عرض مشاركة واحدة
قديم 17-03-2011, 10:22 PM   #64
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: مـذّكـرات مجهول !!

**الحلقة التاسعة**



مرحباً بكم يا سادة يا كرام وسلامٌ من الله عليكم ورحمة منه وبركة



---------- أخذ النساء يتجوّلْنَ في المعرض جيئةً وذهاباً ، في منظرٍ لا يُحسد عليه مجتمعٌ محافظ ، فالبعض منهن في كامل زينتهن ، تزاحم الرجال مَنْكِباً بمَنكِب ، ناهيك عن تلك التي رأيتها تسوق عربةً طويلةً وضعتْ فيها ولديها ، أحقاً هذا معرض كتابٍ أم ماذا ؟! وهناك من النساء من هُنَّ في كامل حجابهن ، جِئنْ للكتاب وللكتاب فقط ، على أن خيراً لهُنّ أن لا يُزاحمْنَ الرجال ، وينْأيْنَ بحيائهن عن كل موطنٍ وموقع يكثر فيه الرجال ، فلقد دأب الرسول صلى الله عليه وسلم على فصل النساء عن الرجال ، فجعلهن في آخر المسجد ، وجعل لهن باباً ، وجعل لهن يوماً يعظهن ..


---------- أما عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فينطبق عليها المثل السائر (ارحموا عزيز قومٍ ذلّ) ، كان وجودُهم ـ بحسْب ما رأيت ـ صوريّاً لا يزيد على الاستعراض فقط ! لم يكن لهم وجودٌ فعّالٌ في المعرِض ، فلو لم يحضروا لكان أحفظ لماء وجوههم ، أما أن يحضر ممثِّل الهيئة ويرى المنكر الحاضر ولا يتكلم مع وجود السلطة لديه فهو يُضفي على تلك المشاهد شيئاً من الشرعية عند الجهلة ، لقد رأيتُ أحدهم دخل ومعه شرطيٌّ وهو يتحادث معه بصوتٍ مرتفع كأنه يقول (نحن هنا) ، فيمرُّ بجانب نساءٍ متبرِّجاتٍ ولا يُحرِّك ساكناً ، ثم خرج كما دخل لم يخاطب واحدةً بعينها ! حتى رجل الهيئة الذي رأيته عن تلك التي توقّع لروايتها ، كان واقفاً بحذائها ، فكان مِثْله مِثْل سائر من في المعرض من النظّارة..


---------- الحق أن المنظر العام الذي رأيتُه لممثّلي الهيئة يدعو للبكاء الحلمنتيشيِّ الصاخب ، ذاك يا سادة بسبب أن الدولة في أكابرها تدعم الهيئة قولاً وعملاً ، فلماذا يبدو رجل الهيئة سلبيّاً في وجوده ! أكان يعجز عن كلمة ، عن نصيحة ، عن إشارة ، وهنا دعوةٌ إلى تمحيص رجال الهيئة ، فبعضهم متخاذلٌ تأثر بالحملات الإعلامية فانهزم وتقوقع ، وهذا التمحيص يعضده تمحيصٌ آخر وهو تشذيب الهيئة ممن لا يقف عند ما حدّ له وليُّ الأمر ، وكِلا طرفي قصْد الأمور ذميمُ ..


----------تجولتُ في المعرِض وعيناي تتقلب ذات اليمين وذات الشمال ، لمزيد فضولٍ لا أنفكُّ منه مُذ فتحتُ عينَيّ على هذه الدنيا ، فرأيتُ فيما رأيتُ من المناظر منظراً أضحكني حتى الثُّمالة ! رأيتُ شاباً من شبابنا يدلُّ محيّاه على خصامٍ شديدٍ بينه وبين الثقافة ، سيماهم في وجوههم ! رأيتُه ـ وقد انتهز فرْصةَ الحرّيّة المشؤومة ـ منهمكاً في حديثٍ جانبيٍّ في وسْط المعمعة مع امرأةٍ ، أظنه لم يجدْ من تُعطيه وجْهاً سواها ! لقد كانت هذه المرأة غير سعودية وفي عُمر جدّته ، وما أظن مَيْله إليها إلا لكونها كاشفةً عن وجهها ، أصابني ما أصاب رجال الهيئة فلم أُنكر إلا بقلبي ! كأني بتلك المرأة تلطم حظّها التعيس ، حين كان قدرُها أن تُطاوِل هذا العناء ، فنحن نعلم أن النساء من الدول العربيّة الأخرى مثقّفاتٍ إلى حدٍّ ما ، وكأني بها تحاول الفِرار من هذا البيت الشعبيِّ المُتهالك، لكنه كان قدراً ومُلصَقاً وجبلاً يصعب إزالته ، تركتُهما مُختلِفَين في مشاعرهما ، هي تبكي حظها وهو يُرقِص حظّه ، ومضيت في طريقي ..


---------- إن سألتم عن الحلمنتيشيِّ ذي الأنف ، فإنه لا زال في مستودع الشركة يسْترجِع ويُحوقِل ، لعدم إمكانية حضوره إلى المعرض مساء يوم الخميس ، فإدارة المعرِض تمنع دُور العَرض من إدخال الكُتب إلا في وقتين ؛ قبل الساعة العاشرة صباحاً ، وبعد الساعة العاشرة ليلاً ، أما أثناء استقبال الزوّار فلا تسمح ، وهذا تنظيمٌ جميلٌ ورائع . إذنْ سيظلُّ الحلمنتيشي في استرجاعه وحوقلته إلى مساء يوم الجمُعة ، لكنني لن أكون حاضراً معه فسأغادِر إلى المدينة ، والحق أن تنظيم المعرِض من حيث الانسياب والتجهيز كان رائعاً ؛ ففي وسْط المعرض حُجزتْ مساحة للعمل الإعلامي والتغطية الإعلامية ، فُرشتْ ببساطٍ أخضر ، رأيت لقاءً للدكتور العثمان مديرِ جامعة الملك سعود تنقله القناة الثقافية السعودية ، وفي آخر المعرِض قسمٌ خاصٌ بالأطفال ، يحوي كُتيّباتٍ وقَصصاً وألعاباً مما تنمّي مهارة التفكير لدى الطفل ، أيضاً كان التكييف في المعرِض ممتازاً ، غير أنه ينقص المعرِض من حيث التجهيز عدم وجود مُصلّى ، فكان الناس يُصلّون أمام بوابات المعرض من الداخل ، في صفوفٍ متقطعة ، وبغير مكبِّرِات الصوت ..


---------- ولأني وصاحبي يا سادة من ذوي الدخل المُستلقي على قفاه! فقد طفقنا نبحث عن الإصدارات المجّانية من الكتب، فأخذنا صدقاتٍ من هنا وصدقاتٍ من هناك ! فربما وجدْنا دجاجةً ، وربما بِتْنا طاوِييْن نمُص تمرةً واحدة ، أقصد أننا وجدْنا كتباً مجّانية ووجدْنا أيضاً بعض المطْويّاتٍ ! أشعر وأنا أبحث عن الإصدارات المجّانية أن عدسات التصوير للقنوات الفضائية تلاحقني وصاحبي في برنامجٍ بعنوان (المتسوِّلون في معرض الكتاب) ، فترصُدنا ونحن واقِفَين أمام المجّان نمُدّ أيدِيَنا ، ثم تُتابعنا ونحن نَنْتحي جانباً نقتسم ما جنيناه من التسوّل ، فيضع كلٌّ منا نصيبه في قُفّته ، أوّاه أوّاه ! لقد أحسستُ يا سادة بحال المتسولين ، فبالله عليكم إن جاءكم متسوِّلٌ يبحث عن لقمة فلا تَزْرِموه ولا تنهروه ، فقد نُهيتم عن ذلك ([ وأما السائل فلا تنهر]) ، غير أني ـ والحق يُقال ـ اشتريتُ ! وما كان بودّي أن أُذيع سر الشراء رعايةً لقلوب الكادحين وحمايةً لشعور المحاويج ، لقد اشتريت لأبنائي لُعَباً ! حين كنت في قسم الطفل ، فلله من خسف العقول! يذهب لمعرض الكتاب ليشتري اللعب! ولذلك فعليه مع هذا العقل البهْرج أن يذهب لمعارض الألعاب ليشتري الكتب!!


---------- رأيتُ في المعرض فيما رأيتُ حُرّيةً في الكتب ، فرأيت كتباً للرافضة تباع على غلافها صورة الرافضي الخبيث حسن نصر الله ، الذي شتم السعودية في يومٍ من الأيام ، وإن لم أهِم فالكتاب من تأليف حسن نصر الله ، وأظن أن المسؤولين عن المعرض صرحوا بأنهم لم يمنعوا كتاباً واحداً ، ولم يسحبوا كتاباً واحداً ، بل كان السماح عاماً ! بالطبع السماح لكل ما هبّ ودبّ ودرج ، وهذا لا يقول به أعتى الداعين إلى الحرّية ، فلا بد من سقفٍ ولا بد من خطوطٍ حمراء يُمنع تجاوزها ، وهذا السماح طعنةٌ نجلاء في خاصرة المتشدِّقين بالوطنية ، فلو كانوا ـ من سمح ومن أيّد السماح ـ يشتملون على وطنية صادقة لَما سمحوا بعرض كتاب من شتم دولتهم ! لكننا عهِدناهم ورأيناهم ؛ وطنيوّن في الضوء ، ومُنسلخون من جلْد الوطنية في الظلام الدامس ، وحين تتحين الفُرص ..


---------- رأيتُ في المعرض فيما رأيتُ أن مَن ظاهره الاستقامة من الشباب والشيب يملأون جنبات المعرِض ، مما يثلج القلب ويشرح الصدر ويقرّ العين ، فالعلم والتثقّف عاصمٌ من الموقوع في شبهات المشبِّهين وشكوك المشكِّكين ؛ من خوارج العصر ، ومن فاسدي الاعتقاد من روافض ومعتزلة وأشاعرة وصوفية ، ومن المرتدّين الذين يدينون بدينٍ غير الإسلام ، كالإنسانية والعقلانية والليبرالية ، وهذا ليس حِكراً على من ظاهره الاستقامة ، بل عصمةٌ للجميع ، فإنه لا عاصم من قُطّاع الطرق أولئك إلا بالعلم ، وإن المجتمع حين يكون مجتمعاً متعلِّماً ويعتمد على العلم ، فإنه يُحصِّن أفراده من طوارق الليل وعاديات النهار ، وما غُرِّبتْ المجتمعات الإسلامية ، وما شُرِّق بها عن تعاليم الإسلام في شرق الأرض وغربها ، إلا بوأدِ العلم وإيلاد الجهل ، فتمكّن المشكِّكون والمشبِّهون بالباطل على رقاب مجتمعٍ جاهل ، فجاسوا خلاله قتلاً لكل فضيلة ، ونشراً لكل رذيلة ، بدءاً بصغار المعاصي ، مروراً بالكبائر منها وبالبدع ، وانتهاءً بالشرك بالله تعالى ..


---------- لم يطُلِ المُقام بنا في المعرِض غير ساعتين تقريباً ، ثم خرجْنا منه ، وحين جئنا عند باب الخروج طلب مني حارس الأمن إبراز مستند الشراء ، فكان معي قُفّتان ، فقلتُ له : هذه قسيمة الألعاب لهذه القُفّة ، وأما هذه فهي إصداراتٌ مجّانية ، فقال لي ممازحاً أعطني إياها ! فأريتُه حماليق عيني بعد أن قلت له : ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، أأظل سائر اليوم أجمعها وتأتي أنت تأخذها ! عجبي ! اذهب بنفسك واجمع منها ما شئتَ حتى تنوء بحملها!


أأشقى به جمعاً وتجنيه راحةً *** إذن فابتذال النقْد قد كان أحزما
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس