الموضوع: أفكار
عرض مشاركة واحدة
قديم 26-01-2011, 04:17 PM   #33
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: أفكار علمية





زوجان كانا يشاهدان التلفاز حين لمحا فأراً عابراً أمامهما،
وبعد مطاردةٍ له فرّ خارج المنزل،
فأخذ الزوجان يتحدثان عما حدث لهما للتو،
فقالت المرأة: جيدٌ أننا حاصرناه لكي يضطر أن يخرج من الفتحة الموجود تحت الباب،
فردّ عليها الزوج: في الواقع هو خرج من الفتحة التي عند المرآب،
فردت المرأة باستنكار: إنه خرج من فتحة الباب وليس المرآب،
ورد الزوج بغضب: وهل تقصدين أنني أعمى لا أستطيع تمييز فتحة الباب من المرآب؟
فأجابته بغضب أشد: وهل أنا العمياء إذن؟
وتصعّد الشجار حتى أقحم كلاهما أمورهما العالقة معاً من الماضي،
ومن ثم تطوّر ليشمل انتقاد كل منهما لشخصية الآخر،
فخرجا من إطار الفتحة ودخلا في إهانة وتجريح بعضهما
حتى تثاقل قلب كل منهما على الآخر واستمرّا حتى قرّرا الانفصال.
وبعد جهد من أهل الطرفين لمحاولة الإصلاح، تصالحا،
وفي طريقهما إلى منزلهما، عبّر كل منهما كيف أنه لا يستطيع الاستغناء عن الآخر، وبين الحديث،
قالت الزوجة: ولكن بغضّ النظر عما حدث،
لدي سؤال كلّما حاولتُ لم أجد له جواباً، كيف لم تر الفأر يخرج من فتحة الباب؟!


العديد منا يواجه صعوبة في ترك الأمور تسير بسلاسة حين نقول وجهة نظرنا ورأينا
ولا يقبلها الطرف الآخر لسبب ما، كأن يراها خاطئة أو خالية من الدقة أو المنطق،
فتتكوّن لدينا رغبة ملحّة لإثبات أنّ ما نقوله هو الصواب وأنّ الرأي الآخر هو الخاطىء،
ولا نرى حرجاً في الدخول في نقاش لا يلبث أن يتحوّل إلى جدال عقيم
لا يسمع فيه أيّ طرف الآخر لفهم ما يقول أو معرفة ما يقصد،
بل ليتصيّد مكامن ضعفه لكي يستطيع أن يستخدمها كأداة وحربة لإثبات خطأه.


وقليلاً ما يمرّ هكذا جدال بسلام، إذ ليست الكلمات فقط هي التي قد تجرح أو تؤذي،
بل لحن الكلام ونبرة الصوت التي عادة ما تكون حادة في هكذا نقاشات،
فتترك أثراً ثقيلاً في النفس، وللتخلّص من ذلك الأثر
نحن بحاجة إلى القدرة على التحكم في اختيار ما نسمح له بالترسب في نفوسنا،
وهي مهارة دقيقة قد نفتقر إليها،
حتى لا نخلق تراكمات توصلنا إلى مرحلةٍ يكون فيها مجرد سماع صوت شخص ما يثير التوتر والإرباك بداخلنا،
فحتى لو قال كلمات لا يقصد بها سوءً،
يسهل علينا تلبيسها معنى لم تكن تحتويه، فنزيد من كثافة تلك الترسّبات.


فالجدال يستنزف من الطرفين طاقةً كبيرة، ويزرع بذور البعد وأحياناً الفرقة وربما الكراهية،
حتى مع من تربطهم ببعض علاقات متينة كالأزواج والأبناء والإخوان والأقارب والأصدقاء،
فهذه العلاقات أساسية لتطوير الجوانب الشخصية والعاطفية والنفسية للإنسان،
وحين يُفسد الجدال زوايا من هذه العلاقة، قد تتأثر تلك الجوانب ومعها المودة أيضاً.


من الأسهل على الآخرين أن يستمعوا لما نقول ويفكّروا به بعمق ويقبلوه
إذا ما استشعروا أنّ ما نقوله لا يحتوي جانبا شخصيا لإثبات الذات،
وأنه ليس خطاباً فوقياً، بل هي وجهة نظر نقولها حين تكون بها منفعة،
أو لايكون بها ضررٌ على أقلّ تقدير،
وأننا حين نشعر بالرغبة في الانجرار وراء الجدال، نسأل أنفسنا،
هل فعلاً نجادل لأننا نريد أن يعرف هذا الشخص حقيقة غائبة عنه لا يستقيم أمره إلا بها؟
وهل فعلاً الجدال سيوصله لمعرفة تلك الحقيقة؟
فلعلّنا إن فكرنا بذلك نغتنم لحظات أكثر ننعم بها بالسلام مع أنفسنا ومن حولنا،
ونحفّز الآخرين للتفكير بوجهات نظرنا ولو أظهروا لنا خلاف ذلك.


"(قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلْ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ،
قُلْ لاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ)(سبأ/24، 25)".


--------------------------
مما راق لي
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس