عرض مشاركة واحدة
قديم 04-04-2011, 12:53 PM   #43
مشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية يمامة الوادي
 
تم شكره :  شكر 10,916 فى 3,630 موضوع
يمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضويمامة الوادي نسبة التقييم للعضو

 

رد: من مذكرات الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله أكثر من رائعة

((((حديث النفس-خواطر الشيخ على الطنطاوى-)))) 3

هذه الروائع من كتاب من حديث النفس للشيخ


الوَحدة..
ماآلمني شي في الحياة مآلمتني الوحدة ,كنت أشعر كلما انفردتُ بفراغ هائل في نفسي ,وأحس بأنها غريبة عني ثقيلة علي , لا أطيق الإنفراد بها ,فإذا انفردت بها أحسست ان بيني وبين الحياة صحارى قاحلة , وبيدا مالها من آخر , بل كنت ارى العالم في كثير من الأحيان وحشا فاغرا فاه لابتلاعي , فأحاول الفرار ,ولكن أين المفر من نفسي التي بين جنبيّ ودنياي التي اعيش فيها ,,,

إن نفسي عميقة واسعة , او لعلي أرها عميقة واسعة لطول ما احدق فيها وأتامل جوانبها , فتخفيني بسعتها وعمقها ويرمضني انه لايملأوها شيئ مهما كان كبيرا ..
وهذا العالم ضيق ,او لعلي أراه ضيقا لاشتغالي عنه بنفسي وشعوري بسعتها فأراه يخنقني بضيقه
إني اجمع العالم كله في فكرة واحدة أرميها في زاوية من زوايا نفسي , في نقطة صغيرة من هذا الفضاء الرحيب ,ثم اعيش في وحدة مرعبة انظر مايملأ هذا الفضاء

إني كلما انفردت بنفسي , فتجرأت على درسها والتغلغل في اعماقها , بدت لي أرحب واعجب , فما هذا المخلوق الذي يحوية جسم صغير لا يشغل من الكون إلا فراغا ضيقاً , كالذي يشغله صندوق اوكرسي .. ويحوي هوالمكان كله ,ويشمل الزمان , وينتقل من الأزل إلى الأبد في أقل من لحظة , وينتظم الوجود كله بفكره ,وتكاد الحياة كلها تضل في أغواره!!!
من المستحيل ان نفهم هذا المخلوق الذي ندعوة النفس لذالك نخاف الوحدة ,ونفر منها .
إننا نخشى نفوسناولانستطيع ان ننفرد بها , فنحب ان نشتغل عنها بصحبة او صاحب اوحبيب ,او عمل من الأعمال ..
ونخشى الحياة ونحب ان نقطعها بحديث تافه أو كتاب سخيف , او غير ذالك ممانملأبه ايامنا الفارغة
وإذا نحن اضطررنا مرة إلى مواجهة الحياة ومقابلة الزمن خاليا من أُلهية نلهوبها مللنا وتبرمنا بالحياة واحسسنا بأن الفلك يدور على عواتقنا
أفليس هذا سرا عجيبا من أسرار الحياة :يكره المرء نفسه ويخشاهاوهي أحب شيئ إليه ويفر منها ..
ويضيق بحياته وهي اعز شيئ عليه , ويسعى لتبديدها وإضاعتها ؟!!
وجدت الشهرة لاتفيد إلا إسمي ,ولكن اسمي ليس مني ولاهو( انا), فأحببت أن اجد الأنس بالحب وان انجو به من وحدتي ,فلم أجد الحب إلا إسما لغير شئ, ليس له في الدنيا وجود ,وإنما فيه تقارب أشباح ..
ولكن اين تلتقي الأرواح ؟ وأينهذا الحب الجارف القوي الخالص ....
فنفضت يدي من الحب ويئست من أرى عند الناس الاجتماع المطلق ,فعدت بطوعي أنشد الوحدة المطلقة .

صرت اكره ان ألتقي الناس , وانفر من المجتمعات , لأاني لم اجد في ذالكإلا اجتماعا مزيفا :يتعانق الحبيبان ,ولو كشف لك عن نفسيتهما لرأيت بينهما مابين الأزل والأبد ,
ويتناجى الصديقان ويبادلان عبارات الود والإخاء ولوظهر لك باطنهما لرأيت كلا منهما يلعن الأخر
...
وجدتني غريبا بين الناس ,فتركت الناس وانصرفتإلى نفسي أكشف عالمها واجوب فيافيها ,وأقطع بحارها وادرس نواميسها ,وجعلت من أفكاري وعواطفي اصدقاء واعداء ,وعشت بحب الأصدقاء وحرب الأعداء !!
إن من حاول معرفة نفسه عرضت له عقبات كأداء ومشقات جسام ,فإن صبر عليها بلغ الغاية .
ومالغاية التي تطمئن معها النفس إلى الوحدة وتأنس بالحياة وتدرك اللذة الكبرى ؟ مالغاية إلا معرفة الله

وسيظل الناس تحت اثقال العزلة المخيفة حتى يتصلوا بالله ويفكروا دائما في انه معهم وانه يراهم ويسمعهم..

هناك تصير الآلام في الله لذة ,والجوع في الله شبعا , والمرض صحة ,والموت هو الحياة السرمدية الخالدة .
هنالك لايبالي الإنسان ألا يكون معه أحد , لأنه يكون مع الله




يمامة الوادي غير متصل   رد مع اقتباس