** داحس والغبراء والبسوس والمزايين **

[جليس الساحة]

من أهم الحروب المروعة المؤلمة التى قامت بسبب السباق هى حرب داحس والغبراء وهى أشهر من نار على علم في تاريخ العرب، وقد احتدمت نارها أربعين عاماً بين قبيلتي عبس وذبيان أبنى بغيض بن ريث بن غطفان. والسبب الذى أشعل الشرارة الأولى لنيران هذه الحرب الضروس كان السباق الذي أجرى بين الفرسين داحس وكان فحلاً لقيس بن زهير العبسي، والغبراء وكانت حجراً "أنثى" لحمل بن بدر الذبياني، أما حرب البسوس فهي حرب قامت بين قبيلتي بكر وتغلب واستمرت 40 عاما من 494 إلى 534 والذي أثار الحرب امرأة تُدعى البسوس حينما قتل كليب بن ربيعة التغلبي ناقتها فقتله جساس بن مرة البكري رداً على ذلك فقام أخيه الزير سالم بطلب ثأره حيث استمرت الحرب أربعين سنة.

ما أشبه الليلة بالبارحة مع أنه قد يقول قائل أين وجه الشبه وسأجيب عليه من زاوية قد يراها ضيقة ويراها غيره خطيرة وقد تتسع لتكون زاوية منفرجة يصعب إقفالها ، تلك الزاوية هي الاهتمامات وتغييب العقل والحكمة بمساعدة من الشيطان وحضور الفخر والكبر.

فهل اهتمامنا بما أصاب الأمة من غلاء الأسعار أم إن اهتمامنا بالتوبة من الذنوب التي حبست عنا الأمطار، أم إن اهتمامنا بمستقبل أبنائنا وتربيتهم بين ما يتلاطم عليهم من أمواج. والله المستعان.

والله إنني أكتب وأنا في ضيق مما يحصل بيننا نحن أبناء الأمة الواحدة من صراع وسباب على جاهلية قال عنها الحبيب صلى الله عليه وسلم " دعوها فإنها منتنة" أي التفاخر بالأنساب والأحساب والعصبية القبلية والتحزب والعصبيات!!

والمؤسف أن تكون الإبل هي وقود هذه العصبية المقيتة!!! أعني مزايين الإبل ! فهل اجتمع أبناء القبيلة الواحدة على مصلحة من مصالح الأمة!!!!

وما يدريك ما تؤول إليه هذه التجمعات القبلية التي تغرس في النفوس العصبية وتلهب في القلوب الحمية! لا أعني الحمية للدين, وإنما الحمية للقبيلة الفلانية, والفخذ الفلاني, مما يترتب عليه احتقار الآخر وازدراءه لأنه من القبيلة الفلانية أو لأنه لا ينتسب لقبيلة فالشيطان يئس أن يُعبد في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم كما أخبرنا قدوتنا عليه الصلاة والسلام,!!! وقال صلى الله عليه وسلم: "دعوها فإنها منتنة" فهذه العصبية تولد الصراع, ومن ثم تجلب الفرقة وتذكي الضغينة بين أبناء هذه الأمة في الوقت الذي يتربص الأعداء بها من كل جانب.

والأدهى من هذا أن تتسلل هذه العادة الجاهلية إلى أطفالنا وسفهاء الأحلام منا !!! مع رضى والديهم وللأسف !!, وهذا والله نذير سوء, لأنه يغرس مفاهيم خاطئة في نفوس الناشئة, ويجعل معيار الكرامة هو في هذه العادات الجاهلية, علماً بأن الباري عز وجل قد أظهر لنا معيار التفوق عنده فقال جل جلاله " إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم " فتهشّمت مع هذه الآية كل نعرة جاهلية, وتحطمت عندها كل راية قبلية.

أيها الأخوة والأخوات يا عقلاءنا يا أهل الألباب عودوا فإن المسلم وقاف رجاع إذا ظهر الحق ...

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الإصلاح مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ******