وقفت كعادتي حينما أشعر بالوحدة أمام نافذتي لأراقب السماء وأهمس للقمر..
صديق قديم لي ذلك القمر صديق الطفولة ..كم تحدثنا وكم ضحكنا ..
قص لي قصص لطيفة وطريفة عن رحلاته حول العالم ..
حكى لي مرة عن شاب كلما سعى لإنجاز ما خطط فشل ..
وله سنوات يسعى في عدة أمور يغير طرق تحقيقها في كل مرة ولكن يفشل..
سألت القمر وكم من السنين هو على تلك الحال ؟
أجابني بلطافة كعادته ..:
له أكثر من خمسة أعوام ولم يحقق مما يخطط شيء ..
تعجبت ودهشت خمس أعوام!!!!
ولازال يحاول حتى الآن ياقمر !!
همس لي القمر وقال بدفء لامسي ضوئي وسأريك ذكريات ذلك الشاب ..
لمست ضوئة ودخلت في حلم ...
يبدأ الشاب صباحاً بكل إقدام على العمل ويبذل جهده وحينما يصل للمنتصف يسقط كل شيء وينتهي ..
يلم فكرة ويمسح جبينه وينهض بعد غياب الشمس إلى بيته ..يأخذ غفوة ويستيقض متوجهاً إلى مكتبه إلى أوراق خططه ويبدأ بدراسة أسباب الفشل ويعيد الرسم من جديد..ينهكه التعب فتأخذه عينه بالنوم على أوراقه ..
فيستيقض على مداعبة خيوط الشمس لأجفانه ..فيمسح النوم عن عينيه وينهض من جديد ..
وفي كل يوم هي حاله ..
ينهض بكل قوة في كل مرة تفوق سابقتها ...لفت انتباهي ابتسامة يرسمها على شفتيه وكلمة يرددها كلما وقع ..
ولدت لكي لا أهزم ...يقولها وينهض كليث مبعداً كل غربان اليأس ..
يال قوت تلك الإرادة في داخله ..ويال قوة صبره ..
انتهت حكاية القمر لي هذه الليلة فتوجهت لمسكن جسدي الليلي ..
أفكر في ذلك الشاب ..همس لي القمر سآتيك بالجديد فنامي..
حل المساء ولم يضهر القمر و لأيام ..
بقيت في ميعادي كل ليلة عند نافذتي ..
أخيراً أتى القمر ..
رحبت به متلهفة له ولحكاياته ..
تبسم وقال لي : المعذرة هي الحياة ..
ياقمر أكمل لي قصة الشاب أرجوك إني متلهفة ...
تبسم وقال:
وصل لمراده بعد تلك الأعوام وحقق ما صبا إليه ..
سعدت كثيراً بذلك.. وقلت كيف ياقمر ؟
قال تعالي معي ..
أغمضت عيني ورحلت روحي معه ..
استيقض صباحاً وكأنه ولد من جديد استيقض بكل قوة وببتسامة عريضة متوجهاً إلى عملة...
كان الجو صحواً ولكن فجئة تلبد بالغيوم وبدأت السماء تمطر تبلل..تبلل كل شيء أوراقه بين يديه ..
حاول حمايتها ولكن كان المطر أغزر والرياح أشد من أن يحمي ورقه ..خططه ..أحلامه ..إنتهى ..
هبت الرياح فتطايرت الأوراق وتداخل الحبر بالماء..
لملم أوراقه وسار بهدوء وثقة رافعاً رأسه توجه لمطعم قريب وطلب اناء به ماء ساخن وضع به أوراقه حتى رأى الحبر في الماء حمل الإناء للموقد أشعل النار وبدأ يتمتم وضع كم من الملح وقال هذه صعوبات الخمس سنين ثم وضع سكراً وقال هذه حلاوة مرة بي في الخمس سنين..
ثم توجه للخارج واقتطف زهرة ووضعها في الإناء وأخذت تغلي وتغلي أطفئ النار وحمل الإناء إلى الحديقة العامة من في المطعم في ذهول خرج مبتسم توقف في بقعة لاتحتوي زهراً أو شجراً كل مابه شوك ..
سكب مافي الإناء وعاد للمطعم وطلب ما يأكله فلبي ..الكل في تعجب وذهول ..
هدأت الرياح وشقت الشمس بأشعتها الغيوم ..وعادت الطيور للغناء خرج عائداً لمنزله لمكتبه ..
لأوراق جديدة أخرجها ..وعاد للتخطيط ..أنهى خططه في فجر اليوم الجديد..
خرج بأوراقه لعمله وبدأ بالتنفيذ وبعد ساعات وساعات اطلقت صرخة عمة الارجاء صرخة فرح ونصر ..
حقق هدفة ووصل لمرادة الكل سعد وفرح ..خرج مسرعاً للحديقة للبقعة حيث سكب ما طهى ..
فوجد براعم صغيرة قد نمت والأشواك قد رحلت .
.تبسم وقال هاهي الحياة مهما كانت مؤلمه فسننتصر بالإصرار وها أنا وصلت لمرادي ...
هذه قصة من حكايا القمر ..فرحت وضحك القمر وتوجهت لمسكن جسدي الليلي ونمت..