عرض مشاركة واحدة
قديم 26-11-2013, 10:35 PM   #106
المشرف العام
 
الصورة الرمزية بنت الاصول
 
تم شكره :  شكر 44984 فى 14617 موضوع
بنت الاصول نسبة التقييم للعضوبنت الاصول نسبة التقييم للعضوبنت الاصول نسبة التقييم للعضوبنت الاصول نسبة التقييم للعضوبنت الاصول نسبة التقييم للعضوبنت الاصول نسبة التقييم للعضوبنت الاصول نسبة التقييم للعضوبنت الاصول نسبة التقييم للعضوبنت الاصول نسبة التقييم للعضوبنت الاصول نسبة التقييم للعضوبنت الاصول نسبة التقييم للعضو

 

رد: قصة شاعر من شعراء الجزيره العربيه

: { سعدون العواجي ******



الشيخ سعدون العواجي هو شيخ عموم قبيلة (ولد سليمان ) التي هي من أفخاذ قبيلة عنزه الكبيره ، له شأن بين قبائله ، ورئاسته لهذه القبيله عريقه، مطاعاَ بين افراد القبيله ، شجاعاَ ومشهوراَ بفروسيته، وشاعراَمجيداَ، اشعاره حماسيه....وكثيرة الفخر وكان محترماَ حتى عند أعدائه ، وله أبناء كثيرون ولكن لم يشتهر منهم سوى أبنيه عقاب وحجاب، وهما شقيقان.... أما بقية أبنائه فلم يشتهروا. وشهرة عقاب قد زادت على شهرة أبيه ، وكان من الابطال القلائل بنجد.
ولكن قبل أن يبرز أبناه وقبل أن يبلغا سن الرجوله ، حصل بين الشيخ سعدون وبين زوجته والدة عقاب وحجاب خلاف أدى الى طلاقها ، وذهبت الى أهلها في بلاد سوريه ، ومعها ابناها ، وهي من قبيلة الفدعان من عنزه الموجودين في سوريه ، وكان أخوال الشابين –عقاب وحجاب – مشهورين بين أفراد قبيلة الفدعان ، وقد تربيا في اخوالهما أحسن تربيه ، وبعد ان بلغا سن الرجوله خيلوهما وأصبحا فارسين يضرب بهما المثل ، رغم أنهما بعيدان عن والدهما ، وقد ألتف حولهما بعض من جماعتهما (ولد سليمان) من النازحين الى سوريه مع قبيلة الفدعان ،واصبح عقاب وحجاب يترأسان قسماَ من عشائرهما في سوريه ، أما الشيخ سعدون فقد بقي شيخاَ لجماعته (ولد سليمان ) في نجد ، الى أن برز شخص من أبناء عمه يسمى شامخ العواجي ،وأخذ ينازع سعدون الزعامه ،ويعرقل نفوذه على قبيلة (ولد سليمان ) ، مستهتراَ بأوامر الشيخ ، وأخذ يتحداه في كل مناسبه ن ويقـلل من قيمته عند القبيله ، ويضع العراقيل في وجهه ، واخيراَ أخذ مكان سعدون ،وتزعم القبيله ، وأخذ يعامل الشيخ سعدون معامله سيئه ، وقد وصل به الامر الى حقره وحظر عليه أن يورد أبله على أي منهل ترده قبائل (ولد سليمان ) قبل أن ترد أبل شامخ وأبل كل القبيله، ولم يجد الشيخ سعدون من قبيلة (ولد سليمان ) أي نصير ،أو سند يدفع عنه الضيم ، وبقي بينهم محتقراَ يتجرع ويلات الذل ...... وقد قال أشعاراَ بهذا كثيره ، سأورد منها البعض ..وهو الذي استقيته من رجال عنزه الطاعنين بالسن ، وهذه من بعض أشعاره :








الله مـن هـم بكبـدي سعرهـادلَى يمل القلـب مـل الشواتـي
وش خانة الدنيا سريـع دورهـالـو أقبلـن سنينهـا مقفيـاتـي
ومن عقب ماني مقفيٍ عن نحرهااليوم بين القين هـو والحذاتـي
ومن عقب مانلبس غرايب شهرهامن فوق قـبٍ عندنـا مكرماتـي
يوم أن خيـال النـدم ماقصرهـاعمن جذت به نفهـق الاولاتـي
واليوم طيبنا على الشيـل مرهـاياحيـف مانستاهـل المعسراتـي
حـلال عقـدات كبـار عبـرهـاوخالق نجوم بالسمـا ساهراتـي
مامـال الا فـارغ مـن زبرهـا.ولا حـي الا مقتفيـه الممـاتـي
يارازق اللـي مابعشـه ذخرهـاطيور الهوى في قدرتك عأيشاتي
تفرج لمن عينه تزايـد سهرهـاألطـف بنـا ياعالـم الخافياتـي
ياللي خلقت أقفارها مـع بحرهـايامن بحكمـك تجـري الكايناتـي
أوجست من حر الليالي سعرهـا.وذكرت طيـب أيامنـا الفايتاتـي
ونشدت وين اللي ينثـر حمرهـاوقمت أتذكر وين حروة شفاتـي
اللي الـى الخيـل خبـث كدرهـاصوته ذعار القـرح الصافناتـي
عقاب السبايا كان جاهـا ذعرهـاعوق العديم ومشبـع الحايماتـي






لقد تألم بهذه القصيده ،وذكر الدنيا وميلاتها ، وتذكر ركوبه للجياد ، وأنه يرجع على الخيل الكاره ، ويهزم السابقات من خيل الاعداء ،وينقذ من تخلفت به جواده من رفاقه ، أنه لايستحق المعسرات ، لأنه اصبح العوز به ضاراً، حتى انه لا يستطيع ان يجد ما يحمل عليه امتعته ، ثم رجع الى ربه وطلب منه الفرج ، وقال هو الذي سبحانه يرزق الطير بأوكارها ، وهو الذي بأمره تجري الكائنات، ثم تذكر أبنه عقاباً ، وأشاد به ، وأخذ يسأل عنه وقال : من الذي ينثر الأحمر ؟ يقصد دماء الأبطال . أين الذي يرعب الخيل ، ويكدر صفوها ؟ أين الذي من زأرته تنفر الصافنات , ويدخل الرعب في قلوبها ، وقلوب فرسانها ؟ أنه عقاب الخيل ، ومشبع الطير من لحومهم ثم أردف بهذه القصيده الأخرى ، بين فيها أنه قد عزم على الرحيل ، ليفارق شامخاً وغطرسته ، وعندما لاحظه بعض الذين يعطفون عليه ، يجمع أمتعته ويحملها على رواحله أخذوا يلومونه وحاولوا أن يثنوا عزمه ، ولكنه أصر على الرحيل ، وقال في قصيدته أن شامخاً لاينصاع للحق ، لذلك فهو سيبتعد عنه ، ويعالج آلامه بالفراق، لأن في البعد سلوى له :





قالوا تحورف قلت يالربـع نجـاعوقالوا تقيم وقلت يالربع مـا قيـم
قالوا علامك قلت من قل الأفـزاعصيحة خلا ماعنـدي الا الهذاريـم
والى بغيت الحق من شامخ ضـاعيطرم علي دايـخ الـراس تطريـم
يبعد عن الفالات طقـه بالاصبـاعمن قلة اللـي يضربـه باللهازيـم
ليا صار ما توفي عميلك من الصاعما ينقعد لك عند حصـن النواهيـم
شبرٍ من البيدا يعوضـك الأفـزاعوسود الليالي يبعدنك عن الضيـم




ولكن هذا لم يكن به حل لامره ، فهو اذا ابتعد عن قبيلة (ولد سليمان ) سيكون لاجئــاً عند أحدى القبائل ، وهذا يرى ان فيه نقصاً عليه بعد العز الرفيع الذي كان عايشاً فيه ، واذا أنفرد وحده في فيافي نجد فسوف يكون لقمه سائغه لبعض الغزاة من الصعاليك ، وهو لايستطيع وحده حماية نفسه ، ولذالك فقد رجع بعد ان رحل مرغما ، بهذه الظروف زاد شامخ بطغيانه وتجبره على سعدون ، الرجل الطيب الوقور الشجاع ، جرى هذا كله على سعدون ، وأبناه عقاب وحجاب عند أخوالهما بالاراضي السورية ، ولهما (مخصصات ) عند الدوله العثمانية ، مثل بقية مشائخ عنزة الموجودين بسورية . والمواصلات بينهم مقطوعة ، وأخيراً لفت نظر سعدون شخص من الذين يعطفون عليه ، ان يكتب لأولاده ويشكو اليهم ويخبرهم بأعتداء شامخ على جميع سلطاته ، فكتب سعدون لأبنيه هذه القصيدة :






ياراكـب مـن عندنـا فـوق مهـذابمامـون قطـاع الفيافـي الـى أنويـت
عند الفضيلـة عـد يوميـن بحسـابأول قراهـم قـول ياضيـف حيـيـت
حـرٍ صغيـر وتومـا شـق لـه نـابوعقب القرا ودع رجـالٍ لهـم صيـت
وليـا ركبتـه ضربـه خـل الاجنـابوأنحر لنجم الجـدي وان كـان مديـت
وأسلم وسلم لي علي عقـاب وحجـابسلم على مضنون عينـي الـى ألفيـت
بالحال خـص عقـاب فكـاك الأنشـابينجيك كان أنـك عـن الحـق عديـت
قل له ترى شامخ شمخ عقب ما شـابويـا عقـاب والله ذللونـي وذلـيـت
ويا عقاب حدوني على غير مـا طـابوقالوا تودر من ورى المـاء وتعديـت
من عقب ماني سترهم عنـد الأجنـابوليـا بلتهـم قـالـةٍ مــا تتقـيـت
ما دام شامـخ مالـكٍ جـرد الأرقـابلو زيـن الفنجـال لـي مـا تقهويـت
ياعقاب حـط بثومـة القلـب مخـلابمن العام فـي نـوم العـرب ماتهنيـت
عقب المعزة صرت ياعقـاب مرعـابوالنـاس حييـن وأنـا عقبكـم ميـت
من الضيم ياعقاب السرب عارضي شابواذويت مـن كثـر العنـا وأستخفيـت
فاتـن ثـلاث سنيـن والنـوم ماطـابوشكواي من صدري عبـار وتناهيـت
البيت مـا يبنـى بـلا عمـد وأطنـابمتى يجينـا عقـاب يبـي لنـا البيـت
مالي جـدا الا عضـة البهـم بالنـابوراعيت كثر الحيف بالعين وأغضيـت
أرجي بشيـر الخيـر مـع كـل هبـابومتى يجونا أخوان نمشه على الصيـت




ولا بد أن القاري لاحظ مرارة شكوى سعدون لأبنيه ، وحرارة الذلة، وكيف أنه أصبح مهاناً بين قومه، بعد ماكان يحمي حماه ويقوم بنائبات القبيلة ، وقد شكى لأولاده وبين كل ما يلاقيه من شامخ ، ثم أثنى على عقاب ، وناداه ليجلي الضيم عنه ، ويفرج كربته ، وأخيراً قال أنه يرجو البشير الذي يبشره بمقدم أبنيه مع الرياح المنطلقه
وتساءل متى يصل أخوان أبنته نمشه اللذان كان لهما صيت .

وبعد أن وصلت هذه القصيدة لأبنيه عقاب وحجاب ، ثارت ثائرة عقاب ، وأمر أخاه أن يهيئ نفسه للرحيل من بلاد سورية
، ويترك مقرراته التي أستحصل عليها من دولة الأتراك هناك ، مادام أن والدهما قد لحق به الأمر، ثم قال عقاب هذه الأبيات مناجياً صديقه عيداً
، وكان عيد يمتلك فرساً ليست من الخيل الأصائل ، وأشار عليه عقاب بالقصيده أن يبيعها لأنهم ذاهبون لنجد ، وليس في نجد الا الخيل العتاق
، والرماح والطعن ، وخشي على صديقه عيد أن يخوض معمعة على جواده الهجين ، ويكون ضحية بالميدان ، أو ينهزم ثم يعد من الجبناء
، وقال: ياصديقي عيد سأهدي لك أول جواد أصيل أول جواد أصيل أخذه غنيمه في أول معركة نخوضها بنجد . :






ياعيد جلب مهرتك عفنـة الذيـللا عاد ما تكسب حذا قـول خيـال
رحنا لنجـد ولا بنجـد محاصيـلنطعن ونطعن فوق عجلات الأزوال
ان طعتني ياعيد بـدل بهـا كيـلودور لها من غاية السـوق دلال
ان نرت قالوا عيد عيل هل الخيلوأن هشت قالوا رد منهم بخيـال




قال الفارس عقاب هذه الأبيات ، فأطاعه صديقه عيد وباع الفرس ، وأشترى لأولاده زاداً ، ورحل عقاب وأخوه وصديقهم عيد ومعهم بعض الخدم ، وترك جماعته الذين من (ولد سليمان) بسورية ، ومشى بظعينته الى نجد وقد أستغرقت رحلته ثلاثين يوماً ، وصل بعدها بالقرب من منهل يسمى (الحيزا) من ديار قبيلة (ولد سليمان ) وقد باتوا على مقربه منها ، بعد أن تأكدوا أن أبل قبائل (ولد سليمان ) وارده على هذا المنهل ، في الليلة المذكورة وبعد طلوع الفجر الأول ، قام عقاب وتأبط سيفه ، وأمر أخاه ومن معه أن يتبعوه بظعينتهم ، ثم مشى على قدميه متجهاً الى العرب الذين على (الحيزا) مختفياً ، وأخذ يبحث عن بيت والده سعدون ، وكان قد أستوصف من الناس مايدله على بيت أبيه وقد قيل له .. أن شامخاً أمر على أبيه بأن لايرفع بيته بين بيوت القبيلة ، أذلالاً له وكذلك أمر راعي أبله قليلة العدد ، أن لا ترد على الماء الا بعد أن ترد أبل الحي بأكملها ، وعندما وصل بيت والده قبل طلوع الشمس ، وقبل أن يرد أحد على البئر ، وجد والده نائماً ، وكذلك راعي أبل والده نائماً بين الأبل ، فأيقظ الراعي ، وقال له: قم أورد أبلك الماء ، فقال له الراعي: لا أستطيع ياعماه ، لأن الشيخ شامخاً سيضربني ، وقد أمرني أن لا أرد الماء الا بعد أن ترد القبيلة ، فنهره عقاب بشده ، وحاول الراعي أن يعتذر لأنه لايعرفه ، فأكد عليه ، وقال له: أورد أبلك وأنا معك ولاتخف ، ومشى الراعي قسراً بالأبل الى البئر ، وأختفى عقاب بين الأبل ، وعندما وصلوا قرب البئر ، شاهد شامخ أن راعي أبل سعدون قد ورد الماء ، عاصياً لأمره فثارت ثائرته ، ونادى الراعي ، وتهدده ، فقال عقاب للراعي بصوت لايسمعه شامخ : أمض لسبيلك ولا تجبه ، وعند ذلك أشتد غضب شامخ ، وأخذ عصاه ، وأقبل من بيته يعدو ،ليشبع الراعي ضرباً كعادته ، وعندما قرب شامخ منه ، خرج عليه عقاب من بين الأبل ، كأنه الأسد ، مجرداً سيفه ، ووثب على شامخ ليقتله ، وعندما رآه شامخ عرف أن هذا عقاب ، الذي خبر أوصافه ، وتأكد من شاربيه اللذين يلامسان أذنيه ، فصعق شامخ ، وعرف أنه لا يستطيع الدفاع عن نفسه ، ولا يتمكن من الهرب الى بيته ، ففضل أن يرمي نفسه بالبئر الفريبه منه ، وفعلاً رمى نفسه ، وأطل عليه عقاب ، وأدلى عليه الرشا ، وقال: أخرج ، فقال: هذا هو قبري ،لا يمكن أن أخرج الا أن تعفو عني ، فقال عقاب: أن جبنك الذي رأيته سيجعلني أعفو عن قتلك مشروطاً ذلك بعفو الشيخ سعدون أي أبيه فترك عقاب راعي الأبل يسقيها ، وأمر من حوله أن يخرجوا شامخاً الجبان الذي أختار أن يرمي نفسه بالبئر ، ورجع عقاب بعد أن رأى أخاه حجاباً قد وصل بالظعينه ، فأومأ اليه نحو بيت والده ، وأمرهم أن يبنوا البيت الكبير ، وأن يرفعوا عماده ، وبعد أن سلموا على والدهم ، تهلل وجهه بشراً ، وسر برؤية أبنائه ، وبعد أن بنى البيت أثثوا مجلسه بأحسن الأثاث ، وهيئوا مقعداً وثيراً لوالدهم من أحسن المفروشات التي تنسج بسورية آنذاك ، وطلبوا من والدهم أن يجلس عليه ، ثم أمر عقاب صديقه عيدا أن يركب أحدى الخيل ، ويبلغ القبيلة بأن يحضروا للسلام على الشيخ وولديه عقاب وحجاب ، فراح صديقهم مسرعاً وبلغ القبيلة بعد طلوع الشمس فجائت قبائل (ولد سليمان) وسلموا على سعدون وأبنيه وتمت البيعه لسعدون من جديد ، وقد أعجبوا بعقاب وحجاب ، وكان أعجابهم بالشيخ عقاب عظيماً جداً ، حيث تأكدوا من رؤية الرجل الذي سارت بأخبار شجاعته الركبان من بلاد سورية ، وقد تم التحول بهذه الطريقة البسيطة ، وأشاد أبناء سعدون مجد والدهما من جديد ، وراح شامخاً نسياً منسياً ، وقد عفا عنه الشيخ سعدون ، لأنه رآه لا يستحق أن يجازيه على أفعاله ، لما ظهر من جبنه ، لقد رفع عقاب وحجاب والدهما الى القمة ، وأخذ الشيخ سعدون يصول ويجول في بلاده ، لايخشى أحداً من القبائل ، وزاد به الأمر أن أجلى بعض قبائل شمر عن بلادهم ..... ولا شك أن هذا يسواعد أبنائه ، خاصه أبنه عقاب الفارس الشجاع .
وذات يوم بلغ سعدون أن أراضي ( بيضا نثيل ) مخصبه ، وهذه يملكها مسلط التمياط ، شيخ قبيلة التومان من شمر، فالتفت سعدون الى ولديه عقاب وحجاب ، وقال لهما : أنني أحب أن أرحل الى (بيضا نثيل ) وآخذها عنوة من مسلط التمياط وجماعته ،فأجاب أبناه بالسمع والطاعه ، وقالوا : عليك أن تأمر ، ونحن سنأخذها قسراً ، فأمر سعدون العرب بالرحيل ، لأخذ (بيضا نثيل ) من التمياط ، وقال سعدون : سأرسل له هذه القصيدة أن يترك (بيضا نثيل ) بدون حرب . لأنه يحب أن يدلل أبله بها ، لأنها مخصبه .
:

وهذه هي القصيدة :




ياراكب اللي مـا لهجهـا الجنينـاماهي وحدها ثامنـة لهـا ثمانـا
فـج النحـور محجـلات اليدينـامن ساس عيرات وابوهم عمانـا
بلفـن لمسلـط ترثـة الغانمينـاقل أرحلوا عن جوكم صـار مانـا
نبـي ندلـه مقرعـات الحنيـنـاأذواد من رعي المخافـه سمانـا
ماهم بـورث أجدودنـا المقدمينـاكسب بالأيدي من حلايـب عدانـا
نفكهـن مـن لا بـة معتديـنـاومن دونهن عود العريني عصانا
يرعن بظل عقاب مروي السنينـااللي ليـا صـارت علينـا حمانـا
وقولوا لهم ترانا يمهـم مقبلينـاويقصر عن الطولات كانـه بغانـا
عدونـا نجيـه لـو مـا يجينـاونضفي على عدونا مـن خطانـا
ونركب على اللي كنهـن الشنينـاخيل الصحابة ما أعترضهن حصانا
والموت عند أقطيهن وان حدينـاوياسرع رد وجيههن مـع قفانـا




وفعلاً اخذوا (بيضا نثيل ) من ( مصلط التمياط ) ، وأتسعت حدود سعدون العواجي هو وقبيلتة ، الى أن بلغت من (خيبر ) الى قرب طي وشمالاً (تيماء) والنفود. ومع كون عقاب أشتهر بالشجاعة والفتك ، فقد هام بغرام أحدى بنات الحي وتسمى ( نوت) هذه الفتاة كانت أجمل فتاة بين قبائل عنزه ،ويضرب المثل بجمالها ، وقد قال عقاب فيها الاشعار الكثيرة ، وقد بحثت عن أشعاره بمحبوبته ( نوت ) ولكني لم أظفر الا بأربع قصائد ، أدونها للقارئ تباعاً وهي كما يلي ::





يا ونتي با قصى الضماير سندهـالا رقبت مشذوب المراقيب تـزداد
ونة عجوزِ مـات عنهـا ولدهـارملى ضعيفة مالهـا غيـره اولاد
على الذي مثنـاة قلبـي عقدهـاحبه بمكنون الحشا يسنـد أسنـاد
وعروق قلبـي يبستهـن بيدهـاصارن كما شن على الـدار بيـاد
أن أبعدت عينـي يجيهـا رمدهـاودموعها تسقي قناطيـش الاذواد
وان قربت كبـدي يجيهـا لددهـامرٍ هنـوع ومـرٍ ماتقبـل الـزاد
اللي كما الفنجـال غـزة نهدهـاوالثوب عن روس الثمر غادٍ ابجاد
ذكرت ربي يـوم قضـت جعدهـاخلاقهـا رب لـه النـاس سجـاد
ريميـه مـا ترتـع الاوحـدهـاتقطف زما ليق الخزامى بالاجـراد



ثم قال قصيد ته الثانية شاكيا غرامه ب( نوت ) وشاكيا لواعجه وما يقاسيه بحبها وهذه هي ::






واكبدي اللي كن به حمـو لا لـيبالقيظ والا حامـي الجمـر نالـه
تفـوح فـوح مبهـرات الدلالـيجزل حطبهـا ركـده ثـم شالـه
والعين جابـت دمعهـا بانتلالـييشدي هماليل المطر مـن خيالـه
من واحد يتعب على شـده بالـيلو ماعنت رجلي فقلبـي عنالـه
عينـه تشـادي قلتـه بالظلالـيفي حـد لـوح ماتنولـه حبالـه
وقذيلتـه يلعـب بهـا الهملالـيبدف الظليم ويتعب الـي حبالـه
اللي بميدان المـوده مشـى لـييرخص كلامـه ويتغالـى حلالـه
أنا أشهد انه بالهوى سـم حالـيويبس عروق الجسم واذوى خياله
عندي غلاه مرخص كـل غالـيطفـلٍ معذبنـي بزايـد دلالــه








وأما قصيدته الثالثه فقد شكى فراق محبوبته ، وكان أهلها رحلوا بها بعيداً عنه، وحالت بينه وبينها الفيافي الشاسعه ، ولايستطيع أن يصل اليها ، وأخذ يصف مابينهما من البعد ، ويشكو الى أخيه حجاب في هذه القصيده : :





من دون خلي حال (عرنان) و(كباد)و(حلوان) مرفوع الحجى حال دونه
شدوا وخلوني علـى الـدار ركـادوقفت مع الجرعا تبـارى ظعونـه
والدمع من عيني على خدي أبـدادمثل الغشين اليا أنتثر مـن زونـه
فرقى لطيف الروح ياحجاب لاعـادعقبه ضميـري يابسـات شنونـه
ياحجاب كان أنك عن الحال نشـادخلـي بقلبـي جايـرات طعـونـه
اللي ذبحني بالهوى يابن الاجـوادطفـلٍ قرونـه ماغطاهـن زبونـه
طفلٍ لشـراد المهـا صـار قـواديحير عقلي فـي تواصيـف لونـه
حبه بمكنون الحشى يسنـد أسنـادوأن خانني ياحجاب ربـي يخونـه



هذا ماحصلت عليه من قصائد عقاب العواجي بمحبوبته (نوت) ولابد أن لم أشعاراً كثيرة،لأن غرامه معها كان طويلاً ، وكان مستفيضاً بنجد ، حتى أن الفارس الشجاع والعاشق المعروف نومان الحسيني ، كان في رحلة صيد ، ومعه عبده قنيبر، ومعهما طير(صقر) وقد أطلق الصقر على حبارى ولحق به نومان على جواده يعدو وأثناء تتبعه له ، مر بفتاة بديعة الجمال ، راكبه بكرها داخل هودجها ،وقد أعجب بها ، وترك الصقر والحباري ، وأوقف جواده عند الفتاة،وأخذ يغازلها ، لعله يظفر بعطفها وغرامها ، ولكن الفتاة لم تلتفت لكل ماأبداه ،من تودد وأخذت تسأله عن شئ لم يخطر بباله ، أنه تسأله عن أشعار عقاب العواجي بمحبوبته (نوت) وتلح عليه أن يخبرها أن كان يعرف شيئاً من ذلك . لقد خسر نومان صقره ، الذي غاب عنه بالصحراء يطرد طير الحبارى ، وخسر ماهو مؤمله من غرام الفتاة ، لقد دفعت بكرتها ولجقت بظعون أهلها الذين كانوا راحلين في الصحراء ، ورجع نومان الى عبده قنيبر ، فسأله العبد عن الصقر، فأجابه نومان بهذه الأبيات ::






الطيـر منـي ياقنيبـر غـدا فـوتيطرد حباري خـم تالـي المظاهيـر
دليت أنط النايفه وأزعـج الصـوتالياما أبعدوا عنا العرب وأنتحى الطير
ألهتني اللي كن عينـه سنـا مـوتنجـل عيونـه والثنـايـا مغاتـيـر
تقول وش قال العواجي علـى نـوتشبه الطيوح اللـي تحـط المقاهيـر




وهذا دليل على أن غرام عقاب بنوت كان مهوراً .
و( لرحيل ) والد (نوت) أخ يسمى (قرينيس) له ثلاثة أبناء ، أحدهم أبرم عقد نكاحه على نوت بنت رحيل ، ولكنها رفضت الزواج من أبن عمها هذا ، لأن غرامها بعقاب قد تمكن من قلبها ، ولاترضى الزواج بغيره ، وكان بينهما روابط قوية ، وأخيراً أضطر عقاب الى أن يأتي اليها بوضح النهار ، على مرأى ومسمع من أهلها ، ويجلس بالقرب منها ، ويحدثها ماطاب له الحديث ولا أحد يجرؤ أو حتى يفكر بمنعه ، وكان عشقاً بريئاً كل البراءة ، وبعيداً كل البعد عن الرذيلة ، وبمنتهى العفة والشرف .
لقد لاحظ ذلك أبن عمها المعقود له عليها فتشاور مع أخوانه بالأمر ، وقرروا أن يذهبوا لعمهم
(رحيل) ويخبروه أن أمر عقاب تعدى الحدود ، وأنهم لايقبلون أن يأتي عقاب لأبنة عمهم ، أمره ، وأن أصر على تحديه فسنقتله ، ونحن نطلب رأيك ، فنظر اليهم عمهم طويلاً ، ثم هز رأسه ، وقال هذه الكلمة : ياويلكم من عقاب !! ياويلكم بعد عقاب !! وقام بعد هذه الكلمة ، وهنا بهتوا ، وبقوا يتسائلون عن معنى كلمة عمهم ، فقال أكبرهم : نعم أن عمكم يقول ياويلكم من عقاب أن حاولتم قتله ، وهذا شئ من المستحيلات ، لأن عقاب كما تعرفونه ليس بالسهل قتله ،أما قوله ياويلكم بعد عقاب ، فمعناه أنكم لو ظفرتم بعقاب وقتلتموه فقد هدمتم عزكم ، وخسرتم الشخص الذي أرهب أعدائكم ، وحمى بلادكم ،وفتحنا بيننا وبين أبناء عمنا مشكلة كبيرة ، ستكون سبباً بأنقراضنا جميعاً ، وأن أفضل أن تتركوا ( نوت ) لعقاب ، وهو أحق بها ، لأنه يحبها وتحبه ، وهذا هو أفضل شئ نعمله لحل المشكله ، وقد أجمعوا على هذا الراي ، فتم طلاق (نوت ) وتزوجها عقاب ، وبلغ إمنيته بنوت التي هام بغرامها سنين طوالا ، وبعد أن عرف عقاب ما دار بين الأخوه وعمهم ، رحيل العواجي ، وأنهم طلقوا نوت من أجله رأى لزاماً عليه أن يقابل الجميل بالجميل ، وكانت له أخت تسمى ( حرفه ) سبق أن عقد لها على أبن عمها القريب المسمى ( دغام الأحيمر ) ، لذالك أرسل عقاب لأبن عمه ، وأخبره أن أبناء قرينيس العواجي عملوا معه جميلاً وطلفوا بنت عمهم نوت من أجله ، وأنه يجب أن يكافئهم ، ونظراً لأن حرفه رافضه الزواج منك ، فأنا أحب أن تطلقها لأزوجها على الذي طلق نوت من أجلي .. فقال ؟ أنا لن أطلق حرفه ولو قطعت رقبتي ، فثار عقاب ، وأقسم على نفسه أن يقطع رقبته في الحال وطلب سيفه ، وكان عقاب لا يقول شيئا الا فعله ، وعرف دغام أنه قاتله لا محاله ، وحالاً أرتمى على ركبتي عقاب ، وأخذ يقبلهما معلناً طلاق حرفه ، جهاراً بصوته ، وبعد الطلاق زوجها عقاب سعود بن قرينيس ، الذي طلق (نوت) وكذلك أرسل لأخويه الأخرين ، وقال لهما أن هاتين الطفلتين يقصد أبنتيه الصغيرتين اذا بلغتا سن الزواج فسوف أزوجهما بكما ، وفعلا زوجهما بهما ، وأنجبت كل واحده منهما . ومن الثابت عندي أن أسباط عقاب من أبنتيه هم الذين يترأسون قبيلة ( ولد سليمان ) ، وقد وصلت اليهم الرئاسة بعد وفاة عقاب وأبنه ، ولازالوا هم رؤساء القبيلة ، ويقال لهم آل محمد.


نرجع الى الشيخ سعدون والد عقاب ، بعد أن أستولى على ( بيضا نثيل ) من التومان ، حصل بينه وبين قبائل شمر معارك هائلة ، حتى أجلاهم عن بعض مساكنهم ، وقد دافعوا دفاعاً بطولياً خاصة قبيلة الغيثه من عبده ، أما مصلط التمياط وقبائله ، فقد جلوا عن ديارهم واستولى عليها سعدون وأبناؤه ، ولم تزل يملكها العواجية الى الأن
بعد أنتصار سعدون العواجي على مصلط التمياط وقتله أبن أخيه ، قال الشيخ سعدون هذه القصيده:
:







ياراكب من عندنا فـوق نسنـاسيشدي ظليـم جافـل مـع خمايـل
زين القفا ناب القرا مقعد الـراسومعرب من ساس هجـنٍِِِِ اصايـل
لامــد رواي ولا راح عـسـاسعروٍ الى ما فـات حمـو القوايـل
اليا جيتهم في ربعة الشيخ جـلاسينشدك من هولي صديـق يسايـل
قل صبحونا أجرودهم ما لها اقياسسكن الجبل جانا مع الصبح صايـل
وانا أحمد اللي عاضهم كسرة الباسكسيـرة وصلـت قفـار وحـايـل
في روضة التنهات قرطن الألبـاسوذبحٍ ليامـا جيـت بيضـا نثايـل
وكم جثـةٍ مجدوعـةٍ مابهـا راسبسيوف يشفـن الطنـا والغلايـل
وكم سابقٍ راكبها طـاح منحـاسمن المعركه يجيـك للقـاع مايـل
والصبح جانا مصلط دايخ الـراسوجاه العقاب الصيرمي فوق حايـل
وأعذر بنقل السيف واعذر بالألباسوراحت تقمز بـه زبـار المسايـل
وجرس خلي في زواقيـب حـراسوياويل مسلط عقب واف الخصايل
وليا قعد بالبيت يزهـي بالألبـاسعمره صغير وماضـي لـه فعايـل





بعد هذا ارسل مفتاح الغيثي الى قبائل شمر يستحميهم ويطلب منهم النجده ، فحضر عدد منهم ووقفوا في وجه سعدون ، وقفة الابطال ، وحصلت بينهم وبين سعدون معركه هائله على المنهل المسمى ( بظفره ) وهو من مياه شمر ، انتصرت فيها شمر على العواجي وقبائله ، وقال شاعر شمر رشيد بن طوعان هذه القصيدة يصف المعركه ::






يامزنةٍ غـرا نشـت لـه رفاريـفهلت على ظفره مطرهـا انهشامـي
زبيديهـا روس المهـار المزاعيـفوعشبه قرون مسيحيـن الاودامـي
تصرخ بها حدب السيوف المهاديـفوتفتح بهـا بقـع النسـور الاثامـي
دزٍ بـعـودان البلـنـزا وتنجـيـفوروحوا وراكـم يافـروخ الجلامـي
ظعاينٍ تسري وتجري مـن السيـفومن (واقصة) ما شيعـوا للمقامـي
زمـل الطواليـات جنـك مزاهيـفعلى جنـاح الكـود يمشـن همامـي
يتلون عـدوان زبـون المشاعيـفكسابـة العيـدان ريـش النعـامـي
نهجت اسـر جموعهـم بالتواقيـفالـن وجيـه جموعهـم بالنخدامـي
ونظرت ربعي عايزيـن التواصيـفالى الخيل بالزهـام والجمـع زامـي
ونعمٍ من العصـلان وأولاد اباسيـفوعيـال عليـا كانـهـا بالتحـامـي
ان فات مـا بقفوشهـم والتطاريـفردوا لنصـب مفكـكـات اللجـامـي
انا أشهد ان قلوبهم صمـع ياخليـفوردوا حياض الموت ورد الظوامـي
وديارنـا حنـا لنـا بـه تصاريـف(سلمى) و(رمان) و(اجا) و(العصامي)
عينـاك يارمـان زيـن الهفاهيـفيامـا ذبحنـا دونهـا مـن غلامـي
نطعن ونطعن عند هـاك الكراشيـفوتسعَـر دونـه عـمـار تسـامـي
نبـي نقلـط ميرهـن للضيايـيـفان صكـت البيبـان دون الطعامـي




ورغم أن شمر أنتصروا بهذه المعركه فأن سعدون العواجي وأبناءه لم يفقدوا شيئاً من أراضي شمر التي كسبوها .
لقد أتفقت شمر على أن يصبوا فنجان من البن ، ويضعوه بينهم ، ويقولون لفرسانهم : الذي يشربه في مجتمعهم هو المسئول عن قتل عقاب ، في أول معركه نخوضها معه ، أنه لا يمكن أن يتجرأ على شربه ، الا من كان قوي الجنان ، وعنده الثقة بنفسه ، فقام شاب من بين الصفوف يسمى ( أبا الوقي ) ولم يكن من عائلة لها ماض بالفروسيه ، فأخذ الفنجال وشربه ، في مجلس شمر ، وقال : أنا شارب فنجال عقاب ، وسأقابله على ظهور الخيل ، وعندما التحم شمر في معركة مع (ولد سليمان) جماعة عقاب العواجي ، وعندما رأى (أبا الوقي) عقاباً بين الخيل ، دفع جواده ، وكان عقاب لا يظن أن أحداً يتجرأ ويهجم عليه ، خاصة مثل هذا الشاب الصغير ، فلقيه عقاب ولما أقترب كل واحد من الآخر أطلق كل منهما سهمه على الآخر ، ولكن لم يصب أحدهما ، والتصقت جوادهما ، وتماسكا بالأيدي على ظهور الخيل ، ثم وقعا على الارض ، فهجمت فرسان عنزة لتخليص عقاب وهجمت فرسان شمر لتخليص ابا الوقي ، الشاب الذي ضرب أروع مثل بالبطوله ، ونفذ ما التزم به ، ودارت المعركة وحمي الوطيس ، وثار غبار الخيل ، وغطى كل شئ ، حتى أن الفارس لا يبصر الآخر ،وتخلص عقاب من الشاب أبا الوقي ، وقام من الارض والغبار يحجب كل واحد عن الاخر ووقعت يد عقاب على سيف بالارض وامسك بجواد واقف فوق رأسه ، وكذالك أبا الوقي هو الاخرأخذ سيفاً ، ووجد جواداً من حوله، فأخذه وعندما أفترقا اذا بالسيف الذي مع عقاب هو سيف ابا الوقي وكذالك الجواد كان جواده ، وابا الوقي وجد ان السيف الذي معه والجواد هما سيف وجواد عقاب ، وانفصلت المعركة بعد ذلك ، وكانت النتيجة خيبة امل للشيخ سعدون ، لأنه رأى بالأمر غضاضة عليه ، حيث أن جواد وسيف أبنه يأخذهما شاب صغير من قبيلة شمر ، ليس معروفاً، ولم يكن له ماض ، وليس كفواً لمقابلة عقاب في نظره ، وقد قلق للأمر وسهر ليلته ولم ينم ، فجاء اليه شيوخ قبيلة (ولد سليمان) وقالوا له لا تقلق يا ابا عقاب ، على فقدان جواد وسيف ، فكل خيلنا وسيوفنا نقدمها لعقاب عوضاً عن جواده وسيفه ، فقال: أنا لا يهمني جواد عقاب وسيفه ، ولكن الذي يشغل بالي ويحز في نفسي وأخشى منه ، هو أن شاعر شمر مبيريك التبيناوي ، قد يقع على بيت من الشعر ، عالق في ذهني الآن ، فقالوا: ماهو البيت ياسعدون الذي تخشى ان يجده شاعر شمر ؟ فقال لهم هو هذا البيت :
:






السيف من يمنى عقابٍ خذيناهوالخيل بدل كدشها بالاصايـل




وفعلاً وقع ما كان يخشاه سعدون ، حيث بعد أنفصال المعركة ، قال شاعر شمر مبيريك التبيناوي
قصيدة من ضمنها البيت الذي أشار اليه سعدون ، وهو ثاني بيت من القصيدة الآتية :
:






أبا الوقي يالبيض خضبـن يمنـاهوانا شهد انه من عيـال الحمايـل
السيف من يمنى عقـاب خذينـاهوالخيل بـدل كدشهـا بالاصايـل
هـذي سلـوم بيننـا يالقـرابـاهيازين بيع المنسمح يابـن وايـل
وعقاب ما سبه ولا سـب حليـاهان جو على قب المهار الاصايـل
يركض على الصابور ما به مراواهشئ تعرفـه كـل سمـو القبايـل
لا شك عندي لـه فهـود مغـذاهعيال شمـر فـوق قـب سلايـل

وفي بعض السنين نزل على سعدون وأبنائه الشيخ مجول بن شعلان ، ومعهم قسم من قبائل الرولة أيام الربيع ، وقد أتفق مجول بن شعلان وسعدون العواجي أن يغيروا على قبائل حرب الموجودين بأراضي ( رخا ) الماء المعروف ، وفعلاً غزوا حرباً وأغاروا عليهم بالمكان المذكور ، وأخذوا منهم مواشي كثيرة ، من بينها أبل مشهورة تسمى ( بشملا ) وكان زعيم قبائل حرب أبن فرهود ، وكان غائباً عندما أغاروا عليهم ، وبعد أن رجعوا الى ديارهم غانمين رحلوا جميعاً الى الشمال ، بديار سورية ، لأنها باردة في أيام الصيف ، وعندما علم أبن فرهود شيخ قبائل حرب ، برحيل سعدون العواجي وأبنائه وعربانهم مع الشيخ مجول بن شعلان ، أرسل لهم هذه القصيدة يتهددهم ويقول : أرجعوا لدياركم محاولاً أن يأخذ ثأره منهم ، ومبيناً ندمه أنه لم يحضر عندما أخذت الابل المشهورة ( شملا ) وهذه قصيدته ::






يامجول الغيبات يقضا بها دينغيبة جنبها يوم جاها الزوالـي
لا واخسارة لبسنـا للتواميـنيوم أن شملا غربت للشمالـي
ياعقاب لا تقفي بثار الشعاليـنأنكس لدارك يا كريم السبالـي
نجي على قب سواة الشياهيـنسوٍ على اللي ينزلون الجبالـي
نبي نطارد شاربيـن الغلاويـنوناخذ عوض شملا بكارٍ جلالي
أما جدعنا عقاب ليث الغلامينوالا جدعنا حجاب ريف الهزالي




وعندما وصلت هذه القصيدة سعدون أجابه بهذه القصيدة :





أثاري كذبك يابن فرهود بالحيـلتقول من خوفك نحرنا الشمالـي
لولا علومك ما نكسنا عن الكيـلمن ديرة اللي شفها شـف بالـي
ياناشـدٍ عنـا ترانـا مقابـيـلننزل لكم ( رخا ) وناخـذ ليالـي
نبي نطاردكم على شـرد الخيـلونشوف منهـو للسبايـا يوالـي
واللي يطارد خيلكم صفوة الخيـلبايمانهم مثل المحـوص المدالـي
وعقاب فوق مشمر تكسر الذيـلشلايعه من خيلكـم كـل غالـي
اليا عدا فيكم عـدا فيكـم الويـلويروي حدود مصقلات السلالـي
نطاح قاسين الرجـال المشاكيـلوبالفعل تشهد له جميع الرجالـي
ياويلكم مـن زايـدات الغرابيـلان طار عن قحص المهار الجلالي
انشد وتلقانا على قـرح الخيـلبايماننا ريش الغلب لـه ظلالـي
عدونا نسقيه ويـل بثـر ويـلوصديقنا يشـرب قـراح زلالـي




ورجع سعدون بقبائله متحدياً ابن فرهود ، ونزل منهل رخا وأغارعلى قبائل حرب ، وأخذ أموالاً وخيلاً كثيرة ، بعد أن توارى عنه أبن فرهود ، وهرب طالباً لنفسه النجاة .. ثم قال سعدون هذه القصيدة مفاخراً ومشيداً بفعل أبنه عقاب وقومه وقال أن حرباً نفرت منهم مثل ما تنفر الأغنام من الذئاب ، وهاهي القصيدة ::






ان كان ابن فرهود يطلب لقانـاجينا على الزرفات خيل الصحابة
جينا وربعه قوطره فـي نحانـامثل القطيع اللي نحتـه الذيابـه
وشملا تزايد نيها فـي حمانـاويا ما خذينا غيرها من جلابـه
وجبنا البكار المكرمات السمانـاوطرش كثيرٍ ولا عرفنا حسابـه
حنا ليا صلنـا طـوال خطانـاوهذي عوايدنا نهـار الحرابـه
نجيك فـوق مكاظمـات العنانـاصفرٍ عليهن لا بسين العصابـه
عاداتنا وان كان شفنـا أقبلانـامن دمهم (رخا) نـروي ترابـه
وعقاب فـوق مشمـر بمعدانـاالخيل في يوم الملاقـى تهابـه
منكم يروي حربتـه والسنانـاوفرسانكم قفت ذعرهـا عقابـه
جاكم سريعٍ بالعجل مـا توانـاومن يوم حل بخيلكم جا ذهابـه
منكم خذينـا يالحريبـي قرانـاكل أبلجٍ حنـا قصرنـا شبابـه
نرقد بامان الله وتسهر عدانـاومن فعلنا يسهر كبير المهابـه
حريبنا يقضـي ويلقـى عيانـامثل الخشوم الطايله من هضابه




بعد أن رجع سعدون وقبائله الى موطنهم ، كان عقاب لا يكفيه أن يهاجم عرباناً بعربانه ، ولكنه كان دائماً يغزو غزوات بعيدة المدى ، يغنم فيها أموالاً من مواشي الأعداء البعيدين ، وكان يغزو أحياناً جهات القصيم ، وأواسط نجد .
وفي غزوه من غزواته صادف ثلاثمائة فارس من فرسان حرب وان معه ثمانون فارساً فوقع الطراد بينه وبينهم وحصل خسائر بين الجميع ، ولم يغنم أبلاً من حرب ، رغم أنه لم يغزو الا من أجلها ، وأثناء رجوعه وعند وصوله الى أحياء قبائله ، أعترضته فتاه تسأله عن حليلها وكان من الفرسان المرافقين له :







يا عقاب يا حبس الظعن باللقا الشينياللـي حريبـك بالهزيمـة يمـنـا
عينت ذيب الخيـل يـوم الأكاويـننور العيون بغيبـة الشمـس عنـا
هـو سالـم والا رمـوه المعاديـنيا عقـاب خبرنـي تـراي أتمنـا



فأجابها :






يا بنت يللي عن حليلـك تسأليـنحنـا لنـا حـي يسألـون عـنـا
خمسة عشر ليلة على الوجه مقفيننـدور وضـحٍ بالأباهـر تحـنـا
وسفنا هل البل شاربين الغلاويـنمـن دون رخـم للحوبـر تحنـا
جونـا ثلاثميـه وحنـا ثمانـيـنمثل المحوص الشلف منهم ومنـا
وبانت رديتهـن وشفنـا الردييـنوكل عرفنـا عزوتـه يـوم كنـا
ليتك تراعي يا عـذاب المزاييـنيـوم أن عيـدان القنـا يطعننـا
منا حليلك طـاح بيـن المثاريـنفي ديـرةٍ فيهـا الوضيحـي تثنـا
ومنهم جدعنا عند شوقك ثلاثيـنوكم خيرٍ من راس رمحـي يونـا
في ساعةٍ فيها تشيـب الغلاميـنأنطح نحـور الخيـل يـوم أقبلنـا
ياما نقلت الدين وألحقتـه الديـنوحريبنـا فـي نومتـه مـا تهنـا
أرسي لهم يا بنت وأنتي تعرفيـنلياما حمام النصر رفـرف وغنـا
واردهـا والحـق ربـوع مخليـنبوجيـه قـومٍ يطلقـون الأعـنـا
عاداتنا نخلـي سـروج المسميـنونروي حـدود مصقـلات تحنـا
وقلايعي من نقوة الخيل عشريـنقـبٍ ولا فيهـن ثـبـارٍ ودنــا



بهذا أنبأها عقاب أن حليلها قد قتل .



أما قبائل شمر فلم ينسوا ماخسروه من ديارهم ، لقد أرسلوا رسلهم لقبائل شمر النائيه يستنجدونهم على سعدون وأبنائه ، وفي هذا الأثناء غزا هايس القعيط شيخ قبيلة آل بريك - شمر- من الجزيرة بالعراق، ومعه سبعون فارساً غزا بلاد ( ولد سليمان ) جماعة سعدون العواجي ، وعندما كمن بالقرب من مغالي أبل ( ولد سليمان ) رآهم شخص من قبيلة آل سويد من شمر ، وكانت والدته من جماعة سعدون العواجي وهم أخواله ، فذهب لهم وأنذرهم هجوم شمر أهل الجزيرة الذين يترأسهم هايس القعيط ، وسميت بعد ذلك عائلة هذا الشخص ( بالنذرة ) ولا زالوا بهذا الأسم حتى الأن بين شمر ، وعندما علم (ولد سليمان) أن هايس القعيط ومن معه قد كمنوا لأبلهم هبوا وركبوا خيولهم ، وراحوا للأبل بالمفلى من ليلتهم ، وفي الصباح أغار عليهم جماعة هايس القعيط ، يتقدمهم زعيمهم البطل الشجاع هايس ، وحصلت المعركة بينهم ، وهزم هايس وجماعته وجماعته ، وألقوا القبض على سبعين شخصاً كانوا من جماعة القعيط يحملون الماء والشعير، للسبعين الجواد التي عليها الفرسان ، وهؤلاء يسمون ( زماميل الخيل ) ، وراح عقاب يطارد فرسان شمر المنهزمين ، وأتبعه أخوه حجاب ، وعندما أبصر هايس القعيط عقاب وحده وأخوه يتبعه بعيداً عنه ، التفت الي جماعته وقال : اليوم هذا يوم الثأر ، أنظروا عقاباً وحده ، والذي أتى به اليوم هو حظكم يا فرسان شمر ، ويجب علينا أن نهب عليه جميعاً لعلنا نظفر به ، وأذا أراد الله وقتلناه فقد أخذنا ثأر شمر جميعها ، وذكرهم بفارس شجاع قتله عقاب بالعام الماضي ، وهو هذلول الشويهري ، وكان عزيزاً على كل قبائل شمر ، وفقدانه كان خسارة عليهم ، فشحذ هممهم
وأستثارهم ، فصمموا أن يهبوا هبة رجل واحد ، وفعلاً جرى ذلك عندما أقتربوا من كثبان من الرمل تسمى ( زبار وريك ) ، وكان عقاب على مقربه منهم ، فرجعوا شاهرين سلاحهم صفاً واحداً ورشقوا عقاب بسهامهم فقتلوا جواده ، فخر على الأرض ، ثم نزلوا عليه وقتلوه ، وأستمروا يطاردون أخاه حجاب فظفروا به وقتلوه ، حصل هذا وفرسان (ولد سليمان) لا يعلمون عما حصل على زعمائهم عقاب وحجاب ، وكانوا منشغلين عند السبعين الذين أسروهم ، وبقوا يتقاسمون غنيمتهم ، وما علموا أنهم خسروا بذلك عقاب الخيل وأخاه حجاب ، وبهذا أنهدم عز الشيخ سعدون ، وتداعت أركان مجده ، بفقدان أعز أبنائه .
أما قبائل شمر فقد شفوا غليلهم بمقتل عقاب وحجاب ، وطاب نومهم ، وأخذ شعراؤهم يفخرون ويدبجون الشعر ، أسجل هنا ثلاث قصائد من شعرهم ، منها قصيدتان لمبيريك التبيناوي ، وواحده لأبن طوعان ، وهما من شعراء شمر البارزين : وهذه أحدى قصائد مبيريك التبيناوي:






أن كان ( هيفا ) تزعج العام الأصوات( نوت ) يروع اليوم جضـة قطينـه
عقاب رمنه يوم الأفـراس عجـلاتوكلـن حثـات البـراثـن وتيـنـه
فـوات قبـل مدوريـن الجـمـالاتيـا ليـت عقـال المـلا حاضرينـه
وحجاب ياما قال بالبيت : قـم هـاتعـزي لكـم يـا لابــةٍ فاقديـنـه
من زوبـعٍ والا السناعيـس الافـاتفـوات ماعـود عـلـى مرتجيـنـه
خلوه زينيـن ( المياحـه )و(الأرات)وينام سعـدون علـى سهـر عينـه
هـاذي سلـومٍ بينـنـا يالقـرابـاتياحلـو ردات الجـزا قبـل حيـنـه



وهذه قصيدة التبيناتوي الثانية :






ياعقاب عقبان المنيصب لون لـكواستلحقن ياعقاب راسك معه راس
لا تحسب أن الخيل قافٍ عطن لـكأرقابهن عوجٍ لكم عقب مـرواس
أحذر من اللي بالقدح غذيـن لـكشهب النواصي فوقهن كل مدبـاس
هايس على صم الرمك عابيٍ لـكعيال زوبع مرويـة كـل عبـاس
بغربي زبار أوريك يوم أوجهن لكراحت تدهدا جثتك مـا بهـا راس



وهذه قصيدة الشاعر رشيد بن طوعان :






حرٍ شهـر بـس الزماميـل والخيـليـدور صيداتـه بغـراة الأجـنـاب
باول شبابـه عـذب الكنـس الحيـلوخبط بيمناه البحـر عقـب ماشـاب
راح النذيـر وصبـح النـزل بالليـلوتكافحـت فزعاتهـم قـبـل الأداب
وتوافقـوا بالعـرق حـد الغراميـلمتكاظميـن مثـل أبازيـد وذيــاب
وغشا زبار أوريـك مثـل الهماليـلونشبت رماح القوم باقطي الأصحـاب
وترايعـوا للهرش ربـع مشاكـيـلحمايـة التاليـن والخيـل هــراب
عيـال الشيـوخ معربيـن الأخاويـلردوا على ربـعٍ تدانـوا بالأنسـاب
وان كان (نوت) تزعج الصوت بالحيللعيون (هيفا) نردع الشيـخ بحجـاب
أربـع ليـالٍ مالقـتـه المراسـيـلعليت وجـه كـوح العصـر بتـراب
حريمنـا لجـن بزيـن الهلاهـيـلمتحريـاتٍ شلعـة الـحـر لعـقـاب
وحريمهم تصرخ صريـخ المحاحيـلجاهن عليمٍ مع هـل الخيـل ماطـاب
ياضبيب لـو ذبحـت كـل الزماميـلذبحة دخيـل البيـت ماترفـع البـاب
دنيـاك هـاذي يالعواجـي غرابيـلمن شق جيب الناس شقوا له أجيـاب



لقد أشار شعراء شمر الى (هيفا) والى (نوت) : أما هيفا فهي والدة هذلول الشويهري ، وأما نوت فهي زوجة عقاب العواجي ، أشار شاعر شمر الى ضبيب وذبحته (للزماميل) فضبيب المذكور هو أبن عم لعقاب العواجي ، ويقال أنه هو الذي تجرأ وقتل السبعين شخص الذين أسروهم من جماعة هايس القعيط .
وعندما رجع فرسان (ولد سليمان) مع أبلهم بالليل أخذ سعدون العواجي يقابل كل كوكبة من الخيل يسأل عن عقاب وحجاب ، فيقولون له عهدنا بعقاب والخيل هاربة عنه وهو يطاردها ، وبقي سعدون على هذا الحال يسأل عن أبنيه ، وعندما قرب الصباح وعقاب وأخوه لم يرجعا ، كان سعدون ساهراً طوال ليله يخامر نفسه ، فقال هذه القصيدة :







البارحه نومي بـروس الصعانيـنطـوال ليلـي ماتهنيـت بـمـراح
كبـد نعالجهـا بعـوج الغـلاويـنوروابـعٍ ماتـودع القلـب ينسـاح
بلاي والله يـا مـلا خابـرٍ شيـنتظهر علينـا مرمسـاتٍ الـى راح
اللي يكف الخيـل كـف البعاريـنويرخص بروحه يوم يغلون الأرواح
خيالنـا يـوم أكتـراب الميـازيـنويرعى بظله بالخطر كـل مصـلاح
حالوا عليه اللي على الموت جسرينلا وابعينـي مـا يجاجـون ذبـاح



وبعد أن تأخر رجوع عقاب وحجاب ، رجع فرسان (ولد سليمان) يبحثون عن زعيميهما فوجدوهما قتيلين عند ( زبار أوريك ) فدفنوهما على قمة كثيب من الرمل سمي ( بأبرق الشيوخ) ولا زال بهذا الأسم حتى الأن .
ورجعوا حزانى فقتل (ضبيب) الأسرى بثأر عقاب وحجاب ، وهذا لم يكن مستحسناً بعادات القبائل في الجزيرة العربية ، وقد أشير عن مقتل السبعين شخص بالقصائد سالفة الذكر .
أما الشيخ سعدون فقد كبر مصابه بعد مقتل أبنيه ، الذين أشادا مجده ، وسجلا له مفاخر لازالت باقية لعائلة العواجية ، وملكا قبيلتهم دياراً لازالوا عائشين بها ، وقد قال الشيخ سعدون أشعاراً كثيرة بأبنيه ، وهاتان قصيدتان منها أولها :






ياونـةٍ ونيتهـا تـسـع ونــاتمع تسع مع تسعين مع عشر الوفي
مع كثرهن باقصى الحشى مستكناتعداد خلـق الله كثيـر الوصوفـي
ونة طريح طاح والخيـل عجـلاتكسره حدا الساقين غـادٍ سعوفـي
على سيـوفٍ بالملاقـى مهمـاتسيفين أغلى ما غدا مـن سيوفـي
وعلى محوص بالمـوارد قويـاتأسقى بهن لـو القبايـل صفوفـي
أحشم بحشمتهن ولو هن بعيـداتوانام لـو أن الضـواري تحوفـي
خليتني ياعقاب مـا بـه مـراواتعيالك صغارٍ والدهر بـه جنوفـي
من عفبكم ما نبكي الحي لو مـاتولاني على الدنيا كثيـر الحسوفـي
وياطول ماجريت بالصـدر ونـاتعلى فـراق معطريـن السيوفـي
وياعقاب عقبك شفت بالوقت ميلاتواوجست انا من ضيم بقعا حفوفي
مرحوم يانطـاح وجـه المغيـراتان جن كراديس السبايـا صفوفـي
مرحوم يامشبـع سبـاعٍ مجيعـاتوعز الله أنـه عقبكـم زاد خوفـي
الخيل تدري بك نهـار المثـاراتياللي على كل المـلا فيـك نوفـي
والخيل تقفي من فعولـك معيفـاتتاطا شخانيـب الرضـم ماتشوفـي



لاشك أن الشيخ سعدون فقد ساعدين من سواعده ، بنيا له أرفع قمة من المجد بفيافي نجد بين قبائلها ، وقد أشتهر أبناه عقاب وحجاب بين القبائل ، وكانا محل أعجابهم بالجزيرة ، ويضرب بهما المثل حتى الأن ، فان الناس اذا أعجبوا بشخص أو بعدد من الأشخاص يقولون كأن فلاناً عواجي أو كأن هؤلاء من العواجيه ، نسبة الى عقاب وحجاب ، ولا زال هذا المثل سارياً في نجد الى الأن .
ولابد للقارئ أن يلاحظ أن الشيخ سعدون أشار الى أبنيه وقال سيفين أغلى ماغدا من سيوفي ، فهو يرى أنهما سيفان من أعز مايملك ، ثم قال أنه يطمئن وينام لو أن الوحوش الكاسرة تحوم من حوله ، فهو مطمئن بأن أبنيه هما درعه الامين وأنه مكرم ومعزز بحمايتهما .
وهذه القصيدة الثانية :






يا علي وين اللي رعينا بهم هيـتحال اللحد من دونهـم والظلامـي
البارحة يا شمعـة الربـع ونيـتونة صويبٍ ومكسـره بالعظامـي
أوما الشجر وأنا بعد مثله أوميـتأومـاي صقـار لطيـره وحامـي
طيرٍ لياجا الصيد يشبع هل البيـتجته هبـوبٍ مـع جـرادٍ تهامـي
عز الله أني تو يـا علـي ذليـتتبينت وانا علـى النـاس كامـي
وعز الله أني مع شفا البير هفييتهفة قفـيٍ مـن عجـوز المقامـي
واليوم من باقـي حياتـي تبريـتعقب الشيوخ معدليـن الجهامـي
ويا علي عفت الحي من كثر ماريتوجريت للونـات والقلـب دامـي
وعذبت قلبي في كثيـر التناهيـتوالعين عيت مـن بلاهـا تنامـي
راح العقاب الصيرمي شايع الصيتيا علي من عقبه تراعـد عظامـي

لم يبق لسعدون بعدهما من يعتقد فيه خيراً ، الا حفيديه الصغيرين أبني عقاب وحجاب الحبيبين لقد أخذ يربيهما ، ويعلمهما فنون القتال ، آملا أن يأخذا ثأر أبويهما ، من هايس القعيط .
وعندما كملت رجولتهما طلب أن يقول كل واحد منهما قصيدة ، يبين فيها أنه سيأخذ ثأر والده ، وعمه ، واذا أجاد أحدهما القول فسوف يعطيه المهره بنت فرس عقاب المسماه ( فلحا ) وهذه آصل فرس عند قبائل ( ولد سليمان ) فقال أبن حجاب قصيدة لم تعجب جده ، ثم قال أبن عقاب قصيدة أعجب بها وهذه هي القصيدة :







ياليت من هو جـذ فلحـا ثنيـةوالا رباع مسودسه بالمساميـر
أبي الى ما قيـل زيعـت رعيـةوتوايقن مـع الحنـي الغناديـر
أنطـح عليهـا سربـةٍ زوبعيـةيجهر لميع سيوفها والمشاهيـر
متقلـدٍ سيـفٍ سـواة الحنيـةأدور أبويه عند روس الخواوير
ان كان ما لينـت بالحبـل ليـةماني عشير اللي نهوده مزاميـر
لابـد مـن يـوم يزفـل كميـةوكل يحسب مربحه والمخاسيـر
ثارٍ لبوي عقاب فـرضٍ عليـهعليه وصاني زبـون المقاصيـر
سعدون جدي هو خلـف والديـهشيخ الجهامه والسلف والمظاهير
دينٍ علي هايس زبـون الونيـهيجيبه المعبود والـي المقاديـر
أن ما نطحت الخيل عيبٍ عليـهأن وردوهن مثل أثامي الخنازير
عيـبٍ علـي العـزوة الوايليـةوأحرم من الفنجال وسط الدواوير




وعندما سمع شاعر شمر بقصيدة ولد عقاب أجابه بهذه الابيات :







وش عاد لو جذيت فلحـا ثنيـةشمر يجونك فوق قبٍ عياطيـر
أبوك ضرب بحربـةٍ شوشليـةكزه حبيبي كزة الدلـو بالبيـر
صابه غلامٍ ما يعـرف اللويـةما صدها يوم السبايـا مناحيـر
له عادةٍ بالفعل فـي كـل هيـةعشى ثنادي أبوك عوج المناقير
وعيال زوبع ملحقيـن الرديـةاللي تهزع بالحروب الطوابيـر



وهذه القصيدة شكي بها الى صديق له يسمى علياً ، يسأل عليه ويقول أين الذين كنا نرتع بهم بالفيافي ، الآن أصبحوا من أصحاب اللحود ، وأصبحت الظلمة تحول بينه وبينهما ، أنه يسهر الليالي ، ويئن مثل كسير العظام ، أنه يرتجف ويومئ كما تومئ الشجرة ، أنه الآن يحس بالخيفه ، ويذل من كل شي ، وقد ظهر ذلك للناس ، ولم يستطع أن يخفي خوفه لقد أخذ يتبرأ من حياته بعد أبنائه ، أنه أباح بما يخفيه ، بعدما تزلزلت الجبال التي كان يلتجئ في حماها ، أنه بعد أن فقد عقاباً بدأت ترتعد عظامه ، وفرائصه ، أنه فقد بطلين لا يمكن أن يقاضي بهما .


لقد فاز بالجائزة أبن عقاب فأعطاه جده الجواد بنت ( فلحا ) وأخذ سعدون ينظر الى أبن عقاب بأعجاب ، ويداعبه الأمل أنه سيشفي غليله ، ويأخذ الثأر من الشيخ هايس القعيط .

ومن الفرص الغريبة التي قدر فيها لأبن عقاب أن يأخذ بثأر أبيه وعمه ويقضي على هايس القعيط ، أنه حصل بين غنيم ( الربضا ) بن بكر شيخ السويلمات من العمارات ، وبين هايس القعيط تصادم في وديان عنزة ، وطال الحرب بينهما ، وأرسل غنيم بن بكر الربضا لقبائل عنزة يطلب منهم النجدة والعون ، وكذلك هايس القعيط أرسل لقبائل شمر يستنجدهم ، فأخذت الأمدادات من كل القبيلتين تترى على موقع المعركة ، وقد سنحت الفرصة لسعدون العواجي ، فعندما علم بذلك ، أمر حفيدة وأمله الوحيد أبن عقاب بالشخوص فوراً الى المكان الذي تدور فيه رحى الحرب بين غنيم وبين هايس .. وأوصاه بأن لا ينسى ثأره من قاتل أبيه وعمه .
لقد سارع أبن عقاب الى أمنيته التي كان يترقبها ، فأشترك بخوض المعركة ، وكل ما يهمه هو أن يرى غريمه وقاتل أبيه وعمه ، وبعد أن رآه بأم عينه ، وتأكد من شخصيته ، وليست بخافية ، لأن شخصية هايس القعيط معروفة ، مقداماً جريئاً لا يرهب الموت ، ودائماً هو في مقدمة الفرسان ، رغم تقدمه بالسن ، وعندما هجم هايس على فرسان عنزة ، يتقدم فرسان شمر ،
أنقض عليه أبن عقاب مثل النمر الكاسر ، وأغمد ذبابة سيفه بخاصرته ، وأنتحى به عن مكان المعركة ، الى أن أبتعد عن الفرسان ، ثم أمسك رقبته وترجل به على الأرض ، وألتفت اليه هايس القعيط ، فقال له أبن عقاب : هل تعرفني ؟ فقال : أنت أبن عقاب العواجي ، ولا شك أنك تشبهه ، ولكن لم أقتله أنا ، فالذي قتله غيري ، فقال له أبن عقاب : أنا لا أسألك عن ذلك ، ولكنني أسألك بالله أن تبلغ سلامي والدي اذا وصلته في الدار الآخرة ، وتخبره بأنني أخذت بثأره ، وتشرح له كل ما رأيته بعينك ، ثم علا رأسه بالسيف ، وفصله عن جثته ، وبعد ذلك طارت البشائر الي الشيخ سعدون العواجي ، بأن حفيده قد قتل هايس القعيط ، وقد أجتمع رجال الحي يهنئونه ، وقد عقر الأبل ، وعمل الأعياد عند قبائل (ولد سليمان ) وكان يوماً مشهوراً عندهم ، وأخذن النساء يزغردن ، بعد أن لبسن زيناتهن ، وطاب نوم الشيخ سعدون ، وبات قرير العين وأخذ ينشد :







يا سابقي رد البرا مات راعيـهالجيش حزب والرمك موفلاتـي

يا ناس زول عقاب ماني بناسيهعقبه فلا تسوى ريـال حياتـي
لو من إذا جروٍ لقا ما هقا فيـهكان العرب كله تسوي سواتـي
الورع ورع عقاب لا خاب راجيهحول بهايس ما تناسى وصاتـي
كزه لبوه ويذكر أنـي موصيـهبعد ما شافـت عيونـه ثباتـي
الخيل تثقل لين تسمع عزاويـهومن يوم سمعنه وهن مقفياتـي
لعل ورعٍ ما مشى درب أهاليـهتشلق عليه جيوبها المحصناتـي




وبهذه الفتره عين الأمير عبدالله بن علي بن رشيد أميراً لحائل من قبل الأمام فيصل بن سعود ، بعد أن عزل أميرها الأول أبن علي ، وظل عبدالله أبن علي بن رشيد أميراً على حائل ، والمناطق الشماليه من المملكة ، وعندما علم بذلك مشائخ قبائل الشمال توافدوا اليه ، وكل منهم يقدم الهدابا للأمير الجديد ، ومن بين الذين قدموا اليه غنيم بن بكر الربضا ، وكان مهدياً الى أبن رشيد ثلاثاً من الخيل ، وقد قبلها ابن رشيد ، وعندما كان غنبم الربضا جالساً عند أمير حائل، وكان مع الجالسين شاعر شمر بن طوعان ، وكان مكفوف البصر ، وطاعن بالسن فقال له الأمير عبدالله بن رشيد : هذا غنيم الربضا يابن طوعان قم وسلم عليه ، وعلى الفور أجابه بن طوعان بهذين البيتين من الشعر ، موجهها لغنيم الربضا يحرض فيها عبدالله بن رشيد عليه :






يا غنيم عندك هايس نطلبك دينخيال تالـي شمـر بالسنـودي

ان كان ما جازاك عنها صباحينما هو ولد علي عريب الجدودي




وبعد ان سمع أمير حائل هذين البيتين من أبن طوعان ، ألتفت الى غنيم الربضا ، وأمره أن يرجع الى أهله ، وقال له : أننا أمرنا بأرجاع خيلك التي أهديتها لنا اليك ، وأنت في أمان الى أن تصل
أهلك ، وبعد ذلك أعتبر نفسك من من الأعداء ،ولا بد لنا أن نأخذ ثأر هايس القعيط منك لأنك أنت
زعيم المعركة ، التي قتل فيها هايس القعيط ، ولذلك فأنت المطلوب بدمه ، وقيل أن أبن رشيد غزاه بعد ذلك ، وأنه قتله في وديان عنزة .
وأسجل هنا نبذة للتاريخ عن قبيلة آل بريك ، التي يرأسها هايس القعيط ، ولم يزل أحفاده رؤساء لهذه القبيلة ، ولا زالت هذه القبيلة مع شمر ، والواقع أن هذه القبيلة هي قسم من قبيلة آل بريك التي هي من قبيلة الدواسر ، ولكن حصل بينهم حادثة أدت الى قتال ودماء ، وعلى أثر ذلك رحل جماعة هايس القعيط عن ابناء عمهم ، والتجأوا عند الجربان شيوخ قبيلة شمر ، عندما كانوا يقطنون شمالي المملكة ، وقد أعزهم الجربان ، وأكرموهم وبقوا طويلاً معهم ، وأخيراً حالفوا الجربان ، وقد قربوهم دون سواهم ، ولم يزالوا ساعد الجربان الأيمن بالملمات ، وحتى الأن وهم عند الجربان من المقربين ، بل ويعتزون بوجودهم عندهم ، وكانوا مشهورين بالأقدام ، ولهم شهرة عظيمة ، ومعروف عند أهل نجد الأن أنهم فخذ من فخوذ قبيلة الدواسر ، ولم ينزحوا الا بأسباب الدم الذي حصل بينهم وبين أخوانهم آل بريك ، وكان لجوؤهم الى شمر قبل ثلاثمئة سنه تقريباً.
التوقيع
لا اله الا الله محمد رسول الله
بنت الاصول غير متصل   رد مع اقتباس