يوم الجمعة
علي بن صالح الجبر البطيّح
على هامش اجتماعات الخطباء في إحدى المناسبات الرسمية , والتي تعقد عادةً
تحت مظلة وزارة الشؤون الإسلامية, يجتمع فيها أصحاب الفضيلة ويتجاذبون
أطراف الحديث في شؤونهم وشجونهم , ومما ذكروا تقصير بعض الناس في
الحضور المبكر يوم الجمعة , لاسيما وأنه نُصّ على مزيته وفضله , وأنّ من فاته
التبكير فقد فاته شئ كبير وعظيم , وقد فرّط في حق نفسه , ومما ذكره أحد
الخطباء أن فئاماً من الناس لازالوا يتأخرون , حتى إنني أنصرف من الصلاة بعد
التسليم , فأرى أناساً يقضون ما فاتهم لالجمعة أو جمعتين أوثلاث , وإنما هذا
ديدنهم كل جمعة , وهل من شكر نعم الله تعالى على العبد أن يأتي في مثل هذه
الساعة ؟ إذا كان كبار السنّ ممن هم بحاجة إلى الراحة , يتغلبون على ظروف
الصحة والمرض ويأتون مبكرين فماذا نقول عن الشباب ؟
دخل عبدالله بن مسعود – رضي الله تعالى عنه – المسجد يوم الجمعة وقد سبقه
ثلاثة فقال : رابع أربعة ومارابع أربعة ببعيد , أين ( من راح في الساعة الأولى
من يوم الجمعة فكأنما قرّب بدنة ...؟ )
متى تقرأ سورة الكهف التي ورد في فضل قرائتها ماورد ؟ متى تحصل لك طمأنينة
وسكينة إذا كنت تأتي إلى الجمعة مسرعاً لاهثاً ؟ لماذا يكون يوم الجمعة – عند
بعضنا – كيوم السبت وكغيره من الأيام ؟ ألم تعلم أنه قد خُصّ بخصائص ليست
لغيره من الأيام ؟ هل تتذكر منها شيئاً ؟ ألم تعلم بأن فيه ساعة لايوافقها عبد
مسلم يسأل الله فيها شيئاً إلا أعطاه إياه ؟ أغنيٌ أنت عن تحرّي هذه الساعة لتنال
فضلها وشرفها ؟ أيُّ زهدٍ هذا الذي نراه يتكرر كل جمعة ؟ ينبغي أن نري الله
تعالى من أنفسنا خيراً في هذا اليوم العظيم من الاغتسال والتطيّب والتبكير والتنفل
وقراءة القرآن والإنصات للخطيب وكثرة الصلاة والسلام على النبي – صلى الله
عليه وسلم – وسؤال الله تعالى والانطراح والتذلل بين يديه ... ميّز هذا اليوم عن
غيره فهو يوم عيد . استعد له جيداً كي تظفر بفضله وحثّ من ترى للمنافسة في
فضله , ودع عنك الكسل والدعة وفضول النوم , فيوم ٌ هذه بعض مزاياه حرّي بنا
أن نتنافس في فضله وفقنا الله لإدراك فضله والفوز به إنه سميع مجيب
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين....
منقول