عرض مشاركة واحدة
قديم 04-04-2011, 05:18 PM   #74
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: مـذّكـرات مجهول !!

( 4 )

الشر = خير





بدأ الكلب ينبح نباحا متزايدا بشكل يوحي بخطر قريب ..



الصرصار الليلي يغني بلا مبالاة .. الهواء البارد جدا أسمعه يعوي وهو يتسلل من بين فتحات الشباك الحديدي .. الأغنام تصيح بصورة غير معتادة ..



استيقظت من نومي فزعا ..



من أصعب الأشياء أن تقوم من نومك مباشرة لتأدية جهد كبير مباغت ..



حصل مثل ذلك في أحد الليالي حينما بدأت السماء تتغير قبيل الغروب







.. وأقبلت عاصفة سوداء كبيرة .. كنت قد جمعت أمري وشددت وثاق الخيمة .. وألقيت نظرة أخيرة على زريبة الأغنام .. وبعد العشاء هبت العاصفة بقوة كفأت الشباك .. وتفرقت الأغنام في كل اتجاه .. الكلب ينبح بدرجة قريبة من نباح هذه الليلة .. خرجت مسرعا وأنا أتلفع بمسفع بالكاد يحمي صدري من البرد .. الهواء الشديد لايرحم أحدا .. أسمع توسلات الأغنام .. ابن يصيح وأم تركض نحو صوته خلال الظلام الدامس والغبار .. الغبار كثيف وأصوات استغاثات مؤثرة من حيوانات بريئة يخالطها قعقعة جرس الخروف البدين وهو يركض بعشوائية أيضا .. لقد لاقيت عناءا كبيرا تلك الليلة .. تماما كما تُرسم لحظات العقدة في أفلام الكرتون .. تعثرت مرات كثيرة ببعض الأشجار .. وسقطت أخرى في منخفض كبير .. ولم أستطع لم شتات القطيع سوى لما هدأت الرياح وأدبر الليل جهة الغرب .. حينها استطعت رؤيتها متفرقة وهي تحاول التجحر أسفل بعض التلال الصغيرة ..




ثم قمت بإحضارها واحدة .. واحدة ..




ولكن نباح الكلب هذه اللحظة ينذر بليلة ليلاء ..



في الظلام .. كنت أتحسس الكشاف الضوئي الصغير .. أين هو ؟



الآن ..



أسمع طلق عيار ناري ..



لطفك ياالله ..



فجأة .. صاح الكلب متوجعا .. ثم خمد نباحه إلى الأبد .. وبدأت الأغنام تثغي ثغاء مستحثا ..



اللحظات الحرجة غالبا لها صراخ قوي .. ولكنه كامن يزفره الصدر زفيرا !



ليس من الضروري الكشاف الآن .. أسرعت إلى الباب .. حللت الحبال .. وأخرجت رأسي لأنظر ..



ياه .. هذه الليلة مظلمة جدا ..



في لحظات سريعة .. دارت الدنيا أمام عيني إثر ضربة قوية على رأسي .. ثم التفّت يد ضخمة على عنقي .. جبذني صاحبها بقوة خارج الخيمة ..



كنت أحرك جسمي النحيل مقاوما ولكنني كنت مثل برغوث صغير وسط يد كبيرة ..



بصعوبة بالغة استطعت معرفة أنهم ثلاثة رجال .. ملثمين ..

وثقوني بحبل غليظ .. وأحكموا إغلاق فمي بقماش طويل .. وألقوني مكتفا وسط الخيمة ..



سمعت صوت سيارة تقترب ..



يبدو لي أنها ناقلة متوسطة الحجم ..



ثم سمعت صوت احتجاج الأغنام وهي تدفع قسرا نحو حوض السيارة .. ثم وهم يسرعون الهرب من المكان ..



حاولت فك الأغلال .. ولكن دون جدوى ..



أكتر .. أين أنت ؟ .. ليتك تنجدني الآن ..



كنت متوقعا أنه سيأتي .. صوت الطلق الناري كان قويا .. والليل بارع في نقل الأصوات كما تعلمون ..



الحقيقة أن منظري كان محزنا جدا ..



وحيد في هذا العراء .. في هذا الليل الجاثم بلا شعور.. جسمي النحيل المتكوم الآن مثل صورة جنين في رحم وهو ملقى داخل خيمة نائية ..
حتى النشيج الذي حاولت من خلاله التنفيس عن الأسى كان صعبا جدا بسبب القماش المشدود على فمي بقوة ..



انكب علي أكتر يفك وثاقي بكل تفاعل ..



في الصباح .. عندما افتقدني في المرعى .. ساق أغنامه نحو خيمتي ..



ألا ماألأم القلوب الظالمة ..



تحول وجه الكفيل إلى وجه شيطان وهو يقف أمامي غاضبا .. عيناه تقذفان شررا .. وحول شفتيه السوداوين يتراكم زبد أبيض قبيح ..



لقد نهرني الكفيل بشدة وقام بضربي كما لو كنت أنا الفاعل ..

ثم عاقبني بأن حرمني من راتب الأشهر الماضية كلها !!



لم يكن لدي عمل الآن .. فنقلني إلى قريبه الرجل الطيب ..



بقيت تلك الليلة الرهيبة وعقاب الكفيل القاسي علقما أتجرع مرارته أيامي تلك .. لولا لطف الله بي ثم تسلية أكتر لي وتطييبه لخاطري مرة بعد أخرى ..



لاتكاد الأرض تسعني فرحا حينما زف إلي أكتر خبر حرص كفيله الطيب على أن ينقلني إلى كفالته ..



وكان ذلك بالفعل ..



ولكن عاملين اثنين في مرعى واحد يعد نوعا من الخطأ ..



ولذا فقد تقرر نقلي إلى مكان آخر ..



لقد بكينا كثيرا أكتر وأنا ونحن نودع بعضنا ..



ومن مفارقات الصحراء الشاسعة أنها تقرب القلوب في بعض الأحيان ..



وهناك ..



في القرية ..



كان القدر يجري على نحو سأنبئكم بخبره في حينه إن شاء الله ..
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس