-
يا لهَذهِ القصيدةُ - ماشاء الله وبارك - !
لم ينلْ منّي حُبٌ لمثلهَا قصيدًا قطْ! :
حـكـم المنـيـة فــي الـبـريـة جـــارِ=مـــا هـــذه الـدنـيــا بــــدار قــــرارِ
بينـا يـرى الإنـسـان فيـهـا مخـبـرا=حـتـى يــرى خـبـرا مــن الأخـبــارِ
طبعـت علـى كــدر وأنــت تريـدهـا=صـفــوا مـــن الأقـــذاء والأكـــدارِ
ومـكـلـف الأيـــام ضـــد طـبـاعـهـا=متطـلـب فــي الـمـاء جـــذوة نـــارِ
وإذا رجـــوت المستـحـيـل فـإنـمــا=تبنـي الـرجـاء عـلـى شفـيـر هــارِ
فالـعـيـش نـــوم والمـنـيـة يـقـظــة=والـمــرء بيـنـهـمـا خــيــال ســــارِ
فـاقـضـوا مـآربـكـم عـجــالا إنـمــا=أعـمـاركـم سـفــر مـــن الأسـفــارِ
وتراكضـوا خيـل الشبـاب وبـادروا=أن تــســتــرد فــإنــهــن عـــــــوارِ
فالدهـر يـزرع بالمنـى ويغـص أن=هـنّــا ويـهــدم مـــا بــنــى بــبــوارِ
ليس الزمان وإن حرصت مسالما=خُـلـق الـزمـان عـــداوة الأحـــرارِ
إنــي ُوتــرت بـصــارم ذي رونـــق=أعـــددتـــه لــطــلابـــة الأوتـــــــارِ
والنفس إن رضيـت بذلـك أو أبـت=مــنــقـــادة بـــأزمــــة الــمـــقـــدارِ
أثـنــى عـلـيـه بـإثــره لـــو أنــــه=لـــــم يـغـتـبــط أثـنــيــت بــالآثـــارِ
يـا كوكبـا مـا كـان أقـصـر عـمـره=وكــذاك عـمـر كـواكـب الأسـحــارِ
وهــلال أيــام مـضـى لــم يـسـتـدر=بــدرا ولــم يمـهـل لـوقـت ســـرارِ
عجـل الخسـوف عليـه قبـل أوانـه=فـمـحــاه قــبــل مـظـنــة الإبـــــدارِ
واسـتــل مــــن أتــرابــه ولــداتــه=كالمقـلـة اسـتـلـت مـــن الأشـفــارِ
فــكـــأن قـلــبــي قــبـــره وكــأنـــه=فـــي طـيــه ســـر مـــن الأســـرارِ
إن يعـتـبـط صـغــرا فـــرب مـقـمـم=يـبـدو ضـئـيـل الـشـخـص للـنـظـارِ
إن الكـواكـب فـــي عـلــو محـلـهـا=لتـرى صغـارا وهـي غيـر صـغـارِ
ولـد المعـزى بعضـه فــإذا مـضـى=بـعـض الفـتـى فالـكـل فــي الأثــارِ
أبـكـيـه ثـــم أقـــول مـعـتـذرا لــــه=وفـقــت حــيــن تــركــب الأمــــدارِ
جــاورت أعـدائــي وجـــاور ربـــه=شـتــان بـيــن جـــواره وجـــواري
ثــوب الـريـاء يـشـف عـمـا تحـتـه=وإذا التـحـفـت بـــه فــإنــك عــــارِ
قـصـرت جفـونـي أم تبـاعـد بينـهـا=أم صُـــورت عـيـنـي بـــلا أشـفــارِ
جفـت الكـرى حـتـى كــأن غــراره=عند اغتمـاض العيـن وخـز غـرارِ
ولـو استـزارت رقــدة لطـحـا بـهـا=مـــا بـيــن أجـفـانـي مـــن الـتـيـارِ
أُحيـي الليالـي التـم وهـي تميتـنـي=ويـمـيـتـهــن تــبــلــج الأســـحــــارِ
حـتـى رأيــت الصـبـح تهـتـك كـفـه=بالـضـوء رفــرف خـيـمـة كـالـقـارِ
والصبـح قـد غـمـر النـجـوم كـأنـه=ســيـــل طــغـــى فـطــفــا الــنـــوارِ
والهـون فـي ظــل الهويـنـا كـامـن=وجـلالـة الأخـطـار فــي الأخـطــارِ
تـنــدي أســــرة وجــهــه ويـمـيـنـه=فــي حـالـة الإعـصــار والإيـســارِ
ويـمــد نـحــو المـكـرمـات أنـامــلا=لـــلــــرزق أثـنــائــهــن مــــجــــارِ
يحـوي المعالـي كاسـبـا أو غالـبـا=أبـــدا يــــداري دونــهــا ويــــداري
قـد لاح فـي ليـل الشـبـاب كـواكـب=إن أمهـلـت آلـــت إلـــى الأسـفــارِ
وتلـهـب الأحـشـاء شـيـب مفـرقـي=هـذا الضـيـاء شــواط تـلـك الـنـارِ
شـاب القـذال وكـل غـصـن صـائـر=فيـنـانـه الأحـــوى إلـــى الأزهـــارِ
والشبه منجـذب فلـم بيـض الدمـى=عــن بـيـض مـفـرقـة ذوات نـفــارِ
وتــود لــو جعـلـت ســواد قلوبـهـا=وســواد أعينـهـا خـضــاب عـــذارِ
لا تنـفـر الظبـيـات عـنـه فـقـد رأت=كيف اختـلاف النبـت فـي الأطـوارِ
شـيـئــان ينـقـشـعـان أول وهــلـــة=ظــل الشـبـاب , وخـلـة الأشـــرارِ
لا حـبـذا الـشـيـب الـوفــي وحـبــذا=ظـــل الـشـبـاب الـخـائــن الــغــدارِ
وطرى من الدنيـا الشبـاب وروقـه=فإذا انقضى فقـد انقضـت أوطـاري
قـصـرت مسافـتـه ومـــا حسـنـاتـه=عــــنـــــدي ولا آلاؤه بـــقـــصــــارِ
نـزداد همسـا كلـمـا ازددنــا غـنـى=والفـقـر كــل الفـقـر فــي الإكـثــارِ
مـا زاد فـوق الـزاد خُلِّـف ضائـعـا=فـــي حــــادث أو وارث أو عــــارِ
إنــي لأرحــم حـسـادي لـحــر مـــا=ضمنـت صـدورهـم مــن الأوغــارِ
نـظـروا صنـيـع الله بــي فعيـونـهـم=فـــي جـنــة وقلـوبـهـم فـــي نــــارِ
لا ذنـب لـي قـد رمـت كتـم فضائـل=فكـأنـهـا بـرقـعــت بــوجــه نــهــارِ
وستـرتـهـا بـتـواضـعـي فتـطـلـعـت=أعنـاقـهـا تـعـلـو عـلــى الأســتــارِ
ومــن الـرجـال مـعـالـم ومـجـاهـل=ومـن النـجـوم غـوامـض ودراري
والنـاس مشتبهـون فــي ايـرادهـم=وتفـاضـل الأقــوام فــي الأصـــدارِ
عمـري لقـد أوطاتهـم طـرق العـلا=فعـمـوا فـلـم يقـفـوا عـلـى آثــاري
لـو أبصـروا بقلوبهـم لاستبصـروا=وعمى البصائر من عمى الأبصارِ
هلا سعـوا سعـي الكـرام فأدركـوا=أو سـلــمــوا لـمــواقــع الأقـــــدارِ
ولربـمـا اعتـضـد الحلـيـم بـجـاهـل=لا خـيـر فــي يمـنـى بغـيـر يـســارِ
إيهٍ يا أبا الحسنِ التهامي -رحِمكَ الله- !