¨° مِحبرةُ كتاباتك °¨ خاص بنتاج الأعضاء من خواطر وقصص ومقالات

الإهداءات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-08-2017, 03:11 AM   #16
سليمان الزيادي
 
تم شكره :  شكر 19,067 فى 3,938 موضوع
رحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضورحّال نسبة التقييم للعضو

 

Icon6 التمهيد للأسفار.

قال المعلم لأميل (ماذا أنت صانع إذا جاءك أحد بنعي حبيبتك) طبعاً لكم أن تتخيلوا حالة أميل والإضطراب الذي أصابه، والضيق الذي لحق به.
لكن المعلم طمأنه وقال إنها بخير وأنها تنتظره هذا المساء، ولكن لم قال المعلم ما قال؟
لأن أميل بعد أن وقع في الغرام أصبحت العاطفة لديه هي المؤثر والمحرك، لذا لم يعد قادراً على الإنصات للمحادثات العقلية الصرفة.
لذا كان لابد من استغلال هذا الغرام في اثارة الإهتمام لما سيقول المعلم من كلام عقلي، وبعد أن تأكد المعلم أنه أستحوذ على اهتمام أميل بدأ في الكلام
عن السعادة. وبدأ مقرراً أن السعادة هي غاية كل كائن عاقل حساس. وأنها أول رغبة تفرضها علينا الطبيعة ولا تفارقنا هذه الرغبة أطلاقاً.
ولكن أين السعادة؟ من الذي يعرف أين هي؟ إن كل إنسان يبحث عن السعادة، وما من أحد يعثر عليها.
ويقضي الناس حياتهم في نشدانها، ثم يموتون من غير أن يبلغوها. أننا ما دمنا نجهل ما يجب علينا أن نعمله فالحكمة تقضي بأن نكف عن العمل.
وهذا هو المبدأ الذي يجب على الإنسان أن يرعاه. ولكنه يتجاهله أو يجهله. فإن البحث عن السعادة من غير أن نعرف أين هي قد يعرضنا
للبعد عنها. ولكن ليس في استطاعة أي إنسان أن يكف عن العمل. ولهذا يفضل الناس العمل مع الضلال على الركون إلى السكون والقعود عن التنقيب.
ثم أكد المعلم على أن الطبيعة هي التي ستقودهم إلى السعادة، وإن السعادة إذا وجدت فلا يمكن أن تجافي الطبيعة.
وقرر أنه لا سعادة بدون شجاعة، ولا فضيلة بدون كفاح وصراع. وأن الرجل الفاضل هو الذي يعرف كيف يقهر عواطفه وشهواته، لأنه عندئذ يستلهم عقله وضميره.
و أنه حتى يكون الشخص سيد نفسه فلابد من أن يتحكم في قلبه وعواطفه. وهذه رياضة تحتاج إلى نوع جديد من الكفاح.
لأن الرياضة على متاعب الطبيعة الخارجية تساعدنا عليها الطبيعة. أما ما يأتينا من أنفسنا فلا شأن للطبيعة به وأمره موكول ألينا كلية.
فالشهوات منا لا من الطبيعة ولهذا فإلينا كل أمرها وعلينا أن نقاومها مستقلين بجهدنا.
ثم كان له رأي يستحق النظر وهو أنه لايرى تقسيم العواطف إلى حلال وحرام، بل هو يرى أن كل عاطفة طيبة ما دمنا مسيطرين عليها،
وكل عاطفة شريرة سيئة ما دمنا مستعبدين لها. فما يجافي الطبيعة هو التمادي في العاطفة حتى تتجاوز مدى قدرتنا. ويفلت زمامها من يدنا.
فنشتهي ما ليس في وسعنا، أو ما يحرمه علينا الضمير النقي. ولئن لم يكن في مقدورنا أن نهوى أو لا نهوى ففي مقدورنا أن نسيطر
على هوانا فهذه هي الفضيلة جمعاء. وهذا يعني أن كل عاطفة نسيطر عليها مشروعة وكل عاطفة تسيطر علينا هي عاطفة آثمه.
وأنه يجب أن نكون رجالاً ونتحكم في قلوبنا، وأن ندرس حدود ارادتنا جيداً حتى نحبس عاطفتنا داخلها.
وأن لا نعلق قلوبنا بالجمال الذي يزول، ولا نتطلع إلى رغبات تجاوز قدراتنا، ونقدم الواجب قبل هوى النفس، وأن نكون مستعدين في أي وقت
للنزول عن كل ما هو عزيز متى أوجبت الفضيلة ذلك. عندها سنكون سعداء على الرغم من قسوة الأيام. حكماء رغم ثوران العواطف.
وفي الرخاء سنكون نحن من يملك المال، وليس المال هو الذي يملكنا. ولن يزعجنا فراق ملذاتنا المادية. فإن الحكيم لا تعظم عنده الدنيا ولا يأسى على فراقها.
طبعاً أميل كان ينصت إلى ما كان المعلم يقول، وسأل معلمه وقال : ما هو هدفك من هذا الكلام ماذا تريد أن أصنع حتى أعرف كيف أتحكم في عواطفي
وقلبي ، فقال المعلم ما أريده منك أيها العزيز، بل ما أوجبه عليك، هو فراق صوفي.
طبعاً طرطع أميل هنا وفقد أعصابه، وبدأ يقول أنا لست خائناً ولا مخادعاً ولا نذلاً حتى أقوم بهذا الشيء، المهم المعلم خلاه يفرّغ كل اللي بقلبه ثم بدأ بتوضيح أنه يعرف مدى السعادة التي عاشها أميل منذ رؤيته لصوفي ولكن الإنسان فان وكل شيء في حياته عارض وإذا طالت السعادة عليه ذهب التعود
بطعمها وعندئذ يتغير القلب وهكذا ابن آدم ، إن لم تتركه السعادة تركها.
أنت تريد أن تتزوج صوفي وقد تفكر في التعجيل بهذا الزواج وأنت تريد أن تتزوجها لا لأنك تراها ملائمة صالحة لك، بل لأنها تروق لك.
كأنما الحب لا يخطيء في تقريب المتابينين الغير متلائمين، وكأنما الزواج القائم على الحب يستحيل أن ينقلب إلى كراهية.
كما أن طبع المرأة لا يتضح في يوم وليلة وأربعة أشهر لا تصلح أساساً للحكم على العمر كله.
وربما كان غياب شهرين كافياً كي تناساها، وربما كان غيابك فرصة لرجل آخر كي يجليك عن قلبها.
وربما عدت بعد شهرين لتجدها فاترة نحوك، فالعواطف لا تعرف المباديء. ربما وربما ولكن لابد من التجربة والتجربة خير برهان.
فأقدم على التجربة بنفسك الآن، قبل أن تفرض التجربة نفسها عليك بعد فوات الآوان.
ثم أنكما مازلتما ضغيران وهذه سن الحب وليست سن الزواج، والزواج فيه حمل وولادة وتربية أطفال. وهناك أموراً يجب أن تعرفها قبل أن تصبح زوجاً
ورب أسرة وهذه الأمور لا يمكن أن تعرفها إلا عن طريق الرحلة والأسفار، لذا أقول يجب أن تفارق صوفي، وأقول تفارقها إلى حين.
ولا أقول أن تتخلى عنها وتهجرها.بل تغادرها كي تعود إليها وأنت أجدر بها، وتطلب يدها وأنت على ثقة من سعادتك واسعادها.
قال أميل : أتزوجها ونسافر معاً قال المعلم : الرحلة واجبة كي تصبح جديراً بالزواج منها.
قال طيب أتزوجها وأسافر، قال المعلم : تتزوجها وتتركها وكيف يعيش زوجاً بعيداً عن زوجته بغير عائق ضروري.
فرضخ للأمر الواقع وقال متى نسافر، قال المعلم : بعد ثمانية أيام. لذا توجب اعداد صوفي لهذا الرحيل فالنساء ضعيفات ويجب أخذهن بالرفق.
وعند الرحيل كان وداعها لأميل بالغاً حد الروعة. فقد شحب وجهها وغامت عيناها. وتناول يديها يضمهما إلى قلبه وقد تحولت إلى تمثال من الأسى واللوعة.

التوقيع


إن كنت تصدق كل ما تقرأ ،
رحّال غير متصل   رد مع اقتباس
من قدموا شكرهم لـ رحّال :
 

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:12 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. موقع و منتديات سدير 1432 هـ - 1435 هـ

جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه وإنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه