العودة   منتديات سدير > `·• آفاق رحبة •·´ > ¨° الإسلامي °¨

¨° الإسلامي °¨ جميع ما يتعلق بالشريعة علماً و فكراً و منهجاً . قضايا معاصرة - أحكام - فتاوى - نصائح - بحوث شرعية - مقالات

الإهداءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-12-2010, 01:09 PM   #46
عضو مميز جداً
 
الصورة الرمزية شموع
 
تم شكره :  شكر 7,387 فى 1,729 موضوع
شموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضو

 

رد: الـصـحـابـة رضي الله عنهم

أبو هريره ..


إسلام أبو هريرة
أسلم على يد الصحابي الجليل الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه في السنة الثالثه قبل هجرة الرسول، وهو وحده الذي أجاب دعوة الطفيل بن عمرو الدوسي - بعد أبي الطفيل وزوجه - عندما دعا الطفيل قبيلته دوسًا إلى الإسلام، وقدم مع الطفيل إلى الرسول مكة عندما طلب الطفيل من رسول الله أن يدعو على دوس، وقال أبو هريرة عندها "هلكت دوس" ولكن النبي قال "اللهم اهد دوسًا".
وهاجر في محرم من السنة السابعة من الهجرة إلى المدينة أثناء فتح خيبر أي بعد إسلامه بعشر سنوات.

فضله وعلمه

كان أبو هريرة رضي الله عنه من علماء الصحابة وفضلائهم، يشهد لذلك رواية كثير منهم عنه، ورجوعهم غليه في الفتوى، فقد روى عنه من الصحابة: زيد بن ثابت، وأبو أيوب الأنصاري, وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وأبي بن كعب، وجابر بن عبد الله، وعائشة، والمسور بن مخرمة، وأبو موسى الأشعري، وأنس بن مالك، وأبو رافع مولى رسول الله ، وغيرهم من الصحابة، وروى عنه من التابعين قبيصة بن ذؤيب، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وسالم بن عبد الله بن عمر، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وأبو صالح السمان، وعطاء بن أبي رباح, وعطاء بن يسار، ومجاهد، والشعبي، وابن سيرين، وعكرمة، ونافع مولى ابن عمر، وأبو إدريس الخولاني، وغيرهم من التابعين رضي الله عنهم.
قال البخاري: روى عنه ثمانمائة نفس أو أكثر. وكما رووا عنه فقد رجعوا إليه في السؤال والفتوى، ومنهم من قدمه في ذلك ووافقه فيما قال.
قال الشافعي: أخبرنا مالك، عن يحيى بن سعيد، عن بكير بن الأشج، عن معاوية بن أبي عياش الأنصاري، : أنه كان جالساً مع ابن الزبير، فجاء محمد بن إياس بن البكير، فسأل عن رجل طلق ثلاثاً قبل الدخول، فبعثه إلى أبي هريرة، وابن عباس، وكانا عند عائشة، فذهب فسألهما، فقال ابن عباس لأبي هريرة: أفته يا أبا هريرة، فقد جاءتك معضلة، فقال: الواحدة تبينها والثلاث تحرمها، حتى تنكح زوجاً غيره، وقال ابن عباس مثل ذلك.
وعن الزهري، عن سالم، أنه سمع أبا هريرة يقول: سألني قوم محرمون عن محلين أهدوا لهم صيداً، فأمرتهم بأكله.
وعن زياد بن مينا، قال: كان ابن عباس، وابن عمر، وأبو سعيد، وأبو هريرة، وجابر مع أشباه لهم، يفتون بالمدينة عن رسول الله من لدن توفي عثمان إلى أن توفوا، قال: وهؤلاء الخمسة إليهم صارت الفتوى.
وقال الذهبي: وناهيك أن مثل ابن عباس يتأدب معه، ويقول: أفت يا أبا هريرة.
حياته

كان للنبي صلى الله عليه وسلم الأثر الأكبر في تنشئة وتربية أبي هريرة وأرضاه، فمنذ أن قدم إلى النبي صلى الله عليه وسلم لم يفارقه مطلقاً، وخلال سنوات قليلة حصل من العلم عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما لم يحصله أحد من الصحابة جميعًا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوجهه كثيرًا، فعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "يا أباهريرة كن ورعا تكن أعبد الناس".
يقول أبو هريرة في :

"أن أبا هريرة كان يقول: آلله الذي لا إله إلا هو، إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع، ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون منه، فمر أبو بكر، فسألته عن آية من كتاب الله، ما سألته إلا ليشبعني، فمر ولم يفعل، ثم مر بي عمر، فسألته عن آية من كتاب الله، ما سألته إلا ليشبعني، فمر ولم يفعل، ثم مر بي أبو القاسم , فتبسم حين رآني، وعرف ما في نفسي وما في وجهي، ثم قال: (يا أبا هر). قلت: لبيك يا رسول الله, قال: (الحق). ومضى فاتبعته، فدخل، فأستأذن، فأذن لي، فدخل، فوجد لبنا في قدح، فقالمن أين هذا اللبن). قالوا: أهداه لك فلان أو فلانة، قال: (أبا هر). قلت : لبيك يا رسول الله, قال: (الحق إلى أهل الصفة فادعهم لي). قال: وأهل الصفة أضياف الإسلام، لا يأوون على أهل ولا مال ولا على أحد، إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئا، وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها، فساءني ذلك، فقلت: وما هذا اللبن في أهل الصفة، كنت أحق فإذا جاء أمرني، فكنت أنا أعطيهم، وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن، ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله بد، فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا، فاستأذنوا فأذن لهم، وأخذوا مجالسهم من البيت، قال: (يا أبا هر). قلت: لبيك يا رسول الله، قال: (خذ فأعطهم). قال: فأخذت القدح، فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى، ثم يرد علي القدح، فأعطيه الرجل فيشرب حتى يرتوي، ثم يرد علي القدح فيشرب حتى يروى، ثم يرد علي القدح، حتى انتهيت إلى النبي وقد روي القوم كلهم، فأخذ القدح فوضعه على يده، فنظر إلي فتبسم، فقال: (أبا هر). قلت: لبيك يا رسول الله، قال: (بقيت أنا وأنت). قلت: صدقت يا رسول الله، قال: (اقعد فاشرب). فجلست فشربت، فقال: (اشرب). فشربت، فما زال يقول: (اشرب). حتى قلت : لا والذي بعثك بالحق، ما أجد له مسلكا، قال: (فأرني). فأعطيته القدح، فحمد الله وسمى وشرب الفضلة. الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 6452 خلاصة الدرجة: [صحيح]".


روي عن أبو هريرة في :

"أنه قال: أقبلت مع رسول الله فسمع رجلا يقرأ { قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ****** فقال: وجبت. فسألته: ماذا يا رسول الله؟ فقال: الجنة. فقال أبو هريرة: فأردت أن أذهب إلى الرجل فأبشره، ثم فرقت أن يفوتني الغداء مع رسول الله، ثم ذهبت إلى الرجل، فوجدته قد ذهب. الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 1478 خلاصة الدرجة: صحيح".



و قد كان أبو هريرة من أعرف الصحابة وأعبدهم ووكان مجاهدا حيث كان يشارك في حروب الردة
روي عن أبو هريرة في :

"عن أبي عثمان النهدي تضيفت أبا هريرة سبعا فكان هو وامرأته وخادمه يقسمون الليل ثلاثا يصلي هذا ثم يوقظ هذا الراوي: أبو عثمان النهدي المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: الإصابة - الصفحة أو الرقم: 4/209 خلاصة الدرجة: إسناده صحيح".



ويعتبر أبا هريرة من أكبر الصحابة الذين يحفظون الناس الحديث النبوي الشريف
فهو محدث معروف فقد مدحه عبد الله بن عمر بن الخطاب مرة عند السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها...
إسلام أمه

أمه : هي الصحابية الجليلة أميمة بنت صفيح بن الحارث بن شابي بن أبي صعب بن هنية بن سعد بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران (1)
روي عن أبو هريرة في :

" كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة. فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول الله ما أكره. فأتيت رسول الله وأنا أبكي. قلت: يا رسول الله! إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى علي. فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره. فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة. فقال رسول الله " اللهم ! اهد أم أبي هريرة " فخرجت مستبشرا بدعوة نبي الله صلى الله عليه وسلم. فلما جئت فصرت إلى الباب. فإذا هو مجاف. فسمعت أمي خشف قدمي. فقالت: مكانك ! يا أبا هريرة ! وسمعت خضخضة الماء. قال فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها. ففتحت الباب. ثم قالت: يا أبا هريرة ! أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. قال فرجعت إلى رسول الله ، فأتيته وأنا أبكي من الفرح. قال قلت: يا رسول الله ! أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة. فحمد الله وأثنى عليه وقال خيرا. قال قلت: يا رسول الله ! ادع الله أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين، ويحببهم إلينا. قال فقال رسول الله " اللهم ! حبب عبيدك هذا - يعني أبا هريرة - وأمه إلى عبادك المؤمنين. وحبب إليهم المؤمنين " فما خلق مؤمن يسمع بي، ولا يراني، إلا أحبني.
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2491 خلاصة الدرجة: صحيح".




أبو هريرة والحديث

أرسله النبي مع من أرسل إلى البحرين مع العلاء الحضرمي المبعوث لجمع الصدقات وتوزيعها في البحرين أو ما يعرف بالمنطقة الشرقية في جزيرة العرب حاليا. وكان بعث العلاء للمنذر بن ساوى عامل الفرس على البحرين. حصل ذلك بعد توزيع مغانم غزوة حنين الواقعة في ذي القعدة من السنة الثامنة للهجرة، وعليه فمكث أبي هريرة مع النبي ثلاث سنوات.
كان أبو هريرة في الواقع موسوعة ضخمة، فقد استوعب أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول عن نفسه صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين لم أكن في سني أحرص على أن أعي الحديث مني فيهن.
وقال رضي الله عنه: ما كان أحد أحفظ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مني إلا عبد الله بن عمرو فإنه كان يعي بقلبه وأعي بقلبي وكان يكتب وانا لا أكتب استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فأذن له.
روي عن أبو هريرة في صحيح البخاري وصحيح مسلم :

أنه قال:إنكم تزعمون أن أبا هريرة يكثر الحديث عن النبي ، إني كنت امرءا مسكينا صحبت النبي على بطني, وكان المهاجرون تشغلهم التجارة في الأسواق, وكانت الأنصار يشغلهم القيام على جمع أموالهم. فحضرت من النبي مجلسا فقال: من بسط رداءه حتى أقضي مقالتي ثم يقبضه إليه فلن ينسى شيئا سمعه مني, فبسطت ردائي على حتى قضي حديثه ثم قبضتها إلي، فوالذي نفسي بيده لم أنسى شيئا سمعته منه .


روى النسائي: في باب العلم من سننه أن رجلا أتى إلى زيد بن ثابت فسأله عن شيء فقال: عليك بأبي هريرة, فإني بينما أنا جالس وأبو هريرة وفلان في المسجد ذات يوم ندعو الله ونذكره إذ خرج علينا النبي حتى حضر إلينا مسكنا فقال: عودوا للذي كنتم فيه. فقال زيد: فدعوت أنا وصاحبي قبل أبي هريرة، وجعل رسول الله يؤمن على دعائنا، ثم دعا أبو هريرة, فذكر القرآنم إني أسألك ما سألك صاحبي وأسألك علما لا ينسى، فقال رسول الله آمن، فقلنا: يا رسول الله نحن نسأل الله علما لا ينسى فقال بها الغلام الدوسي. وهذا يدل على مدى شغل أبي هريرة وتلهفه على تحصيل العلم النبوي فكان شغله الشاغل.
عن أبي هريرة أنه قال : يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة، قال رسول الله لقد ظننت يا أبا هريرة أنه لا يسألني عن هذا الحديث أحد أولى منك لما رأيت من حرصك على الحديث, أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصا قلبه
عن ابي هريرة قال:"أوصاني خليلي بثلاث لا أتركهن حتى أموت صوم ثلاثة أيّامٍ من كلِّ شهر وصلاة الضحى ونومٌ على وتر"
جهاده

شارك بعد هجرته إلى المدينة جميع الغزوات مع الرسول فعن سعيد بن المسيب, عن أبي هريرة، قال: "شهدنا مع رسول الله يوم خيبر… الحديث.
شهد حرب مؤتـه مع المسلمين وحرب الردة مع أبي بكر وعلي بعد وفاة [الرسول] .أخرج الإمام أحمد عن أبي هريرة عن النبي قال (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله, قال فلما كانت الردة قال عمر لأبي بكر تقاتلهم وقد سمعت رسول الله يقول :كذا وكذا؟ فقال أبو بكر: والله لا أفرق بين الصلاة والزكاة ولأقاتلن من فرق بينهما, قال أبو هريرة فقاتلت معه.
بعض الأقوال فيه

ذكر ابن سعد في الطبقات أن أبا هريرة حدَّث ذات مرة عن النبي بحديث (من شهد جنازة فله قيراط)، فقال ابن عمر : " انظر ما تحدث به يا أبا هريرة فإنك تكثر الحديث عن النبي فأخذ بيده فذهب به إلى عائشة ,فقال : أخبريه كيف سمعتِ رسول الله يقول، فصدَّقَت أبا هريرة، فقال أبو هريرة: يا أبا عبد الرحمن والله ما كان يشغلني عن النبي غرس الوَدِيِّ، ولا الصفق بالأسواق، فقال: ابن عمر : " أنت أعلمنا يا أبا هريرة برسول الله وأحفظنا لحديثه " وأصله في الصحيح.
وأخرج ابن كثير في تاريخه عن أبي اليسر عن أبي عامر قال: كنت عند طلحة بن عبيد الله، إذ دخل رجل فقال: يا أبا محمد، والله ما ندرى هذا اليماني أعلم برسول الله منكم؟ أم يقول على رسول الله ما لم يسمع، أو ما لم يقل، فقال طلحة: " والله ما نشك أنه قد سمع من رسول الله ما لم نسمع، وعلم ما لم نعلم، إنا كنا قوماً أغنياء، لنا بيوتات وأهلون، وكنا نأتى رسول الله طرفي النهار ثم نرجع، وكان هو مسكيناً لا مال له ولا أهل، وإنما كانت يده مع رسول الله وكان يدور معه حيث دار، فما نشك أنه قد علم ما لم نعلم، وسمع ما لم نسمع " وقد رواه الترمذى أيضاً. وروى في فضائل الحسن والحسين أكثر من حديث، وهو الذي كشف عن بطن الحسن، وقال: أرني أقبل منك حيث رأيت رسول الله يقبل، وكان أبو هريرة ممن نصر عثمان يوم الدار كما نصره علي وابنه الحسن والحسين.
وفاته

طال عمر أبي هريرة بعد الرسول 47 عاما. دخل مروان بن الحكم عليه في مرضه الذي مات فيه فقال شفاك الله، فقال أبو هريرة : اللهم إني أحب لقاءك فأحب لقائي, ثم خرج مروان فما بلغ وسط السوق حتى توفي, بالمدينة المنورة ودفن بالبقيع سنة 57 هـ عن عمر يناهز 78 عاما.
و قد روى عنه نحو ثمانمائة رجل من الصحابة والتابعين وغيرهم, وروى عنه أصحاب الكتب الستة ومالك بن أنس في موطأه، وأحمد بن حنبل في مسنده, وقد جمع أبو إسحاق إبراهيم بن حرب العسكري المتوفى سنة 282 هـ مسند أبي هريرة وتوجد نسخة منه في خزانة كوبرلس بتركيا كما ذكر صاحب الأدب العربي.

التوقيع
اللهمّ إنا نتوجه إليك بالدعاء فارفع عن أمي ما بها من بلاء :"(
شموع غير متصل   رد مع اقتباس
من قدموا شكرهم لـ شموع :
قديم 22-12-2010, 12:31 AM   #47
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16,431 فى 4,678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: الـصـحـابـة رضي الله عنهم

( 23 )


عبد الله بن عباس

حبر الأمة



إنه الصحابي الجليل عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-،

ابن عم النبي ، ولد -رضي الله عنه- قبل الهجرة بثلاث سنين، وبايع

رسول الله وهو صغير لم يبلغ الحلم، وهاجر إلى المدينة مع أبويه

قبل فتح مكة. وكان ابن عباس -رضي الله عنه- محبًا للعلم منذ صغره،

يقبل عليه، ويهتم به حفظًا وفهمًا ودراسة، وما إن اشتد عوده حتى

أصبح أعلم الناس بتفسير القرآن وأحكام السنة المطهرة،

يأتي إليه الناس من كل مكان يتعلمون منه أحكام الدين على يديه.

دعا له رسول الله قائلاً:

(اللهم فقهه في الدين) [البخاري]، وكان يسمى بـترجمان القرآن.

ولقِّب بالحَبْر لكثرة علمه بكتاب الله وسنة رسوله ، ويروى أنه كان

معتكفًا في مسجد الرسول ، فأتاه رجل على وجهه علامات الحزن والأسى،

فسأله عن سبب حزنه؛ فقال له: يا ابن عم رسول الله، لفلان علي حق ولاء،

وحرمة صاحب هذا القبر (أي قبر الرسول ) ما أقدر عليه؛ فقال له:

أفلا أكلمه فيك؟ فقال الرجل: إن أحببت؛ فقام ابن عباس، فلبس نعله،

ثم خرج من المسجد، فقال له الرجل: أنسيت ما كنت فيه؟‍!

(أي أنك معتكف ولا يصح لك الخروج من المسجد).

فرد عليه قائلاً: لا، ولكن سمعت صاحب هذا القبر والعهد به قريب -

فدمعت عيناه- وهو يقول:

(من مشى في حاجة أخيه، وبلغ فيها كان خيرًا له من اعتكاف عشر سنين، ومن اعتكف يومًا ابتغاء وجه الله تعالى،
جعل الله بينه وبين النار ثلاث خنادق أبعد مما بين الخافقين (المشرق والمغرب))
[الطبراني والبيهقي والحاكم].

وكان يحب إخوانه المسلمين، ويسعى في قضاء حوائجهم، وكان يقول:

لأن أعول أهل بيت من المسلمين شهرًا أو جمعة أو ما شاء الله أحب إلي

من حجة بعد حجة، ولهدية أهديها إلى أخ لي في الله أحب إلي من دينار

أنفقه في سبيل الله. وكان عمر -رضي الله عنه- يحب عبد الله بن عباس

ويقربه من مجلسه ويستشيره في جميع أموره، ويأخذ برأيه رغم صغر سنه،

فعاب ناس من المهاجرين ذلك على عمر، فقال لهم عمر: أما أني سأريكم

اليوم منه ما تعرفون فضله، فسألهم عمر عن تفسير سورة

(إذا جاء نصر الله والفتح)، فقال بعضهم: أمر الله نبيَّه إذا رأى الناس

يدخلون في دين الله أفواجًا أن يحمده ويستغفره، فقال عمر:

يا ابن عباس، تكلم. فقال عبدالله: أعلم الله رسوله متى يموت، أي:

فهي علامة موتك فاستعد، فسبح بحمد ربك واستغفره.

[البخاري وأحمد والترمذي والطبراني وأبو نعيم].

وكان سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- يقول عن ابن عباس: ما رأيت أحدًا

أحضر فهمًا، ولا ألب لبًّا (عقلاً)، ولا أكثر علمًا، ولا أوسع حلمًا من

ابن عباس، لقد رأيت عمر يدعوه للمعضلات فيقول: قد جاءت معضلة،

ثم لا يجاوز قوله وإن حوله لأهل بدر. [ابن سعد]. وكانت السيدة عائشة

-رضي الله عنها- تقول: أعلم مَن بقي بالحجِّ ابن عباس.

وكان ابن عباس يقيم الليل، ويقرأ القرآن، ويكثر من البكاء من خشية الله،

وكان متواضعًا يعرف لأصحاب النبي قدرهم، ويعظمهم ويحترمهم، فذات يوم

أراد زيد بن ثابت -رضي الله عنه- أن يركب ناقته فأسرع ابن عباس إليه

لينيخ له الناقة، فقال له زيد: تنيخ لي الناقة يا ابن عم رسول الله؟!

فرد عليه ابن عباس قائلاً: هكذا أمرنا أن نأخذ بركاب كبرائنا.

وكان ابن عباس كريمًا جوادًا، وذات مرة نزل أبو أيوب الأنصاري البصرة

حينما كان ابن عباس أميرًا عليها، فأخذه ابن عباس إلى داره وقال له:

لأصنعن بك كما صنعت مع رسول الله ، فاستضافه ابن عباس خير ضيافة.

وحضر ابن عباس معركة صفين، وكان في جيش الإمام عليَّ، وأقبل ابن عباس

على العلم والعبادة حتى أتاه الموت سنة (67 هـ)، حينما خرج

من المدينة قاصدًا الطائف، وكان عمره آنذاك (70) سنة، وصلى عليه

الإمام محمد بن الحنفية، ودفنه بالطائف وهو يقول:

اليوم مات رَبَّاني هذه الأمة.

وكان ابن عباس -رضي الله عنه- من أكثر الصحابة رواية عن النبي فبلغ مسنده

(1660) حديثًا، كما كان من أكثر الصحابة فقهًا، وله اجتهادات فقهية

تميزه عن غيره من الصحابة.
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 23-12-2010, 11:28 AM   #48
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16,431 فى 4,678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: الـصـحـابـة رضي الله عنهم

( 24 )


عبد الله بن عمر بن الخطاب

راهب الليل



إنه الصحابي الكريم عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-،

ولد بعد البعثة النبوية الشريفة بثلاث سنوات، وعندما هاجر كان عمره

إحدى عشرة سنة، وفي غزوة أحد أراد أن يخرج للجهاد، فعرض نفسه على

النبي فردَّه لصغر سنه، وفي غزوة الخندق ظل يلح على النبي حتى

وافق على خروجه، وكان عمره خمس عشرة سنة، واستمر بعد ذلك يجاهد

في جميع الغزوات والمواقع.

وكان -رضي الله عنه- يتبع آثار النبي ويقتدي به في جميع أموره؛

لدرجة أنه كان يتحرى أن يصلي في كل مكان صلى فيه النبي ، ويسير في

كل طريق سار فيه، رجاء أن توافق صلاته أو مشيته مكانًا صلى فيه

الرسول أو سار فيه، وعلم أن النبي نزل تحت شجرة يستظل بها،

فكان عبدالله ينزل عندها، ويتعهدها بالسقي فيصب في جذرها حتى لا تيبس. [ابن سعد].

يقول عبد الله: كان الرجل في حياة النبي إذا رأى رؤيا قصها على

النبي صلى الله عليه وسلم، فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على النبي ،

وكنت غلامًا شابًا، وكنت أنام في المسجد على عهد النبي ، فرأيت في

النوم كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي

البئر، وإذا لها قرنان، وإذا فيها أناس قد عرفتهم فجعلت أقول:

أعوذ بالله من النار، فلقينا ملك آخر، فقال لي: لم ترع (لا تخف)،

فقصصتها على حفصة أخته وزوج النبي ، فقصتها حفصة على النبي ،

فقال: (نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل) قال سالم:

فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلاً [متفق عليه]. وكان إذا

فاتته العشاء في جماعة، أحيي بقية ليلته. [أبو نعيم]، وكان لعبدالله

مهراس (حجر مجوف) يوضع فيه الماء للوضوء فيصلي ما قدر له، ثم يصير

إلى الفراش فيغض إغفاء الطائر (ينام نومًا قصيرًا)، ثم يقوم فيتوضأ

ويصلي، يفعل ذلك في الليل أربع مرات أو خمسًا. [ابن المبارك].

وكان عبد الله من أهل التقوى والورع والعلم، وكان مع علمه الشديد

يتحرى في فتواه، ويخاف أن يفتي بدون علم، وقد جاءه يومًا رجل

يستفتيه في شيء، فأجابه معتذرًا: لا علم لي بما تسأل عنه، ثم فرح

وقال: سئل ابن عمر عما لا يعلم فقال: لا أعلم. وقال عنه ميمون بن مهران: ما رأيت أتقى من ابن عمر.

وكان كارهًا لمناصب الدنيا، خائفًا من تحمل أعبائها، وقد أرسل إليه

عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، وعرض عليه منصب القضاء فرفض ابن عمر،

وكان عبد الله يحب الحق ويكره النفاق، وقد جاء إليه عروة بن الزبير

بن العوام وقال له: يا أبا عبد الرحمن، إنا نجلس إلى أئمتنا هؤلاء

فيتكلمون بالكلام، ونحن نعلم أن الحق غيره فنصدقهم، ويقضون بالجور

(أي يحكمون بين الناس بغير الحق) فنقويهم ونحسنه لهم، فكيف ترى

في ذلك؟! فقال ابن عمر لعروة: يابن أخي، كنا مع رسول الله نعدَّهذا

النفاق، فلا أدرى كيف هو عندكم؟!

وذات يوم رأى رجلاً يمدح رجلاً آخر، فأخذ ابن عمر ترابًا ورمى به في

وجهه وقال له: إن رسول الله قال: (إذا رأيتم المدَّاحين فاحثوا (ألقوا) في وجوههم التراب) [مسلم].

وكان رقيق القلب، حسن الطباع، لا يسمع ذكر النبي إلا بكى، وما كان

يمر بمسجده وقبره إلا بكى حبًّا وشوقًا إليه.

وكان حسن الخلق لم يلعن خادمه قط، ولم يسَبَّ أحدًا طوال حياته، وقد

ارتكب خادمه خطأ ذات مرة فهمَّ أن يشتمه، فلم يطاوعه لسانه، وندم

على ما همَّ به فأعتقه لوجه الله تعالى، وكان قارئًا للقرآن، خاشعًا لله،

وكلما قرأ أو سمع آية فيها ذكر القيامة بكى حتى تبتل لحيته من كثرة

الدموع، فعن نافع قال: كان ابن عمر إذا قرأ:

{ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله****** [الحديد: 16]

بكى حتى يغلبه البكاء. [أبو نعيم].

وكان يعظم صحابة النبي ويعرف قدرهم، وكان يخرج إلى السوق من أجل

السلام على المسلمين فقط، وكان كثير التصدق وجوادًا كريمًا يكثر

الإنفاق في سبيل الله، وكان إذا أحب شيئًا أو أعجب به أنفقه

في سبيل الله، وكان من أشد الناس زهدًا في نعيم الدنيا، ومن أحسن

الناس حبا لفعل الخير، فيحكى أنه كان مريضًا فقال لأهله: أني أشتهي

أن آكل سمكًا فأخذ الناس يبحثون له عن سمك فلم يجدوا إلا سمكة واحدة

بعد تعب شديد، فأخذتها زوجته صفية بنت أبي عبيدة فأعدتها، ثم

وضعتها أمامه فإذا بمسكين يطرق الباب، فقال له ابن عمر: خذ هذه

السمكة، فقال أهله: سبحان الله! قد أتْعَبتنا حتى حصلنا عليها،

وتريد أن تعطيها للمسكين؟! كلْ أنت السمكة وسنعطي له درهما فهو أنفع له يشتري به ما يريد.

فقال ابن عمر: لا أريد أن أحقق رغبتي وأقضي شهوتي، إنني أحببت هذه

السمكة فأنا أعطيها المسكين إنفاقًا لِمَا أُحِبُّ في سبيل الله.[ابن سعد وأبو نعيم والهيثمي].

وبينما كان عبد الله -رضي الله عنه- يؤدي فريضة الحج أصابه سن رمح كان

مع أحد الرجال في منى فجرحه، فأدى هذا الجرح إلى وفاته، ودفن بمكة

في سنة (73هـ)، وقد روى كثيرًا من أحاديث الرسول ، حيث روى

ألفين وست مئة وثلاثين حديثًا.
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 26-12-2010, 01:57 PM   #49
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16,431 فى 4,678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: الـصـحـابـة رضي الله عنهم

(25)

عبد الله بن الزبير

الشهيد العائذ بالبيت




إنه أبو بكر عبد الله بن الزبير بن العوام -رضي الله عنه-،

ابن ذات النطاقين أسماء بنت أبي بكر، وقد وضعته أمه حين وصلت قُباء،

فكان أول مولود للمهاجرين بعد الهجرة، ثم أتت به أمه الرسول فوضعه

في حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها ثم وضعها في فمه، فكان أول شيء دخل

بطنه ريق النبي ، ثم دعا له بالبركة، وسماه عبد الله على اسم جده

أبي بكر وكناه بكنيته. [مسلم]، وكان ميلاده حدثًا عظيمًا أبطل مزاعم

اليهود الذين زعموا أنهم سحروا المسلمين فلن يولد لهم

بالمدينة ولد، وكبَّر الصحابة حين ولد تكبيرة اهتزت المدينة منها.

ونشأ عبد الله في بيت النبوة حيث تربى في حجر خالته عائشة

أم المؤمنين -رضي الله عنها-، وظهرت عليه علامات الشجاعة منذ طفولته.

وذات يوم تحدث بعض الصحابة مع النبي في أمر أبناء المهاجرين

والأنصار الذين ولدوا في الإسلام حتى ترعرعوا من أمثال عبد الله

بن الزبير، وعبد الله بن جعفر، وعمر بن أبي سلمة، وقالوا له:

لو بايعتهم فتصيبهم بركتك، ويكون لهم ذكر؟، وجاءوا بهم إلى النبي

فخافوا ووجلوا من النبي إلا عبد الله بن الزبير الذي اقتحم أولهم،

فرآه النبي فتبسَّم، وقال: (إنه ابن أبيه). وبايعه النبي وهو ابن سبع سنين. [مسلم].

وكان عبد الله فارسًا شجاعًا يحب الجهاد، ويذهب مع أبيه ليتدرب على

ركوب الخيل والمبارزة، وشهد معه معارك عديدة منها اليرموك،

واشترك في فتح إفريقية، وهو الذي حمل البشرى إلى الخليفة عثمان

بن عفان -رضي الله عنه- بفتحها. وكان -رضي الله عنه- عابدًا لله،

قارئًا لكتاب الله، قوامًا لليل، صوامًا للنهار، قال عنه عمرو بن دينار:

ما رأيت مصليًا أحسن صلاة من ابن الزبير. وقال ثابت البناني:

كنت أمرُّ بابن الزبير وهو خلف المقام يصلي، كأنه خشبة منصوبة

لا تتحرك. وكان أحد الذين أمرهم عثمان -رضي الله عنه- بنسخ المصاحف.

قال عمر بن عبدالعزيز يومًا لابن أبي مليكة: صف لنا عبدالله بن الزبير

فقال: والله ما رأيت نفسًا رُكبت بين جنبين مثل نفسه، ولقد كان يدخل

في الصلاة، فيخرج من كل شيء إليها، وكان يركع أو يسجد فتقف

العصافير فوق ظهره وكاهله لا تحسبه من طول ركوعه وسجوده إلا جدارًا.

واشترك -رضي الله عنه- مع أبيه في موقعة الجمل، وبعد أن أصبح الحكم

في يد بني أمية ظل عبد الله على خلاف معهم، فاعترض على ولاية يزيد

بن معاوية. ولما توفي يزيد بايعت جميع الولايات الإسلامية عبدالله

بن الزبير أميرًا للمؤمنين، واتخذ عبدالله من مكة عاصمة لدولته،

وبسط يده على الحجاز واليمن والبصرة والكوفة والشام كلها ما عدا

دمشق، وظل عبدالله باسطًا يده على هذه البلاد حتى استطاع مروان

بن الحكم أن ينتزع منه هذه الولايات عدا الحجاز التي ظلت تحت

سيطرة عبدالله.

ورغم ذلك لم يهدأ الأمويون، فأخذوا يشنون حروبًا متصلة ضد عبدالله

ابن الزبير، انهزموا في أكثرها حتى جاء عهد عبد الملك بن مروان

الذي أرسل الحجاج بن يوسف الثقفي على رأس جيش كبير لغزو مكة

عاصمة ابن الزبير، فحاصرها ستة أشهر مانعًا عن الناس الماء والطعام

كي يحملهم على ترك عبد الله بن الزبير، وتحت وطأة الجوع استسلم

الكثير من جنوده، ووجد عبد الله نفسه وحيدًا، فقرر أن يتحمل

مسئوليته حتى النهاية، وراح يقاتل جيش الحجاج في شجاعة فائقة،

وكان عمره يومئذ سبعين سنة.

وأثناء ذلك ذهب عبد الله إلى أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق

-رضي الله عنها-، وأخذ يشرح لها موقفه، فقالت له: يا بني، إ

نك أعلم بنفسك، إن كنت تعلم أنك على حق، وتدعو إلى حق، فاصبر عليه

حتى تموت في سبيله، ولا تملك من رقبتك غلمان بني أمية، وإن كنت

تعلم أنك أردت الدنيا فلبئس العبد أنت أهلكت نفسك، وأهلكت من قتل

معك. فقال عبد الله: والله يا أماه، ما أردت الدنيا، ولا ركنت إليها،

وما جُرْتُ في حكم الله أبدًا، ولا ظلمت، ولا غدرت.

فقالت أمه أسماء: أني لأرجو الله أن يكون عزائي فيك حسنًا،

إن سبقتني إلى الله أو سبقتك، اللهم ارحم طول قيامه في الليل،

وظمأه في الهواجر (الأيام الشديدة الحر)، وبرَّه بأبيه وبي، اللهم

أني أسلمته لأمرك فيه، ورضيت بما قضيت، فأثبني في عبد الله ثواب

الصابرين الشاكرين.

وانطلق عبد الله يقاتل الحجاج مع مَنْ تبقَّى معه من المسلمين حتى استشهد

ومعه كثير من المسلمين وكان ذلك عام (37هـ). ولما قتل عبد الله

كّبر أصحاب الحجاج فسمعهم ابن عمر، فقال: أما والله للذين كبروا

عند مولده خير من هؤلاء الذين كبروا عند قتله. ثم صلبه الحجاج

على إحدى الطرق، فمرَّ به ابن عمر وهو مصلوب فقال:

السلام عليك يا أبا خبيب، قالها ثلاث مرات، أما والله، لقد كنت أنهاك

عن هذا (يقصد قتال بني أمية) ثم أخذ يثني عليه ويذكر صيامه وقيامه

ومكانته. وجاءت أمه أسماء بنت أبي بكر وكانت عجوزًا مكفوفة البصر،

فقالت للحجاج:
أما آن لهذا الراكب أن ينـزل (تقصدأبنها عبدالله المصلوب)؟

فأنزله، فغسله المسلمون ودفنوه -رضي الله عنه-.
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 28-12-2010, 01:42 PM   #50
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16,431 فى 4,678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: الـصـحـابـة رضي الله عنهم

( 26 )

سعد بن معاذ

شهيد السماء



إنه الصحابي الجليل سعد بن معاذ -رضي الله عنه-، سيد الأوس،

أسلم بعد بيعة العقبة الأولى، وحضر بيعة العقبة الثانية.

ولإسلام سعد قصة طريفة، فقد بعث النبي مصعب بن عمير رضي الله عنه

ليدعو أهل المدينة إلى الإسلام، ويُعلِّم من أسلم منهم القرآن

وأحكام الدين، وجلس مصعب ومعه الصحابي أسعد بن زرارة في حديقة

بالمدينة، وحضر معهما رجال ممن أسلموا، فلما سمع بذلك

سعد بن معاذ وأسيد بن حضير، وكانا سيديّ قومهما، ولم يكونا

أسلما بعد، قال سعد لأسيد بن حضير: انطلق إلى هذين الرجلين

اللذين قد أتيا ديارنا ليسفها ضعفاءنا، فازجرهما، وانههما

عن أن يأتيا ديارنا، فأخذ أسيد حربته ثم أقبل عليهما، فلما رآه

أسعد بن زراة قال لمصعب: هذا سيد قومه قد جاءك، فاصدق الله فيه.

ووقف أسيد يسبهما، فقال له مصعب: أو تجلس فتسمع، فإن رضيت أمرًا

قبلته، وإن كرهته كففنا عنك ما تكره، فجلس أسيد، واستمع إلى

مصعب، واقتنع بإسلامه، فأسلم، ثم قال لهما: إن ورائي رجلاً

إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه، وسأرسله إليكما الآن

سعد بن معاذ، ثم أخذ أسيد حربته وانصرف إلى سعد وقومه وهم جلوس،

فقال له: إن بني حارثة قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه،

وكان أسعد ابن خالة سعد، فقام سعد غاضبًا فأسرع وأخذ

الحربة في يده. فلما رآهما جالسين مطمئنين، عرف أن أسيدًا

إنما قال له ذلك ليأتي به إلى هذا المكان، فأخذ يشتمهما،

فقال أسعد لمصعب: أي مصعب، جاءك والله سيدٌ من ورائه قومه

إن يتبعك لا يتخلف عنك منهم أحد.

فقال مصعب لسعد: أو تقعد فتسمع؟ فإن رضيت أمرًا، ورغبت فيه قبلته،

وإن كرهته، عزلنا عنك ما تكره. قال سعد: أنصفت، ثم وضع الحربة،

وجلس. فعرض عليه الإسلام، وقرأ عليه القرآن كما فعل مع أسيد،

فلمح مصعب وأسعد الإسلام في وجه سعد بن معاذ قبل أن يتكلم؛

فقد أشرق وجهه وتهلل، ثم قال لهما: كيف تصنعون إذا أسلمتم

ودخلتم في هذا الدين؟ قال: تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك، ثم تشهد

شهادة الحق، ثم تصلى ركعتين.

ففعل سعد ذلك، ثم أخذ حربته ورجع إلى قومه، فلما رآه قومه قالوا:

نحلف بالله لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذي ذهب به،

فقال لهم سعد: يا بني عبد الأشهل، كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا:

سيدنا وأفضلنا رأيًّا. قال: فإن كلام رجالكم ونسائكم عليَّ حرام،

حتى تؤمنوا بالله وبرسوله، فما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل

ولا امرأة إلا ودخل في الإسلام. وبعد انتشار الإسلام في ربوع المدينة،

أذن الله سبحانه لنبيه بالهجرة إلى المدينة، فكان سعد خير معين

لإخوانه المهاجرين إلى المدينة.

وجاءت السنة الثانية من الهجرة، والتي شهدت أحداث غزوة بدر، وطلب النبي المشورة قبل الحرب، فقام أبو بكر وتحدث ثم قام، فتحدث عمر،

ثم قام المقداد بن عمرو، وقالوا وأحسنوا الكلام، ولكنهم

من المهاجرين، فقال الرسول : (أشيروا علي أيها الناس)،

فقال سعد بن معاذ زعيم الأنصار: والله لكأنك تريدنا يا رسول الله؟

قال صلى الله عليه وسلم: (أجل)، فقال سعد: لقد آمنا بك وصدقناك،

وشهدناأن ما جئت به هوالحق، وأعطيناك على ذلك عهودناومواثيقنا،

فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق

لو استعرضت بنا هذا البحر، فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا

رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا، إنا لصُبُر في الحرب،

صُدُق في اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقرَّ به عينك، فسر بنا على

بركة الله.

فسُرَّ رسول الله عندما سمع كلام سعد، ثم قال:
(سيروا وأبشروا، فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين،
والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم) [ابن هشام].

وقبل أن تبدأ المعركة قال سعد بن معاذ: يا نبي الله،

ألا نبني لك عريشًا تكون فيه، ونعد عندك ركائبك، ثم نلقى عدونا،

فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا؛ كان ذلك ما أحببنا،

وإن كانت الأخرى، جلست على ركائبك، فلحقت بمن وراءنا،

فأثنى عليه رسول الله خيرًا، ودعا له بخير، ثم بني لرسول الله

عريشًا، فجلس فيه يدعو الله أن ينصر الإسلام. [ابن هشام].

وأبلى المسلمون في غزوة بدر بلاء حسنًا، وكان لهم النصر.

ويروى أن سعد بن معاذ كان يقول: ثلاث أنا فيهن رجل كما ينبغي،

وما سوى ذلك فأنا رجل من الناس، ما سمعت من رسول الله حديثًا

قط إلا علمت أنه حق من الله عز وجل، ولا كنت في صلاة قط فشغلت

نفسي بغيرها حتى أقضيها، ولا كنت في جنازة قط، فحدثت نفسي بغير

ما تقول، ويقال لها، حتى أنصرف عنها.

وكان سعيد بن المسيب يقول: هذه الخصال ما كنت أحسبها

إلا في نبي.

وتأتى غزوة أحد، ويظهر سعد فيها حماسة شديدة وشجاعة عظيمة،

وظل يدافع عن النبي حتى عاد المشركون إلى مكة.

وفي غزوة الخندق، تحالف المشركون وتجمعوا من كل مكان

يحاصرون المدينة، واستغلَّ بنو غطفان الموقف، فبعثوا إلى رسول الله

كتابًا يعرضون فيه أن يتركوا القتال في مقابل أن يحصلوا على ثلث

ثمار المدينة، فاستشار الرسول صلى الله عليه وسلم صحابته في هذا.

فقال سعد: يا رسول الله، قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك،

وكانوا لا يطمعون أن يأكلوا منا ثمرة واحدة، أفحين أكرمنا

الله بالإسلام، نعطيهم أموالنا! والله ما لنا بهذه من حاجة،

والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم،

فرضي الرسول والصحابة بذلك.

وأصيب سعد بن معاذ في غزوة الخندق بسهم حين رماه ابن العرقة

وقال: خذها وأنا ابن العرقة، فقال سعد: عرق الله وجهك في النار.

ثم دعا سعد ربه فقال: اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئًا،

فأبقني لها، فإنه لا قوم أحب إلى من أن أجاهدهم فيك من قوم

آذوا نبيك، وكذبوه وأخرجوه. اللهم إن كنت وضعت الحرب بيننا

وبينهم، فاجعلها لي شهادة، ولا تمتني حتى تقر عيني من قريظة.

[أحمد وابن هشام].

وانتهت غزوة الخندق بهزيمة المشركين، وبعد الغزوة ذهب الرسول

هو وصحابته لحصار بني قريظة الذين تآمروا مع المشركين على

المسلمين، وخانوا عهد الرسول، وغدروا بالمسلمين، وجعل الرسول

سعد بن معاذ هو الذي يحكم فيهم، فأقبل سعد يحملونه وهو مصاب،

وقال: لقد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم.

ثم التفت إلى النبي وقال: إني أحكم فيهم أن تقتل الرجال،

وتقسم الأموال، وتسبى ذراريهم ونساؤهم، فقال الرسول :

(لقد حكمت فيهم بحكم الله) [ابن عبدالبر].

ثم يموت سعد بن معاذ رضي الله عنه، ويلقى ربه شهيدًا من أثر السهم،

وأخبر الرسول صحابته أن عرش الرحمن قد اهتز لموت سعد،

وجاء جبريل إلى رسول الله وقال له: من هذا الميت الذي

فتحت له أبواب السماء واستبشر به أهلها؟

وأسرع النبي وأصحابه إلى بيت سعد ليغسلوه ويكفنوه،

فلما فرغوا من تجهيزه والصلاة عليه، حمله الصحابة

فوجدوه خفيفًا جدًّا، مع أنه كان ضخمًا طويلاً،

ولما سئل الرسول عن ذلك قال: (إن الملائكة كانت تحمله)

[ابن عبد البر]، وقال : (شهده سبعون ألفًا من الملائكة)
[ابن عبد البر].

وجلس الرسول ( على قبره، فقال: (سبحان الله) مرتين،

فسبح القوم ثم قال: (الله أكبر) فكبروا، وقال النبي :

(لو نجا أحد من ضغطة القبر، لنجا منها سعد بن معاذ)

[ابن عبد البر]. وكانت وفاته -رضي الله عنه- سنة (5هـ)،

وهو ابن سبع وثلاثين سنة، ودفن بالبقيع.

-------------------------------------
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 31-12-2010, 04:36 PM   #51
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16,431 فى 4,678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: الـصـحـابـة رضي الله عنهم

(27)

سعد بن عبادة
الكريم



إنه سعد بن عبادة -رضي الله عنه- زعيم الخزرج، وحامل راية الأنصار،

أمه عمرة بنت مسعود، وكان يكنى أبا ثابت، وأبا قيس، وقد أسلم

مبكرًا، وحضر بيعة العقبة الثانية مع سبعين رجلاً وامرأتين

من الأنصار، وكان أحد النقباء الإثني عشر.

ورغم أن سعدًا كان سيد قومه، لم تمنعه تلك السيادة من أن ينال

قسطًامن تعذيب قريش، وذلك أنه بعد أن تمت بيعة العقبة الثانية،

وأخذ الأنصار يستعدون للسفر والرجوع إلى المدينة، علمت قريش

بمبايعتهم للنبي صلى الله عليه وسلم، واتفاقهم معه على الهجرة

إلى المدينة ليناصروه ضد قوى قريش، فجن جنونهم، وطاردوا

المسلمين، حتى أدركوا منهم سعد بن عبادة، فأخذه المشركون،

وربطوا يديه إلى عنقه، وعادوا به إلى مكة حيث التفوا حوله

يضربونه، وينزلون به أشد العذاب.

يقول سعد: فوالله إني لفي أيديهم إذ طلع عليَّ نفر من قريش فيهم

رجل وضئ، أبيض، شعشاع من الرجال (يقصد سهيل بن عمرو)، فقلت

في نفسي: إن يك عند أحد من القوم خير، فعند هذا، فلمااقترب

مني رفع يده فلكمني (ضربني) لكمة شديدة، فقلت في نفسي:

لا والله، ما عندهم بعد هذا من خير، فو الله إني لفي أيديهم

يسحبونني إذ أوى (جاء) إلى رجل ممن كان معهم فقال: ويحك،

أما بينك وبين أحد من قريش جوار؟ قلت: بلى،

كنت أُجير لجبير بن مطعم تجارة، وأمنعهم ممن يريد ظلمهم ببلادي،

وكنت أجير للحارث بن حرب بن أمية، فقال الرجل:

فاهتف باسم الرجلين، واذكر ما بينك وبينهما من جوار، ففعلت،

وخرج الرجل إليهما، فوجدهمافي الكعبة، فأخبرهما أن رجلا من

الخزرج يضرب بالأبطح، وهو يهتف باسميهماأن بينه وبينهما جوارًا،

فسألاه عن اسمي، فقال: سعد بن عبادة، فقالا: صدق والله،

وجاءا فخلصاني من أيديهم. [ابن سعد].

وعندما هاجر الرسول وأصحابه إلى المدينة استقبلهم سعد

خير استقبال، وسخر ماله لخدمتهم، وعرف سعد بالجود والكرم،

وبلغت شهرته في ذلك الآفاق، وكان دائمًا يسأل الله المزيد من

رزقه وخيره، فيقول:

اللهم هب لي مجدا، لا مجد إلا بفعال، ولا فعال إلا بمال، اللهم

إنه لا يصلحني القليل، ولا أصلُح عليه. [الحاكم].

وكان الرجل من الأنصار يستضيف واحدًا أو اثنين أو ثلاثة بينما

هو يستضيف ثمانين، وكان مناديه يصعد أعلى داره وينادي:

من كان يريد شحمًا ولحمًا فليأت. وقد دعا له النبي فقال:

(اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة) [أحمد].

وكان سعد يجيد الرمي، وكانت له فدائية وشجاعة فائقة، قال عنها

ابن عباس رضي الله عنهما: كان لرسول الله في المواطن كلها رآيتان؛

مع علي راية المهاجرين، ومع سعد بن عبادة راية الأنصار.

[عبد الرزاق وأحمد].

ووقف سعد بن عبادة موقفًا شجاعًا في بدر، حينما طلب النبي عليه

الصلاة والسلام مشورة الأنصار، فقام سعد مشجعًا على القتال، فقال:

يا رسول الله، والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نضرب أكبادها

إلى برك الغماد لفعلنا.[أحمد ومسلم].

وفي غزوة الخندق تجمعت القبائل الكافرة ضد الإسلام، وحاصرت

المدينة، وعرضت قبيلة غطفان على النبي أن ينسحبوا من جيش

الأحزاب، ولا يقفوا مع الكفار، في مقابل أن يأخذوا ثلث ثمار

المدينة، فشاور الرسول كلا من سعد بن عبادة وسعد بن معاذ

في هذا الأمر، فقال سعد بن عبادة:

يا رسول الله، أمرًا تحبه فنصنعه، أم شيئًا أمرك الله به، ولابد

لنا من العمل به، أم شيئًا تصنعه لنا؟ فقال رسول الله :

(إنما هو شيء أصنعه لكم، لما رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة).

فقال سعد بن معاذ:

والله يا رسول الله، ما طمعوا بذلك منا قط في الجاهلية، فكيف اليوم؟

وقد هدانا الله بك وأكرمنا وأعزنا، والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم

الله بيننا وبينهم. فقال رسول الله : (فأنت وذاك)[ابن هشام].

وبعد وفاة النبي اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة، والتفوا حول

سعد بن عبادة منادين بأن يكون خليفة رسول الله من الأنصار، ولكن

عمر بن الخطاب وأبا عبيدة بن الجراح رأيا أن أبا بكر أحق بالخلافة

بعد رسول الله، فوافق المسلمون على رأيهما، وبايع سعد أبا بكر

رضي الله عنه- بالخلافة، وتوفي سعد في خلافة

عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 01-01-2011, 02:21 PM   #52
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16,431 فى 4,678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: الـصـحـابـة رضي الله عنهم

(28)

سلمان الفارسي

ابن الإسلام


إنه الصحابي الجليل سلمان الفارسي، أو سلمان الخير، أو

الباحث عن الحقيقة، وكان -رضي الله عنه- إذا سئل مَنْ أنت؟ قال:

أنا ابن الإسلام، من بني آدم، وقد اشتهر بكثرة العبادة، وكثرة

مجالسته للنبي صلى الله عليه وسلم، فلم يفارقه إلا لحاجة،

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه حبًّا شديدًا، وسماه

أبو هريرة صاحب الكتابين (يعني الإنجيل والفرقان)،

وسمَّاه علي بن أبي طالب لقمان الحكيم، وقد آخى النبي

صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي الدرداء.

يقول سلمان -رضي الله عنه- عن نفسه:

(كنت رجلاً من أهل أصبهان من قرية يقال لها جيّ، وكان أبي

دُهْقانها (رئيسها)، وكنت من أحب عباد الله إليه، وقد اجتهدت

في المجوسية حتى كنت قاطن النار (ملازمها) الذي يوقدها

لا يتركها تخبو ساعة.

وكان لأبي ضَيْعَة (أرض)، أرسلني إليها يومًا فخرجت فمررت بكنيسة

للنصارى، فسمعتهم يصلُّون، فدخلت عليهم أنظر ما يصنعون،

فأعجبني ما رأيت من صلاتهم، وقلت لنفسي: هذا خير من ديننا

الذي نحن عليه فما برحتهم (تركتهم) حتى غابت الشمس،

ولا ذهبت إلى ضيعة أبي، ولا رجعت إليه حتى بعث في أثري من

يبحث عني، وسألت النصارى حين أعجبني أمرهم وصلاتهم عن أصل دينهم،

فقالوا: في الشام، وقلت لأبي حين عُدت إليه: إني مررت على قوم

يُصلّون في كنيسة لهم فأعجبتني صلاتهم، ورأيت أن دينهم خير

من ديننا، فحاورني وحاورته، ثم جعل في رجلي حديدًا وحبسني.

وأرسلت إلى النصارى أخبرهم أني دخلت في دينهم، وسألتهم إذا

قدم عليهم ركب من الشام أن يخبروني قبل عودتهم إليها؛

لأرحل معهم، وقد فعلوا فحطمت الحديد، وخرجت، وانطلقت معهم

إلى الشام، وهناك سألت عن عالمهم فقيل لي: هو الأسقف

(رئيس من رؤساء النصارى) صاحب الكنيسة، فأتيته وأخبرته خبري،

فأقمت معه أخدم وأصلي وأتعلم، وكان هذا الأسقف رجل سوء في دينه،

إذ كان يجمع الصدقات من الناس ليوزعها على الفقراء، ولكنه

كان يكتنـزها لنفسه.

فلما مات جاءوا بآخر فجعلوه مكانه، فما رأيت رجلاً على دينهم

خيرًا منه، ولا أعظم رغبة في الآخرة وزهدًا في الدنيا، ودأبًا

على العبادة، فأحببته حبًّا ما علمت أنني أحببت أحدًا مثله قبله،

فلما حضره قدره (الموت)، قلت له: إنه قد حضرك من أمر الله ما ترى،

فبم تأمرني؟ وإلى مَنْ توصى بي؟ قال: أي بني، ما أعرف من الناس

على مثل ما أنا عليه إلا رجلاً بالموصل.

فلما توفي أتيت صاحب الموصل، فأخبرته الخبر، وأقمت معه

ما شاء الله أن أقيم، ثم حضرته الوفاة، فسألته فدلني على عابد

في نصيبين، فأتيته وأخبرته خبري، ثم أقمت معه ما شاء الله أن أقيم،

فلما حضرته الوفاة سألته، فأمرني أن ألحق برجل في عمورية

من بلاد الروم، فرحلت إليه وأقمت معه، واصطنعت لمعاشي بقرات

وغنيمات، ثم حضرته الوفاة، فقلت له: إلى من توصي بي؟ فقال لي:

يا بني ما أعرف أحدًا على مثل ما كنا عليه، آمرك أن تأتيه،

ولكنه قد أظلك (أتى عليك) زمان نبي يبعث بدين إبراهيم حنيفًا،

يهاجر إلى أرض ذات نخل بين حرتين، فإن استطعت أن تخلص (تذهب)

إليه فافعل، وإن له آيات لا تخفى، فهو لا يأكل الصدقة،

ويقبل الهدية، وإن بين كتفيه خاتم النبوة، إذا رأيته عرفته.

ومرَّ بي ركب ذات يوم، فسألتهم عن بلادهم فعلمت أنهم من جزيرة العرب،

فقلت لهم:

أعطيكم بقراتي هذه وغنمي على أن تحملوني معكم إلى أرضكم؟

قالوا: نعم.

واصطحبوني معهم حتى قدموا بي وادي القرى، وهناك ظلموني وباعوني

إلى رجل من يهود، وأقمت عنده حتى قدم عليه يومًا رجل من يهود

بني قريظة، فابتاعني منه، ثم خرج بي حتى قدمت المدينة،

فوالله ما هو إلا أن رأيتها حتى أيقنت أنها البلد التي وُصِفَتْ لي.

وأقمت معه أعمل له في نخله، وإني لفي رأس نخلة يومًا،

وصاحبي جالس تحتها، إذ أقبل رجل من بني عمه فقال يخاطبه:

قاتل الله بني قيلة (الأوس والخزرج)، إنهم ليقاصفون (يجتمعون)

على رجل بقباء قادم من مكة يزعمون أنه نبي، فوالله ما هو إلا

أن قالها حتى أخذتني العُرَوَاءُ (ريح باردة)، فرجفت النخلة

حتى كدت أسقط فوق صاحبي، ثم نزلت سريعًا أقول ما هذا الخبر؟

فرفع سيدي يده ولكزني لكزة شديدة، ثم قال: مالك ولهذا؟

أقبل على عملك، فأقبلت على عملي.

ولما أمسيت جمعت ما كان عندي ثم خرجت حتى جئت رسول الله بقُباء،

فدخلت عليه ومعه نفر من أصحابه، فقلت له: إنكم أهل حاجة وغربة،

وقد كان عندي طعام نذرته للصدقة، فلما ذُكر لي مكانكم رأيتكم

أحق الناس به فجئتكم به، ثم وضعته، فقال الرسول لأصحابه:

كلوا باسم الله، وأمسك هو فلم يبسط إليه يدًا، فقلت في نفسي:

هذه والله واحدة، إنه لا يأكل الصدقة.

ثم رجعت، وعدت إلى الرسول في الغداة أحمل طعامًا، وقلت له

عليه السلام: إني رأيتك لا تأكل الصدقة، وقد كان عندي شيء أحب

أن أكرمك به هدية، ووضعته بين يده، فقال لأصحابه: كلوا باسم الله،

وأكل معهم، قلت لنفسي: هذه والله الثانية، إنه يأكل الهدية،

ثم رجعت فمكثت ما شاء الله، ثم أتيته فوجدته في البقيع

قد تبع جنازة، وحوله أصحابه وعليه شملتان

(الشملة: كساء من الصوف) مؤتزرًا بواحدة، ومرتديًا الأخرى،

فسلّمت عليه، ثم عدلت لأنظر أعلى ظهره، فعرف أني أريد ذلك،

فألقى بردته عن كاهله، فإذا العلامة بين كتفيه خاتم النبوة،

كما وصفه لي صاحبي، فأكببت عليه أقبله وأبكي ،ثم دعاني عليه

الصلاة والسلام فجلست بين يديه، وحدثته كما أحدثكم الآن، ثم أسلمت،

وحال الرقُّ بيني وبين شهود (حضور) بدر وأحد، وفي ذات يوم قال

الرسول صلى الله عليه وسلم: (كاتب سيدك حتى يعتقك)، فكاتبته،

وأمر الرسول الصحابة كي يعاونوني وحرر الله رقبتي، وعشت حُرًّا مسلمًا،

وشهدت مع رسول الله غزوة الخندق والمشاهد كلها. [أحمد والطبراني].

وكان سلمان هو الذي أشار بحفر الخندق حول المدينة عندما أرادت

الأحزاب الهجوم على المدينة، وعندما وصل أهل مكة المدينة،

ووجدوا الخندق، قال أبو سفيان: هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها.

ووقف الأنصار يومها يقولون: سلمان منا، ووقف المهاجرون يقولون:

بل سلمان منا، وعندها ناداهم الرسول قائلاً: (سلمان منا آل البيت)

[ابن سعد].

ومما يحكى عن زهده أنه كان أميرًا على المدائن في خلافة الفاروق عمر،

وكان عطاؤه من بيت المال خمسة آلاف دينار، لا ينال منه درهمًا واحدًا،

ويتصدق به على الفقراء والمحتاجين، ويقول:

(أشتري خوصًا بدرهم فأعمله، ثم أبيعه بثلاثة دراهم، فأعيد

درهمًا فيه، وأنفق درهمًا على عيالي، وأتصدق بالثالث، ولو أن

عمر بن الخطاب نهاني عن ذلك ما انتهيتُ) [أبو نعيم].

ويروى أنه كان أميرًا على سرية، فمرَّ عليه فتية من الأعداء وهو

يركب حمارًا، ورجلاه تتدليان من عليه، وعليه ثياب بسيطة مهلهلة،

فسخروا منه، وقالوا للمسلمين في سخرية وازدراء: هذا أميركم؟

فقيل لسلمان: يا أبا عبد الله ألا ترى هؤلاء وما يقولون؟ فقال سلمان:

دعهم فإن الخير والشر فيما بعد اليوم. [ابن سعد].

ومما رُوي في تواضعه أنه كان سائرًا في طريق، فناداه رجل قادم

من الشام ليحمل عن متاعه، فحمل سلمان متاع الرجل، وفي الطريق

قابل جماعة من الناس فسلم عليهم، فأجابوا واقفين:

وعلى الأمير السلام، وأسرع أحدهم نحوه ليحمل عنه قائلا:

عنك أيها الأمير، فعلم الشامي أنه سلمان الفارسي أمير المدائن،

فأَسْقَطَ ما كان في يديه، واقترب ينتزع الحمل، ولكن سلمان هزَّ رأسه

رافضًا وهو يقول: لا، حتى أبلغك منزلك. [ابن سعد].

ودخل صاحب له بيته، فإذا هو يعجن فسأله: أين الخادم؟

فقال سلمان: لقد بعثناها في حاجة، فكرهنا أن نجمع عليها عملين.

وحين أراد سلمان بناء بيت له سأل البنَّاء: كيف ستبنيه؟

وكان البنَّاء ذكيًّا يعرف زهد سلمان وورعه، فأجابه قائلاً:

لا تخف، إنها بناية تستظل بها من الحر، وتسكن فيها من البرد،

إذا وقفت فيها أصابت رأسك، وإذا اضطجعت (نمت) فيها أصابت رجلك.

فقال له سلمان: نعم، هكذا فاصنع. وتوفي -رضي الله عنه- في خلافة

عثمان بن عفان سنة (35هـ).
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-01-2011, 05:13 PM   #53
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16,431 فى 4,678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: الـصـحـابـة رضي الله عنهم

(29)


معاذ بن جبل


شبيه إبراهيم



إنه أبو عبد الرحمن معاذ بن جبل -رضي الله عنه-، أحد السبعين رجلا الذين شهدوا بيعة

العقبة الثانية من الأنصار، وقد أسلم وهو ابن ثماني عشرة سنة، وقد تفقه معاذ في دين الله،

فوصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه (أعلم الناس بالحلال والحرام) [الترمذى].

وكان الصحابة -رضوان الله عليهم- يجتمعون حوله ليتعلموا منه أمور الحلال والحرام،

وقال عنه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب :

عجزت النساء أن يلدن مثله، ولولاه لهلك عمر.

ومدحه عبد الله بن مسعود فقال عنه: كان أمة قانتًا لله حنيفًا ولم يك من المشركين،

حتى ظن السامع أنه يقصد إبراهيم عليه السلام، فقال له ابن مسعود: مانسيت،

هل تدرى ما الأمَّة؟ وما القانت؟ فقال: الله أعلم، فقال الأمة الذي يعلم الخير،

والقانت المطيع لله وللرسول [أبو نعيم والحاكم].

وكان معاذ أحد الذين يفتون على عهد رسول الله ، وهم:

عمر، وعثمان، وعلي من المهاجرين، وأبي بن كعب ومعاذ، وزيد من الأنصار.

بل قدمه عمر في الفقه، فقال: من أراد الفقه؛ فليأت معاذ بن جبل. وكان أصحاب

رسول الله إذا تحدثوا وفيهم معاذ نظروا إليه هيبة له واحتراما [أبو نعيم].

وقال عمر بن الخطاب يومًا لأصحابه: لو استخلفت معاذَا -رضي الله عنه- فسألني ربى

عز وجل ما حملك على ذلك؟ لقلت: سمعت نبيك يقول:

(يأتي معاذ بن جبل بين يدي العلماء برتوة (مسافة كبيرة)) [أحمد].

وقد بعثه رسول الله إلى اليمن قاضيًا، وقال له: (كيف تقضي إذا عرض لك قضاء)، قــال:

أقضـي بكتاب الله. قال: (فإن لم تجد في كتاب الله)، قال: فبسنة رسول الله، قال:

فإن لم تجد في سنة رسول الله ( ولا في كتاب الله؟) قال: اجتهد رأيي، فضرب رسول الله

صدره، وقال: (الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله)
[الترمذي وأبو داود وأحمد].

وقابله النبي ( ذات يوم، وقال له: (يا معاذ، إني لأحبك في الله)

قال معاذ: وأنا والله يا رسول الله، أحبك في الله. فقال:

(أفلا أعلمك كلمات تقولهن دبر كل صلاة: رب أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك).
[أبو داود والنسائي والحاكم].

وكان -رضي الله عنه- أحد الصحابة الذين يحفظون القرآن، وممن جمعوا القرآن

على عهد رسول الله ، حتى قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم :

(استقرئوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة،

وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل) [متفق عليه].

يقول أبو مسلم الخولاني: دخلت مسجد حمص فإذا فيه ما يقرب من ثلاثين شيخًا

من أصحاب رسول الله ، وإذا فيهم شاب أجحل العينين (من الاكتحال)، براق الثنايا،

ساكت لا يتكلم، فإذا اختلف القوم في شيء أقبلوا عليه فسألوه، فقلت لجليسي:

من هذا؟ قال: معاذ بن جبل -رضي الله عنه-، فوقع في نفسي حبه، فكنت معهم

حتى تفرقوا.

وكان معاذ يحث أصحابه دائما على طلب العلم فيقول: تعلموا العلم فإن تعلمه لله تعالى

خشية، وطلبه عبادة، ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلم صدقه،

وبذله لأهله قربة، لأنه معالم الحلال والحرام.

وكان معاذ حريصا على تمام سنة المصطفى ، متمسكًا بها، وكان يقول:

من سره أن يأتي الله عز وجل آمنا فليأت هذه الصلوات الخمس؛ حيث ينادي بهن،

فإنهن من سنن الهدى، ومما سنه لكم نبيكم ، ولا يقل إن لي مصلى في بيتي

فأصلى فيه، فإنكم إن فعلتم ذلك تركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم ( (لضللتم).

وكان كريمًا، كثير الإنفاق، فيروى أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بعث إليه

بأربعمائة دينار مع غلامه، وقال للغلام، انتظر حتى ترى ما يصنع؟ فذهب بها الغلام

وقال لمعاذ: يقول لك أمير المؤمنين اجعل هذه في بعض حاجتك، فقال معاذ:

رحم الله وصله، تعالى يا جارية اذهبي إلى بيت فلان بكذا، واذهبي إلى بيت فلان بكذا،

فاطلعت امرأة معاذ وقالت: نحن والله مساكين فأعطنا، ولم يبق في الصرة إلا ديناران

فأعطاهما إياها، ورجع الغلام إلى عمر فأخبره بما حدث، فسر عمر بذلك.
[ابن سعد وأبو نعيم].

وكان كثير التهجد يصلي بالليل والناس نيام، وكان يقول في تهجده:

اللهم نامت العيون وغارت النجوم، وأنت حي قيوم، اللهم طلبي للجنة بطىء،

وهربي من النار ضعيف، اللهم اجعل لي عندك هدى ترده إلى يوم القيامة،

إنك لا تخلف الميعاد.

ولما حضرته الوفاة قال لمن حوله من أهله: أنظروا أأصبحنا أم لا؟ فقالوا: لا ثم كرر ذلك،

وهم يقولون: لا. حتى قيل له أصبحنا فقال: أعوذ بالله من ليلة صباحها إلى النار،

مرحبًا بالموت مرحبًا، زائر مغب (أي خير) وحبيب جاء على فاقة (حاجة)،

اللهم إني قد كنت أخافك فأنا اليوم أرجوك، اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا،

وطول البقاء فيها لجري الأنهار، ولا لغرس الأشجار، ولكن لظمأ الهواجر (يقصد الصوم)،

ومكابدة الساعات (أي قيام الليل)، ومزاحمة العلماء بالركب عن حلق الذكر.

ومات معاذ رضي الله عنه وارضاه سنة (18هـ) على الأصح وعمره (38) سنة.
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-01-2011, 09:00 PM   #54
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16,431 فى 4,678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: الـصـحـابـة رضي الله عنهم



(30)

أبو هريرة

سيد الحفاظ



إنه الصحابي الجليل أبو هريرة -رضي الله عنه-، كان اسمه قبل إسلامه عبد شمس،

فلما شرح الله صدره للإسلام سماه الرسول صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن،

وكناه الصحابة بأبي هريرة، ولهذه الكنية سبب طريف، حيث كان عبد الرحمن يعرف بعطفه

الكبير على الحيوان، وكانت له هرة (قطة) يحنو عليها، ويطعمها، ويرعاها، فكانت تلازمه

وتذهب معه في كل مكان، فسمي بذلك أبا هريرة، وكان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يدعوه أبا هريرة،

فيقول له: (خذ يا أبا هريرة) [البخاري].

وقد ولد أبو هريرة في قبيلة دوس (إحدى قبائل الجزيرة)، وأسلم عام فتح خيبر (سنة 7هـ)،

ومنذ إسلامه كان يصاحب النبي

صلى الله عليه وسلم

ويجلس معه وقتًا كبيرًا؛ لينهل من علمه وفقهه ،

وحاول أبو هريرة أن يدعو أمه إلى الإسلام كثيرًا، فكانت ترفض، وذات يوم عرض عليها

الإسلام فأبت، وقالت في رسول الله
صلى الله عليه وسلم
كلامًا سيِّئًا، فذهب أبو هريرة إلى الرسول،

وهو يبكي من شدة الحزن، ويقول: يا رسول الله، إنى كنت أدعو أمي إلى الإسلام

وهى مشركة، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة.

فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم (اللهم اهد أم أبي هريرة)،
فخرج أبو هريرة من عند الرسول فرحًا مستبشرًا بدعوة نبي الله
صلى الله عليه وسلم ،
وذهب إلى أمه ليبشرها، فوجد الباب مغلقًا،

وسمع صوت الماء من الداخل، فنادت عليه أمه، وقالت: مكانك يا أبا هريرة،

وطلبت ألا يدخل حتى ترتدي خمارها، ثم فتحت لابنها الباب، وقالت:

يا أبا هريرة، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله.

فرجع أبو هريرة إلى الرسول
صلى الله عليه وسلم يبكي من الفرح،
ويقول: يا رسول الله أبشر،قد استجاب الله دعوتك، وهدى أم أبي هريرة،
فحمد الرسول
صلى الله عليه وسلم ربه، وأثنى عليه وقال خيرًا،
ثم قال أبو هريرة: يا رسول الله، ادع الله أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين،
ويحببهم إلينا، فقال رسول الله عليه السلام :

(اللهم حبّبْ عُبَيْدَك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحبب إليهم المؤمنين)،

قال أبو هريرة: فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلا أحبني.[مسلم].

وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- يحب الجهاد في سبيل الله،
فكان يخرج مع المسلمين في الغزوات، وكان يواظب على جلسات العلم ويلازم النبي ،
فكان أكثر الصحابة ملازمة للنبي

وأكثرهم رواية للأحاديث عنه ، حتى قال عنه الصحابة: إن أبا هريرة قد أكثر الحديث،
وإن المهاجرين والأنصار لم يتحدثوا بمثل أحاديثه، فكان يرد عليهم ويقول:
إن إخواني من الأنصار كان يشغلهم عمل أراضيهم، وإن إخواني من المهاجرين

كان يشغلهم الصفق بالأسواق (التجارة)، وكنت ألزم رسول الله
صلى الله عليه وسلم
على ملء بطني، فأشهد إذا غابوا وأحفظ إذا نسوا.

ولقد قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم يومًا: (من يبسط ثوبه فلن ينسى شيئًا سمعه مني، فبسطت ثوبي حتى قضى من حديثه، ثم ضممتها إليَّ، فما نسيت شيئًا سمعته منه) [مسلم]،

ولولا آيتان أنزلهما الله في كتابه ما حدثت شيئًا أبدًا

(إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب

أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون. إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم )[البقرة: 159- 160].

وكان لأبي هريرة -رضي الله عنه- ذاكرة قوية قادرة على الحفظ السريع وعدم النسيان،

قال عنه الإمام الشافعي -رحمه الله- : إنه أحفظ من روى الحديث في دهره. وقال هو عن نفسه:

ما من أحد من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم أكثر حديثًا عنه مني،
إلا ما كان من عبد الله بن عمرو بن العاص

فإنه كان يكتب ولا أكتب.

وكان يحب العلم، فكان طلابه يقبلون عليه، حتى يملئوا بيته، كما كان مقدرًا للعلم،

فذات يوم كان ممددًا قدميه فقبضهما ثم قال:
دخلنا على رسول الله
صلى الله عليه وسلم حتى ملأنا البيت وهو مضطجع لجنبه،
فلما رآنا قبض رجليه ثم قال: (إنه سيأتيكم أقوام من بعدي يطلبون العلم،
فرحبوا بهم وحيُّوهم وعلموهم) [ابن ماجه].

وكان أبو هريرة شديد الفقر، لدرجة أنه كان يربط على بطنه حجرًا من شدة الجوع،

وذات يوم خرج وهو جائع فمر به أبو بكر -رضي الله عنه-، فقام إليه أبو هريرة وسأله عن تفسير

آية من كتاب الله، وكان أبو هريرة يعرف تفسيرها، لكنه أراد أن يصحبه أبو بكر إلى بيته ليطعمه،

لكن أبا بكر لم يعرف مقصده، ففسر له الآية وتركه وانصرف، فمر على أبي هريرة

عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فسأله ففعل معه مثلما فعل أبوبكر.

ثم مر النبي عليه الصلاة والسلام فعلم ما يريده أبو هريرة فقال له النبي
صلى الله عليه وسلم:
(أبا هريرة)،فقال: لبيك يا رسول الله، فدخلت معه البيت، فوجد لبنًا في قدح، فقال:
(من أين لكم هذا؟) قيل: أرسل به إليك. فقال النبي
صلى الله عليه وسلم:

(أبا هريرة، انطلق إلى أهل الصفة [الفقراء الذين يبيتون في المسجد] فادعهم)،
فحزن أبو هريرة، وقال في نفسه:
كنت أرجو أن أشرب من اللبن شربة أتقوى بها بقية يومي وليلتي،
ثم قال في نفسه: لابد من تنفيذ أمر الرسول
صلى الله عليه وسلم ،
وذهب إلى المسجد،ونادى على أهل الصفة، فجاءوا،
فقال في نفسه: إذا شرب كل هؤلاء ماذا يبقى لي في القدح،
فأتوا معه إلى بيت النبي
صلى الله عليه وسلم ،
فقال له النبي
صلى الله عليه وسلم : (أبا هر، خذ فأعطهم)،

فقام أبو هريرة يدور عليهم بقدح اللبن يشرب الرجل منهم حتى يروى ويشبع،

ثم يعطيه لمن بعده فيشرب حتى يشبع، حتى شرب آخرهم،

ولم يبق في القدح إلا شيء يسير، فرفع النبي
صلى الله عليه وسلم رأسه وهو يبتسم وقال:
(أبا هر) قلت: لبيك يا رسول الله،

قال: (بقيت أنا وأنت) قلت: صدقت يا رسول الله، فقال الرسول: (فاقعد فاشرب).

قال أبو هريرة: فقعدت فشربت، فقال: (اشرب). فشربت،
فما زال النبي
صلى الله عليه وسلم يقول لي اشرب فأشرب حتى قلت:
والذي بعثك بالحق ما أجد له مساغًا (مكانًا)، فقال النبي
صلى الله عليه وسلم :

(ناولني القدح) فأخذ النبي
صلى الله عليه وسلم القدح فشرب من الفضلة. [البخاري].

وقد أكرم الله أبا هريرة نتيجة لإيمانه وإخلاصه لله ورسوله ،

فتزوج من سيدة كان يعمل عندها أجيرًا قبل إسلامه، وفي هذا يقول:
نشأتُ يتيمًا، وهاجرت مسكينًا،
وكنت أجيرًا عند بسرة بنت غزوان بطعام بطني،
فكنت أخدم إذا نزلوا، وأحدوا إذا ركبوا (أي أمشى أجر ركائبهم)،
فزوجنيها الله، فالحمد لله الذي جعل الدين قوامًا،

وجعل أبا هريرة إمامًا.

وفي عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- تولى أبو هريرة إمارة البحرين،

وكان نائبًا لمروان بن الحكم على المدينة، فإن غاب مروان كان هو الأمير عليها،

وكان يحمل حزمة الحطب على ظهره في السوق ويراه الناس.

وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- ناصحًا للناس؛ يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر،

وبينما كان يمر بسوق المدينة رأى الناس قد اشتغلوا بالدنيا، فوقف في وسط السوق وقال:

يا أهل السوق: إن ميراث رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقسم وأنتم هنا،
ألا تذهبون فتأخذوا نصيبكم منه!

فقالوا: وأين هو؟ قال: في المسجد.
فأسرع الناس إلى المسجد ثم رجعوا إلى أبي هريرة

فقال لهم: ما لكم رجعتم؟! قالوا: يا أبا هريرة، قد ذهبنا إلى المسجد،

فدخلنا فيه فلم نر فيه شيئًا يقسم! فقال: وماذا رأيتم؟ قالوا: رأينا قومًا يصلون،

وقومًا يقرءون القرآن، وقومًا يذكرون الحلال والحرام، فقال لهم أبو هريرة: فذاك ميراث محمد.

وعاش أبو هريرة لا يبتغي من الدنيا سوى رضا الله وحب عباده من المسلمين حتى

حضرته الوفاة، فبكى شوقًا إلى لقاء ربه، ولما سئل: ما يبكيك؟ قال:

من قلة الزاد وشدة المفازة، وقال: اللهم إني أحب لقاءك فأحبب لقائي.

وتوفي -رضي الله عنه- بالمدينة سنة (59 هـ)، وقيل سنة (57هـ)، وعمره (78) سنة،

ودفن بالبقيع بعدما ملأ الأرض علمًا، وروى أكثر من (5000) حديث.
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-01-2011, 02:55 PM   #55
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16,431 فى 4,678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: الـصـحـابـة رضي الله عنهم

(31)

عبد الله بن رواحة

الشاعر الشهيد




إنه الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة الخزرجي الأنصاري -رضي الله عنه-

وكان يكنى أبا محمد. وقد حضر بيعتي العقبة الأولى والثانية، وشهد بدرًا وأحدًا والخندق،

وكان أحد شعراء النبي عليه الصلاة والسلام الثلاثة، وكان بين يدي النبي في عمرة القضاء يقول:

خَلُّوا بني الكُفَّار عَنْ سَبيلِهِ نَضْرِبُكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ

ضَرْبًا يُزِيلُ الهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ وَيُذْهِلُ الخَلِيلَ عَنْ خَلِيـله

فنادى عليه عمر وقال له: في حرم الله وبين يدي رسول الله تقول هذا الشعر؟ فقال له النبي:

(خَلِّ عنه يا عمر، فوالذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وَقْعِ النبل) [أبو يعلي].

