مـذّكـرات مجهول !!

[أسد نجد]

( 7 )

فيتامين

كلما قرأت اسمه تلعثم أنفي برائحة صيديلية مرتبة العلب .. صيدلية يديرها دكتور أصلع الرأس يقلب علبة بين يديه من علب الفيتامين الفوار
وهو يفلسف لك النشاط الذي ستخلفه هذه العلبة من خلف نظارته الصغيرة المعلقة على أرنبة أنفه

ولكن للذين تلتقي بهم في أول الأمر نكهة خاصة

وصديقي فيتامين كان من أولئك الذين ارتبطوا في الذاكرة بادئ الأمر ، حيث شاركت معه في موضوع من موضوعاته
التي أدرج فيها اسمي مع قائمة أعضاء غريبة أسماؤهم وقال : أفيدوني بمعناها أفادكم الله

كنت جديدا على المنتدى وذكرت له المعنى بحماس شديد في أحد الردود

ولكنه لم يرد علي

فأرسلت له رسالة خاصة لأخبره بأنني ذكرت المعنى في الرد

باختصار شديد كان شعوري حينها كشعور أي مواطن سعودي طاف

وقام بالرد على بكل لطف فاكتشفت أن وراء هذا المعرف رجلا رقيق الطبع كريم الشمائل

لن أنسى مابقيت رسالته التي أشار علي بها نقل موضوعي في منتدى آخر إلى قسم أكثر تجمهرا

لمست حينها رقة قلبه ورأيت بياضه من وراء تلك الرسالة

لم ألتق به على أرض الواقع ولكنه - كما قرأت من حروفه - شاب متوقد الذكاء .. لماح ..
يفرض شخصيته في المحيط الذي يعمل فيه .. يحب الاطلاع .. يجيد فن الإقناع وفن الحوار في آن واحد ..
وحينما عرفت فيما بعد من هو أدركت سر هذه الثقافة وهذه الروح التي يحملها .. فهو من بيت له سابقة في إنبات المواهب ..

الشيء الذي استنكرته منه أنه عندما قام الأخوة في الساحة بإجراء المكاشفة معي لمست تذبذبا في شخصيته .. أشبه مايكون حينها بالمتردد بين أسلوبين ..
هازل وجاد .. حار وبارد .. ولكن الزمام انفلت بين يديه ..

كان - كما تأولت ذلك فيما بعد - يجاري موجة تدور رحاها هناك خلف الكواليس .. يعود إلى الساحل جميلا مرتبا فلا يلبث حتى تسحبه في لججها !

والحق أقول : كنت حينها قد انتظرت منه بالذات دورا أكبر من ذلك الدور الذي تقمصه حيث قد لبس ثوبا لم يصنع له

ولكنها انحناءات الأيام .. ورياح اللحظة الصاخبة .. هكذا أولتها غفر الله لي ولحبيبي فيتامين

هو من أولئك الذين تضببوا فنسوا كثيرا ..

ليته يقرأ ماكتبته له الآن ليعلم أن قلبي نابض بالود له وأننا بانتظاره ماتعاقبت الأيام وإن طال بيات الضب الشتوي

[أسد نجد]

( 8 )

عباس محمود العقاد

لا أدري من أين أبدأ في سيرة هذا الرجل !

هو غامض جدا حتى هذه اللحظة التي أكتب لكم فيها !

ولكنه جاء في فترة حساسة ولاهبة من عمر المنتدى وأدى دورا كبيرا فيه

والمنتدى في بعض الأحيان يصاب ببرود قاتل حتى جاءت تلك اللحظة الحاسمة حينما ظهر فيها هذا العقاد باسمه الكبير ليرد على بعض الكتاب هنا

كان ساخرا وذكيا ومقتنصا بدرجة نادرة

جوبه في بداية كتاباته بالهجوم والاستنكار ولكنه بقي يشرح وجهة نظره وبقوة حتى عاد أولئك الذين انتقدوه وهم يحمدون ماقام به ابتداء

كنت معجبا بردوده ولذا فقد راسلته حينها قائلا :

اقتباس

أخي الأستاذ عباس

السلام عليك ورحمة الله وبركاته

صباح الخير والمودة ، أعجبتني فيك هذه الروح الجميلة وهذا الحماس المتقد، نحن متابعون لما تكتب وبحماس

سر على بركة الله والله معك

أخوك المتابع لك /أبوصالح

ورد علي قائلا :

اقتباس
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

صباح النور والسرور

سرني أنكم تتابعون ما أقوم بكتابته في هذا المنتدى وأرد به على المهوس وغيره وكم احتجت إلى مثل هذا الكلام في ظل اتهامات تساقطت علي من كل النواحي حتى شككت في نفسي

رسالتك مثل الماء البارد في قلبي

وشكرا لك

أخوك / عباس ..

ويكفيني حينها أنني شجعته على التواجد في المنتدى لأهمية تواجده إذ ذاك

أتمنى أن لايكون بعيدا الآن

كما أتمنى أن يعلم أننا حفيون بما قام به وبما يكتبه

والله يرعاه حيا أو ميتا

[أسد نجد]

( 9 )

أبومحمد النجدي

من الموافقات أنني من أوائل ماقرأت له قرأت أحاسيسه في زيارة المكتبات وشراء الكتب في موضوع قبل أربع سنوات تقريبا

وعلقت في رأسي صورته قريبا من مجموعة من الكتب

ظلت هذه الكتب والكراريس تتنامى في رأسي كلما اقتربت منه

أفدت منه كثيرا واستفدت

سمرت معه أكثر من مرة ، وكنت أعود منها برصيد ضخم من التوصيات والإشارات الجميلة لمؤلفين ومؤلفات

في معرض الكتاب الأخير حرصت على الإتصال به لأحصل على ما أستفيد منه في موضوع الكتب

هو باختصار شديد معجون بنكهة الكاغد والكراريس والأسفار والأوراق الصفراء والحبر الأسود

عندما يكون آخر رد في موضوعك لأبي محمد النجدي فاعلم أن الرد من النوع الدسم فهو لايرد ليقال : إنه قد رد !

ولكنه يرد ليثري الموضوع ويحرك الساكن ويسكن المتحرك

أبيض .. بض .. مكتنز .. له قسمات متناسقة .. يحب التعليق والضحك والمسامرة ..

ولكنه حازم وصارم في الوقت ذاته وهو زعيم لعصبة سائقين يتربعون في دكة قريبة من الساحة المفتوحة

وتعبث أصابعهم بمفاتيح السطحات المتراصة على الرصيف متحفزين لنقل أي شيء لساحة السواليف الكشكولية

وهو أيضا نجل لذلك الرجل الفريد ونسل أهل العلم الذين عبقت بتاريخهم رمال المنسي ونخيلها الباسق

حدثت لي معه قصة في المنتدى حينما أدبني فيها بعصا غليظة لازلت أكررها كما يكرر الشيخ المخرف خروج الجن عليه في أحد آبار المزارع المهجورة

لست والله أريد أن أذكره بها في كل مرة سوى أنني أحب أن أمازحه وأضع نفسي مقام المواطن الخائف مقابل الشرطي المتسلط

له في قلبي مودة كبيرة وكثيرا ماألتقي به أو أراسله حتى زادت فيما بيننا اللحمة والآصرة

سأظل مديننا له بكثير من الشكر كفاء ما حصلته منه بعلمه أو من دون علمه

يا أبا محمد ..

زادك الله نهما ..

[نورالشمس]

عمت مساءاً اخ اسد

مذكرات جميله هنا ....
ورد فيها ان هناك
منتديات تحتوي على افراد
راقون بكتاباتهم ومواضيعهم الهادفه

اين تلك المنتديات الجيده اسد؟
هل تعلم ؟
شكرا لك مشاركتنا ما يروق لك
عمت مساءاً

[أسد نجد]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نورالشمس   عمت مساءاً اخ اسد مذكرات جميله هنا .... ورد فيها ان هناك منتديات تحتوي على افراد راقون بكتاباتهم ومواضيعهم الهادفه اين تلك المنتديات الجيده اسد؟ هل تعلم ؟ شكرا لك مشاركتنا ما يروق لك عمت مساءاً

أشكر لك تشريفك الراقي أختي الكريمة

والذي أعلمه هو أن العين سر من أسرار الخالق جّل في علاه

فهي كالنحلة إذا أردت تنهل من رحيق الأزهار

أو كالذباب تحط على الأقذار

ويكون علينا الأختيار إما نحلا أو ذبابا

[أسد نجد]

مجهول (2)

يقول صاحب المذّكرات

ربما يطول بنا الحديث ويتمادى .. فلا يدخلنّ مجلسنا إلا مُروّق

الحلقة الأولى

لازلت أتذكر تلك الأيام الخوالي وعمري آنذاك لم يتجاوز خمس سنوات حينها كنت صغيراَ وكان الجو بارداَ
والوالدة والوالد أطال الله أعمارهم على طاعته وألبسهم وإياكم الصحة والعافية..وقدرني على برهما
كانا عازمين على الحج وآداء الفريضة ..!
أتذكرفي تلك اللحظات أني لابس (قحفية ) ومن لايعرف القحفية مثل الطربوش ! لكنه عبارة قطعة قماش تمت خياطتها بإبرة يدوية ..تغطي الرأس والآذان من الصقيع ..!
كانت معظم بيوت الديرة عبارة عن بيوت طينية متواضعة ومتراصة ..
الأبواب خشبية والمثاعب من الخشب (أداة تصريف السيول ) من الطوايا (السطوح )
و الكهرباء بدائي واللمبات (صفر) يعني أضعف فولت...
يوجد عندنا بحوش البيت نخلة صغيرة نسقيها من ماء التغسيل ..
عندنا( رجنة ) والرجنة دجاجة ومعها
كومة بصابيص ..مهمة هذ الدجاجة وبصابيصها تنظيف حوش البيت من القعوسة والنمل والقعر ..والحشرات..!

كما يوجد بحوش البيت بقـرة وشوية ماعزوغنم تقوم جدتي رحمها الله بمساعدة الوالدة بحلبهن قبل المغرب !
عندنا على ما أذكر قبــة كبيرة بعرف ذاك الزمان داخلها عدد من الغرف ..يسمون الغرفة (صفة ) !
ولن انسى غرفة (الجصة ) ولمن لابعرف الجصة ..هي المخزن الإستراتيجي للتمر والعبيط والدبس !
يتم تخزين التمر حتى الموسم القادم ...كما نفعل الآن بتخزين التمر بالثلاجات ..( الحمدالله على نعمه التي لاتعد ولاتحصى )
الوالد كان مدرس ..ويعتبر من المتعلمين والمثقفين في ذلك الوقت ..لذلك كان منفتح ويبحث عن كل جديد
بعكس بعض الجيران ..!
الوالدة عندما تقوم بالصباح الباكر ..كانت تكنس الحوش (بعرجد ) والعرجد يتم تجهيزة من (قنا النخلة ) بعد أن يتم فرط البلح منه .. وهو شبيه بالمكنسة الكهربائية ..في زماننا الحاظر ..! وانتم تعرفون الحوش ترابي ..يعني تنظيف الحوش ..من الحاجات الكبيرة فقط ..!
كانت الحياة بسيطة جدا ..وكنا ننام (بالطاية ) ونسمع جيراننا يتكلمون ونعطيهم من عشانا ويعطوننا من عشاهم ..من وراء الجدار القصيّر جدا اللي يفصلنا عنهم ..!
وكانت احلى الأوقات عندنا نحن الصغار إذا جاء المغرب بوقت الصيف (القيض)..وقامت الوالدة تفرش الفرش (المطرحة ) ... كنا نمارس هواية (التفنقس ) وذاك احسن انواع الإستمتاع والوناسة..!!

المهم نعود لتلك اللحظات التي كانت الوالدة والوالد ناوين للسفر لآداء فريضة الحج ....كنت حينها غير مدرك تماماَ ماهو الحج ..سوى انهم سيذهبون لمكة ..ويجيبون (قريض وطنيبة ودربيل مكة مدينة) ..!!

ما اطول عليكم ...!

ونكمل ماحدث بالحلقة القادمة ..بإذن الله تعالى ..!

[أسد نجد]

الحلقــة الثانيــة

مع آذان الفجر كنت نايم والوالدة حفظها الله..
مغللتني (الغلالة) تكون بشماغ أو أي قطعة قماش سميكة تلف على الرأس والرقبة
ويتم ربطها بإحكام خصوصاَ والوازلين (الوالزلين) كريم هو الأكثر والأرخص في ذلك الوقت ..
والمعروف بالفازلين حالياَ ..
يكون لجسم كله مطلي
عن المشق ..(المشق) تشققات تصيب الجلد بسبب البرد والجفاف ..!

المهم كنت نايم وصحيت على وقع تحميل العفش وتوديع الوالدة والوالد لجدتي رحمها الله ..
فقد عزموا على السفر إلى مكة والمدينة !
حاولت اتماسك امامهم لكني لم استطع واجهشت بالبكاء
لأني لم اعتاد مفارقة امي وكيف بها تسافر وتتركني ..!

المهم ..اعطاني الوالد قطعتين ..من (اربع قروش) وقطعتين من (قرشين )
وقال هذولي لك أشر بهن حلاوة ومصيص وبليلة من الجيران

كنت أشاهد تلك السيارة التي تقل مجموعة كبيرة من الرجال والنساء ..!
المعروفة بذلك الوقت (حمالية ) وهي فورد ونيت موديل قديم جداَ
لكنه متين وقوي ..
عملوا له دورين الدور الأول للرجال واللي بالأسفل للنساء ...
وفوق الشراع الشنط والعفش ..
والخيام تم ربطهن على جنب السيارة ..!

كان منظر مهيب جداَ ..والحارة كلهم خرجوا مع الفجر صغيرهم وكبيرهم يتفرجون على تحميل العفش ..
طبعاَ بعضهم لايخلو من الشهابة وحب الإشراف !! لكن معظمهم كانوا متواجدين يساعدون على التربيط والتحميل
ويدعون لهم بالسلامة والقبول ومودعين للحجاج ..!
ركب الوالد مع الرجال ..وركبت الوالدة مع الحريم ..وارتفعت الأصوات للتهليل والتكبير ..
وكان السائق مثل كابتن الطيارة (مدلل ) مايلمس شيء ! ماله إلا القيادة ..
جالس يتقهوا ويفطر والرجال هم من يشتغل ..!
والكل ينظر إلا السائق على انه القائد المظفر

المهم غادر الحجاج والدموع تنهمر لفراق امي وابي ..والكل ينظر لي بعين العطف ..والتشجيع !

دخلت مع جدتي للبيت .وسألتها متى يجون من الحج ..
قالت يجون بعد عشرين يوم إن شاء الله .!
معهم حلاو ملبس وقريض وسبال وحلاو شكليت وطنيب ودرابيل من مكة ..!

وكان حلاو الملبس والسبال افضل انواع المكسرات ! بل لايوجد غيرهن بالمجتمع آنذاك !

كانت العشرين يوم بالنسبة لي مثل العشرين سنة ..لاحس ولاخبر عن الحجاج ..
لا تليفونات عندنا ولاجوالات ..ولايحزنون ...
مالنا إلا الإنتظار فقط ..! كل يوم يمر كأنه سنة والبرزان بالحارة ليس لهم
سالفة سوى التعليق علي ..
يقولون ياويلي راحت امه واتركته ..! (اهب على نجاستهم مايرحمون)!

ادخل لجدتي وهي جالسة بالقبة تطحن العيش (بالرحاة ) الرحاة عبارة عن حجر مدور
يركب له يد خشبية
تقوم بدورانه على حجر مماثل له تضع العيش (القمح ) بفتحة اثناء دورانها للرحاة (الرحا)
وتبدأ عملية الطحن مع القصيد ..وهي تقصد بالحجاج وتدعو الله بعودتهم قريباَ سالمين غانمين مقبول سعيهم ..!

وكل ماتشوفني اصيح ..تقوم بإعطائي حلاوة آكلها وانام على رجلها ..
وتواصل العمل الدؤوب لكي تطحن العيش ..
لأن عشانا سيكون جريش ..
هذا اليوم مافيه مجال لتدليل البزران جد وعمل لاينقطع من جدتي رحمها الله حتى النوم ..
ايه ذوليك (حريم اول ) !!..!

ماودي اطول عليكم ...نكمل الحديث بالحلقة القادمة ..!

[أسد نجد]

الحلقــة الثالـثـة

ولأن جدتي رحمه الله كانت مشغولة بمهام كثيرة بالمنزل لأنها تحلب وتخض اللبن ..
وتسوي القرصان والمطازيز والجريش بكل يوم طبخة!..
فهي لاتجد وقت إلا للصلاة ويساعدها بذلك عمتي رحمها الله وأم الجيران ..!
وكل ما اجي ابكي عندها تقول رح عند الباب يمكن يجون الحجاج

اكيد هي (تصرفني ) عشان أضف وجهي عنها ..! ماهيب فاضية لدلع البزران ..!

كل يوم يمر ونحن ننتظر ونمني انفسنا برجعة الحجاج ..
نجلس بالعاير مع بزران الحارة ..
كل سيارة فورد (حمالية ) تمر نردد ونصفق (جو الحجاج ..جو الحجاج )
لكن آمالنا تتبخر عندما تقترب السيارة أصاب بالإحباط رغم أني لا اعرفه في ذلك الوقت ..
لأن اللي اعرفه هو (الكسل ) إذا عرفنا انها سيارة الحطب ..او الله يعزكم سيارة (الدمال )
والدمال هو السماد العضوي الموجود بالبيوت بسبب الحيوانات والدواجن التي تعيش مع اصحابها !!!
نعود بالتدريج للعاير ..طبعاَ (العاير ) هو زاوية البيت الطيني
ويكون أساسه من الحصى المسمى (بالخرز ) وهو عبارة عن أحجار تم تكسيرها على أشكال دائرية وتركيبها على بعض ..
بإرتفاع متر عن الأرض ..ليكون كالعمود الخرساني في هذا الوقت ..!

ولكي ننسى الإنتظار والتحري ..نقوم باللعب بالشارع ..
ونزاول لعبة (الدور ) ومن هم اكبر منا بسنة يمارسون لعبة (الدنان) والطبات (المصاقيل )
وسبع الحجر ..والقصايص ..وغيرها من الألعاب الترفيهية ..التي يندر وجودها بهذا الزمن ..!!

لانعرف الجلوس امام البلايستيشن والتلفزبون كل يومنا حركة ونشاط ..! ومع المغرب يعود الجميع للبيوت
لأكل المقسوم ..!

أذكر أني مليت من أكل (المطازيز) ..واكتفي بنصيبي من اللحمة فقط ..
وأقول لجدتي مابي عشاء عطوني لحمتي !!
واللحمة لاناكلها كل يوم ...احياناَ نأكل (القفر) وهو اللحم المجفف بالملح من عيد الأضحى ..
او لحمة هرش( الجمل الكبير ) ..! ثم ننام بعد صلاة العشاء ..مباشرة ..!

وللحديث بقية بالحلقة القادمة ..!

[أسد نجد]

الحـــلقــــة الرابــعة

جــــو الحـجـــاج .....

جت أخبار من اطراف الديرة بوصول بعض افواج (الحماليات ) التي تقل الحجاج ..!

فأصبح الإنتظار جدياَ ..وعيال الحارة كلهم ينتظرون (الحقاق )وهوالهدايا...
والحقاق عبارة عن قريض وحلاو ملبس وسبال ودرابيل وطنيب ..! كما ذكرت بالسابق .!

صرنا نروح لشارع الصناعة ونجلس عند( طاحونة الطامي) وقريب من (ثور الدخيل )
حيث كنا نتجمهر عند الثور وبالذات عندما تساق إليه بقرة تكون كل الأنظار مشدودة لذلك الموقف
والذي اشبه مايوصف بالسيرك !!....

أو عند محل ابو النويصر اللي يبيع العلف والخضرة في ذاك الوقت..!

وبمجرد ماتمر سيارة محملة بالحجاج يبدأ الصراخ والتصفيق من عيال الحارة...

وكان العيال الكبارين يتعلقون بسيارات الحجاج إبتهاجا وفرحاَ بقدوم الحجاج ...
وعلشان (الحقاق ) هذا أهم شيء !!

المهم وبعد طول إنتظار (جو الحجاج ) جت الوالدة والوالد ..
حينها كنت اوقف عند مدخل حارتنا القديمة بزواية مسجد الصائغ
وكان بيتنا شرق المسجد ماصدقت اشوف ابوي واقف فوق الحمالية مع الرجال يصوت لي وينادي بأسمي ..

كأنه حلم ياناس ..! انهمرت دموع الفرح وكنت اركض نحو البيت لم اشعر بنفسي وغير مصدق ..!!

من اعظم أيام الفرح عندي ذاك اللقاء ...

كان لقاء امتزج به الصراخ والدموع وانا احتضن الوالد والوالدة

كان أحتضان له طعم خاص عوضني الحرمان والغياب في نلك الفترة ...

لم اسمع إلا البكاء والتكبير والشكر والحمد والثناء لسلامة الوصول ..!

حريم الحارة ورجالهم متجمهرين ..

وبعض الحريم يشاهدن الموقف مع (الأبواب ) و(القاتولة) واللي مايعرف القاتولة ...
عبارة عن مرصد صغير يتم بناؤه فوق الباب الرئيسي للبيت به عدة ثقوب صغيرة ..
بحيث تشاهد المرأة من بالشارع ولايشاهدها احد ..!

المهم نزّلوا العفش والشناط ...والحقاق ..! ودخلت الوالدة والوالد للبيت ...

وكل الحريم من الأقارب والجيران موجودات بالداخل ..!
والغريب ان البقرة حقتنا كانت (تثغي ) شكلها ترحب بالوالدة بعد ان سمعت صوتها
لأنها متعودة على امي هي اللي كانت تحلبها كل يوم ..!!

كانت الوالدة حفظها الله ..
تروي للحريم بعض المشاهد المثيرة والمحزنة التي شاهدوها اثناء الحج
او اللي بالطريق وخصوصاَ الأفارقة عندالسعي والطواف والجمرات تقول انهم يتماسكون الأيدين ..
وياويل اللي يقابلهم ....! وقالت لنا عن صعوبة الطريق ووعورة الجبال
وكيف ان الكفرات كل شوي تبنشر ..ويتعطل الموتر ..
وكيف ان الحريم يدوخن ويستفرغن من التعب كانت رحلة قاسية ..

لكنها كانت تتمنى ان تعود للحج مرة اخرى ..
وكانت تقول احسن شيء إذا شفت الكعبة وهي محرمة !!
وعندما كبرت عرفت انهم يقصدون إحرام الكعبة إذا تم رفع كسوتها
عن أيدي بعض الحجيج الذين يتعمدون قطع الكسوة وأخذ نها بعض القطع ..!

وكان الكبارين من جهلهم آنذاك يعتقدون ان الكعبة (محرمة) هههههه


الغريب أن عيال الحارة كل يوم معسكرين عند باب بيتنا ..! انا مدري وش القصة ..!

اثاريهم يبون الحقاق ..وامي تقولهم روح لبيوتكم مابعد فكينا الشناط ..!!

ولأنهم لزقات ..قامت الوالدة بفك الشناط ..
ووزعت على عيال الحارة الحقاق ..والطنيب ..وصار كل عيال الحارة معهم طنيبات ..!!

نكمــل بقية الذكريات بمشاهد أخرى بإذن الله بالحلقة القادمــة

[أسد نجد]

الحــلقــة الخــامــســة

حكاياتي مع البسطــة والبليلا ...!

جيراننا امهم تبيع عسكريم (عسكريم توت) اللي بالباغات ..

العسكريمة بأربع أقروش والله يالعسكريم له طعم ..

خصوصاَ بالقايلة عقب الظهر إذا تجمعنا مع أعيال الحارة عند (القصبة ) الماسورة ..!
إذا أشتريت عسكريمة ..كل واحد من الشلة يقول ( تاليك )
تاليك ..يعني عطني بعدك ..!

وجيراننا اللي بجنبنا يبيعون بليلا ..! عندهم خل يحطونه بقارورة توت ..
والله ياهو رهيب الخل بذاك الوقت ..! تصدقون اروح أشري صحن بليلا من عندهم ..
عشان الخل ...دايم اقول لبنتهم اللي بعمري (طبعاً ) البنت نلعب انا وأياها الدور لأننا صغارين ماتغطى عني !!

دايم اقولها كثري الخل ...اكيد هي طيبة بالحيل تزود لي الخل إذا ماكان عندنا احد أخوانها...!

واسطة ولد جيرانهم ..!

امي مدللتني الله يطول بعمرها على الطاعة ..!
قالت خل ابوك يشتريلك بسطة ..! والبسطة عباره عن صندوق له شبك وقفل واربع أرجل

ابيع فيها علوك وبسكوت وقشطة وحلاو شكليت..وحلقوم ..دايم عيال الحارة يتراهنون عندي ...!

مرة قفلت البسطة ودخلت للبيت يوم رجعت للبسطة واثرها مكسورة ومأخوذ اللي فيها ..!
مدري مين اللي كاسرها !
رجعت لأمي وجلست اصيح عندها ...قالت وليش تصيح وانت هالكبر ..واخزياه ..!
قم رح دور اللي سارقها عشان نوريك فيه ..!
امي تربيني على الصبر ..رغم انها مدللتني ..! وتعلمت منها كيف الإنسان يصبر ويتحمل كل مايجيه من أذى ..!

نكمل ..بالحلقة اللي تجي ...

[أسد نجد]

الحلقة السادسة

الجردة مكان تجمع عيال الديرة ..!

كانت الجردة هي المركز الرئيسي (السنتر) للديرة ومكان الملتقى للشباب صغارهم وكبارهم .
لأنها مكان الرزق ومكان اللعب ومكان الشقاوة ..(الفتوات ) !

وفيها تجلب الخضروات والبطيخ والفاكهة ..وتباع هناك
لذلك تكون ملتقى الجميع صغاراَ وكباراَ كما أن زوار الديرة يأتون إليها لشراء حاجياتهم ..!

المهم ...!

كنا نجتمع هناك بالصيف تحت شجر الكين المجاورة للمقصب نتفرج على شاحنات الجح (الحبحب)
وصناديق البردقان والطماطم والموز ...!
احياناَ نقوم نبيع ونشتغل وقت المواسم ..
يومياَ كل واحد مننا يرجع لأهله ومعه ريالين او ثلاثة ريال ...!
لكن ابرز إجتمعاتنا مبنية على الشقاوة والهوشات مع أي شخص غريب على الحارة
وبالذات من يأتي من جنوب الديرة ..! بحكم ان شمال بريدة يشجعون الرائد وجنوبها يشجعون التعاون ..!

كان التعصب الرياضي على أشده ..ياويلك لو تأتي حارات الرائد ..وانت تشجع تعاون !
والعكس صحيح ياويلك لوتجي حارات التعاون وانت تشجع الرائد ..!
تتعرض لأبشع المضايقات ..حيث تجمع عليك ابناء الحارة ويأخذون كل مامعك من قروش وحلاو وسمسم ...

كان الواحد إذا ذهب إلى حارة غريبة ...يتعرض للمساءلة ..(ويش تشجع )؟

ضروري تدّعي انك تشجع النادي الذي ينتمون إليه..!
ومع ذلك ما يصدقون كلامك ..لأنك غريب على الحارة ..
والمحظوظ اللي يكون له قريب يدافع عنه ..! بحيث يكون واسطة لايتعرضك احد من شباب الحارة ..!

المهم....

كانت الجردة مليئة بالأحداث اليومية ...لايمر يوم بدون مشاكل بين الشباب ...
كل شلة معهم قائد قوي يعتبر زعيمهم هو اللي يقرر والبقية معه ..!

فإن كان قوي الشخصية لايستطيع احد ان يعتدي عليك او يتعرضك بالجردة..!

كان هناك بعض الشباب عصاميين يحبون العمل الجاد والكفاح ...
(يترزقون الله ) !
وكان هناك شباب مشاغبين يسرقون جح ويبيعونهن على الخياطين والحلاقين ...
اللي بقرب الجردة بأبخس الأثمان ..!

كنا نجتمع كل ظهر ننتظر إقامة الحدود ..مثل الجلد والقصاص وقط اليد ..!

كان الهيئة او المطاوعة إذا اكتشفوا الخمور او الممنوعات ..يأتون بها إلى الجردة ويحرقونها امام الجميع ..
لكي يجتمع الناس والعمالة لمشاهدة هذا الشيء ..!
وكان بالجردة مواقف التاكسي والونيتات للمسافرين والمغادرين ..! حيث كانت المحطة الرئيسية هناك ..!

كانت البيوت الطينية والشوارع الضيقة تحيط بالجردة ... وكان ابرز معلم هناك الخزان الشهير والحجري ...
اللي بجانب الخزان وقد تم هدمه تقريبا عام 1402 هــ
وكان إزلة هذا الحجري من الأخطاء الكبيرة الذي وقعت به البلدية ..
حيث لايوجد من يهتم بالآثار والرموز والمعالم لمدينتنا..!

الصراحة ان هناك كثير من المعالم تم هدمها ...
والسبب عقلية المسؤولين التي لم ترتقي للمحافظة على الآثار التاريخية ..!

للحديث بقية ....

[أسد نجد]

===========

[أسد نجد]

الحــلقـــة الســـابعــة

الكشتة وما أرداك ماالكشتة .. (العــزبة )

كانت الكاشتات والعزبات لها طعم ومذاق خاص يختلف كثيرا عن كشتات هذا الزمن ...

رغم البساطة والكلافة وقلة الإمكانات إلا ان البر كان بحق وحقيقة بر بمعنى الكلمة
أرض بكر يوجد فيها الحطب بأنواعه والربيع والفقع أينما سكنت
كنا نخيم نحن والأقارب من أعمام وخوال ..وحتى جيران !
نمكث أسابيع طويلة قد تصل أحياناَ إلى ثمان أسابيع نرحل جميعا بقضنا وقضيضنا ,
معنا الغنم والبقرة وحتى الدجاج ..!

لازلت اتذكر كيف اننا نقطع المسافات بعيدا عن المخيم نبحث عن الفقع

(وأنتفنقس) ونلعب ونطلع مفارخ (المفرخة) صغار الطيور بأعشاش الطيور ..حتى المساء ..
نجتمع نحن والكبار لتبدأ رحلة السوالف والقصص مع الحليب ..!

ماكان عندنا فيشار وكاكاو ..عندنا (المتبقي من خبز الصباح )
وألذ شيء حوايف الخبز عندما نشبعها بالحليب عند النار
والسمر الذي يغلب عليه النكت وسوالف الرجال ..!
كنا نجلس طويلا نستمتع بالسواليف حتى لو كانت مكررة ...
أو بطولات وهمية (بكش ) ننتظر (قرص الجمر ) ولمن لايعرف قرص الجمر ..
هو عبارة عن دقيق يوضع معه سكر ودهن ابو ملعقتين !!
ويتم عجنة جيداَ ومن ثم تدويره ليكون على شكل قرص ضخم شبيه بالخبزة الكبيرة ..
يوضع تحت رمل الجمر و يوضع الجمر فوقه لمدة تصل إلى أقل من الساعة ...
وبعد ان ينضج يتم أخراجه من تحت الجمر وضربه بالعصى حتى ينظف من التراب تماماَ
مع العلم ان الطبقة التي فوق القرص يتم إزالتها لأنها صلبة ومحترقة بعض الشيء ..
والطعم والحقيقي يكون بماهو بداخل القرص ..!

كنا نذهب إلى المدارس ونحن بالمخيم بمجرد ان نصلي الفجر نأكل كعك مع الشاهي
أو أحيانا فول ثم نشاهد الجميع من شباب المخيم
يركبون سيارة كبيرة للذهاب بهم للديرة من اجل الدراسة ..
إذ لايمنع اهلنا موسم دراسي ولاينتظرون العطلة الصيفية ..
متى مانزلت الأمطار وجاء فصل الخير والربيع تجد معظم أهالي الديرة
نصبوا مخيماتهم في اماكن الربيع والفقع ..!

لازلت اتذكر (التريك ) و(السراج ) وأتذكر (برميل القاز ) حول الخيمة

واتذكر جدتي ووالدتي وهن يجمعن العشب (الربلة ) على شكل اكوام كبيرة ..
وكل مايدخل احد للديرة يتم تحميل السيارة بالعشب ويضع في غرفة خاصة بالبيت تسمى
(غرفة الحشيش ) !!
ليس المقصود بالحشيش المخدر إنما المقصود به (العشب) لأنه يحش حش من الأرض ..!

لازلت اتذكر المطازيز بالفقع والجريش والمرقوق والكليجاء الحارة ..!

لازلت اتذكر (قارورة الوازلين الكبيرة ) نتدهن كل يوم عن المشق والشطوووب قبل النوم!

لازلت تذكر حبل الخيمة إذا تسبب في سقوطي بالليل وانا أركض هربا من ولد عمي
ونحن نلعب لعبة (المغبى ) اي التغبي بحيث يبحث عنا ومن يمسك يكون الدور عليه ..!

لازلت اتذكر الهجيني الذي يجيده البعض ونحن جالسين عند (شبة النار في جو خلاّب مابه تغابير )
يقول مطلع القصيدة (يازين فرع وقض الراس خل الأزارير دلاعي ) !!

لازلت اتذكر هطول الأمطار ونحن بالخيمة مع هبوب الرياح كان كل شيء بالخيمة يتبلل بالماء ..!
ورغم ذلك صغارا وكبارا نكون في سعادة كبيرة ..!
تشم بالجو رائحة النفل والخزامى ورائحة الربلة والرمث ..!
اجواء غالباَ لاتتكرر ..!

قبل الرحيل للمخيمات (والعزبة بالبر ) تعال شوف التحضيرات للكشتة قبلها بأسابيع وناااااااااااااسة
وأستعدادات وبحث عن اماكن يكثر فيها العشب والماء قريب من المكان ..!
لانخاف على بيوتنا كل شيء كان آمن حتى الحمام(الطيور) اللي بالبيت مفتوح لهن الشبك ..

مستحيل نخاف عليهن من أحد يتسور البيت ويسرقهن ..! يازين ذيك الأيااااااااااام

وللحديث بقايا...

[نورالشمس]

صباح الخير اسد

لم اكن اود ان اقطع تسلسل المذكرات الجميله هذه
تابعتها منذ بدايتها ...كاتبك العزيز اسد رائع بتصوره للاحداث
والذكريات ..لدرجة الله يسامحه يجعل القاريء يتمنى ان يجرب اي نوع من
الاطعمه التي يذكرها رغم بساطتها الا انه بارع بوصفها ..خصوصا الفطر هذا انا عرفه
ههههه...
برغم الكثير من الكلمات التي لم اعرفها من خلال سرده الا انني احببت
ما كتب وما روى وصور بمذكراته ...

جميل ما تنقل لنا اسد
يمتعنا فعلاً

طاب يومك

[أسد نجد]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نورالشمس   صباح الخير اسد لم اكن اود ان اقطع تسلسل المذكرات الجميله هذه تابعتها منذ بدايتها ...كاتبك العزيز اسد رائع بتصوره للاحداث والذكريات ..لدرجة الله يسامحه يجعل القاريء يتمنى ان يجرب اي نوع من الاطعمه التي يذكرها رغم بساطتها الا انه بارع بوصفها ..خصوصا الفطر هذا انا عرفه ههههه... برغم الكثير من الكلمات التي لم اعرفها من خلال سرده الا انني احببت ما كتب وما روى وصور بمذكراته ... جميل ما تنقل لنا اسد يمتعنا فعلاً طاب يومك

صباح الخيرات إن شاء الله أختي الفاضلة

أسعدني جدا تمتعك بقراءة ما أنقله لمنتدانا الغالي

وهذه فرصة لك لكي تطلعين على لهجتنا القديمة

وما يرادفها من أمثلة

وكما قلتي أيتها الكريمة.. للكاتب طريقة رآئعة في سرد ذكرياته

تشرفت بتواجدك الراقي ..

أشكرك