عرض مشاركة واحدة
قديم 21-11-2015, 02:58 PM   #1
سليمان الزيادي
 
تم شكره :  شكر 19,067 فى 3,938 موضوع
رحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضو

 

Icon6 من الذات، للذات، في الذات.!

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

يروى أنه لما قابل سقراط زينوفون للمرة الأولى قطع عليه الطريق بعصاه وسأله :" من أين تشتري الأشياء التي تحتاجها لحياتك؟"
فأجاب زينوفون : " من السوق "
فأردف سقراط سائلاً "ولكي تصبح رجلاً محترماً ، أين يجب أن تذهب؟"
فأقر زينوفون بجهله ، فقال له سقراط " اتبعني تعرف أين ".أ هـ.
عندما نريد أن نعرف يتوجب علينا أولاً أن نقر بجهلنا.
والجهل كما يقول " بكار " هو أخطر مشكلة واجهها الإنسان على مدار التاريخ، والمشكلة الكبرى: أن يكون المرء جاهلا بأنه جاهل، فيدعي المعرفة دون أن يمتلكها.
إن من أشد أنواع الجهل خطورة: جهل الإنسان بنفسه؛ لأنه يسبب له الكثير من الارتباك، ويشوه تعامله مع الله-جل وعلا-، ومع الناس، كما يحرمه من معرفة الفرص المتاحة له، والأخطار التي تهدده.
ولا يجوز أن يظن أن معرفة الإنسان بنفسه معرفة سهلة قريبة المتناول، إنها معرفة بالغة التعقيد، وليس من الإسراف القول: إن الطبيعة البشرية عبارة عن لغز كبير ينبغي حله.
إن الذات البشرية ليست عبارة عن كتلة صلدة، أو ماهية بسيطة، إنها مركب ذو طبقات بعضها فوق بعض، وكلما تهيأ لك أنك بلغت القعر: وجدت أن هناك طبقة أعمق لم تستطع الوصول إليها، وهكذا..أ.هـ
والمعرفة تبدأ بطرح الأسئلة ومحاولة الإجابة عليها ، وكما قال أفلاطون " ليس يحيا إنساناً من لا يسأل نفسه عن نفسه".
وتقول ماري مادلين في كتابها معرفة الذات " إن معرفة الذات نتيجة استفهام. والإنسان الذي يريد الاستجابة لقدره يجب أن يستفهم من ذاته عن ذاته ، أن يسأل ذاته من هو ، ومن أين جاء ، وإلى أين يذهب ".

ليس من السهل رؤية أنفسنا بوضوح دائما. المعلومات حول من نحن تكون مشحونة عاطفياً في الغالب. وقد نركز على عيب شخصي بحيث نفقد المنظور على ملامح أوسع من حياتنا. ومن السهل أيضاً أن نتغافل عن أمور في بعض الأحيان، وكلنا مر بهذه التجربة. ومع هذا لو عملنا على مر الزمن لنعرف المزيد عن أنفسنا فإننا قد نصبح أكثر دقة في فهم ذواتنا وهذا، بدوره، يمكن أن يساعدنا على التغيير نحو الأفضل. أنه وعلى الرغم من أن العديد من الجوانب السلبية لذواتنا تقوى مع مرور الوقت، إلا أن هناك فرصة للتغيير.
الأشخاص الذين لديهم القدرة على فهم أنفسهم ويعرفون من هم. يقيمون الآخرين بشكل أكثر دقة، وبالتالي يعرفون نقاط الضعف عند الآخرين. ويعرفون أيضا حدود قدراتهم. أولئك هم الموهوبون في التخمين المنطقي لمعرفة كيف من المرجح أن يتصرف الآخر. ولديهم فكرة جيدة أيضاً حول كيف هي نظرة الآخر لهم. وهم يدركون أن تصوراتهم هذه قد تتطلب إعادة النظر من حين إلى آخر..
الذات مثل الفرقة الموسيقية فهذه فيها الآلات الوترية ، والنحاسية ، والإيقاعات وأيضاً هناك قائد الفرقة ،،، والذات فيها الدوافع ،والمعرفة ، والعواطف ، والتخطيط ، والذكاء ، والإدارة الذاتية ، وتحتاج إلى قائد ينسق بين هذه المشاعر لنعزف لحن الحياة.
ثم إنني أختم بهذا المقطع من مقدمة الطبعة الثانية لكتاب "معرفة الذات" "ماري مادلين ديفي" حيث قالت :-
" لابد من أن تأتي ساعةٌ يجد فيها الإنسان نفسه مجبراً على أن يعبر عن تفكيره بداهة ، متحملاً مسؤولية ما يكتب ، مع علمه بجهله الخاص.
بقدر ما تنمو المعرفة وتحاول إثبات صحتها ، بقدر ما تتجمد الشكوك التي كانت في ما مضى متدافعة. وهي ذي المسألة الأساسية تطرح نفسها : هل يستطيع الإنسان التوصّل إلى معرفة ذاته؟ إن تحقيق هذا التوصل مضمون بالنسبة إلى بعض الأشخاص المميزين. أما الأكثرية فليس لها غير الاكتفاء باقترابٍ نسبي إليها. وفي هذا ما يكفي لأن نفهم أن معرفة الذات هي المحاولة الوحيدة التي تستحق محاولة سلوكها.
إن ندرة انجاز كامل ، تتأتي عن عجزٍ في سماحة العطاء أكثر من ما تتأتي عن تقصيرٍ في فقدان الحريّة الشخصيّة. وفي منعرجٍ كهذا يجب أن نفتش مختارين عن رفاق الطريق فالطريق دائماً منعزلة. لذا يجب أن نجد مرشداً يقود خطانا في طمأنينة عندما نجتاز المواقف المحفوفة بالمخاطر ، ولكن المرشدين نادرون وقلما يتوفر لنا اعتمادهم. وكثيراً ما يكون من الأنسب الاقتناع بأن نباشر اشتغالنا بالبحث ومتابعة سيرنا فيه ، في وحدةٍ تتفاوت شدتها بين حينٍ وآخر ، عارفين أن المرشد الأفضل موجودٌ في قلب كل باحث. وهذا ما يفعله العصفور ، فانه ما أن يستكمل اندفاعة جناحية ، حتى يترك عشه ساعياً بنفسه إلى تحصيل قوته.
وعندما تضعف الأنا التي يطهرها ويحررها انعدام الحاجات ، يخرج الإنسان من ديجور ذاته وسجنه ، بحثاً عن معرفة الذات. ولكن سرعان ما يترجح في بعد آخر لا ازدواجية فيه. وفي اغراءة الوحدة التي عرف أنها ضوءه ونظامه ، ينطلق في جمال الكون الذي يُعينه في تحليقه نحو التأله. ومن الآن وصاعداً لن تكون لنظره سيطرةٌ تبدد انتباهة ذهنه فيخاطر دائماً في أن يبتدي حواره. هكذا يصبح هو الحب ، محباً ومحبوباً. فيمكن أن يحس بالحاجة إلى العزلة والسكوت ، ليتذوق الفرح. "

موضوعي انتهى ولم ينتهي ،،، تماماً كما هي الذات ، نظن أننا عرفناها ثم هي تثبت جهلنا بها في المواقف التي نمر بها في حياتنا.!

أشكر لكم حسن الحضور، وأرجو أن تكونوا قد استفدتم شيئاً من ما سبق من ثرثرة. و في انتظار تعقيباتكم.

و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

التوقيع


إن كنت تصدق كل ما تقرأ ،
رحّال غير متصل   رد مع اقتباس