عرض مشاركة واحدة
قديم 09-11-2012, 06:23 AM   #1
عضو مميز جداً
 
الصورة الرمزية عبدالله الغانم
 
تم شكره :  شكر 20762 فى 3082 موضوع
عبدالله الغانم نسبة التقييم للعضوعبدالله الغانم نسبة التقييم للعضوعبدالله الغانم نسبة التقييم للعضوعبدالله الغانم نسبة التقييم للعضوعبدالله الغانم نسبة التقييم للعضوعبدالله الغانم نسبة التقييم للعضوعبدالله الغانم نسبة التقييم للعضوعبدالله الغانم نسبة التقييم للعضوعبدالله الغانم نسبة التقييم للعضوعبدالله الغانم نسبة التقييم للعضوعبدالله الغانم نسبة التقييم للعضو

 

Gadid إلى الجِنان ياطاهرة القلبِ والأردان

إلى الجِنان ياطاهرة القلبِ والأردان

كيف سيبدأ حرفي ؟ وماذا عساه أن يقول ؟ فالألم يعتصرهُ كمايعتصر صاحبه والحزنُ يكسوه كما خيَّم بظلاله على مالكه الذي أُصيبَ – قضاءً وقدراً- بفقد غاليته أمي الحنون الحبيبة الرؤوم التي اختارها الله إلى جواره في أيامٍ مباركة من أيام الله تعالى أيام التشريق في اليوم الذي سيظل محفوراً في الذاكرة ماحييت 12/12/1433هـ بعد أن صامت أغلب أيام العشر مع معاناتها من مرضي العصر السكرِ والضغط وضحَّت لوالديهاوتعيَّدت مع زوجهاوأولاده فرحةً مبتهجةً وكانت لحظة انتقالهارحمها ربي إلى الرفيق الأعلى فيها الهدوء والسكينة فقد خرجت روحهاتسيل كماتسيل القطرةُ من في السِقاء وأحتسبها أنها إمارة حسنة وبشرى خير بعد أن صلت العشاء الآخروطلبت مني قبلها أن أُسمعها شيئاًمن كتاب الله رقيةً عليهافجلستُ بجوارهاوتلوت ماشاء الله من آي الكتاب العزيز فلمستُ أثر وبركة القرآن في وجههاوبعدهااستقبلت ضيفاتها بكل حفاوة ٍ وترحاب ودعتهن إلى مشاركتهافي وجبة العشاءوكان هذاهوديدنُهاوعادتُها حيث كانت تُحب أن يشاركهاالناس من أقارب وأباعدوأحباب في وجباتهاوتأنس بذلك أشد الأُنس وأبلغه وتجتهد أن يُقدَّم لهم مايليق ويُشرِّف كما تفرحُ بمن يزورهافتبسطُ له وجهها وتُبالغُ في استقباله والترحيب به وتُحييه بأعذب الألفاظ وأطيبهاوماذاك إلا أنها وصولةٌ تُحب الوصل وأهله فقدكانت قبل إصابتها بجلطةٍ في قدمهاقبل بضعة أشهر تزورأقاربهاوجيرانهاوصديقاتهاوتطمئن عليهم وبعدذلك لم تستطع المشي على قدميهاالقدرالكافي فلم تنقطع عن عادتهاالحميدة وتواصلهاالمبارك فأصبحت تتواصل معهم من خلال الهاتف والجوال ومن حُبِّها لأولادهالايمرُّ يومٌ إلاوتتصل بهم مطمئنةً عليهم سائلةً عن أخبارهم مع أن الحق لهافقلبُهاالطاهرُ كبير وهمُّها عظيم بل بلغ من حرصهاومحبتهاأن لولم تسمع صوتي من خلال مكبرالصوت في المسجد المجاور لبيتها والذي أتولى إمامته فإنها مباشرةً تتصل بي أو تتصل بأهل بيتي قلتُ لها ذات مرة:لاتتعبي قلبكِ أمَّاه كثيراً فصحتكِ أهم فقالت:هو هكذاقلبُ الأم..ولم يقتصر حبها وحرصها على أولادهاوأقاربها بل كانت حريصةً على غيرهم من الجيران والصديقات وأولادهم تريدهم أن يكونوا جميعاً بخيرٍ وعافية فتتشافى لهذه وتهني تلك وتعزي الثالثة وظفرتَ من ذلك بمحبتهم وتقديرهم وكان يوم جنازتها يوماً مشهوداً فقد كُثرَ المصلون والمصليات الذين جاءوا من كل حدبٍ وصوب زُرافاتٍ ووحدانا يحملون في قلوبهم لها الحب والتقدير والذكرى الطيبة لاهجين لها بالدعاء المبارك وشيعوها إلى حيث قبرها -جعله الله روضةً من رياض الجنة- وتوافدت جموع المعزين والمعزيات إلى حيث بيتها يدعون ويبتلهون لها بالرحمة والمغفرة والجنان ولزوجهاوأولادهابالصبروالسلوان وهذا من المكاسب الثمينة فالناس شهودالله في أرضه كماوردفي الحديث وقد كان لهذا أثره في التخفيف عنا هول الفاجعة وشدة المصيبة التي جعلت مني أذوق اليتم على كِبَر وأفقدُ أمي التي غرفتُ من حنانهاوتعلمتُ من طهارة قلبهاوتلقيتُ دروساًمن محبةالخيرللآخرين الكثير..أمي الطاهرة الكافَّةُ العافَّة التي لن أنسى ماحييتُ تلك اللحظة الصعبة التي أنزلتُها مع أخويَّ في قبرها أول منازل الآخرة ..كم كان موقفاً مهيباً وثقيلاً يزلزل القلبَ ويُبكي العين ويهزُّ النفس هزَّا! وأتعزى بأنها في ضيافة ربٍّ كريم أُحسنُ الظنَّ به جلَّ في علاه وتقدس في سماه وهوعندحسن ظنِّ عبده به فسيرحمهاوهوالرحيم وسيكرمهاوهو الكريم وسيغفرلهاوهوالغفوروسيعفوعنهاوهوالعفو وسيشكرهاوهو الشكورفقد ضحَّت في تربية أولادهاالتسعة ورعاية زوجهاالذي لم تغادره الأمراض منذ أمدٍ بعيدأمراضٌ أرغمتهُ أن يغادرالوطن مراتٍ عديدة ويترك رفيقة دربه تتولى رعاية أولاده بمفردهاوذاقت الكثيرمن المتاعب والشدائدفي فترة كانت تعيش مع والدي قلة ذات اليدوشظف العيش ومسَّتهما البأساء والضراء ولكنها صبرت وصابرت وكافحت ورعت أولادهاوربتهم بفضل الله أحسن تربية وتزوجواجميعهم وأنشأوا أُسراً وكونوا بيوتاً وخرج منهم من يحمل شهادة الدكتوراه ومنهم من يحمل شهادة البكالوريس ومنهم الموظف وجميعهم نفع الله بهم أمتهم ووطنهم وعوَّض الله صبرَ هذه الأم الرؤوم وزوجها الرحيم خيراً فيهم حتى أصبحت تفاخربهم وتنسى ماواجهت من معاناةٍ وتعبٍ في سبيل تربيتهم وتعليمهم ..وبرحيلها- رحمها الله وغفرلها- يكون دورها في الحياة انتهى وتركت المسئولية لأولادها مؤملةً أن يرعوا والدهم ويبروا به وبها بعد موتها ولن تضيع آمالها بإذن الله فقد ربَّت أولاداً صالحين -أحسبهم والله حسيبهم – سيظلون يحملون لها الحب العظيم والوفاء الجزيل ويُقدمون لها ولأبيهم من البر الشيء الكثير ولعل من أبلغ هذا وأوفاه الدعاء الذي هو حبلٌ ممدود بين الدنيا والأخرى كماقال الحبيب صلى الله عليه وسلم [ إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث وذكر منهاأوولد صالح يدعو له] فاللهم ياحي ياقيوم ياذا الجلال والإكرم أسأل أن تغفر لأمي وترحمها وتعافيها وتعفو عنها اللهم آنس وحشتها في قبرها ونوِّرعليها فيه واجعله روضةً من رياض الجنة ...اللهم وانقلها من ضيق اللحد إلى جنة الخلد..اللهم واقبلها في عبادك الصالحين واجعلها مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا واربط يارب على قلب أبي وقلوبنا وأنزل عليها السكينة واجبر مصيبتنا وآجرنا فيها واخلف لنا بخير .
al-jazirah.com/2012/20121109/… عبر @Al_Jazirah
التوقيع
عبدالله الغانم غير متصل   رد مع اقتباس