03-04-2011, 12:26 AM
|
#41
|
مشرفة سابقة
|
رد: من مذكرات الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله أكثر من رائعة
((((حديث النفس-خواطر الشيخ على الطنطاوى-)))) أنا و النجوم
أنكرت نفسي و لم أعد أراها شيئا....و نسيت يدي و رجلي, حتى لقد حسبتها جزءا من الكرسي أو السرير الذي اجلس عليه, و أضعت ميولي كلها و شهواتي, حتى لم يبق لي إلا (أنا) و إنما صرت أنا الكون كله...الكون الذي ردد معي قولي : لا إله إلا الله , فأحسست حينما أنكرت نفسي بلذة الوجدان التي لا توصف:
لا يعرف العشق إلا من يكابده و لا الصبابة إلا من يعانيها
و بدأت أفهم ما كنت قرأته من أقوال أهل التصوف و تعلمت أن الإنسان لا يحس بعظمة الله إلا إذا نسي نفسه و عظمته. هنالك يجد هذا "الجرم الصغير" الذي هو رملة في الصحراء وعدم في وجود الكواكب و الذي لا يمتد عمره أكثر من لحظة في عمر السماء.....يجده أكبر من الكواكب و أخلد من السماوات لأنه عرف الله و أدرك حلاوة الإيمان...
وقمت بعد ذلك أصلي فلما قلت : الله أكبر, محي الكون كله من وجودي و لم يبق إلا أنا العبد المؤمن الضعيف , و الله العظيم الجبار
ليس في الدنيا شيء أجل و لا اجمل من الصلاة
من دموع القلب لم أعد أجد في الحياة ما يغريني بها, و يرغبني فيها...وماذا في الحياة كل لذة فيها مغشاة بألم, فيها الربيع الجميل, , و لكن فيه بذور الصيف المحرق, و الشتاء القاسي. و فيها الحب, و لكن لذة الوصال مشوبة بمخافة الهجر. و فيها الصحة و الشباب, و لكنهما يحملان الهرم و المرض. فيها الغنى, و لكني ما عرفته و ما أحسبني سأعرفه أبدا.
لقد كرهت الحياة, و زادها كراهة لي هؤلاء الناس, فلم يفهمني أحد و لم أفهم أحدا. إن حزنت فأعرضت عنهم مشتغلا بأحزاني قالوا متكبر, و إن غضبت للحق فنازعت فيه قالوا شرس, و إن وصفت الحب الذي أشعر به كما يشعرون قالوا فاسق, و إن قلت كلمة الدين قالوا جامد, و إن نطقت بمنطق العقل قالوا زنديق, فما العمل إليك يا رب المشتكى.....
|
|
|