عرض مشاركة واحدة
قديم 22-07-2013, 12:19 AM   #87
المشرف العام
 
الصورة الرمزية بنت الاصول
 
تم شكره :  شكر 44984 فى 14617 موضوع
بنت الاصول نسبة التقييم للعضوبنت الاصول نسبة التقييم للعضوبنت الاصول نسبة التقييم للعضوبنت الاصول نسبة التقييم للعضوبنت الاصول نسبة التقييم للعضوبنت الاصول نسبة التقييم للعضوبنت الاصول نسبة التقييم للعضوبنت الاصول نسبة التقييم للعضوبنت الاصول نسبة التقييم للعضوبنت الاصول نسبة التقييم للعضوبنت الاصول نسبة التقييم للعضو

 

رد: قصة شاعر من شعراء الجزيره العربيه



عمر بن أبي ربيعة
644 – 711 م
شاعر قريش وفتاها ، ولم تكن العرب تقر لقريش بالشعر حتى نبغ ابن أبي ربيعة فأقرت لها به ، كما أقرت لها بالشرف والرياسة . وكان جرير إذا أنشد شعر عمر قال : "هذا شعر تهامي ، إذا أنجد ، وجد البرد ." حتى أنشد رائيته الشهيرة فقال : "ما زال هذا القرشي يهذي حتى قال الشعر " وسمع الفرزدق شيئاً من نسيبه فقال : "هذا الذي كانت الشعراء تطلبه ، فأخطأته وبكت الديار ، ووقع هذا عليه " وسئل حماد الراوية عن شعره فقال: "ذاك الفستق المقشر " .
وكان الشاعر لا يشتهر في ذلك الحين إلا إذا مدح وهجا ، ورفع قبيلة وأسقط أخرى ، فتقاس فحولته بمقياس مدائحه وأهاجيه ، ويجعل له طبقة بين الشعراء . أما ابن أبي ربيعة وإن لم يعد من أصحاب الطبقات فقد طارت له شهرة في الغزل يحسده عليها أكثرهم. واعترف له بالشاعرية كبار الشعراء أمثال الفرزدق وجرير ، وجعل الغزل فناً مستقلاً يعرف به صاحبه ، بعدما كان غرضا تابعاً لغيره من الأغراض ، أو وسيلة يستهل بها الشاعر قصيدته للوصول إلى غايته . فقد وقف الشاعر القرشي شعره على المرأة ، فلم يقصد من المدح غير محاسنها . لا حسنات الرجال ، فكان أتبع لها من ظلها لا تروقه الحياة إلا في مجلس حب ولهو ودعاب . وكان له من شبابه وجماله وشاعريته ومحتده وثروته ما سهل له سبل الملذات ، فلها وعبث ما شاء أن يلهو ويبعث . فما وقعت عينه على حسناء قرشية أو غير قرشية إلا تتبع خطاها وشهرها بأشعاره ، ولولا نسبه في قريش وشوكة بني مخزوم لناله من وطأة السلطان ما نال سواه من الشعراء الغزلين . ومع ذلك لم ينجُ من التهديد والوعيد إما من قبل العشائر وإما من قبل الولاة ، فقد حدثنا الرواة أن بني تيم بن مرة القرشيين ثاروا غضاباً من غزله في نسائهم ، وأن الحجاج بن يوسف كتب إليه يتوعده إن ذكر فاطمة بنت عبد الملك بن مروان بشعره .
وسبب ذلك أن عمر كان ينتظر موسم الحج حتى إذا حان اعتمر ولبس الحلل الفاخرة وخرج من مكة يتلقى الحواج المدنيات والعراقيات والشاميات ، فيتعرض لهن ويتبعهن إلى مناسك الحج . ولا يزال يترقب خروجهن للطواف في الكعبة حتى ينظر إليهن محرمات ، فيرى منهن ما لا يراه خارج الحرم فيصفهن ويشهرهن بشعره . فاتفق ذات يوم أن رأى عائشة بنت طلحة تطوف بالبيت ، وكانت من أجمل أهل دهرها ، فبهت لما رآها وعلمت أنها قد وقعت في نفسه ، فبعثت إليه جارية لها وقالت : "قولي له : اتق الله ولا تقل هجراً؛ فإن هذا مقام لابد فيه مما رأيت " فقال للجارية : "أقرئيها السلام وقولي لها: ابن عمك لا يقول إلا خيراً." وقال فيها :
لعائشة ابنة التيمي عندي---حمىً في القلب لا يرعى حماها
فتأثر فتيان بني تيم عندما روي لهم شعره فيها، وقال أحدهم : " يا بني تيم بن مرة ليقذفن بنو مخزوم بناتنا بالعظائم !" فمشى ولد أبي بكر وولد طلحة بن عبيد الله إلى عمر ، وأنكروا عليه غزله بعائشة ، وأظهروا له استياءهم . فقال لهم : "والله، لا أذكرها في شعر أبداً " ثم أخذ يكني عن اسمها في قصائده ويتلطف في تبليغها ما يريد على أعواد المغنين .
وروى صاحب الأغاني خبره مع فاطمة بنت عبد الملك الخليفة الأموي ، قال: إن فاطمة حجت ، فكتب الحجاج إلى عمر يتوعده بكل مكروه ، إن ذكرها في شعره . فسكت عنها خوفاً من الحجاج ، مع أنها كانت تحب أن يقول فيها شيئاً لما له من الشهرة في وصف النساء . فلما قضت حجها ، خرجت فمر بها رجل ، فقالت له: "من أنت؟ " قال: " من أهل مكة . " قالت: "عليك وعلى أهل بلدك لعنة الله!" قال : "ولم ذاك؟ " قالت : "حججت فدخلت مكة ومعي من الجواري ما لم تر الأعين مثلهن، فلم يستطع الفاسق ابن أبي ربيعة أن يزودنا من شعره أبياتاً نلهو بها في الطريق في سفرنا . " قال: " فإني لا أراه إلا قد فعل . " قالت : " فأتنا بشيء إن كان قاله ، ولك بكل بيت عشرة دنانير . " فمضى إليه فأخبره . فقال : " لقد فعلتُ، ولكن أحب أن تكتم عليّ . " ثم أنشده قوله :
راع الفؤادَ تفرقُ الأحبابِ---يوم الرحيل، فهاج لي أطرابي
ولكنه لم يذكرها باسمها خوفاً من أبيها ومن الحجاج.
وهكذا كان ابن أبي ربيعة موكلاً بالجمال يتبعه ويصوره في شعره غير مقتصر على امرأة واحدة يتعشقها ويخصها بفؤاده وفنه ، فكثرت عنده أسماء النساء ، ومنهن معروفات الحلة والنسب ، ومنهن غير معروفات ، وتزوج غير مرة ، وله في كل زواج خبر طريف رواه الأغاني في جملة ما روى من أخباره . على أن الحياة الزوجية لم تحل دون توزع قلبه بين الحسان ومطاردته لهن في الحج والطواف، والاستئناس بحديثهن في الخلوات والنزهات ، حتى بلغ الأربعين فتاب إلى ربه، كما يقول الرواة، وحلف ألا يقول بيت شعر إلا أعتق رقبة ، حتى مات ؛ وكانت وفاته في خلافة الوليد بن عبد الملك .
وشعر ابن أبي ربيعة في المرأة لا يتميز عن غيره في ذكر محاسنها الخارجية ، فقد وصفها كما وصفها غيره ، وأعطاها التشابيه المألوفة في عصره وقبل عصره ، ولكنه يتميز بإدراك نفسيتها ، وتصوير أهوائها وعواطفها ، والتنبه لحركاتها وإشاراتها ، ومعرفة حديثها وطرق تعبيرها ، فليست المرأة شبحاً غامضاً يتراءى في شعرة ، بل روح خافق الفؤاد مختلج بعناصر الحياة .
وجاء القصص الغرامي عنده أوسع وأتم مما هو عند أستاذه امرئ القيس ، فله قصائد نجد فيها القصة مستكملة الهيكل من تمهيد وعقدة وحل طبيعي ، على ما يتخللها من حوار لذيذ تشترك فيه أشخاصها ، حتى ليخيل إليك أنك تقرأ قطعة تمثيلية تطالعك بأحاديث الحب ولغة المرأة في صدر الإسلام . فقد وسع عمر نطاق الحوار ولم يقصره على شخصين ، وأكثر منه في غزله وراعى فيه ذهنية المرأة وتعابيرها ، ففاق به من تقدمه وأحرز السبق على معاصريه .
وأضفى على غزله شيئاً كثيراً من خفة روحه ورقة طبعه فجاء لين الملمس طيب المساغ حلو الألفاظ يرتفع به حيناً إلى الصياغة الجميلة المحكمة التي أرضى بها أعلام الشعراء كالفرزدق وجرير ، ويميل به حيناً إلى التعابير الخفيفة السهلة التي تروق المغنين والمغنيات ، ويسف به أحياناً فما يستهويك فيه فن وجمال ، وإن اشتمل على ما يشتمل المرأة من نكتة وحوار ومداعبة ، وهو الذي رأى فيه جرير هذيان القرشي مثل قوله :
ولوت رأسها مراراً ، وقالت ،---إذ رأتني : اخترت ذلك أنتا
حين آثرتَ بالمودة غيري،---وتناسيت وصلنا ومللتا
قلتَ لي قول مازح تستبيني---بلسانٍ مقولٍ ، إذ حلفتا
عاشري فاخبري فمن سوء جدي---وشقائي عوشرتَ ثم خبرتا
فوجدناك، إذ خبرنا ، ملولاً--- طرفاً، لم تكن كما كنت قلتا
قلت: مهلاً ، عفواً جميلاً ! فقالت:---لا وعيشي ، ولو رأيتك متا
ويستوقفنا قولها له : فوجدناك ملولاً طرفاً ، فقد كان عمر كذلك في معاشرة المرأة ؛ والطرف : الرجل الذي لا يثبت على صحبة أحد لملله ، وكثيراً ما شكت النساء تقلبه وتنقله من واحدة إلى أخرى على إعجابهن به، وحبهن له، وميلهن إلى شعره . وقد عرف مكانته لديهن ، فاستغل تهافتهن عليه، مع ما به من زهو وخيلاء ، واعتداد بجماله وشبابه ، فتحول شيء من حبه الجسماني إلى شخصه ، فأخذ يشبب بنفسه ، ويجعل النساء تطلبه بدلاً من أن يطلبها وتعترف بإمارته على قلوبها ، وتغمزه إذا رأته في طريقها ، وتنعته بالقمر ، ولا تتحرج من أن تدعوه إليها في الخلوات . فكان من تلك الطبقة التي تعشقت ذاتها . وهو على كل حال أشهر الغزلين وأكبر زعماء هذا الفن في صدر الإسلام .
التوقيع
لا اله الا الله محمد رسول الله
بنت الاصول غير متصل   رد مع اقتباس