كولومبس والبيضة
عندما عاد كريستوفر كولومبس من رحلة اكتشافه لأمريكا، محمّلاً بالخيراتوالأموال والطموحات ، استقبله الملك استقبالاً يليق بالفاتحين المغاوير ، فيما عيونأعداء النجاح والمزاودين تتقادح شرراً كالجمال ، حسداً وغيرة من لدن أنفسهم المريضة، فهؤلاء دأبهم دوماً أن يزدروا إنجازات الآخرين وبطولاتهم وأفعالهم ويصغروها ،معتقدين أنهم يكبرون بهذا،،.
وكان هؤلاء سلكوا شتى السبل يقللون من شأنالاكتشاف الجديد ، بل ويفترضون سهولته وبساطته ، ويصغرون من شأن صاحبه ، فالكل أدعىأنه لو أبحر غرباً في الأطلسي ، فإنه بالتأكيد كان سيكتشف هذه الأرض البكر ، التياكتشفها كولومبس ، دون كبير مشقة وعناء ، بل أن أحدهم تبجح قالاً إنه لو أطلق سفينةشراعية بلا ربان ، فحتماً كانت ستصل إلى ما وصل إليه،،.
صمت لهم كريستوفرواستوعبهم، ، وفهم ما يجول في تلافيف نفوسهم وجوانيتها ، واستأذن الملك أن يتحدىالحاضرين بعمل بسيط ، خلال مأدبة لتكريمه: فسمح له بذلك ، فما كان من كريستوفر ألاأن تناول بيضة من سلة البيض وقال: من منكم يستطيع أن يوقف هذه البيضة على رأسه؟؟، ،فهذا العمل بالتأكيد أسهل بكثير من اكتشاف قارة جديدة بحجم أمريكا.. أضاف بمكر وثقةودهاء،،،.
أحد المتسرعين تقدم وأخذ البيضة ، معتقداً أن الأمر أسهل من شربكأس ماء ، فما أن تركها على رأسه، حتى تدحرجت متحطمة ، ليسقط في إحراج كبير ،جلب له موجات تسونامي من ضحك الآخرين واستهزائهم،، ، ثم انبرى آخر وفعل كسابقه ، ثمآخر ، حتى عجز الجميع ، ولزموا صمتهم الخجول المذهول ، ولم يقدر أحد منهم على تثبيتالبيضة على رأسه ، عندها طلب الملك من كريستوفر أن يوقف البيضة على رأسه ، إن كانباستطاعته ذلك.
كريستوفر تناول بيضة من السلة ، ونقرها على الطاولة بخفةورقة ، حتى كسر قشرتها الخارجية ، وأحدث فيه تجويفاً صغيراً ، ثم أوقفها بسهولة علىرأسه ، من عند طرفها المكسور ، عندها وقف الملك والحضور وقال: كلكم كان بإمكانكم أنيوقف البيضة على رأسه ، لو أنه فعل ما فعله كريستوفر ، لكن لم يفكر أحد بكسر طرفالبيضة ، ولكنكم دائماً تنظرون إلى الأعمال العظيمة بعيون ضيقة ، فكيف كان بإمكانكماكتشاف قارة؟؟،،.
في حياتنا اليومية تعج بمن يستصغرون أعمال الآخرين ، ويحجمونهاوينظرون إليها بنصف عين أو بربعها ، ليس إلا حسداً من عند أنفسهم ، فكم هو مليءعالمنا بأعداء النجاح، ، الذين دأبهم الانقضاض على أفعال الناجحين وأعمالهم ، وكمنحتاج إلى من يستحسن الحسن ، ويقدر صنيع الرجال الحقيقيين ، ويكرمهم ويقدرهم: كيتبقى هذه السمة الطيبة حافزاً لمزيد من الأعمالالعظيمة.