[frame="2 80"]الأسرة المنتجة والأب المتابع
كنت في زيارة لمركز التنمية لاجتماعية بالدرعية عندما كنت رئيسا لقسم التوجيه والإرشاد بمنطقة الرياض التعليمية ، وقد أعجبني ما شاهدت وما سمعت من مدير المركز من أفكار حضارية ، و لفت نظري ما يقوم به المركز من خدمات جليلة تخدم الحي الذي يوجد فيه المركز ، ومن بين الخدمات التي يقدمها المركز للأهالي ، عملا إنسانيا جميلا وهو الأسرة المنتجة، وتقوم فكرتها على المثل الدارج ( لاتعطني سمكة بل علمني كيف أصيد السمك ) وقد طبق المركز هذه الفكرة بحذافيرها ، بان قام المركز بشراء 30 مكينة خياطه وأقمشه نسائية ، وقام بتدريب 30 امرأة من نساء الحي المحيط بالمركزممن هن بحاجة مادية ماسة، على الخياطة ، ومن ثم بدأن بخياطة ملابس أطفال ، وتم عرض هذه الملابس في معرض أقامه المركزلهذا الغرض ، ومن ثم يتم بيع الإنتاج وتعطى المرأة المنتجة مقابل أتعابها في الخياطة وقيمة الأقمشة تعود إلى ميزانية المركز 0
أرجو أن تكون هذه الفكرة واضحة تماما للقاريء العزيز ، فبدل أن تعطي الفقير شيئا من المال يعتمد عليك ولا يعمل ، من الأفضل أن تساعده على أن يحصل على أي عمل يساعده على العيش بحرية وعدم الانتظار لصدقات الآخرين( فصنعة في اليد أمان من الفقر) كما قال عمر: – رضي الله عنه- ويا ليت مراكز الخدمة الاجتماعية في المملكة تطبق مثل هذه الأفكار وتجعلها محل التنفيذ ، فهناك أفكار كثيرة مفيدة لكنها لا تلقى من يسندها ويرعاها بل تموت في مهدها0
طرحت على مدير المركز فكرة الأب المتابع ، وملخص الفكرة أن يتبنى المركز رعاية بعض طلاب المدارس الابتدائية في الحي ، وهؤلاء الطلاب هم الذين لايجدون الرعاية الكافية من المنزل كالأيتام وأشباه الأيتام ( واقصد بهم الطلاب الذين أباؤهم على قيد الحياة ولكنهم لايجدون منهم الرعاية والمتابعة ) الأب الحاضر الغائب ‘أو أبناء المطلقين، على أي حال يخصص المركز ساعات معينة مثلا بعد صلاة العصر من الساعة4-6ويحصر أعداد الطلاب في المدارس المجاورة للمركز ويتم نقلهم إلى المركز بواسطة باص يؤمنه المركزويكلف بالمتابعة أحد المدرسين أو أكثر من مدرس مقابل أجر يدفعه المركزللمعلم حيث يقوم هذا المعلم بمتابعة حل الواجبات المدرسية وتحفيظ الطلاب ما قررعليهم من القرآن الكريم وتدريب الطلاب على الإملاء وتحسين الخط ، والقراءة والتهجي ويزود المركز بصالة العاب مناسبة تحتوي ما يناسب هذه المرحلة من ألعاب ترفيهية وتعليمية ، وتكون بمثابة حافز ودافع للطلاب الذين يؤدون واجباتهم فيسمح لهم بممارسة اللعب فيها 0( تعزيز إيجابي)
هذه خلاصة الفكرة التي طرحتها على مدير المركز فاستحسنها وتحمس لها ، وكتب خطابا فوريا لوزارة الشؤون الاجتماعية ولكن الرد كان مخيبا للآمال ، إذ تضمن الرد بأن هذه الفكرة ليست جديدة وهذا عمل إزدواجي يقصد بذلك أنها شبية بمجاميع التقوية ، المشكلة أن الذي رد على الخطاب ليس تربويا ولا يعرف عن التربية شيئا ، ومع ذلك يكون صاحب قرار يئد الأفكار البناءة وهذه مصيبة حقيقية تقف حائلا د ون التطور والتجديد 00
المهم أن الفكرة ماتت قبل أن تولد وبدأت أصدق بهذا المثل القائل: ( المثالية في مجتمع غير مثالي جنون ) فهل من ينشد التطوير مجنون؟ الله أعلم ، ولعلي أجد بعد هذه السنين التي مضت من يحمل لواءها ويعمل على تنفيذها من أصحاب الفكر والرأي وممن يهمهم أمر هذه الطفولة البريئة التي أحيانا تمنى بأبوين جاهلين لايقدمان لها الرعاية المطلوبة ، ومتى نؤمن بأن التربية ليست في إطعام الطفل وتلبيسه احسن الثياب إنما في رعايته ومتابعته والاهتمام بشخصيته من جميع النواحي النفسية والاجتماعية والروحية والعقلية والجسمية ،نحن نغدق على أطفالنا المال والمأكل والملبس ونركبهم أضخم السيارات ونبخل عليم بحاجات ماسة فلا نشبع حاجاتهم النفسية بالحب والجنان والحضن والرعاية والاهتمام ، ومن هنا يفر الطفل من المنزل ويبحث عن الحب والحنان من عند غير والدية (الشلة ) وقد تكون هذه الشلة فاسدة فتدمره ، والله المستعان وحسبنا الله، ونعم الوكيل 0000إبراهيم الدريعي000[/frame]