وكان عبد الله عابدًا محبًا لمجالس العلم والذِّكر، فيروى أنه كان إذا لقى رجلا من أصحابه

قال له:

تعال نؤمن بربنا ساعة. وذات مرة سمعه أحد الصحابة يقول ذلك، فذهب إلى النبي ، وقال:

يا رسول الله، ألا ترى ابن رواحة، يرغب عن إيمانك إلى إيمان ساعة؟! فقال له النبي :

(رحم الله ابن رواحة إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة) [أحمد].

وذات مرة ذهب عبد الله إلى المسجد والنبي ( يخطب، وقبل أن يدخل سمع النبي يقول:

(اجلسوا) فجلس مكانه خارج المسجد حتى فرغ النبي من خطبتيه، فبلغ ذلك النبي ، فقال له:

(زادك الله حرصًا على طواعية الله ورسوله) [البيهقي].

وكان كثير الخوف والخشية من الله، وكان يبكي كثيرًا، ويقول: إن الله تعالى قال:

(وإن منكم إلا واردها)[مريم: 17]، فلا أدري أأنجو منها أم لا؟

وعُرفَ عبد الله بن رواحة بكثرة الصيام حتى في الأيام الشديدة الحر، يقول أبو الدرداء -رضي الله عنه-

خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في يوم حار حتى وضع الرجل يده

على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا النبي وابن رواحة.

ولما نزل قول الله تعالى:

(والشعراء يتبعهم الغاوون. ألم تر أنهم في كل واد يهيمون. وأنهم يقولون ما لا يفعلون)[الشعراء: 224-226]

أخذ عبد الله في البكاء لأنه كان شاعرًا يقول الشعر، ويدافع به عن الإسلام والمسلمين، وقال لنفسه:

قد علم الله أني منهم، وكان معه كعب بن مالك، وحسان بن ثابت، وهم شعراء الرسول الثلاثة،

فنزل قول الله تعالى:

(إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرًا وانتصروا من بعد ما ظلموا)[_الشعراء: 227].

ففرح عبد الله بذلك، واستمر في نصرة المسلمين بشعره.

وذات يوم أنشد عبد الله من شعره بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام، وقال:

إِنِّي تَفَرَّسْتُ فِيكَ الخَيْــــرَ أَعْرِفُـــهُ

وَاللهُ يَعْرِفُ أنْ ما خَانَنِي الخَبَــــــرُ

أَنْتَ النبي وَمَنْ يُحْــرَمْ شَفَاعَتُـــــهُ

يَوْمَ الحِسَابِ لَقَدْ أَزْرَى بِـهِ القَــــدَرُ

فَثَّبَتَ اللهُ مَا آتَـــاكَ مـِنْ حـُسْـــنٍ

تَثَبِيتَ مَــــوسَى وَنَصْرًا كَالذي نَصَروا

فدعا له الرسول : (وإياك فثبَّتَكَ الله) [ابن سعد].

وكما نصر عبد الله الإسلام في ميدان الكلمة،

فقد نصره باقتدار في ميدان الحرب والجهاد بشجاعته وفروسيته.

وكان ابن رواحة أمينًا عادلاً، وقد أرسله النبي إلى يهود خيبر؛ ليأخذ الخراج والجزية مما في أراضيهم،

فحاولوا إعطاءه رشوة؛ ليخفف عنهم الخراج، فقال لهم: يا أعداء الله، تطعموني السحت؟

والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إليَّ، ولأنتم أبغض إليَّ من القردة والخنازير،

ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل عليكم (أي أتعامل معكم بالعدل).

وفي شهر جمادى الأولى من السنة الثامنة للهجرة، علم الرسول صلى الله عليه وسلم

أن الروم قد حشدوا جيوشهم استعدادًا للهجوم على المسلمين، فأرسل النبي عليه السلام

جيشًا إلى حدود الشام عدده ثلاثة آلاف مقاتل؛ ليؤمِّن الحدود الإسلامية من أطماع الروم،

وجعل زيد بن حارثة أميرًا على الجيش، وقال لهم:

(إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رَواحة) [البخاري].

فلما وصل جيش المسلمين إلي حدود الشام، علموا أن عدد جيش الروم مائتا ألف فارس،

فقالوا: نكتب إلى النبي ليرسل إلينا مددًا من الرجال، أو يأمرنا أن نرجع أو أي أمر آخر،

فقال لهم ابن رواحة: يا قوم، والله إن التي تكرهون هي التي خرجتم تطلبون، إنها الشهادة،

وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، إنما نقاتلهم بهذا الدين الذي أكرمنا الله به.

فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين، إما ظهور (نصر) وإما شهادة.

فكبر المسلمون وواصلوا مسيرتهم حتى نزلوا قرية بالشام تسمى مؤتة، وفيها دارت الحرب،

وقاتل المسلمون أعداءهم قتالاً شديدًا، وأخذ زيد بن حارثة يقاتل ومعه راية المسلمين،

فاستشهد زيد، فأخذ الراية جعفر بن أبي طالب، وراح يقاتل في شجاعة حتى استشهد،

فأخذ عبد الله الراية، وراح يقاتل في شجاعة ويقول:

أَقْسَمْتُ يَا نَفْسُ لَتَنْزِلِنَّـه طَائِعَةً أَوْ لَتُكْرهِنَّـــــــه

فَطَالَمَا قَدْ كُنْتِ مُطْمَئِنَّـة مَالِي أَرَاكِ تَكْرَهِينَ الجَنَّــــةْ

يَا نَفْسُ إلا تُقْتَلِى تَمُوتـي وَمَا تَمَنَّيْتِ فَقَدْ أُعْطِيـــــت

إِنْ تَفْعَلِى فَعْلَهُمَا هُدِيـتِ وَإِنْ تَأَخَّرْتِ فَقَد شُقِيــــتِ

ونال عبد الله الشهادة، ولحق بصاحبيه زيد وجعفر.

رضي الله عنهم وأرضاهم.
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 15-01-2011, 05:24 PM   #56
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16,431 فى 4,678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: الـصـحـابـة رضي الله عنهم

(32)

أبو ذر الغفاري
محامي الفقراء


إنه الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري جندب بن جنادة -رضي الله عنه-، ولد في قبيلة غفار،

وكان من السابقين إلى الإسلام، وكان أبو ذر قد أقبل على مكة متنكرًا، وذهب إلى الرسول وأعلن إسلامه،

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الإسلام في ذلك الوقت سرًّا، فقال أبو ذر للنبي :

(بم تأمرني؟ فقال له الرسول عليه السلام (ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري)،

فقال أبو ذر: والذي نفسي بيده لأصرخنَّ بها (أي الشهادة) بين ظهرانيهم، فخرج حتى أتى المسجد

ونادى بأعلى صوته: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله.

فقام إليه المشركون فضربوه ضربًا شديدًا، وأتى العباس بن عبد المطلب عم النبي فأكب عليه، وقال:

ويلكم ألستم تعلمون أنه من غفار، وأنه طريق تجارتكم إلى الشام؟ فثابوا إلى رشدهم وتركوه،

ثم عاد أبو ذر في الغد لمثلها فضربوه حتى أفقدوه وعيه، فأكب عليه العباس فأنقذه._[متفق عليه].

ورجع أبو ذر إلى قومه فدعاهم إلى الإسلام، فأسلم على يديه نصف قبيلة غفار ونصف قبيلة أسلم،

وعندما هاجر النبي إلى المدينة، أقبل عليه أبو ذر مع قبيلته غفار وجارتها قبيلة أسلم، ففرح النبي وقال:

(غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله) [مسلم]. وخصَّ النبي أبا ذر بتحية مباركة فقال:

(ما أظلت الخضراء (السماء)، ولا أقلت الغبراء (الأرض) من ذي لهجة أصدق ولا أوفى من أبي ذر) [الترمذي وابن ماجه].

وكان أبو ذر من أشد الناس تواضعًا، فكان يلبس ثوبًا كثوب خادمه، ويأكل مما يطعمه، فقيل له: يا أبا ذر،

لو أخذت ثوبك والثوب الذي على عبدك وجعلتهما ثوبًا واحدًا لك، وكسوت عبدك ثوبًا آخر أقل منه جودة وقيمة،

ما لامك أحد على ذلك، فأنت سيده، وهو عبد عندك، فقال أبو ذر: إني كنت ساببت (شتمت) بلالاً،

وعيرته بأمه؛ فقلت له: يا ابن السوداء، فشكاني إلى رسول الله ، فقال لي النبي :

(يا أبا ذر، أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية)، فوضعت رأسي على الأرض، وقلت لبلال:

ضع قدمك على رقبتي حتى يغفر الله لي، فقال لي بلال: إني سامحتك غفر الله لك، وقال :

(إخوانكم خولكم (عبيدكم)، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم) [البخاري].

وكان أبو ذر -رضي الله عنه- يحب الله ورسوله حبًّا كبيرًا، فقد روى أنه قال للنبي : يا رسول الله،

الرجل يحب القوم ولا يستطيع أن يعمل بعملهم، فقال له النبي : (أنت مع مَنْ أحببت يا أبا ذر) فقال أبو ذر:

فإني أحب الله ورسوله، فقال له النبي (: (أنت مع مَن أحببت) [أحمد]، وكان يبتدئ أبا ذر إذا حضر،

ويتفقده (يسأل عنه) إذا غاب.

وقد أحب أبو ذر العلم والتعلم والتبحر في الدين وعلومه، وقال عنه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-:

وعى أبو ذر علمًا عجز الناس عنه، ثم أوكأ عليه فلم يخرج شيئًا منه. وكان يقول:

لباب يتعلمه الرجل (من العلم) خير له من ألف ركعة تطوعًا.

وكان -رضي الله عنه- زاهدًا في الدنيا غير متعلق بها لا يأخذ منها إلا كما يأخذ المسافر من الزاد،

فقال عنه النبي : (أبو ذر يمشى في الأرض بزهد عيسى بن مريم عليه السلام) [الترمذي].

وكان أبو ذر يقول: قوتي (طعامي) على عهد رسول الله صاع من تمر،

فلست بزائد عليه حتى ألقى الله تعالى. ويقول: الفقر أحب إليَّ من الغنى، والسقم أحب إليَّ من الصحة.

وقال له رجل ذات مرة: ألا تتخذ ضيعة (بستانًا) كما اتخذ فلان وفلان، فقال: لا، وما أصنع بأن أكون أميرًا،

إنما يكفيني كل يوم شربة ماء أو لبن، وفي الجمعة قفيز (اسم مكيال) من قمح.

وكان يحارب اكتناز المال ويقول: بشر الكانزين الذين يكنزون الذهب والفضة بمكاوٍ من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم يوم القيامة.

وكان يدافع عن الفقراء، ويطلب من الأغنياء أن يعطوهم حقهم من الزكاة؛ لذلك سُمي بمحامي الفقراء،

ولما عرض عليه عثمان بن عفان أن يبقى معه ويعطيه ما يريد، قال له: لا حاجة لي في دنياكم.

وعندما ذهب أبو ذر إلى الرَّبذة وجد أميرها غلامًا أسود عيَّنه عثمان بن عفان
-رضي الله عنه-،

ولما أقيمت الصلاة، قال الغلام لأبي ذر: تقدم يا أبا ذر، وتراجع الغلام إلى الخلف، فقال أبو ذر، بل تقدم أنت،

فإن رسول الله أمرني أن أسمع وأطيع وإن كان عبدًا أسود. فتقدم الغلام وصلى أبو ذر خلفه.

وظل أبو ذر مقيمًا في الرَّبَذَة هو وزوجته وغلامه حتى مرض مرض الموت فأخذت زوجته تبكي، فقال لها:

ما يبكيك؟ فقالت: ومالي لا أبكي وأنت تموت بصحراء من الأرض، وليس عندي ثوب أكفنك فيه،

ولا أستطيع وحدي القيام بجهازك، فقال أبو ذر: إذا مت، فاغسلاني وكفناني، وضعاني على الطريق،

فأول ركب يمرون بكما فقولا: هذا أبو ذر. فلما مات فعلا ما أمر به، فمرَّ بهم عبد الله بن مسعود

مع جماعة من أهل الكوفة، فقال: ما هذا؟ قيل: جنازة أبي ذر، فبكى ابن مسعود، وقال:

صدق رسول الله ( يرحم الله أبا ذر، يمشى وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده)، فصلى عليه،

ودفنه بنفسه. [ابن سعد]، وكان ذلك سنة (31هـ) وقيل: سنة (32 هـ).
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 17-01-2011, 04:52 PM   #57
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16,431 فى 4,678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: الـصـحـابـة رضي الله عنهم

(33)


أبي بن كعب
سيد القراء

إنه أبي بن كعب -رضي الله عنه- أحد فقهاء الصحابة وقرَّائهم، وقد شهد بيعة العقبة الثانية،

وبايع النبي صلى الله عليه وسلم فيها، وكان من الأنصار الذين نصروا رسول الله ، واستقبلوه في يثرب،

وقد شهد كل الغزوات مع النبي، وأمه صهيلة بنت الأسود، عمة أبي طلحة الأنصاري،

وكان يُكَنَّى بأبي الطفيل وأبي المنذر.

