الموضوع: ((منكم واليكم))
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-09-2014, 01:52 AM   #49
مشرفة الأسرة والمجتمع
 
الصورة الرمزية مطلبي الجنان
 
تم شكره :  شكر 13920 فى 3119 موضوع
مطلبي الجنان نسبة التقييم للعضومطلبي الجنان نسبة التقييم للعضومطلبي الجنان نسبة التقييم للعضومطلبي الجنان نسبة التقييم للعضومطلبي الجنان نسبة التقييم للعضومطلبي الجنان نسبة التقييم للعضومطلبي الجنان نسبة التقييم للعضومطلبي الجنان نسبة التقييم للعضومطلبي الجنان نسبة التقييم للعضومطلبي الجنان نسبة التقييم للعضومطلبي الجنان نسبة التقييم للعضو

 

رد: ((منكم واليكم))

أحب ابنة عمي كثيراً .. وأخشى أن يخطبها غيري.





أنا شابٌّ في الـ18 من عُمري، دخلتُ المدرسةَ مُتأخراً بسنتين؛ بسبب بعض الظروف، وأنا الآن في الصَّف الأول الثانوي .. أُحبُّ ابنة عمِّي كثيراً، ولا أعرف إذا كانت تحبني أو لا! علماً أنها تكبرني بأقل من سنة، وستُكمل المرحلة الثانوية في هذه السنة.
مررتُ بكثيرٍ من المشاكل أثَّرت عليَّ بشكلٍ كبيرٍ، لدرجة أني كرهتُ الحياة تماماً، وتمنَّيتُ الموت، وبدأتُ أفقدُ تركيزي في الدراسة، وأصبحتُ مكتئباً جداً، ولكن الشيء الوحيد الذي جعلني أُفكِّر بطريقةٍ إيجابيةٍ في الحياة هو: ابنة عمي.
أُريد أن أعرف فقط إذا كانت تحبني أم لا؛ فإذا كانت تحبني فسيكون لدي الدافع في الحياة، وسأحاول أن أبذل قُصارى جهدي لكي تُصبح زوجتي، وإن كانت لا تحبني سأحاول أن أنساها، مع أني لا أظن أني سأستطيع أن أنساها.
طلبتُ من أختي بأن تسألها إذا كانت تحبني أم لا، ولكنها أخبرتني بأنها لا تستطيع؛ بحكم أنهم يسكنون في مدينةٍ أخرى، ولا نتقابل كثيراً.
لا أعرف ماذا أفعل! فلا أستطيعُ النوم أو الأكل بشكلٍ جيد، وأظل أُفكِّر فيها بشكلٍ كبيرٍ، خاصة في الآونة الأخيرة، وأنها من الممكن أن يتقدَّم لها أي شخصٍ في أي لحظة، وما جعلني أشعرُ بالخوف قصة ابن عمتي الذي يكبرني بسنوات، حيث كان يحب أختها التي تكبرها بسنة، ولكنه فجأة صُدم بخبر تقدم شخص لها، ومنذُ ذلك اليوم بدأتُ أشعرُ بالخوف، ولا أريد أن أصدم فجأة بخبر زواجها.
حاولتُ أن أنساها مراراً، ولكن كانت محاولاتي بلا جدوى، وكنتُ على بُعد خطوةٍ من مراسلة أختها الكبرى بشأن هذا الأمر، حيث إن أختها التي تبلغ 28 سنة تحترمني جداً، وأنا بمثابة الأخ الأصغر بالنسبة لها، وأتواصل معها من فترةٍ لأخرى، ولكني قررتُ أخذ الاستشارة قبل أن أُقدِم على هذه الخطوة.



المستشار: د.أحمد الحسن




ابني الفاضل، حفظك الله ورعاك: السلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته، وأشكرُك على ثقتك بالموقع، وأسألُ اللهَ لك الإعانة على دينك ودنياك.
أمَّا بالنسبة لاستشارتك؛ فجوابي سيكون في النقاط التالية:
أولاً: أبدأُ معك من عبارتين وردتا في رسالتك قد لفتتا انتباهي: قولك: "ولكن الشيء الوحيد الذي جعلني أُفكِّر بطريقةٍ إيجابية في الحياة هو: ابنة عمي"، ثم قولك: "إذا كانت تُحبني فسيكون لدي الدافع في الحياة" فهل انحصرت أهدافُك في الحياة في هذه العلاقة التي جعلتها هي أكبر همك؟! هل خطر ببالك هذا السؤال والإجابة عليه: لماذا خلقنا الله عز وجل؟ هذا أكبر سؤال؛ لأنه ما من إنسانٍ عاقلٍ على وجه الأرض يعمل عملاً من دون هدف، فما هو الهدف الكبير الذي خلقنا الله من أجله؟ إذا أرسلك أبوك إلى بلدٍ أجنبيٍّ من أجل أن تدرس، وعرفت الهدف من إرساله إليك، والتفت إلى الدراسة، حقَّقت الهدف من هذه البعثة فرضيت وأرضيت، وإذا أرسلك أبوك إلى بلد أجنبي من أجل الدراسة، فظننت أنه أرسلك من أجل اللهو، فقد شقيت وأشقيت، ومعرفة الهدف الكبير من خلق الإنسان شيءٌ مهمٌّ جداً؛ لأن الناس يسعون في متاهات، ويمشون في طرقٍ مسدودة، فما الطرق المسدودة؟ هي أي طريق ينتهي بالموت: طريق المال، والشهرة، والعلو في الأرض، وطريق الشهوات، كلها تنتهي بالموت، وهذه الطرق كلها مسدودة (عش ما شئت فإنَّك ميِّت، وأحبب من شئِت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزيٌّ به).
ثانياً: توضيح أكثر للهدف المشار إليه أقول: من الحقائق التي عرض لها القرآن الكريم أن الإنسان لم يُخلق سدىً لا هدف له ولا غاية، قال تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْناكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ******، وقال: {إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى******، وقال: {يَا أَيُّهَا الاِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ****** فلقاء الله، والرجوع إليه هو الهدف الذي من أجله خُلق الإنسان. والآيات لإثبات هذه الحقيقة كثيرة، قال تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَا******، وقال أيضاً: {إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ*أُولَئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ******.
تأسيساً على ذلك يُطرح هذا التساؤل: كيف يمكن للإنسان أن يُحقِّق هذا الهدف؟ وما هو الطريق الموصل إلى لقاء الله سبحانه وتعالى؟
وللإجابة نقول: إنَّ الإنسانَ خُلق في نشأة الابتلاء والامتحان، قال تعالى: {خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً****** فكلُّ شيءٍ في هذه النشأة لأجل امتحان الإنسان، ومن هنا وضعه الله تعالى على مفترق الطريق؛ ليختار لنفسه الاتجاه الذي يريد، قال تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا******، وقال تعالى: {فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ******.
فإذا استطاعَ الإنسانُ أن يقفَ على الطَّريق الذي يُوصله إلى الهدف الذي خلق من أجله فهو المهتدي، وإلا فيكون من الضالِّين، وانطلاقاً من هذه الحقيقة يدعو الإنسان ربَّه مرَّات عديدة في صلواته اليومية {اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ****** لأنَّ أفضل الطرق وأحسنها وأقصرها للوصول إلى الهدف هو الصِّراط المستقيم، وإذا لم يوفَّق الإنسان لسلوك هذا الطريق فهو ضالٌّ لا محالة، ولا تزيده سرعة المشي في غير الصراط المستقيم إلا بعداً عن الهدف.
إذن: فما هو الصراط المستقيم الذي يجب على السائر أن يسلكه للوصول إلى قرب الله ولقائه؟
لقد بيَّن القرآن الكريم ذلك بقوله تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ******، وكذلك قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا****** ومن الواضح أنَّ الأنبياء جميعاً، وعلى رأسهم خاتم الأنبياء والمرسلين، هم من الذين هداهم الله إلى الصراط المستقيم، قال تعالى: {كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ*وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ*وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَع وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ*وَمِنْ آبَائِهِم وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِراطٍ مستَقِيم*ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِى بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ******.
على هذا يكون الصراط المستقيم الموصل إلى الله تعالى هو اتباع النبي -صلَّى الله عليه وآله وسلم-، ولا يتحقّق هذا الاتباع إلا بالأخذ بكل ما جاءنا عنه -صلَّى الله عليه وآله وسلم-، قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا******، وما ذلك إلاّ لأنَّه -صلَّى الله عليه وآله-: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى*إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى******.
ثالثاً: لا تنس ابني الفاضل -بناءً على ما سبق- أنك من أمة الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم خير الأمم، ووراءك مسؤوليات جسيمة تتوقعها منك الأمة الإسلامية، وما الزواج إلا محطة من محطات الحياة، بل ربما يكون وسيلة لأداء رسالتنا في الحياة، فلا ينبغي أن نجعله كل شيء، وبناءً عليه إن حصل لك ما تريد من زواج بابنة عمك، فاحمد الله، وإلا فقل: لعل الخير في غيرها، واعلم أن زواجك مكتوب ومُقدَّر، ومن منطلقِ الإيمانِ بالله يجبُ علينا أن نؤمنَ بالقدرِ خيرهِ وشرِّه -والشر بالنسبة لنا-، فما يجري في الكون كله قد علمه الله وشاءه وكتبه، فهو سبحانه يعلم ما كان وما يكون، وما لم يكن، ولو كان كيف يكون، لا يعزب عن علمه شيء، ولا يجري في كونه شيءٌ إلا بمشيئته وتقديره، فله سبحانه القدرة التامة والمشيئة النافذة، وقد كتب سبحانه مقادير الخلائق قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة) أخرجه مسلم. وفي حديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- الذي حدَّث به وهو في مرض موته: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن أوَّلَ ما خلقَ اللهُ القلم، فقال له: اكتب، فجرى بما هو كائنٌ إلى الأبد) ومن ضمن ما كتبه القلم: من هو زوجك؟ وأين ستتزوج؟ وهل ستتزوج أم لا؟ ومن هم أبناؤك وأحفادك وذريتك إلى يوم القيامة؟ والرزق، والأجل، وبلد الإقامة، وغيرها، يقول تعالى: {وما تدري نفسٌ ماذا تكسبُ غداً وما تدري نفسٌ بأي أرضٍ تموت****** [لقمان:34].
رابعاً: بعد قراءة الفقرة السابق عُد لتقرأ ما جاء في رسالتك من عباراتٍ، وستجد أنها ليست ذات جدوى، بل اسمح لي أن أقول لك: ما هي إلا تضييع لوقتك وجهدك، وإضعاف لأدائك الدراسي، ومن تلك العبارات: "لا أعرف ماذا أفعل! فلا أستطيعُ النوم أو الأكل بشكلٍ جيد، وأظل أُفكِّر فيها بشكلٍ كبير" و" لا أريد أن أُصدم فجأة بخبر زواجها" فلا بد -ابني الفاضل- من الإقبال على دراستك، وستمر السنوات، وسوف تتغير نظرتك للحياة، وتتغير أفكارك ومقاييسك للأمور، فلا تستعجل، ودع موضوع الخطوبة أو حجز ابن عمتك إلى حينٍ تكون فيه أهلاً لإنشاء أسرة، أما الآن فلا يزال الوقت أمامك فيه متسع، وبالتالي دع التواصل معها؛ لكي لا تفتح على نفسك باباً لا تدري ما يجلب من الشر، فالتواصل معها مُحرَّمٌ في الدين.
وهذا دعائي لك بالتوفيق لما يحبه الله ويرضاه. والسلام عليكم ورحمة الله.
التوقيع
مطلبي الجنان غير متصل   رد مع اقتباس