تبين دراسة عين كل كائن مميزات غريبة واعجازات ربانية تفوق الوصف، واختلافات متباينة تتناسب مع البيئة التي يعيش فيها مما ييسر له سبل العيش مع باقي الكائنات الحية الاخرى المتباينة.
فالجرثومة في امعاء الانسان لا ترى الانسان ولا تعرف له شكلا، واليوم يرى الفأر في الظلام الدامس بواسطة الاشعة الحرارية التي تشع من جسمه الدافئ. ويرى النحل الاشعة فوق البنفسجية ولو غابت الشمس، وعين الضفدع محددة في عالم ذي حركات معينة لا تستجيب لغيرها وفقا لمتطلبات الحياة الخاصة بها، فالبوم يرى عالما مشعا والنحل يرى عالما كله امواج قصيرة والضفدع يرى عالما كله قفزات لان عينيه لا تستجيبان لشيء ساكن او متحرك حركة متواصلة ولا يصيد الا اشياء تقفز. انها عوالم ترى وعوالم لا ترى نستغرب تباينها خلقت لغاية وهدف وضرورة واحتياج واكمال دور.
وعين الانسان اكثر ما تكون حساسية في وسط الشبكية لذا فان الانسان ينظر مباشرة الى الشيء الذي يود رؤيته. اما عين الحيوان فحاستها موزعة بطريقة اكثر توازنا فهي ترى جيدا كل شيء يقع في حقل رؤيتها وهناك عيون اخرى كثيرة لكل منها مميزاتها.
عيون الاسماك
هناك اسماك ترى في اتجاهين في وقت واحد. وبالنسبة لنا فان اعيننا لا ترى في الظلام، ولكن الاسماك في البحار المظلمة مزودة بمصابيح (مرآة مرعبة) تضيء لها ما تريد، وذلك لانها تحمل أعينا متوهجة سطحها الداخلي مبطن بطبقة لامعة تشبه المرآة تسمى (الطراز المتألق) تعكس الضوء الذي يسقط عليها جيدا، وهي قادرة حتى على تركيز نور النجوم الخافت او القمر او النيران البعيدة، ولهذا السبب ايضا تضيء اعين القطط والنمور ليلا. ووجود مثل هذه المرآة يجعل العين قادرة على الاستخدام التام لاقصى حد اي قدر من الضوء لرؤية الاشياء، ويحاول الانسان تقليد هذه الاعين لتطوير اجهزة الرؤية في الظلام.
اسماك الاعماق مزودة بكشافات ضوئية فوق رأسها، ووسيلتها في هذا السبيل ان تحمل بعض الطفيليات المضيئة من نباتات او حيوانات، كما ان بعضها مزود بقوة كهربائية غريبة لم يكشف عن سرها بعد.
وما دمنا نتجول في عالم البحار وجب علينا ان نتعرف على اكبر الاعين على الاطلاق، وهي اعين رخويات المياه العميقة التي يصل قطرها الى 40 سم. وهذه واحدة من عجائب الله ـ تعالى ـ في كائنات المياه العميقة، فكثير منها تمتلك أعينا تلسكوبية الشكل وحدقة كبيرة جدا. وجميع هذه التحورات موجهة لتجميع اكبر كمية من الاشعة الضوئية داخل العين وتركيزها على الخلايا المستقبلة للضوء التي تتميز بالحساسية الشديدة تجاهه.
ذوات الاربع عيون
وهناك نوع من السمك يسمى ذوات الاربع عيون، فاذا عام فوق سطح الماء شاهد ما فوقه، في حين تبحث عيونه السفلى في الماء عن فريسة يلتهمها.
عينا الحيتان
نلاحظ ان وضع العين في جسم الحيوان يوسع نطاق الرؤية او يمده، فانت ترى الامام والجانبين، ولكن موقع (عين الحوت) يسمح له برؤية ما يجري خلفه ايضا بعين كما يرى ما هو امامه بالعين الاخرى. ولكن ما تراه عين لا تراه الاخرى، فكل منهما ثابتة في موضعها واتجاهها. فاذا اراد الحوت مهاجمة فريسة له اتجه اليها من الامام مباشرة، واذا اراد استطلاع ما حوله وقف في الماء ودار بكل جسمه.
* وللعيون في الاحياء المائية تطورات غريبة، فتولد بعض اسماكها بعينين عاديتين على الجانبين ولكنها ما تلبث ان تنمو حتى تزحف العينان وتستقر في ناحية واحدة، وعندئذ تتحول السمكة كلها وتسبح في الماء وعيناها الى فوق، ويشاركها في اتجاه العينين اسماك في اعماق البحار، فهي غالبا ما تجد غذاءها في العالم العلوي.
عيون في عين
لعلك شاهدت (فرس النهر) او بعض تلك الديدان التي نراها فوق سطح الماء، فان عينها الواحدة مقسمة الى عدة عيون بحواجز الى عدة اتجاهات. وفي عينيها اصباغ خاصة تقسم حدقة العين، ففي الوقت ذاته في امكان العين الواحدة ان تنظر فوقها وتحتها، كما ان بعض الحشرات تشاهد ما تحت ارجلها وما فوق رأسها في وقت واحد.
ترى من دون عيون
وبعض الديدان التي لا تجد فيها عيونا على الاطلاق، تهرب وتنزوي لان جسمها شديد الحساسية يشعرها باي اختلاف في الضوء، ومن يدري لعلها ترى بجلدها ما لا نراه بأعيننا!. ومن الامثلة البارزة ايضا (النمل) الذي نراه كل يوم، فعيناه لا ترى الاشياء ولكنهما تفرقان بين الضوء والظلام، وله حواس قوية جدا مثل الراديو تنقل اليه مظاهر العالم البعيدة والقريبة.
عيون الطيور
نحن نستخدم النظارة الطبية نتقي بها وهج الشمس، ولكن عيون الطيور مزودة بنظارات طبيعية تغطي بها عدسات عيونها، ثم تحدق في وهج الشمس فترى كل ما امامها من دون ان تتأثر، هذا الغطاء الشفاف يقي عيونها ايضا من الغبار والتراب فيوفرعليها عناء الذهاب الى طبيب العيون للعلاج من امراض اللحمية والجيوب وغيرها!.. فسبحان من هذا خلقه.
عينا الصقر
ان عيني الصقر هما اقوى عضوين للابصار في جميع المخلوقات.
يقول العلماء: يستطيع الصقر ان يلمح فريسته من بعد يزيد على كيلومترين ونصف الكيلو متر. وترجع قوة الابصار في الصقر الى ضخامة مقلتيه، كما ان سمك شبكية عينيه (وهي الانسجة التي تسقط عليها صور المرئيات خلف العين) يبلغ ضعف سمك شبكية عين الانسان.
وفضلا عن هذا نرى ان شبكية عين الصقر تحتوي على ملايين من خلايا الابصار متناهية الدقة والصغر، وتستطيع عين الصقر ان تقي نفسها وهج الضوء ولمعانه، وذلك لانها مبطنة بنقط صغيرة من الزيت لونها اصفر وهذه النقط تؤدي الوظيفة نفسها التي يؤديها مرشح (فلتر) آلة التصوير مع فارق التشبيه، فهذا للتقريب فقط.
وعلى هذا فان الانسان يعد قصير النظر اذا ما قورن بمثل هذه الحيوانات. وهذه في حد ذاتها تعد نعمة من الله تعالى، لان الاسنان بذلك يستطيع قراءة وتمييز الحروف التي يستخدمها في الكتابة وتبادل المعلومات، فلسنا بحاجة الى هذه القدرة المعجزة في الابصار. فالله ـ سبحانه وتعالى ـ خلق لنا عينين مناسبتين تماما للانشطة التي خلقنا لها، ووهب كل نوع من الكائنات على هذه الارض الاعين المثلى للرؤية في الوسط الذي يعيش فيه.
عينا البوم
وما دمنا نتكلم عن حدة الابصار فلا يمكننا ان نتجاهل ذلك الكائن الغامض الذي نطلق عليه اسم (البوم).
ان البوم يرى الاشياء على مقدار من الضوء يقل مائة مرة عما يحتاج اليه الانسان للرؤية، فعيناه المتجهتان الى الامام خلقتا للتحديق الى ظلمة دامسة، وعلى غرار البشر يتمتع البوم بنظر مزودج.
وتقول الاساطير: انك اذا اردت ان تقتل بومة على شجرة فما عليك الا ان تدور حول الشجرة لان البومة في هذه الحالة ستظل تتابعك بعينيها وهي تدير رأسها حتى تتم دورة كاملة فينقطع عنقها، وهذا ليس صحيحا. الا ان حركة الارتداد لدى البوم سريعة خاطفة، ولذلك يبدو رأسها كأنه دار دورة كاملة، والبوم يرى امواج الاشعة الحرارية تحت الحمراء.
الجمل أول من عرف النظارات
قبل ان يعرف الانسان النظارات الشمسية بمدة طويلة عرفها الجمل، ففي عينيه جفن ثالث شفاف يسدله عليهما فيقيهما وهج الشمس.
عين أم شاشة تلفزيون؟
ومن اغرب الاساليب ذلك الاسلوب الذي تعمل به عين الضفدع، فالعلم الذي تشاهده الضفادع في منتهى الغرابة، عالم لا يظهر فيه الا كل ما هو متحرك، اما ما هو ساكن فلا وجود له في عالمها، فكان الضفدع جالس امام شاشة تلفاز مظلمة فاذا تحرك شيء من حوله ظهر على الشاشة حتى يقف عن الحركة. وعندئذ تظلم الشاشة مرة اخرى.
وهذه العين العجيبة مناسبة جدا لحياة الضفدع فهو لا يأكل الا الحشرات الحية، ويستطيع بها ان يكتشف مكان ذبابة متحركة على مرمى لسانه، فالذبابة عندما تقف على فرع حشيشة تهتز صورتها في الحال على (شاشة) الضفدع، وكيف لا يلحظها وهي الوحيدة على الشاشة من العالم كله. لذلك لا تفلت اية فريسة من مثل هذه الاعين اليقظة. وفي استطاعتك ان تحيط الضفدع بعدد من الذباب الميت الذي لا يتحرك، وعندئذ لن يعرف الضفدع ابدا ان الذباب الميت موجود حوله وذلك لان عينيه لا تبلغان المخ كل ما تريانه بل تخطرانه فقط بما يحتاج الضفدع الى رؤيته من اجل البقاء.
منقول
الإهداءات
27-11-2005, 09:23 AM
العرض العادي
