوة وأنا ادندن قصيدة يا قبة الصخرة لنازك الملائكة .
وهذه القصيدة قالتها هذه الأديبة لما اهديت لها بطاقة تهنئة بالعيد مرسوم عليها قبة الصخرة فثارت مشاعرها وقالت قصيدتها الذهبية وقد اخترت منها عدة أبيات وهذه قصيدة أثيرة عندي مطلعها :
يا قبةَ الصخرهْ
يا وردُ، يا ابتهال، يا حضرهْ
ويا هدى تسبيحة علوية النبرهْ
يا صلوات عذبة الأصداءْ
جاشت بها الأبهاءْ
يا حرقة المجهول، يا تطلُّعَ الإنسان للسماءْ
يا وَلهَ الركوع"؛ يا طُهْرَهْ
يا وردة الخشوع، يا نداه، يا عطرهْ
يا مسجداً أسْكَتَ تسبيحاته صهيونْ
من أجل حلْم وقحٍ مجنونْ
كبَّلَ في أرجائه الصلاة والخضرهْ
ولوّث التاريخ والفكرهْ
وللقصيدة بقية لمن أراد فليبحث في الصديق قوقل ، كما أن نازك من أوائل من كتب قصيدة التفعيلة ، وقصيدة التفعيلة تثر حنق الأصوليين في الشعر فهم لا يؤمنون بغير القصيدة الموزونة ذات القافية شعرا ، وأظن أن التغلبي أحدهم ^^.
أعود للحديث عن المقهى :
أثناء ذلك سمعت صوت النادلة ترحب بامرأة تقول لها اهلا وسهلا أستاذة عروش ، وهنا ردت عروش الترحيب وقالت مستدركة هل هذا هو مقهى السدراء؟
فأجابتها النادلة من هم السدراء ؟!
قالت أقصد رواد منتديات سدير ؟
فهزت برأسها موافقة ، وقالت لها تفضلي يمكنك الصعود للصالة العلوية ، فردت عليها عروش بلطف لا يا عزيزتي ، ارغب بالجلوس في الهواء الطلق على قارعة الطريق فقالت لها كما تحبين ، فخرجت ولحقتها النادلة لتلبية رغبتها الثانية بشرب قهوة فرنسية ولما دونت الطلب على الورقة لتسلمها لزوجها النادل والطاهي في آن أخرجت عروش كوبا ملونا من حقيبتها وقالت ضعي قهوتي في هذا الكوب كرما(2)
بعد الوقت المستقطع لهرمون التطفل السديراوي عدت لقهوتي ، وضعت لماستي الأخيرة ، ولما خرجت من المطبخ لمحت رجلا ثالثا يجلس مع صاحبي فملت على النادل مبتسما من هو ذاك الرجل؟ ، فقال هذا هو قلم صريح (فيصل ) ، فقلت يا مراحب إذن سيكون فنجاني من نصيبه ، وسأتابعهم وهم يستمتعون بقهوتي (3)
لما وصلت للطاولة كانت رائحة القهوة تسبقني نحوهم ، وسلمت على فيصل ولأول مرة أقابل هذا الرجل الفاضل .
وضعت القهوة وقلت للتغلبي قهوتي تقول لك (هيت لك ) فزم شفته وأخذ رشفة تغيرت على إثرها ملامح وجهه وبصقها بعيدا ، وأخذ يردد :
وصرت إذا أصابتني سهام
تكسرت النصال على النصال
لا شك أن عقله الباطن هو من ردد البيت ، ثم التفت علي متجهما ، وقال ( صاحي أنت ؟! تشربنا قار ؟!) .
رمشت عدة رمشات سريعة ، وتأتأت خوفا من ردة فعل الكهل !.
هوامش
(1) واضح جدا إني ذبيت الميانة على المقهى .
(2) رواد المقهى عليهم مسكات ما ادري وش تبي ( واحد يبي يصلح قهوته والثانية جابية كوبها معها ) 
^^
(3) الثقة عالية جدا .