وسأله النبي عليه الصلاة والسلام ذات يوم (يا أبا المنذر أتدرى أي آية من كتاب الله معك أعظم؟)

فأجاب قائلا: الله ورسوله أعلم. فأعاد النبي سؤاله (يا أبا المنذر أتدرى أي آية من كتاب الله معك أعظم؟)

فأجاب أُبي: (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) فضرب النبي صدره بيده، ودعا له بخير، وقال:

(ليَهْنِك العلم أبا المنذر (أي هنيئًا لك العلم). [مسلم].

وكان أبي بن كعب -رضي الله عنه- من أوائل الذين كانوا يكتبون الوحي عن النبي ، ويكتبون الرسائل،

وقد قال عنه النبي (أقرأ أمتي أبى) [الترمذي].

وكان من أحرص الناس على حفظ القرآن الكريم، قال له رسول الله يومًا :

(يا أبي بن كعب، إن الله أمرني أن أقرأ عليك: (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتا)[البينة: 1]،

فقال أُبي في نشوة غامرة: يا رسول الله: بأبي أنت وأمى، آلله سمَّاني لك؟ فقال الرسول (نعم)،

فجعل أبي -رضي الله عنه- يبكى من شدة الفرح. [مسلم].

وكان -رضي الله عنه- واحدًا من الستة أصحاب الفُتْيَا الذين أذن لهم رسول الله بالحكم في حوائج الناس،

وفض المنازعات التي تحدث بينهم، وردِّ المظالم إلى أهلها، وهم: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب،

وعبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، وزيد بن حارثة، وأبو موسى الأشعري.

وقال رسول الله فيه وفي غيره:

( أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدَّهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان،

وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأفرضهم (أعلمهم بالمواريث) زيد بن ثابت،

وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ألا وإن لكل أمة أمينًا، وإن أمين هذه الأمة

أبو عبيدة بن الجراح) [الترمذى وابن ماجه].

وكان -رضي الله عنه- لا يخاف في الله لومة لائم، وكان من الذين لا يطلبون من الدنيا عرضًا،

فليس لها نصيب في قلوبهم، فعندما اتسعت بلاد المسلمين ورأى الناس يجاملون ولاتهم في غير حق قال:

هلكوا وربِّ الكعبة، هلكوا وأهلكوا، أما إني لا آسى (أحزن عليهم) ولكن آسى على من يهلكون من المسلمين.

وكان أبي بن كعب ورعًا تقيًّا يبكي إذا ذكر الله، ويهتز كيانه حين يرتل آيات القرآن أو يسمعها،

وكان إذا تلا أو سمع قوله تعالى:

(قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعًا

ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون) [الأنعام: 65]، يغشاه الهم والأسى.

وقد روي أن رجلا من المسلمين، قال يا رسول الله: أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا وما نلاقيها؟ قال:

(كفارات)، فقال أبي ابن كعب: يا رسول الله، وإن قَلَّتْ؟ قال (وإن شوكة فما فوقها)،

فدعا أبي أن لا يفارقه الوَعْك حتى يموت، وأن لا يشغله عن حج، ولا عمرة ولا جهاد، ولا صلاة مكتوبة

في جماعة، فقال أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-: فما مس إنسان جسده إلا وجد حرَّه حتى مات.

[أحمد وابن حبان].

وقد كان أبي -رضي الله عنه- مستجاب الدعوة، فيحكى ابن عباس أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-

قال لجمع من الصحابة: اخرجوا بنا إلى أرض قومنا. فكان ابن عباس مع أبي بن كعب في مؤخرة الناس،

فهاجت سحابة، فدعا أبي قائلا: اللهم اصرف عنا أذاها. فلحق ابن عباس وأبي الناس،

فوجدوا أن رحالهم ابتلت: فقال عمر: ما أصابكم؟ (أي: كيف لم تبل رحالكما؟) فقال ابن عباس:

إن أبيَّا قال: اللهم اصرف عنا أذاها. فقال عمر: فهلا دعوتم لنا معكم.

وكان عمر يجل أبيَّا، ويستفتيه في القضايا، وقد أمره أن يجمع الناس فيصلي بهم في المسجد

صلاة التراويح في رمضان، وقبلها كان يصلي كل إنسان وحده.

وروى أبي بن كعب -رضي الله عنه- بعض الأحاديث عن رسول الله ، وروى عنه بعض الصحابة والتابعين،

ومن أقواله -رضي الله عنه-: ما ترك أحد منكم لله شيئًا إلا آتاه الله ما هو خير له منه من حيث لا يحتسب،

ولا تهاون به وأخذه من حيث لا يعلم إلا آتاه ما هو أشد عليه من حيث لا يحتسب.

وقال له رجل -ذات يوم- أوصني: فقال له أُبيُّ: اتخذ كتاب الله إمامًا، وارض به قاضيًا وحكمًا،

فإنه الذي استخلف فيكم رسولكم، شفيع، مطاع، وشاهد لا يتهم، فيه ذكركم وذكر من قبلكم،

وحكم ما بينكم، وخبركم وخبر ما بعدكم. [أبو نعيم].

وتوفي -رضي الله عنه- في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، ويوم موته رأى رجل الناس في المدينة

يموجون في سككهم، فقال: ما شأن هؤلاء؟ فقال بعضهم: ما أنت من أهل البلد؟ قال: لا. قال:

فإنه قد مات اليوم سيد المسلمين، أبي بن كعب.
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 19-01-2011, 07:24 PM   #58
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية هدوووء
 
تم شكره :  شكر 109 فى 52 موضوع
هدوووء will become famous soon enoughهدوووء will become famous soon enoughهدوووء will become famous soon enough

 

رد: الـصـحـابـة رضي الله عنهم

أثابكـ الباري .. طرح رائع
ونحن نحتاج لمثل هذه المواضيع بين الفينة والأخرى

التوقيع
لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شي قدير ...
استغفر الله وأتوب إليه من كل ذنب ...
هدوووء غير متصل   رد مع اقتباس
من قدموا شكرهم لـ هدوووء :
قديم 21-01-2011, 03:15 PM   #59
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16,431 فى 4,678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: الـصـحـابـة رضي الله عنهم

(34)

أسامة بن زيد
الحِب بن الحِب


إنه الصحابي الجليل أسامة بن زيد -رضي الله عنه-، وهو ابن مسلمين كريمين من أوائل السابقين إلى الإسلام،

فأبوه زيد بن حارثة، وأمه السيدة أم أيمن حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومربيته.

كان شديد السواد، خفيف الروح، شجاعًا، رباه النبي عليه الصلاة والسلام وأحبه حبًّا كثيرًا،

كما كان يحب أباه فسمي الحِبّ بن الحبّ، وكان النبي عليه السلام يأخذه هو والحسن ويقول:

(اللهم أحبهما فإني أُحِبُّهما) [أحمد والبخاري].

وكان أسامة شديد التواضع، حاد الذكاء، يبذل أقصى ما عنده في سبيل دينه وعقيدته.

وخرج أسامة مع النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح إلى مكة راكبًا خلفه عليه السلام على بغلته،

ودخل النبي عليه الصلاة والسلام الكعبة ليصلي فيها ركعتين، ومعه أسامة وبلال،

ووقع أسامة على الأرض فجرحت جبهته؛ فقام النبي عليه الصلاة والسلام مسرعًا ليمسح الدم

الذي يسيل منها حتى وقف النزيف.

وذات يوم تلقى أسامة من رسول الله درسًا لا ينساه أبدًا، يقول أسامة: بعثنا رسول الله عليه الصلاة والسلام

إلى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم، فلما غشيناه قال:

لا إله إلا الله فكف الأنصاري فطعنته برمح حتى قتلته، فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال:

يا أسامة أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله؟ قلت كان متعوذًا، فما زال يكررها الرسول عليه الصلاة والسلام

حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم. ثم قال أسامة للرسول عليه الصلاة والسلام:

إني أعُطى الله عهدًا، ألا أقتل رجلا يقول: لا إله إلا الله أبدًا، فقال النبي: (بعدى يا أسامة؟) قال: بعدك. [متفق عليه].

وقد حمل أسامة كل صفات ومواهب القائد الشجاع، مما زاد من إعجاب النبي صلى الله عليه وسلم به،

فجعله قائدًا لجيش المسلمين لغزو الروم، وجعله الرسول أميرًا على جيش فيه كبار الصحابة، كأبي بكر وعمر،
فاستكثر بعض المسلمين على أسامة كل هذا، وتكلموا في ذلك، ولما علم النبي صعد المنبر وحمد الله

ثم أثنى عليه وقال: (إن تطعنوا في إمارته (أي إمارة أسامة)؛ فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل،

وأيم الله، إن كان لخليقًا للإمارة لجديرًا بها، وإن كان لمن أحب الناس إليَّ (يقصد زيد بن حارثة)،

وإن هذا لمن أحب الناس إليَّ بعده) [متفق عليه].

ويموت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يتحرك جيش أسامة إلى غايته التي حددها الرسول

وهى قتال الروم، وقبل أن يموت النبي عليه الصلاة والسلام أوصى أصحابه أن يسارعوا بتحريك جيش أسامة

فقال لهم: (أنفذوا بعث أسامة، أنفذوا بعث أسامة) [ابن حجر في الفتح].

ويتولى أبو بكر الخلافة بعد رسول الله عليه أفضل الصلاة والتسليم، ويصر على إنجاز وصية الرسول ،

فيقول له عمر: إن الأنصار ترى أن يتولى قيادة الجيش من هو أكبر سنًّا من أسامة، فيغضب أبو بكر

-رضي الله عنه- ويقول: ثكلتك أمك يابن الخطاب، استعمله رسول الله وتأمرني أن أنزعه،

والذي نفسي بيده لو ظننت أن السباع تخطفني؛ لأنفذت بعث أسامة.

ويخرج القائد أسامة من المدينة بجيشه، ويخرج معه أبو بكر مودعًا، وبينما أسامة راكب على فرسه،

إذا بأبي بكر يسير على قدميه، فيستحي أسامة من هذا الموقف، ويقول لأبي بكر: يا خليفة رسول الله

والله لتركبن أو لأنزلن. فيقول أبو بكر: والله لا نزلت، والله لا ركبتُ، وما عليَّ أن أغبر قدمي في سبيل الله ساعة،
ثم يستأذن أبو بكر من أسامة أن يبقى معه عمر في المدينة ليعينه على أمور الحكم فيعطي أعظم

قدوة في استئذان القائد مهما كان صغيرًا.

وانطلق جيش أسامة إلى البلقاء، ليهاجم القرى التي حددها له رسول الله صلى الله عليه وسلم

وخليفته أبو بكر، فينتصر عليهم ويأسر منهم الكثير، ويجمع الغنائم، ويعود إلى المدينة منتصرًا

بعد أن لقن الروم درسًا لا ينسى، ويعود الجيش بلا ضحايا فيقول المسلمون يومئذ:

ما رأينا جيشًا أسلم من جيش أسامة.

وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عندما يقسم أموال بيت المال على المسلمين،

يجعل نصيب أسامة منها ثلاثة آلاف وخمسمائة، في حين يعطي ابنه عبد الله ثلاثة آلاف،

فيقول ابن عمر لأبيه: لقد فضلت عليَّ أسامة، وقد شهدت مع رسول الله ما لم يشهد،

فيرد عليه عمر قائلاً: إن أسامة كان أحب إلى رسول الله منك، وأبوه كان أحب إلى رسول الله

من أبيك._[الترمذي وابن سعد].

وعندما نشبت الفتنة بين علي ومعاوية -رضي الله عنهما- وقف أسامة محايدًا مع حبه الشديد لعلي،

وبعث له رسالة قال فيها: يا أبا الحسن إنك والله لو أخذت بمشفر الأسد (فمه) لأخذت بمشفره الآخر معك

حتى نهلك جميعًا أو نحيا جميعًا، فأما هذا الأمر الذي أنت فيه فوالله لا أدخل فيه أبدًا، ولزم أسامة داره

فترة النزاع حتى لا يقتل مسلمًا.

وكان -رضي الله عنه- كثير العبادة، محافظًا على صوم يوم الاثنين والخميس مع كبر سنه وضعف جسمه؛

تأسيًا برسول الله صلى الله عليه وسلم .

وتوفي أسامة -رضي الله عنه- في خلافة معاوية بن أبي سفيان سنة (54هـ).

وقد روى عنه جماعة من الصحابة والتابعين.
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21-01-2011, 03:16 PM   #60
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16,431 فى 4,678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: الـصـحـابـة رضي الله عنهم

  المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هدوووء مشاهدة المشاركة  

أثابكـ الباري .. طرح رائع
ونحن نحتاج لمثل هذه المواضيع بين الفينة والأخرى

 
جزاك الله خير أختي الكريمة

أشكر لك تشريفك العطر
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:41 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. موقع و منتديات سدير 1432 هـ - 1435 هـ

جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه وإنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه