عرض مشاركة واحدة
قديم 08-03-2011, 06:04 PM   #56
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: مـذّكـرات مجهول !!

***الحلقة الثالثة***


انطلقتُ إلى صديقي في موكبٍ مهيبٍ من نسخٍ الحلمنتيشي ، كأننا هالةٌ نورانيةٌ عجيبةٌ ، فتخيَّلتُ المعجبين ومن ورائهم المعجبات يلقون علينا تحايا الإعجاب والانبهار في عاصفةٍ من التصفير والتصفيق ، مصطفّين كاصطفاف فريق الحارة قبل التوزيع ! يلوّحون بإعلامٍ صوّروا عليها وجه الحلمنتيشيِّ بعينٍ واحدة
يا تُرى ما السبب وما المغزى ؟
أين ذهبت عينه الأُخرى ؟

لك الله يا حلمنتيشي حتى وجهك لعبوا فيه من بعدما لعبوا باسمك فجعلوه بعشرِ نقاط إمعاناً في السخرية والتلاعب بك !


ما زالوا مصطفين على ذاك الرصيف الذي يذكرني بأسناني حين يقدِّم بعضها بعضاً من باب احترام الكبير وتقديم السابق على اللاحق ! يلوحون بتلك الأعلام في حشودٍ كبيرةٍ أولها بطَرَف داري وآخرها عند الطرف الآخر للدار! وبينا صاحبُنا ذو الأنف ينظر في الحشود يُبادلهم التحايا إذ صرخ صرخةً امتدّ لها أنفُه حتى داس على مكابح السيارة فأوقفها ! فقلت قاتلك الله يا ذا الأنف ، ما بك؟ وما الذي أصابك؟ فإذا به ينظر إلى ما خلف الصفوف ، هناك هناك في جموع المعجبات ، لقد رأى حبيبته ، أشار إليه بأنْ تعالَي ، فجاءت تمشي بمِشْيةٍ لكأنّ الأعشى ميمون يعنيها حين قال :
غَرّاءُ فرْعاءُ مصقولٌ عوارضها
------------------------- تمشي الهوينى كما يمشي الوجي الوحِلُ
كأن مِشْيتها من بيت جارتها
------------------------- مَرُّ السحابة لا ريثٌ ولا عجَلُ
يكاد يصرعها لولا تشدُّدها
------------------------- إذا تقوم إلى جاراتها الكسلُ
فلله كم فتنتْ خودٌ بمشيتها ! وكم كسرتْ من قلوبٍ فتناثرتْ أجزاؤها على قارعة الطريق تناثُرَ البطيخ من سيارةِ قادمٍ من سوق الخضار، فأشبه اللونُ اللونَ وشابه الحالُ الحالَ ! وكم أذابت من جليد ، فرفقاً رفقاً يا هنتاه . مشتْ حبيبته تلك المشية وهي تخترق الصفوف اختراق البرق كثبان السحاب ، حتى وقفت بمسافةِ مترين عن صاحبها ، ساد الصمت أرجاء المكان فلا تسمع إلاّ همساتٍ تقول : ما الأمر؟! لماذا وقفتْ؟! وماذا سيحدث؟! فيجيب أهل الفضول بهمساتٍ أُخرى قالوا : وقفتْ بسبب صِنان الحلمنتيشي! وستمشي الآن القهقرى .
ولكن سبباً من هذا لم يكن ، لقد مدّتْ أنفها وهي في مكانها على بُعد مترين ومدّ أنفه وتصافحا ، إنها المصافحةُ الأنْفيةً الشهيرة ، ثم بدأ الحلمنتيشي يبثّها لواعجه وأشجانه ، وهي بدورها تبثه اشتياقها وضِرامها ، الجدير بالذكر أن حديثهما كان إدغاماً بغُنّة ! مكثا متلاصقي الأنف ساعةً من نهارٍ صفّق لهما الجموع الغفيرة ، حتى إذا ما أزف الفِراق ذهبتْ تشق الصفوف إلى حيث مكانها ، وهو ينظر إليها مُدْبرةً كما نظر إليها مقبلة ، فلما وصلتْ مكانها رفعتْ إليه أنفها كنايةً عن الوداع ، فكان كما قال جرير :
أتذكر إذْ تُودِّعُنا سُليمى
--------------------------- بفرْع بشامةٍ سُقي البشامُ
فقال الحلمنتيشي وقد سلخ بيت جريرٍ :
أتذكر إذ تودِّعُنا حُليشى
----------------------------- بأنفِ حياتها رغمتْ أنوفُ
أكملْنا طريقنا ذاهبين إلى صديقي ، وقد أصاب الحلمنتيشي ما أصابه من لُقيا حبيبته ، قلتُ له على سبيل المداعبة : ما قصّة حبيبتك هذه يا شيطون ، فإنها تشبهك كثيراً ؟ قال لي يا سيدي يا أحمد الحربي إن لهذه الفتاة قصةً من أعجب القصص ، قلتُ له إن كان الأمر سرّاً ولا تحب أن تبديه فلك ذلك فاكتم سرّك كما أكتم سرّي ! فإني أكتم سرِّي بحيث لا أخبر به إلا خمسةً ، كلُّ واحدٍ منها قناةٌ إخباره بكامل برامجها ، قال أيُّ سرٍّ وفضائحي على كل لسان وكله بسببك ! قلت قد فهمتُ ما تعني فهاتِ قصة الفتاة ذات الأنف يا ذا الأنف !


قال إن هذه الفتاة كانت جارةً لنا ، وكان منزلها ملاصقاً لمنزلنا ، وكنتُ أنام في السطح مستلقياً ، فيبدو أنفي كأنه لاقط هاتف الساناو ! وكنتُ أرى ما يشبه اللاقط في سطحهم ، فظننت أن لديهم هاتف الساناو وإذا الأمر كما هو أمري ، وإني انقلبتُ ذات مرةٍ فنمتُ على جانبي الأيمن ، فاتّكأ أنفي على جدارهم ورأتْه هذه الحبيبة ، وقد كانت لا تخرج من منزلها حتى لا يعيِّرْنها بنات جنسها ، فلما رأت أنفي أعجبها ، فكان كما في المثل العربي (وافق شنٌّ طبقه) ، فكانت بعد ذلك تتعرّض لي في ذهابي وإيابي مِنْ وإلى فُرن التَّمَيز ، ثم بعد ذلك ارتحل أهلها إلى مدينةٍ أُخرى ولم أرَها إلا هذه الساعة ، فكنت بعد رحيلها أصعد إلى سطح منزلنا ثم أقفز إلى سطح منزلهم وأنا أُنشد :
أمر على السطوح سطوح حلْشى
--------------------------- أقبِّل ذا السطوح وذا السطوحا
وما حُبّ السطوح ذبحْن صدري
--------------------------- ولكن حب من سكن السطوحا


فهذه قصتي يا سيدي وتلك قصتها ، قلت هناك من العشاق روميو وجوليت، وأنتما هنا حلاشي وحوليش


دعنا منك يا صاحبي ولننطلق إلى صديقنا فإنه إلينا بالأشواق ، فتمتمَ بكلماتٍ شَمَمْتُ منها رائحة سخرية لاذعة، قلت له ما بك؟ وما الذي تمتمتَ به؟ قال لا شيء إلا أنني قلت : إن مثلك لا يصادقه إلا من يشاكله ويشابهه ، قلت يبدو عليك الإرهاق من التفتُّق بهذه الحكمة! لله أبوك! ثم قلت له إن كل الناس يعرفون هذه الحكمة فما الجديد ، قال الجديد أني أستطيع أن أتنبّأ بصفات صديقك من قبل أن أراه ، قلت صفْه لي اعتماداً على صفتي ، قال لا بد أن يكون الفقر كشف عن عظمه ، ولا بد أن السوبيا زُرعتْ في عقله ، ولا بد أن يكون منكوباً في كل ما يأتي ويذر ، يأكل اللوز والفصفص ويدقُّ النِّجِرْ ، ولا بد أن يكون مسلوب التفكير إلا في كيف يستدين ، يقضي الشهر والشهرين والثلاثة في مثل كرْب الحزين! قلتُ لولا أنني أعرف الناس بك، لقلت إنك تتعاطى الكهانة ، قال إنما هي طول الصحبة معك ، أورثْتني معرفة صحابتك..

وإلى الحلقة القادمةإن شاء الله ..
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس