السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
كنت قد كتبت هذا الموضوع في منتدى مجاور ، و ستجدونه منقولاً كالعادة في منتدى أو أكثر إلا أن الفكرة تمثل خطاً فكرياً أنتهجه ، و نظراً لوجود أقلام هنا يشرفني أن تحتك أفكاري بمبارد عقولهم أعيد نشره ، فلا تحرموني من صقل الفكرة و إثراءها.
الكلمة ، أي كلمة ، ليست هي الحروف التي تكوّنها ، الكلمة هي المفهوم خلف هذه الحروف.
و الحضارة هي المفاهيم المشتركة لهذه الكلمات / الأسماء. و المفهوم ليس الدلالة فقط بل هو إلى جانب هذا قيمة و هدف. أن قيمة و هدف المفهوم هو الذي يجعل المجتمع متماسكاً ، فإذا لم يشترك المجتمع في قيمة و هدف للمفهوم تفكك ، و أصبح لدينا مجتمعات متعددة داخل المجتمع ، و لكلٍ منها قيمة و هدف للمفاهيم و التي تختلف عن الآخرين.
توجد في ثقافة قبائل الزولو فلسفة تسمى ( يبونتو ) ( Ubuntu) ، و هي فلسفة أخلاقيّة ، أو فلسفة إنسانيّة تركز على ولاءات / علاقات الناس مع بعضهم البعض.
مفهومها العام هو ( أنا هو ما أنا عليه ، بسبب ما نحن عليه جميعاً ).
إن الشخص مع هذه الفلسفة هو شخص منفتح على الآخرين ، و هو لا يشعر بالتهديد من قدرة الآخر لأنه مؤمن أن الجميع بمن فيهم شخصه أنما هم جزء من الكل. و أنه سيتضاءل عند تضائل الآخر. الجوهر في هذه الفلسفة أنه لا يمكن أن تكون آدمياً في العزلة. العمليّة هي في الترابط / الرابطة الإنسانيّة. العمليّة هي في ( نحن ).!
يشرح ستانليك سامكينج الثوابت الثلاثة في هذه الفلسفة فيقول :
1- الثابت الأول يؤكد على أن آدميّة الشخص لا تتم إلا بالاعتراف بآدمية الآخر ، و على هذا الأساس تقيم معه علاقاتك.
2- الثابت الثاني يقول أنه عندما يكون الشخص أمام خيار الحصول على ثروة ، أو المحافظة على حياة شخص آخر فإنه يجب أن يختار الخيار الثاني ، ألا و هو المحافظة على حياة هذا الشخص.
3- الثابت الثالث يقول أن الحاكم يستمد وضعه و جميع الامتيازات التي يمنحها هذا الوضع من الناس الذين يحكمهم.
و هذه المفاهيم تكلم عنها الكثير من الفلاسفة فقد قال بارون دوهلباش / دوهلباخ (D'Holbach) و أسمه المتداول في اللغة العربيّة بارون دولباخ. و هو فيلسوف فرنسي – ألماني ( لابد أن يدرك الشخص أن الآخرون هم الأهم لرفاهيته ، و لذا يجب حثهم على المشاركة في اهتماماته ، و أن يجد المزايا الحقيقة لمشاريعه ، و أن يكون فاضلاً ، لأن الفضيلة هي سبب السعادة ، و هذه السعادة لا تأتي إلا بجعل الآخرين سعداء. الرجل الفاضل هو الرجل الذي ينقل السعادة لهؤلاء الذين بمقدورهم جعل كينونته سعيدة ).
و قد أستخدم الكثير من السياسيون هذا المفهوم ، فهذا الرئيس الجمهوري الأمريكي تيودور روزفلت يقول في أحد خطاباته ( إنه من المهم لاستمرار حياتنا الوطنيّة السليمة أن يتبنى أعضاء الحزب الجمهوري هذا في أوساط شعبنا ، إن رفاه كلٌ منا يعتمد بشكل أساسي على رفاه كلٌ منّا).
كما أنتشر هذا المفهوم في الفنون ، و الرياضة.
جميلة جداً هذه المفاهيم ، أليس كذلك؟.
أنا لم أتطرّق من بعيد أو قريب عن نظرة الإسلام ، و إلا فتكريم الإسلام للإنسان السوّيّ لا يحتاج إلى بيان.
أنا ذكرت مفاهيم اعتنقتها قبائل قد يرى البعض أنها بدائية ، و كلام فلاسفة ، و سياسيون ، لإثبات أن هذه النظرة هي الفطرة ، فطرة الإنسان.
الآن لنلق نظرة سريعة على حالنا. طبعاً أتمنى أن لا يأتي أحدهم و يقول لي ( لا تعمم ).! أنا هنا أتكلم عن منهج.
لنأخذ أيّ فئة من فئات المجتمع. المسئولون ، التجار ، الموظفون الذين لهم علاقة مباشرة بالجمهور ، ............ الخ
هل نرى احتراماً لآدميّة الإنسان عند هؤلاء؟.
هل نستطيع القول أن لكلمة ( نحن ) مفهوم و قيمة و هدف في مجتمعنا؟.
غالباً ما يكون تفكيرنا ذاتياً / شخصياً و نتناسى الرابطة الإنسانيّة التي تربط بعضنا ببعض ، و أن كل ما نفعله سوف يؤثر على الجميع.
و ختاماً تحيّة شكر و تقدير لمن كان فكره أساس هذه المقالة أخونا الـسـفـيـر.
ثم أنه تحيّة تشبهكم و سلام.