عرض مشاركة واحدة
قديم 02-04-2011, 10:57 PM   #72
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: مـذّكـرات مجهول !!

( 2 )

جسر



أشياء كثيرة كانت غريبة بالنسبة لي ..

السيارات الكثيرة جدا .. بعضها لايوجد داخلها سوى السائق فقط !
.. الذين يسيرون على أقدامهم في الطرقات قليلون جدا .. الدراجات العادية والنارية أيضا ..
لم أكن متعودا على هذه الصور ..
الجوالبارد .. الأرض القاحلة .. الماء ..
سمعت أن السعودية ليس فيها فيضانات !
ومطرها شحيح .. وخضرتها قليلة ..

تفاجأت بالطرق الفسيحة .. وبتباعد مابين البيوت .. وبالقصور الكثيرة هنا وهناك .. بالسيارات الجديدة ..
تفاجأت بأخلاق الذين تعاملوا معي بأسلوب لم نتعلمه في المدرسة ولا في البيت ..


في المقعد الخلفي للسيارة النيسان كنت سابحا في خيال عريض حينما هصرني صوت الكفيل من مقعد السائق قائلا :

- افتح ..

كان يشير إلى النافذة بجانبي ..

التفتُّ إلى النافذة .. ولكني لم أفهم ماذا يريد تحديدا !!.. هل يريدني أن أفتح النافذة ؟

الهواء بارد جدا .. والشتاء لايسمح لأحد بالمزاح معه في مثل هذه الصورة !!

أنا لاأدري لم جعلني أركب في المقعد الخلفي بينما لم يكن في المقعد الأمامي أحد !!
ثم لم أفهم السر في إلحاحه علي بأن أفتح النافذة ..

بسبب ذلك كله لم يدر بخلدي أنه يريد مني فتحها .. فالتفت إليه وأنا أهز رأسي وأبتسم وأقول : مافي ..

صاح في وجهي .. وكلمات غاضبة تتفجر بين شفتيه .. كان يشير إلى النافذة بيده وهو يخفضها إلى أسفل
ثم يقبض يده إلى أنفه كمن يتأذى من رائحة كريهة !!

فتحتُ النافذة .. وواصل السير بعدما كور شماغه على وجهه و هو يتأفف بكلمات لاأفهمها ..


كان أسمر السحنة .. بدينا جدا .. له شارب غليظ وليس له لحية .. يهتم بشكله ولكنه ليس أنيقا .. عندما استقبلني في المطار كان يرتدي نظارة سوداء .. ناتئ الصدر .. يمشي بكل كبرياء .. لم يخلع نظارته إلا بعد وصولنا للسكن منتصف العشاء !

نعم .. كنت أكلت طعاما في الصباح مطبوخا بالثوم .. ودهنت شعري بزيت الزيتون .. ولكن رائحته أيضا كانت عفنة جدا !
فمنذ ركوبي معه وأنا أشم رائحة غنم وملابس داخلية قذرة وثياب متشربة بالدخان ..

وضعت حقيبتي في غرفة سكنية صغيرة ملتصقة بحوش مهجور.. فيها أغراض مبعثرة ..


وفهمت من كلامه أنني سأنام هنا حتى صباح الغد لأنطلق إلى المكان الذي سأعمل فيه ..

كانت الغرفة سكنا لاثنين من العمال .. أحدهما من مومباي والآخر من بنجلاديش ..

فيها سريران وملابس لهما معلقة على مسامير في الجدار الاسمنتي الناضح بروائح الطعام المختلفة ..

الفجوة التي كانت بين حياتي المعتادة وحياتي في هذا المستقبل المجهول جعلتني محتاجا لأي قشة أتشبث بها ..

ولذلك فقد تعرفت عليهما في تلك الليلة .. وتحدثت معهما كثيرا .. وارتحت إليهما أكثر .. واطمأنت نفسي شيئا قليلا ..
فهمت منهما أن هذا الكفيل سيذهب بي غدا إلى منطقة نائية وبعيدة في الصحراء .. وأنني سأسكن وحيدا في خيمة في العراء ..
وأن عاملا قبلي هرب من هذا العمل بعد أن ذاق مرارات لاتوصف من البعد والشقاء وقسوة الكفيل ..

كنت متعبا من السفر ..

فنمت في تلك الغرفة نومة هانئة بانتظار الصباح ..

وبانتظار العالم المجهول أيضا ..
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس