العودة   منتديات سدير > `·• آفاق رحبة •·´ > ¨° الرأي العـام °¨

¨° الرأي العـام °¨ للموضوعات العامة واختيارات الأعضاء من موضوعات مميزة ..

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-02-2011, 11:11 PM   #46
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: مـذّكـرات مجهول !!

======

أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 22-02-2011, 11:15 PM   #47
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: مـذّكـرات مجهول !!

وقـح

رويدكم ..
لاتستعجلوا علي ..
سأقص عليكم القصة حتى آخرها ..
فأنا لم يدمدم في صدري موضوع أكثر من هذا الموضوع ..!
ولكني في كل مرة أعزم على طرحه تهجم علي جيوش من الأسئلة المتجهمة .. فأتركه .. إلى أن طارحني أحد الأخوة مؤخرا قصة مأساوية في الموضوع نفسه .. فعزمت وتوكلت على الله ..

ويبقى عليكم أن تنتبهوا لأمور دقيقة فيما سأتحدث عنه :

(1)- كل الوقائع التي ترد في حديثي هي مما سمعته سواء من أفواه تلاميذ وقعوا في أتون البلاء أو من أصحاب وقفوا معالجين في السلك التعليمي كما وقفت ، وكثير من الوصف الذي يرد إنما هو اجتهاد مني على ضوء ماسمعت

(2)- سأسرد لكم قصة واحدة مطولة ولكني لن أتردد في الخروج - في بعض منعطفاتها - عن سياق القصة لأطرح رأيا يخص الموضوع ولو طال قليلا

(3)- قال تعالى ( وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا )
أسأل الله تعالى أن يحتسب ما أكتبه هنا من القول السديد الذي يعود نفعه حفظا للذرية


(4)- الأمر أكبر من أن يلم بموضوع واحد ويحسن بأهل التربية من الآباء والمعلمين والخطباء والكتاب وأهل الرأي أن يتصدوا له بما يستطيعون وحسبي هنا أن إيقاد الشمعة خير من لعن الظلام

لن أدس رأسي في الرمل ..
سأخوض في الوحل ..
سأقول ما لا بد من قوله ..
سأتحدث على المنصة وحيدا وتحت الأضواء ..
إنه ابني .. وابنك .. أخي .. وأخوك .. أبناؤنا جميعا ..
إن لم نكن لهم .. فمن لهم ؟
أسمع أصوات ذئاب خارج الباب ..
لوط عليه السلام يدخل ويخرج مهتما .. ومتأثرا ..
أليس منكم رجل رشيد .. أليس منكم رجل رشيد ..
زمرة تتسلل إلى الخارج وهي تتوشح سواد الليل قبل الصبح ..
أليس الصبح بقريب ؟
الآن ..
أسمع نعيق غراب .. لا .. غربان .. غربان تهرب في كل اتجاه .. ولا نجاة ..
أسمع صياح ديك يجأر .. ودواب أخرى تتوسل ..
ونباح كلب ..
حتى الكلب !!
والآن ..
ضجيج وصراخ خارج حدود الخرائط الأرضية ..
لا .. الآن ..
أشم رائحة غبار قرية يتطاير بعد انكفائها ..
ثم خمد الصوت إلى الأبد ..
إلى الأبد ..
سدوم ؟
وسدوم وقد طارت فيها ** غربان تنعق بطلول
رويدكم ..
لا تستعجلوا ..
سأقص عليكم القصة الآن ..
أبشروا ..


( 1 )


قال لي وهو يتحدث بلسان مر ..
في الحي المتاخم لحينا .. كان منزل عمي ..
خالد ابن عمي وأنا صديقان منذ الفطام ..
ربما كانت سهرتنا في ملحق منزلنا وكثيرا ماكنا في الملحق لمنزل عمي ..
أشياء كثيرة كانت بيننا .. الصداقة حد الألفة .. والتحدي حد التنافس .. وتجمعنا جميعا روح المغامرة ..
كلانا في المرحلة الثانية من المتوسطة ..
كان خالد ذا وجه حنطي وجسم نحيل جدا .. قسمات وجهه لاتشي بالوسامة إلا بعد التأمل المستمر .. لكنه يحمل نفسا وسيمة .. وروحا دعابية جذابة ..
وأما أنا فقد كنت مكتنز اللحم شديد البياض ولكني لم أكن وسيما إلى حد لافت للنظر .. ربما أكون وسيما بالمقارنة فقط ..
هناك في التقاطع القريب من بيت عمي وسط الحي بقالة يشبهها عمي دائما بالنجفة ..
النجفة ؟!
عندما سأله والدي مرة عن سبب التسمية عدل عمي من جلسته ليبدأ مشوارا طويلا من الفلسفة على عادته وقال :
- النجفة تجمع الحشرات من كل صوب ثم يأتي الوزغ ليصطاد مايشاء ..
حينها لم أكمل سماع الحوار الهامشي للوصف النجفي لأن ابن عمي خالد كان قد التفت إلي وهو يضحك ويقول : أجل عامل البقالة هو البويبينة !!
الوزغ .. الذئب .. الثعلب .. هل يمكن معرفة متقمصيها من البشر ؟
أشك في ذلك كثيرا ..
لأن حلاوة اللسان مقدمة على الروغان ..
لا تسألوني !
اسألوا صالح عبدالقدوس حين قال :
يعطيك من طرف اللسان حلاوة ** ويروغ منك كما يروغ الثعلب
إذن المعرفة تكون بعد أن يروغ ..
نعم .. وذلك الذي وقع لي .. وأوقعني في الفخ ..
حمود ..
يدرس في متوسطة ابن عمي بل إنه يجلس في الكرسي الذي خلفه في الفصل ..
رأيته كثيرا عند البقالة .. وحدثني ابن عمي عنه كثيرا .. لم أكن مرتاحا له على أية حال ..
يفترض - بالنظر إلى عمره - أنه من طلاب الصف الثالث ثانوي .. حليق الذقن وله شارب محدد ونازل مثل علامة رتبة عسكري مبتديء .. غليظ الصوت .. طويل نسبيا .. عليه مسحة جمال لكنها قاتمة ! .. يضحك من كل شيء .. يعرف كل شيء .. سخي بكل شيء .. لاتظهر عليه رائحة الدخان ولكن المراتب الجلد في سيارته متشبعة به ..
كان يأتي من أقصى الحي على سيارته الماكسيما السوداء ورأسا إلى البقالة .. ويستمر في الحديث مع ابن عمي لساعات طويلة .. في داخل القمرة أو يفتح الباب فتنزل قدم وتبقى أخرى في الداخل ..
لا أدري كيف تعرف علي وأنا الحذر جدا ..
جرأته في المزاح كانت قوية ..
غمرني بمزحة كانت مثل موجة بحرية شهية ..
ضحكت ..
صار بعدها يوزع اهتمامه ومزاحه ونظراته بين ابن عمي وبيني ..
في اختبارات الفصل الأول رأيت الطلاب متجمهرين في الشارع الكبير المقابل للمدرسة ..
سيارة ماكسيما سوداء تستعرض بكل مهارة ..
حمود ؟
قلتها بلا شعور .. فالتفت إلي صديقي في الفصل وقال : تعرفه ؟ .. هذا أحسن مفحط بالحارة .. يسوي حركات مايسويها أحد .. تعرفه ؟
أخذتني نشوة .. نشوة المراهقة .. وقلت له :
إيه .. أعرفه من قديم ..
وقطع كلامنا صرير العجلات في حركة مهارية نادرة ..
صراخ وتصفيق .. وتشجيع .. ونشوة ..
في المساء ..
كنت أذهب إلى ابن عمي للمذاكرة .. فرأيته هناك ..
- حركات حلوة اليوم ..
قلتها وأنا أرفع حاجبي الاثنين ..
ضحك مسرورا .. وحرك عينيه كانه خجل وقال : أنت احلى !!
شوط من رعشة كهربائية ناعمة سرت في كل عرق ..
وقال ابن عمي وهو ينظر إليه : خير؟ .. أي حركات ؟ .. علمونا ..
انفجر هو بالضحك وقال : أنا ماقلت حركات ولا شي !
والتفت إلي ابن عمي : أي حركات ؟ .. علمنا ..
تحدثت بكل طلاقة .. وصفت المشهد كأدق مايكون الوصف ..
كان مسرورا مما أقول .. وهو يضحك .. ويضحك ..
قال ابن عمي : لا .. لالالالا .. مايصير .. بكرى لازم أكون معك ياحمود ..
- أبشر بسعدك ياخالد ..
وأنا ؟
قلتها وأنا محلق في ذلك الجو الخمري الغريب
- أبشر .. أبشر .. بس حاولوا تطلعون بدري من الاختبار ..
إجازة الربيع ..
والفصل الثاني كله ..
توطدت بيننا العلاقة كثيرا نحن الثلاثة .. يعتذر حمود في بعض الأحيان لارتباطه بأصحاب له آخرين .. يحملنا لأي مكان نريد .. سوق الجوالات .. تجمعات التطعيس .. التفحيط .. المطاعم .. كل شيء ..
بساط من الريح يحملنا لأي مكان ..
أو ربما مصباح علاء الدين ..
أهداني مرة جوالا فاخرا .. لكنه مستعمل ..
كان يفزع بكل ما أوتي من جهد لما يعوزنا
لم يكن يشعر أحد من أهلنا بذلك ..
ومن الذي ينتبه لحشرات حول نجفة ؟!!
حتى جاءت تلك الساعة الحاسمة في حياتي كلها
لم يكن كعادته ..
هذه المرة ذهب لإنزال ابن عمي خالد قبل إن ينزلني !
سلك طريقا بعيدا عن الحي ..
التفت إلي وعلى رأسه قبعته الحمراء المعتادة وغمز بعينه ورفع إبهامه وهو يقول : اليوم نبي نسوي حركات ؟!!
فهمت بسذاجة منقطعة النظير أننا مقبلون على مغامرة فريدة ..
ضحكت .. وهززت رأسي ..
صوت الغناء يصدح وهو يدق بأصابعه على مقوده بنغماتها .. ويهز جسمه ..
انعطف خارج المدينة ..
كلما سألته .. ضحك وقال : لا تستعجل ..
روح المغامرة لدي طافحة على كل شيء ..
ابتعدنا كثيرا ..
قطعنا مسافة غير معتادة أبدا ..
حرف سيارته جهة الصحراء ..
التفت إليه ..
رفع إبهامه وهو يخفض رأسه ويغمز بعينيه ويعض شفته السفلى ..
الآن ..
ساورني شيئ لا أدري ماهو ..


أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 26-02-2011, 12:37 AM   #48
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: مـذّكـرات مجهول !!

( 2 )



أوغل كثيرا في الصحراء ..

والهم الذي ساورني أصبح متفاقما كلما دخلنا أكثر ..

الصحراء في الصيف تأخذ إجازة طويلة .. وتنام .. بعد أن تكون قد تبرأت من كل شيء ..

الأغنية تزداد صخبا ..

ما ذا يريد في الصحراء ؟

ماذا يريد أن يفعل ؟

لا .. لا ..

حمود إنسان محترم ..

منذ تعرفت عليه وهو لا يؤذيني بشيء ..

بل إنه يحاول إسعادي في كل شيء ..

لأرى ..

وصلنا شجرة كبيرة في واد صغير ..

لحظات سريعة محتدمة ..

وجهه يقترب من وجهي ..

هجم علي !

ابتعدت بسرعة ..

هل هو يمزح ؟

هل هو حمود ؟

صارحني بما يريد ..

ورفضت بشدة ..

كان متوددا أول الأمر .. وحينما رأى رفضي الشديد .. تحول إلى شيطان مارد ..

نعم .. الإنسان تحت تلك الشجرة تحول إلى شيطان .. شيطان ضخم وبذيء ..

كل شيء توقعت حدوثه غير الذي حدث ..

كان عمري أصغر من أن يحتمل موقفا كبيرا كهذا ..

الصحراء خالية ..

دافعت بشدة ..

هل أستطيع الهرب ؟

اختطاف ؟

صورة الإختطاف في نظري مرتبطة بما يحدث في الأفلام فقط !

قبض سريع .. توثيق الأطراف .. ربط الفم .. ومحاولة جادة في الهرب للمختطف ..

هل أنا مختطف الآن ؟

الذئب يعوي بلا رحمة ..

الفريسة تتلوى بين المخالب ..

صور متداخلة .. كلها بشعة ..

رأيت مسدسا .. وسمعت فحيحا ..

و رأيت وجها مكفهرا ..

ورأيت أشياء قبيحة لايحتملها بشر ..

عندما عدنا ..

كنت صامتا طوال الطريق .. ولكن صدري يضج بالصراخ ..

صرخات القرف .. واللوم .. والتأنيب .. والقهر .. والبكاء ..

كنت متأثرا جدا ..

وعندما دخلت البيت رن هاتف الجوال برسالة من حمود : (إذا علم أحد بما حصل فإنك ستندم ) !!

فهمت منها أنه سيترك الأمر سرا بيني وبينه ..

قطعت على نفسي بأن أنهي العلاقة مع هذا الشيطان الوقح .. وأن أطوي صدري على الشوك ..

مرارة الموقف كانت قاسية جدا ..

لو قدر لي أن أتحدث للشباب الذين هم في مثل عمري لقلت لهم : إياكم وأول الطريق ..

السيجارة الأولى .. سأجرب ..

الركوب الأول .. سأجرب ..

الرحلة الأولى .. سأجرب ..

السهرة الأولى .. سأجرب ..

الحبة الأولى .. سأجرب ..

لاتجرب ..

الناس في آخر الطريق يصيحون بك : لاتجرب ..

ليس في هذه الطرق تجارب ..

التجارب هنا تعني أشياء كثيرة من الهم والأرق والبؤس والقضبان والمرض

وإذا حصل لك وخطوت الخطوة الأولى فعد من أول الطريق

سألني خالد : كأنك لاتحب الذهاب معي أنا وحمود ؟

اكتفيت بهز رأسي ..

خلال ذلك الأسبوع كنت متوترا إلى أبعد الحدود ..

في البيت .. في الفصل .. في الشارع ..

لم يكن الوضع طبيعيا بالنسبة لي ..

وفي آخر الأسبوع رن الهاتف برسالة من حمود : ( انتظرني بعد العشاء )

ماذا يريد هذا المجرم ؟

تركت الرد على رسالته ..

وعزمت على نسيانها .. ونسيانه ..

وبعد العشاء .. اتصل بي فلم أرد عليه ..

اتصل أخرى .. وثالثة .. فلم أرد ..

رن جوالي برسالة وسائط ..

وحين فتحتها ..

صعقت ..

أصبت بالدوار ..

الغثيان يعصف بي ..

تهاويت ..

رن هاتفي برسالة وسائط أخرى ..

وثالثة ..

عندما فتحتها جميعا تمتمت بلا وعي .. مجرم .. وقح .. حقير ..

صورتي عاريا عند سيارته ومن خلفها الشجرة وأنا أجمع ملابسي ..

صورة أخرى وأنا ألبس ..

وصورة ثالثة قبيحة ..

ضربات قلبي تزداد ..

الدنيا من حولي تحولت إلى دوائر سوداء قاتمة ..

ورن هاتفي برسالة من حمود : ( أنا عند الباب ) !!




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ


رويدكم علي .. فأنا لاأتقصد الإثارة .. ولكني أتمهل حتى لايخرج السياق إلى مالا أريد

وسأكمل القصة حتى آخرها إن شاء الله


أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 26-02-2011, 10:27 AM   #49
عضو سوبر
 
الصورة الرمزية نورالشمس
 
تم شكره :  شكر 8432 فى 1796 موضوع
نورالشمس نسبة التقييم للعضونورالشمس نسبة التقييم للعضونورالشمس نسبة التقييم للعضونورالشمس نسبة التقييم للعضونورالشمس نسبة التقييم للعضونورالشمس نسبة التقييم للعضونورالشمس نسبة التقييم للعضونورالشمس نسبة التقييم للعضونورالشمس نسبة التقييم للعضونورالشمس نسبة التقييم للعضونورالشمس نسبة التقييم للعضو

 

رد: مـذّكـرات مجهول !!

  المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أسد نجد مشاهدة المشاركة  

وقـح


رويدكم ..
لاتستعجلوا علي ..
سأقص عليكم القصة حتى آخرها ..
فأنا لم يدمدم في صدري موضوع أكثر من هذا الموضوع ..!
ولكني في كل مرة أعزم على طرحه تهجم علي جيوش من الأسئلة المتجهمة .. فأتركه .. إلى أن طارحني أحد الأخوة مؤخرا قصة مأساوية في الموضوع نفسه .. فعزمت وتوكلت على الله ..

ويبقى عليكم أن تنتبهوا لأمور دقيقة فيما سأتحدث عنه :

 

يا الله يا اسد !!!!
يا الله ّ!!!!

لا ادري اي حالة عصبيه اصابتني وانا اقرا !!!!
انا اسفه ...لكن كيف يعقل ان شابا لا يستطيع الدفاع عن نفسه ؟؟؟
انا اخاف على صغار السن لانهم ضعاف !!!!!
يا الله !!!! ايعقل هذا ؟؟؟؟
من الجيد انك تسلط الضوء على مثل هذه الامور ..نعم يجب التحدث عنها
حتى ينتبه لها اولادنا واخواننا وشبابنا .....
لا حولا ولا قوة الا بالله !!!!!!!!!!
ياالله ارحمنا برحمتك يارب .....يارب
لا حولا ولا قوة الا بالله ..
والله لا ادري ماذا اقول .
استغفر الله العظيم ...

جزاك الله كل خير
اسد نجد.
التوقيع
عندما تيأس، وتقرر الاستسلام والتوقف، فاعرف أنك على بعد خطوات من هدفك.
استرح، فكر في شيء آخر، ثم عاود المحاولة من جديد ..
• كثير من حالات الفشل في الحياة كانت لأشخاص لم يدركوا كم كانوا قريبين من النجاح عندما أقدموا على الاستسلام ; فلا تيأس ..
...
د. إبراهيم الفقى - رحمه الله -.
نورالشمس غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 26-02-2011, 02:26 PM   #50
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: مـذّكـرات مجهول !!

  المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نورالشمس مشاهدة المشاركة  

يا الله يا اسد !!!!




يا الله ّ!!!!

لا ادري اي حالة عصبيه اصابتني وانا اقرا !!!!
انا اسفه ...لكن كيف يعقل ان شابا لا يستطيع الدفاع عن نفسه ؟؟؟
انا اخاف على صغار السن لانهم ضعاف !!!!!
يا الله !!!! ايعقل هذا ؟؟؟؟
من الجيد انك تسلط الضوء على مثل هذه الامور ..نعم يجب التحدث عنها
حتى ينتبه لها اولادنا واخواننا وشبابنا .....
لا حولا ولا قوة الا بالله !!!!!!!!!!
ياالله ارحمنا برحمتك يارب .....يارب
لا حولا ولا قوة الا بالله ..
والله لا ادري ماذا اقول .
استغفر الله العظيم ...

جزاك الله كل خير

اسد نجد.

 
أختي الكريمة

أشكر لك تواجدك الراقي

النحلة أبعد ما تكون عن (الوزغ) ..
فقط لأنها لا تقصد (النجفة) ..

هذه لكل أب يعتقد أن الأبن في هذه الأمور يعرف كيف يتصرف بحكمة
وكأن المسألة إختيار تخصص وكأن الدنيا مغامرة ..

والرائع أن أسباب الداء ووصفة الدواء مختبئة بين حروف هذا الموضوع التربوي
والذي يعالج القضية بالأسلوب المحبب.

لابد أن نتكــاتف لحلً هذه المعضلة التي استشرت بين الشبـاب في ظل الفتن والمغريات وغياب الراعي وانعدام الرادع ..
ولنطفئ النار قبل أن يلفحنا لهيبها



شربت مرارةً وبكيت جمراً
على فقدٍ لأيامٍ خوالي


لأيام بها الخيرات طراً
بها آباؤنا حازوا المعالي


ونالوا من ذرا العلياء شأوا ً
فصاروا في التدين خير آلِ


وكانوا كلما استسقوا لجدبٍ
سقاهم ربهم إثر ابتهالِ


فأضحوا شامةً من بعد تيهٍ
وعموا بالصفا كل الفعالِ


كبير القوم لا يؤذي صغيراً
وجل الناس للقرآن تالِ


وكانوا عن حمى ديني حماةً
وقد ضربوا لنا خير مثالِ


فصرنا بعدهم قومًا وحوشاً
تناوش بعضنا بعضًا لقالِ
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 26-02-2011, 10:32 PM   #51
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: مـذّكـرات مجهول !!

( 3 )



الوقت لايكفي للتفكير العميق ..
ولم أجد بدا من الخروج ..
لقد أصبحت مكبلا .. ومهددا في أي لحظة بضغطة زر واحدة ..
إنما مثلي ومثله كمثل المجرمين الذين يضعون المسدس على رؤوس رهانئهم ويهددون بإطلاق الرصاصة الأخيرة عند أي تحرك للشرطة..
لقد كنت صغيرا .. وأخاف على نفسي .. ولم أخبر بذلك أحدا كما توعدني .. وشيطاني أيضا كان يمهد لي خيارات غريبة على أنها الحل .. لقد كنت بين شيطانين في الحقيقة ..
وطويت صدري على زمرة أشواك ..
كنت وإياه مثل القطة والفأر كما في (توم آند جيري)
لا ..
إن الفأرة في (توم آند جيري) تتحرك بحرية ..
إنني مثلها عندما كنت أذهب إلى البقالة قبل أن أصاحب حمود ..
في حوش منزلنا رأيت مرة قطا مضطجعا بكل هدوء ويتلفت بأعصاب باردة وأمامه فأرة منهكة كلما حاولت الهرب سحبها بيده بكل برود ..
إنني أشبه نفسي بها الآن ..
بكيت لوحدي كثيرا ..
كرهت نفسي ..
وكرهت أناسا آخرين من دون سبب !!
رأيت أبي يتحاور مع المرشد الطلابي في غرفته ..
ثم استدعاني المرشد بعدها وجلس معي على انفراد :
- أنت طالب مؤدب .. وذكي .. ومجتهد .. ومحترم .. لكنك في الفصل الثاني تغيرت كثيرا .. درجاتك هبطت كثيرا .. بعض المعلمين ذكر لي أنك كثير النوم وكثير التفكير خارج الدرس .. كان أبوك يناقشني قبل قليل عن وضعك في المدرسة .. وأنه مستعد لنقلك إلى المتوسطة الأخرى في الحي المتاخم إذا كانت المشكلة في طلاب هذه المدرسة !! .. هاه ؟ .. هل هناك شيء يؤذيك في المدرسة ؟
- ..............................
- الموضوع عادي جدا .. أنا أخوك الكبير .. اطرح مشاكلك هنا بكل راحة ..
صورة وجه حمود القذر تتحرك فوق رأس المرشد .. رسائل الوسائط ترن في أذني .. سكت ولم أستطع الكلام ..
- تحدث بكل مشاكلك .. قل أي شيء يزعجك .. لاتتردد ..
في هذه اللحظة .. لم أستطع أن أملك زمام نفسي فانفجرت ببكاء مرير ..
كنت أنشج بقوة ..
تركني المرشد قليلا .. وهدأ من روعي .. وقال :
- سيكون سرا بيني وبينك .. صدري قبر لسرك .. عهد بيني وبينك ..
تراخيت قليلا .. البكاء أزال عن ظهري شيئا من الحمل الثقيل .. قلت في نفسي : سأقول له وليكن مايكون .. اشترطت عليه أن لاتخبر أحدا من البشر بما أقول .. حتى أبي .. ثم قصيت عليه الخبر حتى آخره ..
كان متفاعلا معي .. وتأثر كثيرا بقصتي ..
لاطفني ووعدني بأنه سيتابع الموضوع معي ..
ولكني لمست تورطه بمعرفة السر !
لمست ذلك بإعراضه عني بعد تلك الجلسة !!
لم يجلس معي بعدها أبدا !
أصبح الوضع عاديا بالتدريج فيما بيني وبينه كما لوأنني لم أقل له سرا خطيرا ..
يبدو أنه سيكتفي بحفظ السر فقط !
بعد جلستي معه بأسبوع قام باستضافة شيخ جليل وكان عنوان المحاضرة ( الفاحشة )
وقام أيضا بتوزيع مطويات عن الفاحشة وخطرها ..
ولكن ذلك لايعني لي شيئا !
أنا لست جاهلا بالخطر ..
أنا وقعت في الخطر الآن وأعترف بخطئي .. فهل إلى سبيل من خروج ؟
ولكن من خلال تجربتي معه ظهرت لي نتيجتان :
أن البعض يعمد لاستثارة الأسرار من صدور الناس وهو غير مستعد لمتابعة الحل !
والأخرى أنه يوجد من المرشدين الطلابيين من هو مرشد على مكتبه وأوراقه فقط !!
بل إنني أحسست بشيء من اليأس حيث عجز عن حل مشكلتي رجل كبير من مثل المرشد الطلابي ..
كما قلت لكم ..
لم يتغير شيء ..
واستمرت عبثية القط بالفأر ..
في أحد الحصص الدراسية ..
أخرج الوكيل طالبين من الفصل .. صالح وفهد ..
همهم الطلاب بخبرهما وأنهما تشاجرا في اليوم الذي غبت فيه ..
صالح ؟
صالح طالب مؤدب ومحترم .. أنيق جدا وجميل تقاسيم الوجه .. ولبق الحديث إلى حد كبير .. وهو أحد طلاب حلق تحفيظ جامع الحي .. بل إنني سمعت من غير واحد في الفصل بأنه يحفظ كثيرا من القرآن .. مع هذا كله كيف يكون قد تشاجر مع فهد ؟
وفي الفسحة الثانية دنوت من صالح وسألته :
- عسى المشكلة هينة إن شاء الله ؟
- هلا والله .. أي مشكلة ؟
- المشكلة التي بينك وبين فهد ..
- أها .. فهد طالب وقح .. ويستاهل ..
- يستاهل ؟ .. يستاهل ماذا ؟
- أنت غير موجود يوم السبت ؟
- لا .. كنت غائبا .. هل تخبرني بالقصة ؟
- سم .. لاتخفى عليك شخصية فهد وخلقه السيء .. جاءني يوم السبت ورمى علي كلاما فاحشا .. نظرت إليه بعيني تهديد .. ولكنه في زحمة الطلاب جاء مختلسا من ورائي ولمسني بيده في موضع حساس .. التفت إليه ولكزته في بطنه .. ثم نزعت حذائي وصفعته على خده .. ولولا اجتماع الطلاب حولنا .. وحيلولتهم بيني وبينه لكنت قد تركته خرقة بالية ..
- صفعته بالحذاء على وجهه ؟
- نعم .. وهو أحقر من أن أحترمه .. وحذائي أكرم من فعلته التي فعلها ..
نظرت إليه نظرة إعجاب وإكبار ..
هل هذا هو صالح الهاديء الصامت ؟ .. كنت أظنه لايستطيع الدفاع عن نفسه !..
إن داخل هذا المخلوق الأليف حميَة عظيمة .. وخلقا كبيرا ..
سألت نفسي وأنا أتأمل في وجه صالح :
ترى .. هل يكون أول خيوط الحل عن طريق صالح ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سأكون معكم قريبا إن شاء الله ..
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 27-02-2011, 05:27 PM   #52
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: مـذّكـرات مجهول !!

( 4 )



- سألته .. ومن أين تعلمت مثل هذا ياصالح ؟
- هذه لاتحتاج إلى تعلم .. مسألة الأخلاقيات مسألة لاينبغي الاستهانة بها ..
وبعد دقيقة من الصمت بيني وبينه عاد ممسكا بزمام الحديث وهو يقول :
أذكر قصة واقعية في مدينة ( ............. ) جنوب المملكة قصها علينا مدرس الحلقة يقول : إن أحد اللاأخلاقيين قام باستدراج شاب صغير من أحد المدارس حتى ركب معه .. ولكن هذا الخائن خرج به خارج العمران يريد أن يفعل به الفاحشة .. بمعنى أنه اختطفه .. وعندما طالبه الشاب الصغير بالوقوف رفض وهو يضحك .. ويقول : إنزل وأنا أمشي !! فما كان من الشاب الصغير إلا أن فتح الباب وقفز منه .. وأما المجرم فقد هرب مثل ثعلب سارق سمع طلق عيار ناري ..
قال مدرس الحلقة بأن من ساق له القصة - وهو أحد رجال الشرطة الواقفين على القضية - ذكر له بأن الشاب أصيب بجروح وكدمات لزم بعدها المستشفى ثم خرج بعد ذلك .. كما تمت معاقبة هذا المجرم بما يستحق ..
قد يكون تصرف هذا الشاب خارقا للعادة .. لكنها حادثة وقعت فعلا .. وكونه يفكر بحماية عرضه إلى هذا الحد يعتبر وعيا مبكرا يحتسب له ..
عندما كان صالح يروي القصة كنت محلقا بخيالي إلى ماوراء الأفق .. هناك .. هناك حيث كنت أرى سيارة ماكسيما سوداء تمشي في الصحراء بكل هدوء !! .. وصوت المغني يرتفع بلا مبالاة !! .. وفي جوفها ذئب هائج .. ونعجة طائشة في غمرة المغامرة!!
ألا سحقا لهذه المغامرات .. وقبحا لذلك الجهل الذي حملته بين جنبي حينها ..
قلت له : وهل أستطيع مقابلة مدرسك في الحلقة ؟
- نعم .. وتسجيلك معنا في حلق الجامع أفضل ..
تساءلت مع نفسي ..
هل أنا مناسب لأن أكون طالبا في حلقة تحفيظ قرآن ؟
والحق أنني فكرت في ذلك كثيرا ..
كلما طرحت الموضوع للنقاش بيني وبين نفسي هجم تاريخي السابق بكل جرأة وسحب الأوراق من بيننا ثم تأجل الإجتماع !!
إلى أن تقابلت - وبلا مقدمات- مع مدرس حلقة صالح في مغسلة الملابس .. سلم علي بكل حرارة .. وسألني عن أخبار الدراسة .. بدا لي عاقلا ومتزنا .. ولم يمنع ذلك من أن تشرق من بين تقاسيم وجهه ابتسامة جميلة ..
كدت أن أفضي له بالسر !!
فكرة جنونية أليس كذلك ؟
لا ..
ليست جنونية .. ولم أقم بها أيضا .. ولكن قدر الله كان يجري على نحو لم يدرك كنهه أي منا ..
وجدتها فرصة سانحة وسألته : هل يمكنني التسجيل في حلق جامع الحي ؟
- بالطبع .. وبكل سرور .. احضر مساء اليوم إن شئت لأحدثك بكل أنشطة الحلق ..
لم أنم ذلك الظهر .. عدت إلى المغسلة مرة أخرى وكويت غترتي وثوبا آخر نظيفا ..
وعصرا .. بادرت وصليت في الجامع ..
مكثت أسبوعا كاملا .. شاركت خلاله معهم في الرحلة الأسبوعية ..
لقد راق لي أسلوبهم كثيرا .. وأعجبتني الألفة الجميلة بينهم ..
فرحت أمي بخبر انضمامي لمدارس جامع الحي وبشرتْ أبي بذلك دون أن يكون له تفاعل يذكر .. ولكنني كنت أرمي إلى أمر بعيد ..
وحمود؟
رجاءا من الذي سأل هذا السؤال ؟
أنا لاأحب أن يذكرني به أحد الآن ..
نعم ..
هو لايزال يعاملني بالتهديد ولا زلت متضايقا منه ولكني على أقل الأحوال في طريق السعي إلى الخلاص منه إن شاء الله ..
قولوا إن شاء الله ..
في الأسبوع الثاني .. وفي نهاية الرحلة ..
انتحيت بأستاذ الحلقة جانبا وقلت له بأنني أحب أن أفاتحه بسر مهم ومشكلة كبيرة .. قال لي : هل هو سر بيني وبينك أم هناك من يعلم به ؟
سكت قليلا ثم قلت : المرشد الطلابي فقط ..
- حسنا .. يبدو أن الوقت الآن لايسمح لمطارحة المشكلة .. مارأيك لو جلسنا أنت وأنا والمرشد الطلابي في غرفته غدا ؟
- لايمنع .. لكني أتمنى أن لايحضر معنا أحد ..
- أكيد .. من سيحضر يعني ؟
- قصدي أن لا يدخل طالب أو معلم ولو لأخذ شيء من الغرفة أو لسؤال المرشد ..
- إن شاء الله .. سأكلم المرشد الطلابي بذلك ..
في الغد ..
وعندما انتهيت من سرد قصتي كاملة كان المدرس يعبث بعنفقته(الشعر الصغير أعلى اللحية ) بكل حماس .. قال لي : أولا / أنت لم تصنع ذلك بهوى منك أو رغبة ..وهذا يدل على خير فيك كثير .. المجرم حقيقة هو ذلك الشاب .. وأنت كل هذه المدة تجني ثمن تهاونك في مصاحبته لاأكثر ..
ثانيا / يجب أن نتذكر دائما أن المفاضلة بين البشر ليست بين مخطيء وغير مخطيء إنما هي بين مخطيء يتوب ومخطيء لايتوب .. والخيرية للأول بالطبع .. ويعني ذلك أن كل ابن آدم خطاء .. فحتى مجتمع النبي صلى الله عليه وسلم لم يسلم من العثرات كما في قصة ماعز والغامدية ..
ثالثا / أهنئك على حسن تدبيرك ورباطة جأشك حيث لم تنحدر مع المجرم وإنما ظللت تدافع طغيانه بما يمليه عليك عقلك كل هذا الوقت .. ولو أنك بكرت للعلاج أكثر لكان الضرر أقل بالطبع ..
ثم سألني : ولكن ألا يعلم أبوك بما حصل ؟
- لا ..
- لم ؟
قلبت يدي الاثنتين وزممت شفتي لأبدأ بشرح وضع والدي .. ولكن المرشد تدخل وقال وهو يهز رأسه : أنا أحدثك عنه في وقت أطول إن شاء .. أنا أحدثك عنه ..
التفت إليه المدرس وقال : يعني لا يمكننا أبدا حل الموضوع عن طريق الأب ؟
حرك المرشد شدقه الأيمن وهز رأسه بالنفي ..
أطرق المدرس رأسه قليلا .. ثم رفعه وقال : أنا أرى أنه لابد من أن يخرج السر عنا نحن الثلاثة !
تحركتُ -لاشعوريا- على الكرسي .. ونظرت إليه باستغراب ..
وسأله المرشد : كيف ؟
- ..........................
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 28-02-2011, 11:12 PM   #53
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: مـذّكـرات مجهول !!

( 5 )


قال : أنا أرى أنه لابد من أن يخرج السر عنا نحن الثلاثة !
تحركتُ -لاشعوريا- على الكرسي .. ونظرت إليه باستغراب ..
وسأله المرشد : كيف ؟
- نحن لانعرف الطرق المتبعة -عادة- لحل مثل هذه القضية ولكن صاحبي في الهيئة ربما كانت له معرفة بها ..
تغير لون وجهي عندما سمعت اسم الهيئة .. تخيلت رجلا ضخما بيدين كبيرتين و جبين مقطب وصوت أجش !! .. وذلك يعني أيضا أن القضية ستكون كبيرة !!.. ولكن المدرس عندما لمس ذلك مني عاد وقال : سأشاوره بصفة شخصية غير رسمية .. أعرفه جيدا .. سيكون عونا لنا بعد الله ..
استحسن المرشد الفكرة ثم التفت إلي وقال : وأنت ؟
- لامانع لدي إذا رأيتم أن ذلك يؤدي إلى الحل ..
وفي الغد ..
في نفس المكان .. ولكن في آخر الدوام .. دخل علينا رجل الهيئة .. كان رجلا دقيق الجسم دقيق الملامح خفيف شعر الوجه أبيض الطلعة .. كان بشوشا بشكل لافت بحيث تظهر أسنانه البيضاء الجميلة في كل مرة .. وأنا لاأدري لم كانت تلك الصورة الضخمة متجذرة في خيالي عن رجل الهيئة ؟! .. ولا أدري من أين رسخت ؟! .. لاأدري !
كان المدرس قد قص عليه الخبر بالأمس ..
وحينما أخذ مكانه على الكرسي بادره المدرس : هاه .. مارأيك ؟
-الموضوع محلول إن شاء الله .. ولقد قضينا على الكثير من مثلها لفتيان وفتيات وقعوا رهائن صور أو مقاطع .. بعون من الله ..
قالها بكل ثقة .. بينما تملكني شعور من الفأل عظيم .. ثم استدرك : ولكن لدي بعض الأسئلة .. والتفت إلي وهو يقول :
- كم من الوقت بين كل مرة ومرة يخرج بك هذا الوقح ؟
- تقريبا.. اسبوعان .. قد تزيد وقد تنقص ..
- معك شيء من الصور التي أرسلها إليك ؟
- لا .. حذفتها كلها ..
- حسنا .. أنت معذور في حذفها .. لكننا بحاجتها الآن .. ونحن بدورنا لن نطلع على الصور التي أرسلها إليك ولكننا سندينه بها ولذا فإنني أتمنى أن تذكر لي كل ماتحتوي عليه هذه الصور من أشياء ؟ .. كل الأشياء ..
قلبت عيني وفكرت قليلا وهو ينظر إلي ويقول : هاه ؟ .. أي شيء ..
فقلت له : الشجرة .. الفراش الأزرق على الأرض .. السيارة .. سيارته السوداء ..
عندما نطقت بها أحسست بأن السماء انفتحت فخرجت منها يدان حانيتان وانتشلتني من وحل عظيم .. وبرقت أسارير وجهه وسألني : هل سيارته موجودة في الصورة ؟
- نعم .. ولكني أظنها في صورة واحدة فقط !
- لابأس .. ذلك يكفي حتى لولم يظهر سوى طرفها .. وعاد يقول : الحمدلله .. نحن الآن نتقدم كثيرا نحو الحل .. بقي عليك أن تنتبه معي لما أريدك أن تقوم به .. فهل أنت معي ؟
- نعم .. أكيد ..
- أريدك أن تنفذه بدقة كما أشرحه لك ؟
- أبشر .. أبشر ..
وبعد أسبوع رن هاتفي برسالة من حمود ( سأمر عليك بعد العشاء ) نظرت إلى الشاشة وابتسمت وأنا أقول : آن أوان انقراضك أيها الوقح .. ولم أرد عليه بشيء ..
وبعد العشاء رن هاتفي برسالة منه ( أنا عند الباب ) فرددت عليه برسالة سريعة ( لن أخرج إليك ) .. مكثت دقيقة وأنا أنظر إلى الشاشة أنتظر رده حتى لكأن ثوانيها كانت تزحف زحفا .. وحينما رن الجوال منه برسالة وسائط رن قلبي فرحا .. فتحتها .. لا .. هذه لاتكفي .. أعدت الرسالة إليه ثانية ( لن أخرج إليك ) .. أرسلتها وكأني أسمعها تضج في السماء ( لن أخرج إليك ) ودمعت عيني وأنا أخاطب نفسي وأقول : أين هذه الكلمة مني قبل ذلك ؟
وعاد جوالي يرن برسائل الوسائط الأخرى .. فتحتها بسرعة .. وحينما رأيت الصورة التي فيها سيارته السوداء قلت : الحمد لله .. هي الآن في جوالي وجواله ..
أدخلت جوالي وسط كيس مليء بالأوراق .. كورتها وخرجت إليه مسرعا وإذا هو عند الباب .. وضعت الكيس وسط حاوية القمامة .. وركبت معه ..
دفع رأسي بطرف يده وهو يقول بصوت استهزائي قبيح : لن أخرج إليك ..
- ضحكت له وقلت :
- أنت لاتعرف المزح ؟
ضحك ضحكته الهيستيرية المعهودة .. وانبسط إلي ..
عندما سلكنا الطريق العام قلت له : أنا جائع .. لو وقفت عند السوق لأشتري لنا شيئا نأكله .. مكث في سيارته ينتظرني بينما كنت أدور في الأسواق وأنظر من خلف زجاج المحل إلى الشارع .. وحالما خرجت وجدت سيارة الهيئة ورأيت صاحبي رجل الهيئة عند سيارة حمود ..
وسمعت حمود وهو يدافعه ويصيح : مايصير !! .. أنا ما سويت شي !! ..
تجمهر الناس عند باب السوق .. وتبرع رجل (ملقوف) وقال لرجل الهيئة : تأكدوا .. الرجل شكله بريء !!
ذهب حمود إلى الهيئة ..
وركبت أنا مع المدرس والمرشد حيث كانا ينتظران في الطرف الآخر من الشارع ..
وبعد ساعتين ..
اتصل بي رجل الهيئة وهو يقول : الحمدلله .. أبشرك .. الأمور جاءت على مايرام .. وجدنا الصور .. واعترف بكل شيء .. بل إننا عثرنا معه على إدانات لقضايا أخرى .. وهو محجوز لدينا الآن بعد أن كتب إقرارا وتعهدا .. يمكنك الآن أن تجد جوالك لدى المرشد الطلابي .. ولكن .. لاتنس أن تحذف الصور منه ..
لم أستطع أن أرد عليه .. تهاويت على الأرض وأنا أبكي .. وسجدت شكرا لله ..

انتهت بحمد الله
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06-03-2011, 01:38 PM   #54
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: مـذّكـرات مجهول !!

يقول ضيفنا الجديد


رحلتي الى الرياض

**الحلقة الاولى**

أعيش هذه الأيام قحطاً في المواضيع وجدباً في الأفكار وتصحُّراً في المعاني ، حتى بِتُّ أفكِّر في مواضيع لو كشفتُ عنها لثامها لَحَوقَل الصالحون واسترجع الآخَرون ، ولقالوا بلسانٍ عربيٍّ مبين : يبدو أنك في بواكير التنسيم! فافزع إلى نفسك بالصابون والأشنان وتتبّع الثقوب ثُقباً ثقباً قبل أن يتصل الثقب بأخيه فتندَم ولات ساعة مندم ..



إي وربي ! لم أجد موضوعاً أتحدّث حوله ، فعنّ لي أن أتسامر معكم في حلقاتٍ ، وأتواجدَ وإياكم ؛ حزناً تارةً وفرحاً تارة أُخرى ، بحسب الواقعة وبمقتضى الحادثة ، أقِف وأستوقِف ، أبكي فتبكي معي الديارُ والبلاد والرِّباع ، وأضحك من كل شيءٍ حتى من نفسي، أتعجّب كما يتعجب بنو البشر ، وأذهل مما يُذهل بني البشر، فأنا هنا مع الوقائع والحوادث والمناظر أحاسيسٌ ومشاعر، أعبِّر عن المشاهد بالمشاعر، فتختلط هذه بتلك ، ولله در أخطب الخطباء في هذا العصر ـ في نظري ـ الشيخ صالح بن حميد حين قال في إحدى خطب عيد الأضحى من الحرم المكّي ، وهو يتحدث عن مكة والمشاعر : " بلدٌ وتأريخ ، تختلط فيه المشاعر بالمشاعِر ، والمشاهَد بالمشاهد " ، فسأعقّب بمشيئة الله على كل منظرٍ وكل مشهد والله وحده المعين، حتى لو رأيت حجرةً واقفةً لوقفتُ حذاءها أستكْنِهُ عظمة وقوفها وسِرَّ شموخها..


بعد طبع كتابي الذائع الخمول (الحلمنتيشي) ، الذي كاد أن يكون أكثر الكتب مبيتاً في المكتبات فيما بعد ! أشار عليّ أستاذي المبدع آيدن بضرورة دخول الكتاب إلى معرض الرياض الدولي للكتاب ، وإشارة مثله تعني الحكمة ضرورةً اعتماداً على معطياتٍ سابقة ، ومن هنا بدأ التفكير في السفر إلى مدينة الرياض، إلى العاصمة ، إلى ديار عِلْية القوم، فطفقتُ أبحث عن أرقام هواتف دور النشر المشاركة في المعرض ، فهاتفت إحداها فاعتذرت بتأخري ، وكلما هاتفت واحدةً لحقتْ بأختها في الاعتذار ، إلى أن يسّر الله الشركة الوطنية للتوزيع ، فرحّبوا شكر الله لهم ، وأنّ عليّ أن آتي إلى الرياض ، وكان لا بد من السفر عاجلاً ، إذِ مضى على افتتاح المعرِض يومان ، والقصد أن يدخل الكتاب المعرض ولو على جُمْجُمتي! لحظة من فضلكم يا سادة ذكّرتْني الجمجمة بـ سالم البِيض صاحب اليمن الجنوبي ، حين كانت قوّات علي عبدالله صالح حاكم اليمن الشمالي تدكّ حضرموت وهو يقول : "لن يدخلوا حضرموت إلا على جماجمنا" ، فهل حقاً دخل علي عبدالله صالح حضرموت على جمجمة سالم البِيض! أم هرب بجمجمته! والهروب بالجماجم أمرٌ لا يُعاب، لا سيّما إذا علمنا أن الجماجم لا تُستبدَل! وأنا أقول : وهل حقاً دخل المعرض على جمجمتي أم على أكْتاف البنغالي!


عزمتُ على السفر وكان لا بد من الاستعداد ، والاستعداد يختلف باختلاف وجُهة السفر ، فإن كانت وُجهتُك مكة معتمراً لبستَ لباس الإحرام ، وإن كانت وُجهتك اليابان كان استعدادك في التدرّب على مسْك أعواد الأرز عوضاً عن القبضة! وإن كانت وجهتك موزمبيق كان استعدادُك باستطعام القورو! ونحن في استعدادنا للسفر للرياض سيكون الاستعداد مختلفاً لاختلافها عن مكة واليابان وموزمبيق! فطفقتُ أستعدُّ لها بالتدرّب على لهجة أهلها !


فبدأتُ أتدرَّب مردِّداً :
فِيييي ذا
وينِك فيه
ذِبِّهْ
ثمِّنْ
تسزدّام
سِواء
يا لبّى قلبه (نطق القاف واللام بالتفخيم)
هماك قلت بِترو أووووووووووح؟
كود يخفّون عنّا


ومن هذا القبيل من لهجة أهل نجد ، ومما يعجبني في أهل نجدٍ أن ألسنتهم لا تتأثر بمن يخالطون ، نحن في المدينة نتأثر في بعض كلماتنا بلهجة الحضُر ، لي صديقٌ من أهل نجدٍ نشأ في جدة كل حياته تقريباً ، ومع ذلك لم يتأثّر لسانه بلهجة أهل جدة فلا تجده يجري على لسانه (أَبويا ، أكْمِنُّوا ، رُحْتَلُّوا) ، والشيء بالشيء يُذكر فقد قيل إن شاباً ينبعاوياً (من مدينة ينبع) جاء يجري لأبيه يقول له : أبويا أبويا ! إيش معنى حُرُكْرُكْ؟ فأجابه أبوه على الفور : معناها حُدُمْبُكْ يا ولدي! لم يفهم الولد حُرُكْرُك ولا حُدُمْبُك! فرجع بِحَيرةٍ أكبر من التي أتى بها..


فأهل نجدٍ لا يتأثرون بخلاف غيرهم والله أعلم ، لست أدري السبب فخبِّروني إن وجدتّم خبرا ، بينما ترى الذي يعيش في بلادهم يتأثر بلهجتهم ، فلعلك تصادف أن تسمع امرأةً سوداء من القارة السوداء تحادث أختها من بنات جنسها فتقول لها فيما تقول : يا لبى كُلبُه! فتردّ عليها صاحبتُها : حِنّا فييييي زا! حتى أنا يا سادة حين كنت هناك اتصلتْ بي أم العيال تطمئن عليّ!! أم العيال تتصل بي لتطمئن عليّ! خير اللهم اجعله خير! أقصد اتصلتُ بها لتطمئن عليّ ، نحن في خدمة النساء ، فقالت لي بلهجتنا لهجة بدْو الحجاز الجافة كالجبال الصُّمِّ : فينك الحين؟ فقلتُ على الفور : أنا فيييييييي ذا ، تبون خدمة واللاش؟! نطق اللاش يكون مثل إيقاف السيارة من خلال سحْب البريك! فكادت أن لا تعرفني لولا تأكدها من رقمي المميز ، ذلك الرقم الذي كاد أن يحوي الأرقام كلها من صِفْرٍ إلى تسعة..


انتظروني في الحلقة القادمة ..

أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07-03-2011, 05:42 PM   #55
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: مـذّكـرات مجهول !!



**الحلقة الثانية**

مرحباً بكم يا سادة يا كرام وسلامٌ من الله عليكم ورحمة منه وبركة
خلتي وصحبي..



بعد أن أخذت لساني بالتدريب على لهجة أهل نجد حتى استقام كأني مُعرِقٌ فيهم نسباً وصِهرا ، ولادةً ونشأةً ، أخذتُ أتقمّص هيئاتهم ، ولا تسألوني يا رعاكم الله وصف الهيئة من وقوفٍ ومِشْيةٍ ، وطريقة حديثٍ وطريقة صمتٍ ، فإن ذلك مما ليس في إمكاني ، حسْبي وحسبك أن نعرف أنهم بشرٌ يمشون في الأسواق ويأكلون ويشربون ، لكل منهم قدمان وساقان وفخِذان !


ثم اتصلتُ بصديقٍ يرافقني في سفري ، فأجاب على الفور دون تراخٍ ، وهكذا هم الأصدقاء إبّان المهمّات ؛ سرعةٌ في الرد وقبولٌ بلا رفض ، وحسبك من مرافقة طلبة العلم إمتاعاً مع طول السفر وبُعْدِ الشُّقّة ، فهناك تحلو الأحاديث في شتى القضايا ؛ أُمَميّةً وإقليميةً وشخصيةً ، تتباين في أهميتها حتى تخاطب الأُمّة من تحت سقف سيارة ! وحسبُك من جامِيَّيْنِ يتحدثان في شؤون الأُمّة ! الله أكبر! ، وتوغِل القضيّة في أهميتها حتى تصل إلى قوائم أسرّة غرف النوم ! الطريق طويلٌ فلا تلومونا ، فإن ما بين المدينة والرياض مما تتقطّع دونه أكباد السيارات ، لن أتعجّل الآن بالحديث عن القضايا الآن ، وسأحدِّثكم عنها بعد قليل إن شاء الله ..


تَخِذْنا الساعة الثالثة والنصف ظُهرَ الأربعاء موعداً للانطلاق ، فأوعزْتُ إلى حليلتي بإعداد حقيبتي ، وانطلقتُ أنا إلى المجلس حيث يقبع الحلمنتيشيُّ مُتّكِئاً على أنفه ، فتحتُ الباب بِهدوءٍ ونظرتُ إليه متلصِّصاً ، وإذْ هو يقيس أنْفه بين النسخ ! وما يخشى الزيادة فيه إنما غاية همّه أن لا تكون المطبعة قد نقصتْ منه ، فهو حريصٌ على بقاء طولِه لعظيم فائدته ..

تنحنحْتُ مرةً ومرتين وثلاثاً فما تحرّك ولا شعر بوجودي ، ثم تبعتها بثلاث عطساتٍ فكأنْ ليس بالدار أحدٌ ، قلتُ أنا عين الخبير بك يا ذا الأنف ! فطفقت أُغنّي بصوتٍ منخفض :


أهواكَ يا أنْفي
في السلْم والخوفِ


أهواكَ إن رتعتْ
غنمٌ وما بشِمتْ


أهواكَ إن سقطوا
في السوء واختلطوا


قومٌ أكابرُهمْ
تُفتي وليس لهمْ


في العلم خرْدلةٌ
في الفقه مسألةٌ


فاستقسموا قِدَحا
واستبشروا فرحا


قالوا وقد ضربوا
بالقِدْح والتهبوا


الحق ما خرجا
الحق ما خرجا


أهواك يا أنفي
في السلم والخوفِ


أنتَ الذي ارتفعا
في الحُسْن وانقطعا


ما كنتَ في زمني
تَغْنَى عن الوطنِ


أنت ابنُ حِلّتِنا
أنتَ ابنُ جِلْدتِنا


تُحمى إذا ولغوا
في القول ما ولغوا


قومٌ قد انبرشوا
للفقه وافترشوا


قالوا الغناء على
أحواله احتُمِلا


فكُلُّه حلالُ
وكُلُّه بَلالُ


فانظر إليه سرى
في الليل وانتحرا


وهكذا الجهْلُ
معاده القتلُ


أهواك يا أنفي
في السلم والخوفِ


ما انتهيت يا سادة من غنائي ونشيدي حتى رأيت الحلمنتيشيَّ يبكي بكاءً مُرّاً ، وإذا هو قد كان مُصغياً لنشيدي أيما إصغاء ، فراعني أنه بدأ يقفِ معتمداً على أنفِه كما يعتمد أحدُنا على ركبته ! فقلتُ في نفسي يا تُرى ماذا سيفعل هذا الباقعة ! ما أتمَّ وقوفَه حتى طفق يرقص ويهزُّ وسطه وقد قبض على أنفه يُحرِّكُه ، رفْعاً وخفْضاً ، ويميناً وشمالاً ، فهيّج استنساخاتِه فوقفوا معه ! فانقلب المجلس رقصاً وهزّاً وغناءً وأضواءً ، فكان يقول بما يُشبه الغناء ونسخه تردد معه :


نحن الذين جنوا
نحن الذين بنوا


في ذروةٍ وسنا
قد أكملوا الوطنَا


فاسألِ القلما
أيُّ الحروف سما


فنحن في الكُتُبِ
نعلوا على الرُّتَبِ


سلوا غداة سَلا
في روضنا وجلا


جيشٌ من الهمِّ
من بائسٍ يُدمي


واستنطقِوا جُملا
يجتازها العُمُلا


تلقون أوطانا
في الحب تحنانا


فكان كُلما انتهى من بيتٍ صدعتْ نسخُه تردد من خلفه :


حلَشْ حلَشْ حلمنتيشي
حلَشْ حلَشْ حلمنتيشي


ساءني هذا الضجيج والصخب الذي ملأ مجلس داري ، فأشرْتُ إليه بالصمت واضعاً يدي على فمي ليقيني أنني لو صرختُ بمكبرات الصوت فلن يسمعني ، لكنه أبى إلاّ المُضي في صخبه وضجيجه ، فقلتُ في نفسي لا يُسكتُه إلا الذي حرّكه ؛ إنه الأنف ، فقفزْت كما يقفز حمود سلطان حارس البحرين الشهير على جانبه الأيمن ، فقبضتُ على أنفه وأضجعتُه فصمت وصمتت نسخه معه ، أيُّ أنفٍ هذا الذي فيه كل هذه المواهب !


صمَتَ وصمتت معه نسخه فحملته إلى السيارة وهو يقول : ليتنا حين تعنِّينا ينالنا منك شكراً ، بل ما رأينا منك في حياتنا كلها إلا كُفْراً ، فقلت له صمْتاً يا كَفَر صمتاً يا كفَرْ..


ودعتُ أهلي واستودعوني ذا الأنف وانطلقت إلى صديقي


للحلقة القادمة ..
إن شاء الله



أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-03-2011, 06:04 PM   #56
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: مـذّكـرات مجهول !!

***الحلقة الثالثة***


انطلقتُ إلى صديقي في موكبٍ مهيبٍ من نسخٍ الحلمنتيشي ، كأننا هالةٌ نورانيةٌ عجيبةٌ ، فتخيَّلتُ المعجبين ومن ورائهم المعجبات يلقون علينا تحايا الإعجاب والانبهار في عاصفةٍ من التصفير والتصفيق ، مصطفّين كاصطفاف فريق الحارة قبل التوزيع ! يلوّحون بإعلامٍ صوّروا عليها وجه الحلمنتيشيِّ بعينٍ واحدة
يا تُرى ما السبب وما المغزى ؟
أين ذهبت عينه الأُخرى ؟

لك الله يا حلمنتيشي حتى وجهك لعبوا فيه من بعدما لعبوا باسمك فجعلوه بعشرِ نقاط إمعاناً في السخرية والتلاعب بك !


ما زالوا مصطفين على ذاك الرصيف الذي يذكرني بأسناني حين يقدِّم بعضها بعضاً من باب احترام الكبير وتقديم السابق على اللاحق ! يلوحون بتلك الأعلام في حشودٍ كبيرةٍ أولها بطَرَف داري وآخرها عند الطرف الآخر للدار! وبينا صاحبُنا ذو الأنف ينظر في الحشود يُبادلهم التحايا إذ صرخ صرخةً امتدّ لها أنفُه حتى داس على مكابح السيارة فأوقفها ! فقلت قاتلك الله يا ذا الأنف ، ما بك؟ وما الذي أصابك؟ فإذا به ينظر إلى ما خلف الصفوف ، هناك هناك في جموع المعجبات ، لقد رأى حبيبته ، أشار إليه بأنْ تعالَي ، فجاءت تمشي بمِشْيةٍ لكأنّ الأعشى ميمون يعنيها حين قال :
غَرّاءُ فرْعاءُ مصقولٌ عوارضها
------------------------- تمشي الهوينى كما يمشي الوجي الوحِلُ
كأن مِشْيتها من بيت جارتها
------------------------- مَرُّ السحابة لا ريثٌ ولا عجَلُ
يكاد يصرعها لولا تشدُّدها
------------------------- إذا تقوم إلى جاراتها الكسلُ
فلله كم فتنتْ خودٌ بمشيتها ! وكم كسرتْ من قلوبٍ فتناثرتْ أجزاؤها على قارعة الطريق تناثُرَ البطيخ من سيارةِ قادمٍ من سوق الخضار، فأشبه اللونُ اللونَ وشابه الحالُ الحالَ ! وكم أذابت من جليد ، فرفقاً رفقاً يا هنتاه . مشتْ حبيبته تلك المشية وهي تخترق الصفوف اختراق البرق كثبان السحاب ، حتى وقفت بمسافةِ مترين عن صاحبها ، ساد الصمت أرجاء المكان فلا تسمع إلاّ همساتٍ تقول : ما الأمر؟! لماذا وقفتْ؟! وماذا سيحدث؟! فيجيب أهل الفضول بهمساتٍ أُخرى قالوا : وقفتْ بسبب صِنان الحلمنتيشي! وستمشي الآن القهقرى .
ولكن سبباً من هذا لم يكن ، لقد مدّتْ أنفها وهي في مكانها على بُعد مترين ومدّ أنفه وتصافحا ، إنها المصافحةُ الأنْفيةً الشهيرة ، ثم بدأ الحلمنتيشي يبثّها لواعجه وأشجانه ، وهي بدورها تبثه اشتياقها وضِرامها ، الجدير بالذكر أن حديثهما كان إدغاماً بغُنّة ! مكثا متلاصقي الأنف ساعةً من نهارٍ صفّق لهما الجموع الغفيرة ، حتى إذا ما أزف الفِراق ذهبتْ تشق الصفوف إلى حيث مكانها ، وهو ينظر إليها مُدْبرةً كما نظر إليها مقبلة ، فلما وصلتْ مكانها رفعتْ إليه أنفها كنايةً عن الوداع ، فكان كما قال جرير :
أتذكر إذْ تُودِّعُنا سُليمى
--------------------------- بفرْع بشامةٍ سُقي البشامُ
فقال الحلمنتيشي وقد سلخ بيت جريرٍ :
أتذكر إذ تودِّعُنا حُليشى
----------------------------- بأنفِ حياتها رغمتْ أنوفُ
أكملْنا طريقنا ذاهبين إلى صديقي ، وقد أصاب الحلمنتيشي ما أصابه من لُقيا حبيبته ، قلتُ له على سبيل المداعبة : ما قصّة حبيبتك هذه يا شيطون ، فإنها تشبهك كثيراً ؟ قال لي يا سيدي يا أحمد الحربي إن لهذه الفتاة قصةً من أعجب القصص ، قلتُ له إن كان الأمر سرّاً ولا تحب أن تبديه فلك ذلك فاكتم سرّك كما أكتم سرّي ! فإني أكتم سرِّي بحيث لا أخبر به إلا خمسةً ، كلُّ واحدٍ منها قناةٌ إخباره بكامل برامجها ، قال أيُّ سرٍّ وفضائحي على كل لسان وكله بسببك ! قلت قد فهمتُ ما تعني فهاتِ قصة الفتاة ذات الأنف يا ذا الأنف !


قال إن هذه الفتاة كانت جارةً لنا ، وكان منزلها ملاصقاً لمنزلنا ، وكنتُ أنام في السطح مستلقياً ، فيبدو أنفي كأنه لاقط هاتف الساناو ! وكنتُ أرى ما يشبه اللاقط في سطحهم ، فظننت أن لديهم هاتف الساناو وإذا الأمر كما هو أمري ، وإني انقلبتُ ذات مرةٍ فنمتُ على جانبي الأيمن ، فاتّكأ أنفي على جدارهم ورأتْه هذه الحبيبة ، وقد كانت لا تخرج من منزلها حتى لا يعيِّرْنها بنات جنسها ، فلما رأت أنفي أعجبها ، فكان كما في المثل العربي (وافق شنٌّ طبقه) ، فكانت بعد ذلك تتعرّض لي في ذهابي وإيابي مِنْ وإلى فُرن التَّمَيز ، ثم بعد ذلك ارتحل أهلها إلى مدينةٍ أُخرى ولم أرَها إلا هذه الساعة ، فكنت بعد رحيلها أصعد إلى سطح منزلنا ثم أقفز إلى سطح منزلهم وأنا أُنشد :
أمر على السطوح سطوح حلْشى
--------------------------- أقبِّل ذا السطوح وذا السطوحا
وما حُبّ السطوح ذبحْن صدري
--------------------------- ولكن حب من سكن السطوحا


فهذه قصتي يا سيدي وتلك قصتها ، قلت هناك من العشاق روميو وجوليت، وأنتما هنا حلاشي وحوليش


دعنا منك يا صاحبي ولننطلق إلى صديقنا فإنه إلينا بالأشواق ، فتمتمَ بكلماتٍ شَمَمْتُ منها رائحة سخرية لاذعة، قلت له ما بك؟ وما الذي تمتمتَ به؟ قال لا شيء إلا أنني قلت : إن مثلك لا يصادقه إلا من يشاكله ويشابهه ، قلت يبدو عليك الإرهاق من التفتُّق بهذه الحكمة! لله أبوك! ثم قلت له إن كل الناس يعرفون هذه الحكمة فما الجديد ، قال الجديد أني أستطيع أن أتنبّأ بصفات صديقك من قبل أن أراه ، قلت صفْه لي اعتماداً على صفتي ، قال لا بد أن يكون الفقر كشف عن عظمه ، ولا بد أن السوبيا زُرعتْ في عقله ، ولا بد أن يكون منكوباً في كل ما يأتي ويذر ، يأكل اللوز والفصفص ويدقُّ النِّجِرْ ، ولا بد أن يكون مسلوب التفكير إلا في كيف يستدين ، يقضي الشهر والشهرين والثلاثة في مثل كرْب الحزين! قلتُ لولا أنني أعرف الناس بك، لقلت إنك تتعاطى الكهانة ، قال إنما هي طول الصحبة معك ، أورثْتني معرفة صحابتك..

وإلى الحلقة القادمةإن شاء الله ..
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-03-2011, 11:42 PM   #57
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: مـذّكـرات مجهول !!

***الحلقة الرابعة***




بعد لأيٍ وصلتُ إلى صديقي ، ما الطريق طويلةٌ يا سيداتُ ، ولا المسافة بعيدةٌ يا آنساتُ ، بين داري ودار صديقي ، لكنها الأحداث المُهمّة يا سادة ، تأتي من غير ما توقّع ، فتُطيل القصير ، وتمُدُّ الظل لتجعله أطول مما هو أطول منه ، وهذا لعمر الله سِرٌّ من أسرار الأُنس في مستقبل الأيام ، حين تسترخي في عصرِ يومٍ كادح ، فتجلس مادّاً قدميك ، على يمينك أمُّ العيال ، وعلى شمالك المُتّكأ ، وأمامك أبناؤك يكدحون في فرقعة أصابع قدميك وقد وقفتْ كأنها عشرة ضِبابٍ تُطِلُّ من جحورها ! فيستدِرُّ المرء منّا ضرع الماضي ، فيحْلب منه ذكرياته ، تستوي في ذلك ذكريات الفرح وذكريات التَّرَح ، فكلُّها جميلةٌ ، وكلها مؤثرة ، وكلها تأريخٌ شخصيٌّ ، تتشكّل من خلاله ملامح الشخصية ، تلك الشخصية العجيبة التي تتقلّب بحسْب تقلّب الأحوال ؛ فقراً وغِنى ، مرضاً وصحّة ، كدْحاً وراحة ..



ركب معي صديقي وقد مال الغضب بحاجبيه وتقاربا كأنهما في زيارة خاصة، قال ما الذي أخّرك عني؟ قلت بعد أن التفتُّ إلى الخلف مبتسماً ابتسامة الفِتْنة أنظر إلى الحلمنتيشي : لقد أخرني عنك هذا الـ ... ، فقطع الحلمنتيشي ذو الأنف كلامي بأن هرع يضع كلتا يديه على فمه من تحت أنفه ، قال صديقي ما شأنك؟ تابعتُ فقلت : لقد أخرني عنك هذا الحَا الحا الحا ، فكاد الحلمنتيشي يموت قبل أن أُكمل كلمتي : لقد أخرني عنك هذا الحَرُّ الشديد ، ففُرِّج عن الحلمنتيشي وأنفه الذي انتفخ دماً وكاد ينفجر من الرُّعب..


انطلقنا في رحلتنا نحن الثلاثة ؛ أنا وصديقي وذو الأنف ، فكُنا بياضاً في بياضٍ في أنوف ، يحمل بعضنا بعضاً ، مرةً أتحدّث أنا ومرة يتحدث صديقي ، حتى إذا جاء دور الحلمنتيشي في الحديث قال اعذروني فإن معي أنفلونزا الأنوف ! لكنني سأكون مستمعاً جيداً لكما ، انظروا يا رعاكم الله كيف مكر بنا ذو الأنف فأخذ أسهل المهام ، ذكّرني صنيعه هذا بصنيع ذاك البخيل الكسول حين قال لصاحبه :
منك الدقيق ومني النار أوقدها
--------------- والماء مني ومنك السمنُ والعسلُ


وضعنا أقدام السيارة على أول خطوة في ألف ميلٍ مغادرين المدينة ، وحدِّث يا عزيزي عن المعاناة والألم ولوعة الاشتياق ولمّا نغادرها إلاّ منذ دقائق ، قد تقولون إن هذه المعاناة والألم والاشتياق يحدث لكل من غادر وطنَه ومرتع صِباه! فمثلُك مثلُهم وما تختلف عنهم في المشاعر وما يختلفون عنك! عفواً يا سادة واعذروني إن خطّأتُكم كلّكم أجمعين أكتعين أبصعين أبتعين ، فلا والله تستوي المدينة بغيرها ، ولا والله يكون الشوق كالشوق ولا الحب كالحب ولا الحنين كالحنين ، فإننا نغادر موطناً مشى عليه صاحب الإسراء والمعراج ، ونخلِّف وراءنا جسداً طاهراً ما خلق الله أكرم منه ، وزيادة على انتمائنا الديني وارتباطنا الإسلامي الذي نتساوى فيه مع من هو في أقاصي العالَم ، فإننا يا سادة نشعر برسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما هو حيٌّ بيننا ، نجتمع في رحابه ونجلس إليه في داره ، بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام ، نشعر بجِواره فلله من جارٍ لا أكرم منه جاراً ولا أحسن منه جواراً ..


لذلك اختلف الحنين والحب واختلفت المشاعر


بدأتِ الرحلة لقطع مسافة 848 كيلاً ، وبدأ الحديث في شتى المواضيع ، ولإني وصاحبي جامِيَّين حتى النخاع! أنا محترقٌ وهو متفحّم ، فقد بدأنا بتناول كبسة الصحوة على صحن الطريق ، العفو يا سادة سأدع الحديث عن هذا الجانب جانباً ، خشْية أن يأتينا من لا يفهم طبيعة تناولي الحديث في هذا الخصوص في هذه الحلقات ، فيقلبه على رؤوسنا ، ويكفيني الصداع الذي ينتابني بين آنٍ وآن ، فلا طاقة لي بزيادة الصداع ، فليس الصداع كالخير فيقال : الزيادة في الصداع يحبوك صُداعين ، كما يقال الزيادة في الخير يعطيك خيرين ..


سلكْنا الطريق السريع إلى الرياض ، والذي تقطع فيه مسافة طويلة هي بالمئات من الكيلوات دون أن تمرّ على محطّة للوقود ، اللهم إلا إذا أردتَّ الدخول إلى القرى على شمالك ، ولا أدري السبب في خلوِّ المحطات على جنباته كسائر خلق الله من الطُرُق! بعد ساعتين من الانطلاق لاحظتُ ابتعاد الجبال عن ملاصقة الطريق، فكانت كلما أمعنّا في الانطلاق انفرجتْ عن الخط وتباعدتْ فذكّرتْني بشيءٍ ما !! ونحن بدْو الحجاز نعشق الجبال فنحن كما قال إقبال في بيته الشهير :
كُنا جبالاً في الجبال وربما
--------------- سرنا على موج البحار بحارا


إي والله ، فحين نرقى عليها فإننا الجبال فوق الجبال ، وحين نمشي بجانبها فنحن جبال تزاحمُ جبالاً منكباً بمنكب ، وحين نقدُم إليها فإننا الجبال تناطح أكفاءها !!


عجبتُ من المساحات الشاسعة بلا جبالٍ فحمدت الله مرتين ؛ أنْ منحنا في الحجاز جبالاً عند أنوفنا تستر عوراتنا عند حاجة البشر فقلت الحمد لله ، وحمدتُ الله مرة أخرى أن ابتلانا بهذه الجبال تضيق بسببها صدورُنا ..


أما عن المرة الأولى فإن الجبال في الحجاز متصّلةً ببعضها ، ومتقاربةً ومترادفة ، فستجد ما يسترك بكل يسرٍ وسهولة ودون عناء البحث عن كثيبٍ كما هي حال الذاهبين إلى نجد، فإن المحصور منهم ليجد عناءً ومشقّة في البحث عن كثيبٍ ، وربما سأل المارة من الضِّباب والجرابيع : أرأيتم كثيباً يسترنا ؟!


وأما عن الأُخرى ، فإننا بدْو الحجاز تقِلُّ فينا سعة الصدر ؛ نظراً للجبال التي تُضيّق علينا سيرنا ، فالأمواج المتلاطمة من الجبال جعلتْنا أسرع غضباً ، وأضيق صدراً ، وأقلّ صبراً ، بخلاف القاطنين في نجْدٍ وما جاورها ، فهم أحلَم وأبطأ غضباً ، وأوسع صدراً ، ولذلك تجد من عباراتهم عبارة (عَيِّنْ خير) ، أما نحن فتجد عندنا مثل عبارة (تعال بسرعة عساك العمى) ..


ومن أجل كثرة الجبال عندنا وقلة الجبال عندهم ، كانت الضِّباب تعشق ديارهم ، لإنها لو أتت عند جبالنا لما استطاعت أن تمشي بغير عُكازٍ ، ولأصابتْها أنزلاقاتٌ في غضاريفها ، فتخيلوا ضبّاً يمشي بعُكاز ! ولذلك عافه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال (لم يكن بأرض قومي) ..


قال لي صديقي ورفيقي في سفري وقد مضى من الطريق جزءٌ من أربعين جزءاً : ألا أُناولك القهوة ؟ قلتِ هاتِها يا ساقي ، مشتاقة تُساق لمشتاقٍ ، هاتها ومعها بسكويت السنكرز والكِتكات والكراميلاّ ، وأنا من عُشّاق هذه الثلاثة ، وأظن أنها هي السبب في عدم امتلاكي منزلاً ! وذاك لما أدفعه فيها ، أما تناول بسكويت السنكرز مع حليب السعودية فهو الفياغرا بشحمه ولحمه!! جربوه فأنتم على المجرِّب ! ثم لمّا فرغتُ من البساكيت جمْع بسكويتٍ وتجمع أيضاً على بسكويتاتٍ وبِسكوتاتٍ ، جاء دور الشاي مع الفصفص واللوز ، أما الفصفص فنحن أهل المدينة متفنِّون فيه حدَّ الإبداع ، فمِنّا من يحثو في فمه قدْر نِصف كفِّ اليد من حبِّ الفصفص ثم يُخرجِه حبّةً حبّةً بعد أن ينزع منها لُبّها، أمّا اللُّبُّ فيتدحرج في البلعوم وأما غطاؤه فيُلفظ على الرصيف..


إلى الحلقة القادمة
إن شاء الله


أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11-03-2011, 12:47 AM   #58
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: مـذّكـرات مجهول !!

**الحلقة الخامسة**



قضمْنا من حبِّ الفُصْفص ما شاء الله لنا أن نقضم،
وأكلنا من البسكويتات ما قدر الله لنا أن نأكل ،
وشربنا من القهوة والشاي ما يُعادل قُلَّتين من قِلال هجر!
وفي أثناء الفصْفصة والأكل والشرب يطيب الحديث ،
فهناك البطَر والاستعلاء والتنظير في شتى المسائل ،
فإن البطن يا سادة إذا انتفخ شِبراً كانت حال صاحبه اعتدادٍ بالنفس وتهوُّرٍ في القول والفعل ،

أقول حين بشِمْنا من الأكل والشرب بدأنا في التنظير في شتى المسائل ،
وكلها من نسق قول القائل (قولي صوابٌ لا يحتمل الخطأ ، وقولك خطأٌ لا يحتمل الصواب) ،
دخلنا في قضايا المجتمع حتى تحدثنا عن سذاجة الشعب السعودي ، هذه السذاجة التي كشفتها عِدّة وقائع ؛
المساهمات ، الزئبق الأسود في مكائن الخياطة ، بطاقات سوا ... الخ ،
نحن شعب ساذج ! مع الأسف ، ثم خرجنا من قضايا المجتمع في هذا الشِّق لندخل في قضايا المجتمع الأُسرية ،
لنخرج منها وندخل في شؤون السياسة وأمور الدولة ،
وبالتأكيد سيكون حديثنا عن الدولة كما تتوقعون ! فقد قدمت لكم بعض صفاتي وصفات صاحبي ، فأنا محترق وصاحبي متفحِّم!! لا والله ،
بل كان الحديث عن السلبيات وليس الإيجابيات مع الدعاء لهم بالصلاح والتوفيق ،
فنحن لم نُثرْ أحداً ولم نشتم أحداً ، فدعوني أتحدث وصاحبي ما دام لن يسمعنا أحدٌ ،
وكيف يسمعنا وأودية نجدٍ تصُمُّ الآذان باتّساعها !

خرجنا من السياسة ودهاليزها إلى شجون التقنية وروعتها ، فقلت لصاحبي :
إني منذ مدة وأنا أعصف بذهني للخروج بفكرة ابتكار موقعٍ لم يخطر على قلب بشر !
أريده أن تُضاهي فكرتُه فكرةَ اليوتيوب والفيس بوك والإيميل ،
بيد أني إلى يومك هذا وإلى يومكم هذا لم أظفر بفكرة جيدةٍ إلى الآن ،
هذا مع إنني بذلتُ كل سببٍ يؤدي في العادة إلى نشوء فكرة عالمية ، أما تهيئة الجوِّ فقد حبستُ نفسي في سيارتي في حمارّة القيظ ،
كما فعل جريرٌ حين صعد إلى سطح منزله في شدة الحر ليهجو بني نمير ، فالتحف لحافه ، وبدأ يأتيه رِئيُّه ، فما زال يُمْلِيه حتى بلغ قوله في قصيدته الذائعة الصيت :
فغُض الطرف إنك من نميرٍ *** فلا كعباً بلغتَ ولا كِلابا

فطوى لحافه وهو يقول : لقد أخزى الله نميراً إلى يوم القيامة ..
وإلى الحلقة القادمةإن شاء الله ..


أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11-03-2011, 12:48 AM   #59
عضو مميز جداً
 
الصورة الرمزية شموع
 
تم شكره :  شكر 7387 فى 1729 موضوع
شموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضوشموع نسبة التقييم للعضو

 

رد: مـذّكـرات مجهول !!

انتقاء مميز ..

شكـراً لك أخوي أسد نجد . .

التوقيع
اللهمّ إنا نتوجه إليك بالدعاء فارفع عن أمي ما بها من بلاء :"(
شموع غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-03-2011, 12:13 AM   #60
عضو مميز جداً
 
تم شكره :  شكر 16431 فى 4678 موضوع
أسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضوأسد نجد نسبة التقييم للعضو

 

رد: مـذّكـرات مجهول !!

أشكر لك أختي الكريمة شموع تشريفك
أسد نجد غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:15 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. موقع و منتديات سدير 1432 هـ - 1435 هـ

جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه وإنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه